د. صالح السلطان
تستهدف سياسات المملكة الاقتصادية
تقليل الاعتماد على النفط وتنويع القاعدة الاقتصادية.
1- فلسفة تقليل الاعتماد على
النفط تقوم على كون النفط موردا ناضبا من وجهة اقتصادية.
سيأتي وقت يعد فيه النفط في حكم الناضب، حتى مع
وجوده تحت الأرض. والسبب التكلفة المتزايدة مع مرور السنين لاستخراج البرميل
الواحد من النفط في حقل أو بئر ما. سيأتي وقت يصبح هذا الاستخراج غير مجد.
2- وخلاف النضوب، هناك خطر
تناقص أهمية النفط باعتباره أحد مصادر الطاقة الأساسية.
3- وهناك نقطة ثالثة مهمة كثيرا. رغم أن قطاع النفط
قطاع متطور، لكنه يتسم بشبه استقلالية عن القطاعات الإنتاجية الأخرى، فهو قطاع شبه
مغلق في تقنيته وتأثيره في القطاعات الأخرى.
النتيجة أن تطور قطاع النفط لا يفيد لذاته في
تطوير القطاعات الأخرى، عبر انتقال تفاعلي.
ماذا تحقق مما استهدف؟
حصل تنويع نسبي في
القاعدة الإنتاجية لكنه تنويع هش.
رتبة المملكة النفطية بين دول النفط صعبت عمق التنويع. للنفط قوته الطاغية على
الاقتصاد.
المطلوب تحقيق تنويع ينتج
نموا اقتصاديا راسخا على المدى البعيد.
ذلك لأن التنويع وحده لا يكفي، إذ هناك دول
كثيرة توصف بأن لديها مصادر إنتاجية متنوعة، إلا أن النمو الاقتصادي فيها غير مرض،
كأن لا يتحقق نمو أصلا أو يتحقق نمو لكنه ضعيف (أقل من نمو السكان) وهذا يعني أن
متوسط دخل الأفراد في نقص.
ولكن ما طبيعة هذا التنويع؟
تنويع لمنافسة الدول
الأخرى في الأسواق العالمية؟ لا. لسنا بقادرين على
ذلك (في جيلنا هذا).
ولكننا نقدر على تنويع يرسخ الثقة بالإنتاج
المحلي.
ذلك لأن الاقتصاد السعودي يختلف عن
معظم الاقتصادات النامية من وجوه
. أهمها اعتماده على تصدير سلعة أولية استراتيجية
تدر إيرادات عالية، وترفع سعر الصرف الحقيقي.
اعتماد الاقتصاد على النفط
غير مباشر، بل من خلال الإنفاق الحكومي، والتي يأتي معظم تمويله من صادرات سلعة
ناضبة.
والحكومة، وبحكم القانون)ودون
دخول في تفاصيل حول هذا الموضوع) هي المالك الوحيد للثروة النفطية الناضبة.
الإنفاق الحكومي تسيره آليات تختلف عن تلك التي
تسير القطاع الخاص. الذي يرد بسهولة يصرف بسهولة.
تأثير مفترض لصفة النضوب
صفة النضوب يفترض أن
تؤثر مباشرة في اختيار أساليب التنمية الاقتصادية، وفي العلاقات مع العالم الخارجي.
لا يتفق الواقع مع المفترض.
استراتيجية التنمية لا يتسم اختيارها في بعض
الحالات على أساس تحقيق أعلى عائد للاستثمار المحلي بسبب وجود ضغوط محلية كثيرة
تفضل العاجل على الراسخ.
بعبارة أخرى، هذه الضغوط مردها رغبة الجيل
الحالي تحقيق أقصى ما يمكنه تحقيقه من منافع، وهذا في الغالب لا يتفق بالضرورة مع
تحقيق مصلحة الأجيال القادمة.
وجود إشكالات لتبني سياسات وفق
المفترض تفرض التوجه لسياسات تخفف من المشكلة.
-
من هذه السياسات سعر الصرف
سعر الصرف بالغ الأهمية
للاقتصاد السعودي من عدة وجوه:
فهو عامل أساسي في
تحديد قدر إيرادات الحكومة بالريال
(وزارة المالية تستبدل الدولار الواحد
ب3.7 ريال من مؤسسة النقد السعودي حسب سعر الصرف).
وهو من جهة أخرى، يؤثر
في قدرة نمو قطاعات عديدة في الاقتصاد.
ينبغي تبني سعر صرف
يركز في الوقت الحاضر على دعم الإنتاج المحلي الموجه أساسا للسوق المحلية، لكنه
عرضة لمنافسة الاستيراد.
بعض السلع تعود الناس على الحصول على قدر كبير
منها محليا.
وربما كان أوضح مثال أعمال
الصيانة وأنشطة الترفيه وسلع وخدمات كثيرة، يعتمد الناس على المحلي المنشأ
منها أكثر من المستورد.
يمكن أن تعمل سياسة
سعر الصرف على تقوية قدرة الإنتاج المحلي التنافسية أو إضعافها (زيادة على
الضعف الحالي).
- ومنها السياسات المالية العامة
السياسات المالية
العامة يقصد بها الوسائل أو الطرق التي
تتبناها حكومة من الحكومات للتأثير في توزيع الموارد المادية أو البشرية الموجودة
في الدولة.
والتأثير على توزيع
الموارد مبني على أكثر من اعتبار أهمها (من وجهة اقتصادية) كفاءة استخدام
هذه الموارد، والعدالة في ملكيتها.
بالنسبة للدول النامية فإن وظيفة السياسات المالية الأساسية ينبغي أن يكون هدفها
الأبعد تحفيز التنمية الاقتصادية عبر أكثر من طريق كتحفيز
الادخار أي توفير أو حفظ جزء من الدخل بترك إنفاقه على الاستهلاك، وتشجيع الاستثمار.
باختصار، تستهدف سياسات
المملكة الاقتصادية تقليل الاعتماد على النفط وتنويع القاعدة الاقتصادية.
وقد حققت نجاحا دون المستهدف لأسباب عديدة.
والمطلوب تعزيز سياسات
لتحقيق تنويع لترسيخ الثقة بالإنتاج المحلي الموجه للسوق المحلية.
ومن هذه السياسات سعر الصرف والسياسات المالية، وهناك تفاصيل لا يتسع المقام لها،
وبالله التوفيق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق