السبت، 11 أغسطس 2018

تجربـة العـراق في اقتصاد السكن

سعر الفائدة لمدة 30 سنة على القروض العقارية
سعر الفائدة لمدة 30 سنة على القروض العقارية


بعض خصائص إقتصاد السكن في البلدان النامية والناهضة:

الدكتور احمد ابريهي علي


عادة ما نقارن اوضاع البلدان النامية والناهضة بالبلدان المتقدمـة، 

لأنهـا منخرطـة جميعـا فـي سـباق اللحاق بالبلدان التـي سـبقتها علـى نفـس الطريـق، 

ولـم تبـق دولـة فـي العـالم الآن تـدعي غيـر ذلـك. 

ويـشكل المـسكن 55 بالمائــة مـن ثـروة العائلـة بالمتوســط

فـي الولايــات المتحـدة الأمريكيــة. 

وفـي العــراق 

لا تتــوفر بيانات تمكن من المقارنة 

لكن اغلب فئات الطبقة المتوسطة وما دونها 

ثروتهم عبارة عـن المـسكن وسـيارة وقليـل مـن المبـالغ المـدخرة نقـدا 

ويـشكل المـسكن بـذلك مـا لا يقـل عـن 60 بالمائـة مـن ثـروة الأسـرة. 

ولهـذا عندما تتحرك اسعار المساكن صعودا ونزولا بمعدلات كبيرة 

لا بد ان تفعل فعلها في الاقتصاد الوطني. 

وفي موضوعنا مـن الواضـح 

ان عمـق الائتمـان الـسكني فـي البلـدان المتقدمـة

لا يقـارن مـع نظيـره فـي البلـدان الناهـضة والناميـة. 

فـي الأولـى أكثـر مـن 50 بالمائـة قـروض العقـار الـسكني إلـى النـاتج المحلـي الإجمالي، 

وفي الثانية لا تزيد على 10 بالمائة في اغلب الدول النامية والناهضة.


وتمثل ماليزيا استثناء في المجموعة النامية والناهضة 

حيث كانت نسب القروض السكنية إلى الناتج المحلـي الإجمـالي فيهـا 28 بالمائـة، 

وفـي تايلنـد 15 بالمائـة واسـتونيا 10 بالمائـة والـصين 10 بالمائـة، ٕ 

وفي البرازيل 8.14 بالمائة. 

مـن المؤشـرات الدالـة علـى مـستقبل الرفـاه 

مـدى انخفـاض نـسبة سـعر المـسكن إلـى الـدخل العـائلي. 

وتتراوح نسبة سعر السكن إلى متوسط دخل العائلة السنوي 

في المدن الصينية بـين 20 إلـى 27 ضـعف، 

وفـي المـدن الأمريكيـة بـين 4.4 و8، 

و فـي أسـتراليا بـين 4.6 و6.9 

وفـي كنـدا بـين 4 و4.8 

وذلـك مـن بيانات سنتي 2007 و2008 . 

وتحـسب نـسبة سـعر المـسكن إلـى دخـل العائلـة مباشـرة فـي الولايـات المتحـدة الأمريكيـة 

حيـث تتـوفر بيانات عن اسعار المساكن ومتوسط دخل الأسرة . 

وفي بلدان أخرى يستعاض عنها 

بنسبة متوسـط سـعر المسكن للمتر المربع / متوسط الدخل للفرد 

وتـضرب النـسبة بمتوسـط المـساحة الـسكنية للفـرد. 

وهـي تفيـد، ايـضا، 

كيـف يمكـن تخفـيض سـعر المـسكن للعائلـة 

والـذي نجحـت فيـه البلـدان المتقدمـة عمومـا. 

والتمويـل الحكـومي للبنـاء الـسكني 

معـروف علـى نطـاق واسـع فـي البلـدان الناميـة والناهـضة 

ولـو بنـسب مختلفـة مـن مجموع التمويل. 

وفي البرازيل حـصة المـصارف الحكوميـة 75 بالمائـة مـن القـروض الـسكنية 

وفـي العـراق النسبة اعلى. 

والى جانب المصارف، حكومية واهلية، توجد شركات للإقراض العقاري ليست مصرفية في البرازيــل. 

وفــي الــصين تنفــرد المــصارف،

والتــي للحكومــة فيهــا الحــصة الأكبــر، لوحــدها فــي الإقــراض الــسكني. 

وفــي دول اخــرى 

تــساهم صــناديق متخصــصة بــالإقراض الــسكني إلــى جانــب المــصارف 

مثــل جيكوسلوفاكيا وهنغاريا. 

وفــي ماليزيــا تقــدم القــروض لبنــاء المــساكن 

مــن المــصارف ومــن قــسم القــروض فــي وزارة الخزانــة ومجلـس تنميـة الأسـكان. 

وفـي روسـيا مـن المـصارف التجاريـة ومـصارف العقـار والتعاونيـات. 

بمعنـى ان المصارف لا تنفرد دائما لوحدها في تقديم القروض

والحكومات لها دور في الغالب الأعم.

وأظهرت المسوح عددا كبيرا مـن حكومـات البلـدان الناميـة والناهـضة 

تقـدم إعانـات للبنـاء الـسكني او شــراء مــسكن لأول مــرة. 

وأكثــر هــذه الإعانــات 

تتخــذ شــكل ســعر فائــدة دون المــستوى الــسوقي 

والحكومــة تتحمل الفرق أو إعفاء جزئي من الضريبة. 

والإعانات في العراق 

تقـدم عبـر المـستويات المنخفـضة لـسعر الفائــدة مــن المــصارف الحكوميــة، 

وهنــاك إعانــات لمنتــسبي اجهــزة الدولــة وفئــات اخــرى

بتقــديم اراضــيي مجانيـــة لهــم. 

والــسياسة الأخيــرة ليــست متجهـــة للفقـــراء فــي المقـــام الأول 

إنمـــا هــي تحيــز درجــت عليــه الحكومات لدعم اوضاع الطبقات المتوسطة.

واذا أصـــبحت الـــصين بــالحجم الاقتـــصادي للولايـــات المتحـــدة الأمريكيـــة 

بمقيـــاس النـــاتج المحلـــي الإجمــالي بــالقوة الــشرائية الدوليــة PPP 

فــي الــسنوات القريبــة القادمــة، 

وأوكلــت مهمــة الــسكن للأســواق، وتقلبـت اسـعار المـساكن والأصـول الأخـرى 

إسـوة بمـا يجـري فـي الولايـات المتحـدة الأمريكيـة، 

ربمـا يـصبح عدم الاستقرار خاصـية لاقتـصاد العـالم 

ولا يبـدو مـن متابعـة تطـورات اقتـصاد الـصين 

إن مـسألة الاسـتقرار ٕواظهـار نمـوذج مختلـف فـي الاقتـصاد المعاصـر موضـع اهتمـام هنـاك، 

بـل المغالبـة علـى المراكـز الدوليـة في الصناعة والتجارة والمكاسب. 

ويلاحظ اتجاه يتكرر في أكثر من مدينة صينية 

يتمثل في افتراق معدل نمو الدخل عن نمو أسعار المساكن 

والأخير يتباعـد عـن الأول منـذ عـام 2007 . 

مـن جهـة أخـرى عنـد ملاحظـة البيانـات التجميعيـة 

يظهر انسجام بين حركة اسعار المساكن والدخل وربما لصالح الدخل قليلا. . 

واسعار الارض عادة ترتفع بمعدلات تقريبا اعلى من التضخم 

وهذه المسألة تضع صعوبات امـام سياسـات الأسـكان 

وقـد ترتكـب الكثيـر مـن الأخطـاء فـي محاولـة حلهـا 

لأن الأرض هـي فـي نفـس الوقـت وعاء للادخار 

مثل الودائع المصرفية او الذهب او وسائل حفظ القيمة الأخرى، 

ولا بد للـسياسة ان تراعـي هذه المسائل. 

ونتيجـة لـسياسة توزيـع الأرض الحكوميـة 

توجـد سـوق ثانويـة للأراضـي الـسكنية 

تعـرض فيهـا قطع الأراضـي مـن الحـائزين الأول . 

والحكومـة فـي العـراق 

نـادرا مـا تبيـع اراضـي للـسكن بـل توزعهـا مجانـا َ 

ولذلك اسقطت هذه السياسة الدور الممكن للأرض 

بصفتها ممتلكات سيادية في دعم الموازنة العامة.

 25 بالمائة من الأنفاق الأسري يخصص للمـساكن 

وعـادة يفتـرض 

ان الإيجـار التقـديري 30 بالمائـة مـن الـدخل الأسـري فـي الولايـات المتحـدة . 

بينمـا كانـت نـسبة الإيجـار إلـى الـدخل العـائلي كلاهمـا مقاسـا بالوسـيط 

37 بالمائـة فـي مدينـة ملبـورن 

وحـوالي 53 بالمائـة فـي سـدني ، 

و40 بالمائـة فـي ادليـدا، 

و50 بالمائة في برسبين 

و31 بالمائة في فانكوفر 

وهذه في مراكز المدن آنفة الذكر

 وعلى كل حــال 

تــدل هــذه البيانــات علــى أهميــة المــسكن فــي رفــاه العائلــة 

تلــك الأهميــة التــي تتناســب مــع الاهتمــام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي 

بالمسكن وحياة الأسرة في محيطها السكني. 

بينـت تجربـة العـراق بمـا لا يـدع مجـالا للـشك 

كـم ان الـوفرة النـسبية للعملـة الأجنبيـة 

(مقاسة الى الناتج المحلي الاجمالي)

محـددة لأسـعار المـساكن والأصـول الأخـرى غيـر المتـاجر بهـا 

مثـل الأرض. 

وعلـى الـرغم مـن عـدم التوثيـق المـنظم 

فـإن اسعار الأراضي والمساكن في العراق زمن الحصار 

انخفضت بمعدلات سريعة جدا 

سواء قيـست بوحـدات من القـوة الـشرائية المحليـة، 

اي تخفـيض الأسـعار الأسـمية بالمـستوى العـام للأسـعار، 

ام بالعملـة الأجنبيـة. 

وعلى العكس من ذلك بعـد عـام 2003 

أخـذت اسـعار الأراضـي والمـساكن بالتزايـد وبوتـائر عاليـة 

تعـوض التـضخم الـداخلي وتزيـد عليـه. 

ولهـذا اصـبح الاسـتثمار فـي العقـار ملجـأ آمنـا لحفـظ القيمـة. 

ويعـود لـوفرة العملـة الأجنبيـة 

وارتفـاع سـعر الـصرف الحقيقـي للـدينار العراقـي 

أي بقـاء سـعر الـصرف الاسـمي للـدينار العراقي ثابتا 

او يتحسن مع استمرار التضخم الداخلي فـي العـراق

 بـأعلى مـن نظيـره الاجنبـي لـسنوات عـدة بفارق كبير، 

وهو عادة أعلى في العـراق منـه فـي الخـارج. 

بينمـا عنـد تـدهور سـعر صـرف الـدينار العراقـي فـي سـنوات الحـصار حـصل العكـس تمامـا، 

اي اصـبحت العملـة الأجنبيـة ومـا فـي حكمهـا افـضل الأوعيـة لحفظ القيمة.

واثبتــت الدراســة ( 14)

أن أســعار المــساكن فــي الأســواق الناهــضة نمــت بــبطء

وأكثــر تذبــذبا مــن البلدان المتقدمة. 

وهي اكثر ارتباطا بسعر الصرف الحقيقي الفعال والحساب الجاري 

في البلدان الناهـضة منها في البلدان المتقدمة. 

وبينت الدراسة آنفة الذكر 

ان انتعاش أسعار المساكن في البلدان الناهضة أوسع في المدى منها في البلـدان المتقدمـة، 

وتتأكـد هـذه الخاصـية كلمـا كانـت الأسـواق المحليـة ضـحلة. 

وفـي حـين تتماثـل البلـدان المتقدمة مع الناهضة 

في انعكاس صدمات السيولة العالميـة علـى الاسـتهلاك وأسـعار المـساكن والحـساب الجاري 

فإنها في البلدان الناهضة تكون مهمة وكبيرة الأثر لكنها في البلدان المتقدمة ثانوية. 

والبيانـات التـي عرضـتها الدراسـة (35 P, 14)

بينـت ان معـدل نمـو الأسـعار الحقيقيـة للمـسكن

فـي البلدان المتقدمة أعلى منه في البلدان النامية

 للفترة من عام 1985الفصل الأول إلى عام 2012 الفـصل الرابـع . 

وشـملت البيانـات عينـة كبيـر ة مـن 59 دولـة

حـصتها مـن النـاتج المحلـي الإجمـالي للعـالم حـوالي 90 بالمائـة. 

لكـن التذبـذب فـي البلـدان الناهـضة أشـد بكثيـر ( حـوالي الـضعف)

ممـا هـو عليـه فـي البلـدان المتقدمة . 

وتبين ان احتمال 

أن يعقب الانتعاش انهيار ( تكوين الفقاعة ثـم انفجارهـا) 

متقـارب فـي البلـدان المتقدمـة والناهـضة 

فالمتوسـط 444.0 

وللبلـدان الناهـضة 45.0 

والمتقدمـة 442.0 . 

ويقـدر عمـر الـدورة 

من بداية الانتعاش حتى نهاية التراجع

9.5 سنة للبلدان المتقدمة 

10.1سـنة  بالمتوسط 

وللناهـضة 8.9 سنة، 

وفترة الانتعاش أطول من نصفها بقليل.



اعداد الاقتصاد بعيون الخبراء
11-8-2018

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق