السبت، 21 أغسطس 2021

من أخبار البادية في نجد 500 هـ - 850 هـ

 

من أخبار البادية في نجد 500 هـ - 850 هـ

من أخبار البادية في نجد 500 هـ - 850 هـ

" أيمن بن سعد آل نفجان القويماني الفضلي "

التدوين التاريخي :

اذا كان تاريخ نجد في تلك الفتره يعاني الكثير من الغموض

 فان هذا الحال ليس مقتصراً عليها بل هي الحاله الغالبة في المناطق المجاوره .. 

فالتاريخ العراقي في تلك الفترة أيضاً كان يعاني الكثير من الغموض ,,

 ففي وصف للمؤرخ العراقي المعاصر عباس العزاوي في كتابه تاريخ العراق بين احتلالين 

قال عن تلك الفتره : {مراجعنا في هذا العهد غامضه } , 

و قد ارجع ذلك ذلك رحمه الله الى أن هذا العهد يعد من أنحس الأدوار وأسوئها (2) .. 

وحتى مؤرخي مكه المكرمه المتأخرين 

نراهم في الكثير من أخبار مكه في تلك الفترة 

ينقلون عن مؤرخي غير مكيين 

كابن خلدون , وابن كثير , 

فلايعرف من مؤرخي مكه في تلك الحقبه

 الا الطبري ( ت 694هـ ) , ونجد الفاسي ( ت 832هـ ) 

يتعجب من الحاله التي كان عليها التدوين بمكه 

حيث قال : {واني لأعجب من اهمال فضلاء مكه بعد الأزرقي ( ت بعد 250هـ ) 

للتأليف على منوال تاريخه } .. 

أما شرق الجزيره العربيه 

فيبدوا أن تاريخيه أيضاً يعاني الكثير من الغموض , 

باستثناء ديوان ابن المقرب وماورد عليه من شروحات , 

وبعض الاشارات التي وردت في تراجم عن حكامه عند مؤرخين من خارج المنطقه . 

وفي جنوب الجزيره العربيه 

نجد أن في اليمن بعض المدونات التاريخيه 

ويبدوا ان سبب ذلك الازدهار الذي شهدته اليمن لوجود الدوله الرسوليه فيها , 

أما بقية أرجاء جنوب الجزيره العربيه فلايبدوا حال التدوين أفضل من غيره ,, 

ففي عمان يلف الغموض تاريخ دولة آل نبهان حتى بداية القرن العاشر (4) , 

أما المخلاف السليماني .. فلا يعرف له تاريخ مستقل قبل القرن العاشر 

عندما دون المؤرخ أحمد بن مغيزل الأسدي البلاع ( ت 963هـ )

 أخبار المخلاف في كتابه {الجواهر الحسان في تاريخ صبيا وجيزان} (5) .. 

بالاضافة الى اليمن تعد المدينه المنوره من أكثر المناطق التي أخذت عناية المؤرخين ,

وهم في الغالب من غير اهلها ,, 

وقد يكون السبب في ذلك الاستقرار السياسي حيث ان امارتها لم تخرج عن آل مهنا ..

 لقد كانت المنطقه في تلك الفترة

 تمر بفترة عصبيه نتيجة هجمات الصليبين والتتار , 

مما أثر سلباً على النواحي العلميه والثقافيه , 

الا أن هذا لايعني على أي حال عدم وجود مدونات للتاريخ النجدي في تلك الحقبه 

فجهلنا بها لايعني عدم وجودها ,

خاصه وان الجزيره العربيه كانت على مايبدوا ملجأ لنازحين من العراق والشام ..

* من معوقات البحث :

تواجه الباحث في تلك الفتره 

مشكلة التقسيمات الجغرافيه المختلفه لدى المؤرخين والجغرافين

فيحدث الخلط مابين اليمامه الوادي والمنطقه , 

وتبرز اشكالية {عالية نجد} 

حيث يصفها البعض بأنها من نجد 

وآخرون يجعلونها من أعمال المدينه المنوره , 

وهناك الجزء الشمالي من نجد 

وخاصة جبلي طئ وماحولهما من المناطق 

التي يطلق عليها أحياناً {نجد }, وأحياناً اخرى {نجد الحجاز }... 

وبشكل عام 

نرى أن مؤرخي تلك الفتره

 يحددون نجداً 

بأنها تلك المنطقه 

التي حدودها الشماليه العراق والشام , 

والشرقيه {بلاد البحرين } المنطقه الشرقيه في وقتنا الحاضر , 

ومن الغرب الحجاز أي جبال السروات , 

ومن الجنوب {اليمامه }, 

الا أنني في هذا الكتاب أضفت اليمامه التي اختلف على نجديتها قديماً .. 

ومن المشكلات التي تشكل على الباحث 

عند تعقبه تعليقات الجغرافين والمؤرخين

 فانهم ينقلون بعض الاخبار عن موضع ما.. {بأنه من مساكن قبيلة كذا} .. عن مؤرخ قديم 

فيظن القارئ

 بأن هذا التعليق يقصد به عصر المؤرخ 

مع أن تلك القبيله تكون قد ارتحلت عن ذلك الموضع . 

ويستخدم بعض المؤرخين أسلوب التعميم فيقول مثلاً:

 ان قبيلة كذا ارتحلت ولم يبق منهم احد , 

ونجد له تعليقاً آخر في نفس الكتاب

 يفيد بوجود بقايا من تلك القبيله في نفس المنطقه , 

وان كان فرعاً صغيراً هو الذي بقى فهو ينفي ماذكره سابقاً } .. 

تعتبر نجد لدى بدو الشمال مهوى افئدتهم وارض آبائهم واجدادهم , 

موطن النخوة والاباء والكرام اللواتي بها يتغنون , 

حتى العرب الذين قدموا بالهجرات الباكره , .... 

لاتزال ذكرى نجد تشدهم اليها وتستهويهم أكثر من الحجاز نفسها , 

وان مكانة نجد لدى هؤلاء جميعاً تعدل مكانة انكلترا لدى المستوطنين الامريكيين والاسترالين .. 

{ولفرد بلنت } مستشرق انجليزي زار المنطقه في القرن الثالث عشر ..

* تعريف بالبادية واحوالها وعلاقتها :

لم تكن البادية بمعزل عن الظروف التي مرت بها المنطقة

 فتغيرت احوالها عما كانت عليه في السابق ,

 فابن خلدون أطلق عليها لقب العرب المستعجمه 

تمييزاً لها عن عرب صدر الأسلام والجاهليه .. 

وهذا الفصل لمحة عن احوال البادية والظروف 

التي أدت لبروزها , وعلاقتها مع الأطراف الأخرى .

* لماذا سموا العرب المستعجمه ؟

قال ابن خلدون عن سبب تسميتهم بالعرب المستعجمه : 

{ ان اللسان المضري الذي وقع به الاعجاز ونزل به القرآن

 فثوى فيهم 

وتبدل اعرابه فمالوا الى العجمه . 

وان كانت الأوضاع في أصلها صحيحه , 

واستحقوا أن يوصفوا بالعجمه من أجل الأعراب ,

 فلذلك قلنا العرب المستعجمه } ..

* متى برزت العرب المستعجمه ؟

أما عن الظروف التي أدت لبروزهم 

فيقول ابن خلدون : 

{ هؤلاء كلهم ( القبائل العربيه) انفقتم الدوله الاسلاميه العربيه ,

فنبا منهم الثغور القصيه , واكلتهم الاقطار المتباعده , واستلحمتهم الوقائع المذكورة , 

فلم يبق منهم حي يطرق , ولا حلة تنجع ولاعشير يعرف …

 متفرقين في الامصار ألوى الخمول بجملتهم , ... 

وقام بالاسلام والملة غيرهم , 

وصار الملك والأمر في ايدي سواهم ... 

وانقرض أكثر الشعوب الذين كان لهم الملك من هؤلاء فلم يبقى لهم ذكر ,

 وانتبذ بقية هذه الشعوب من هذه الطبقه بالقفار 

واقاموا أحياء بادين لم يفارقوا الحلل ولاتركوا البداوة والخشونه , 

فلم يتورطوا في مهلكة الترف ولاغرقوا في بحر النعيم ,

 ولافقدوا في غيابات الأمصار والحضاره }..

ويضيف ابن خلدون : 

{وأقامت هذه الاحياء في صحاري من الغرب والمشرق

 بافريقيه ومصر والشام والحجاز والعراق وكرمان , 

كما من سلفهم من ربيعه ومضر وكهلان بالجاهليه , 

وعثوا وكثروا وانقرض الملك العربي الاسلامي . 

وطرق الدول الهرم الذي هو شأنها 

واعتز بعض أهل هذا الجيل غرباً وشرقاً 

فأستعملتهم الدول وولوهم الامارة على احيائهم 

وأقطوعهم في الضاحيه والامصار والتلول 

وأصبحوا جيلاً في العالم ناشئاً , 

كثروا سائر أهله من العجم ..

ولهم في تلك الاماره دول,

فأستحقوا أن تذكر اخبارهم , 

وتلحق بالأجيال من العرب سلفهم } . 

وقد بدأ بروز القبائل المستعجمه في القرن الرابع الهجري 

عندما ضعفت الخلافه العباسيه

,وأصبح نفوذها ينحصر في العراق , 

ولعل مقولة ذلك المؤرخ (( المجهول )) الذي تنقله المؤرخون من بعده 

يقدم وصفاً دقيقاً للحاله العامه للأمه الاسلاميه 

حين قال : 

{ وصارت الدنيا في أيد المتغلبين, وصاروا ملوك الطوائف 

, وكل من حصل في يده ملكه 

ومنع ماله .... ولم يتبق في يد السلطان

 وابن مقلة غير السواد والعراق (7) } .

 لقد لعبت الباديه العربيه دوراً مهماً في تلك الحقبه 

عندما كان زمام السلطه بيد غير العرب , 

فأسسوا دولاً وامارات في بقاع شتى , 

واضطر السلاطين للخضوع لمطالبهم مرغمين .

* ماميز البادية في ذلك العهد :

من الظواهر التي ذاعت في تلك الفترة لدى بعض شيوخ البوادي 

ادعاء الانتساب لأصول غير عربية , وحمل أسماء غير عربية , 

ويبدوا أن هدف شيوخ البادية هو التقرب من أصحاب السلطه من غير العرب (8) ..

 ولقد كان لباس أهل البادية الرجال منهم 

الطراطير الحمر من تحت العمائم الشاميه من القطن ,

 وخلعهم اما مسمط أو كنجي , 

أما النساء فلبسهم 

ثوب من قطن , وبرقع مصبوغ , وسوار من حديد . 

وفي القرن الثامن عندما كان السلطان الناصر

 يبذل لشيوخ البادية ونسائهم العطاء 

حدث تطور في ملابسهم 

حيث يصف المقريزي 

ملبسهم (الرجال)

بأنها اصبحت حرير , والشاشات المرموقه بالطرز ,

 والقرضيات بالطرز الزركشي والداير الباولي ,

 أما النساء 

فأصبحن يلبسن أطواق الذهب المرصع , 

والشنابرة المشهرة بأكر الذهب , 

والأساور المرصعة بالجواهر واللؤلؤ , 

وبعث لهم السلطان القماش السكندري والشرب والشمع , 

وعمل لهن البراقع المزركشه والمسك وأنواع الطيب (9) .

* العلاقه مابين الباديه والحاضرة في تلك الحقبه الزمنيه :

تختلف العلاقه باختلاف المنطقه 

ومدى تحضرها , وثروتها الزراعيه أو البحريه , 

ومدى قربها أو بعدها من الدول القويه , 

ففي نجد في ذلك العهد قليلة هي الحواضر في غير اليمامة , 

هذا ماأعطى للبادية دوراً كبيراً , 

أما القبائل اليمامية 

كبني كلاب , وآل عائذ 

فلقد كان منهم أسر متحضرة وباديه , 

أي أن العلاقة كانت وثيقة مابين البادية والحاضرة في اليمامه . 

وبشكل عام 

يبدوا أن ماقالته الليدي أن بلنت 

يقدم تصوراً دقيقاً للعلاقه التي كانت تقوم بين الطرفين قبل قيام الدوله السعودية 

حيث قالت: 

{ ان تأمين الحماية عند السفر خارج أسوار البلدة أمر أساسي للحياة في الجزيره العربيه , 

وعليه تقوم كل البنى السياسيه لحكومتها , 

حيث تضع المدن نفسها تحت حماية شيخ البدو الرئيسي في المنطقه , 

والذي يأخذ أتاوة سنوية مقابل ضمان حماية السكان خارج أسوار مدنهم , ... 

الى أن بدأت تنشأ بذور فيدراليه وتتطور أحياناً الى قوميه } .. 

وتضيف بلنت : 

{ ثم نشأ تطور بارز , نتيجة لغنى الشيخ البدوي ,

 فأصبح قادراً على بناء قصر له بالقرب من احدى تلك المدن ليسكنه في فترة الصيف , …

 ويصبح الحاكم الفعلي للمدينه , وينتقل من حام لمواطينها الى ملك لهم (10) } .

* علاقة البادية بالدول :

الحديث عن علاقة البادية بالدول في ذلك العهد حديث يطول ,

 وقد صدرت عدة دراسات عنيت بذلك ,

 ولقد وجدت اثناء بحثي وصايا مرسلة الى أ مير المدينة 

تقدم وصفاً دقيقاً

 لنظرة السلاطين في ذلك العهد للبادية 

حيث ذكر فيها : 

{ وأهل البادية هم حزبك الجيش اللهام , وحربك اذا كان وقودها جثث وهام , 

وهم قوم لم يؤدبهم الحضر , ولايبيت احد منهم لأنفته على حذر ,

 فاستجلب بمداراتك قلوبهم الأشتات , 

وبادر حبال ابلهم النافرة قبل الآنبتات , 

وترقب مراسمنا المطاعه اذا ذرت لك مشارقها (11) } . 

وباختصار

 يمكننا أن نقسم علاقة البادية بالدول في ذلك العهد الى قسمين :

 عرب الطاعه 

وهم من كانت تصدر لهم مراسيم التعيين , وتوكل لهم مهام 

مقابل الهبات والعطايا , والاقطاعات (12) , 

وهؤلاء كانوا في الغالب 

من البادية التي تتنقل ما بين نجد والشام 

كبني كلاب , وربيعة طئ ,

 أو كبادية شمالي نجد 

التي كانت تصدر لهم المخاطبات عبر أمير المدينة (13) . 

أما بادية اليمامه والغالبية العظمى من قبائل نجد 

فهم من غير عرب الطاعه

ولاتصدر لهم المخاطبات من السلاطين ,

 الا انهم تحالفوا في بعض الأزمنه مع عرب الطاعه , 

وان كان للبعض منهم علاقات مع السلاطين ,

 ومن الأمثلة على ذلك 

ماكان يكلف به الدواسر من تسمين للخيل (14) .

* علاقات البادية النجدية ببلاد البحرين :

قديماً كان يعرف شرق الجزيره العربيه ببلاد البحرين ,

 وعلاقة نجد ببلاد البحرين وثيقه 

وخاصه مع البادية في تلك الحقبه الزمنيه , 

فالبادية ترد الأحساء بشكل خاص في فصل الصيف لاكتيال التمر الذي تشتهر به ,

 وكانت علاقة الدول والامارات في شرق الجزيره مميزه مع الباديه النجديه ,

 فهم يستعينون بهم في غزواتهم , ويعطونهم الأتاوات لحفظ طرق قوفل الحج والتجارة . 

ومن نتائج تلك العلاقه المميزه 

توغل البادية في الواحات الأحسائيه

 حتى يبدأ نفوذها في الازدياد فيستولوا على السلطة فيها , 

فالدوله العيونيه , والدوله العصفوريه , والدوله الجبريه , 

جميعها قبائل في الأصل نجدية انتقلت لشرق الجزيره , 

ولكون تلك القبائل في الأصل نجدية 

نجدها حريصه على مد نفوذها الى نجد قدر مااستطاعت ذلك .

* علاقة البادية النجدية بالحجاز :

في الحجاز حيث بلاد الحرمين مكه , والمدينه المنوره , 

برزت امارة آل مهنا الحسينين (15) في المدينه المنوره ,

 والهواشم (16) ومن ثم آل قتادة (17) وكلاهما من آل الجون (18) الحسنين في مكه المكرمه

لاتبدو علاقة مكه المكرمه بالباديه النجديه قوية في تلك الحقبه كما كان من قبل ,

 ففي القرن الثالث 

كان مسكن آل الجون السويقة القريبه من ضرية في عالية نجد ,

 وانتقل فرع منهم الى الخضرمة في اليمامة عرف بـآل الأخيضر 

وأسسوا امارة كان لها دور هام في تاريخ نجد (19) ,

 الا ان علاقتهم على مايبدوا انقطعت عن نجد

 حيث لم أجد أي اشارات تفيد بوجود أي دور لهم باستثناء الحقبه التي حكم فيها الشريف قتادة .

 أما آل مهنا أمراء المدينه المنوره فكانت علاقتهم وثيقة بنجد 

حتى أن بعض الجغرافيين عدها من نجد , 

فالسمهودي المؤرخ المدني في القرن التاسع الهجري

 قال عن المدينه المنوره قال : 

{بعضهم نصفها حجازي , ونصفها تهامي , وقيل هي نجدية (20) }. 

وكان القسم الغربي من نجد في صدر الاسلام يتبع عامل المدينه (21) , 

ولقد كان آل مهنا يستعينون بالبادية النجدية لمواجهة أعدائهم الداخلين (22) والخارجين , 

والكثير منهم تزوج من البادية (23) . 

وانتقل من آل مهنا كما سيمر معنا بعض الأسر للعيش في نجد (24) .

* أقسام البادية النجدية :

- بادية اليمامة :

شهدت اليمامه طوال تاريخها تموجات قبليه , وعدم استقرار 

على عكس المناطق المناطق النجدية الاخرى , 

ومرجع تلك التموجات على مايبدوا 

طبيعتها الجغرافية المفتوحه , وغناها بالثروات الزراعيه , وموقعها الذي يتوسط الجزيره العربيه. 

وعندما تهطل الأمطار 

تصبح مقصداً للقبائل التي تأتيها من كل مكان في فصل الربيع , لترعى مواشيها . 

وأبرز قبائل اليمامة في فترة البحث 

هي قبائل عائذ بني سعيد , وقبائل قيس عيلان خاصة العامرية .

- بادية عالية نجد :

ان القبائل القيسيه هم أهل عالية نجد منذ العصر الجاهلي , 

وخاصة بني كلاب

ولاتشير المصادر التي بين أيدينا 

الى أن أحداً من غيرها قد زاحمهم عليها 

حتى بدايات القرن الثامن

حين بدأت القبائل الطائية في التوغل في العالية , وأشراف المدينه , 

أما قبل ذلك 

فكانت 

ترحل قبائل قيسيه 

وتحل اخرى , من باهله , بني سليم , بني هلال وغيرها .....

- بادية شمال نجد :

بقيت القبائل الطائية في موطنها القديم 

منذ العصر الجاهلي

 في جبليها اللذين سميا بها (( جبلي طئ )) , 

وتوسعت مساكنها 

ناحية الغرب الى المدينه المنوره , 

وناحية الشمال الى اطراف الشام و العراق , 

بعد ضعف بعض القبائل وارتحال اخرى كبني اسد , وبني تميم , غطفان ...... ) ,,

 الا أن القبائل الطائية زاحمت بعضها البعض ,

 ونستطيع أن نحدد قبائل بني عنين , وبني لام 

كأبرز قبيلتين من طئ 

في ذلك العهد

ويتبعهم بنونبهان , شمر , زبيد , 

وأبرز القبائل التي قاسمت الطائيين شمالي نجد هم بنو عقيل العامرية.

 وهناك قبائل على درب الحاج العراقي 

كغزية , والمنتفق ,

 تتوغل في الاطراف الشماليه لنجد .

- بادية القصيم :

لانعلم الكثير عن بادية القصيم

 الا ماورد عن انتشار بني خالد فيها , ومن ثم انتشار بني لام , 

الا أن باديتها على الأرجح ممن عرفوا ببادية { برية الحجاز} ,

 أي البادية التي كانت تتنقل مابين الحجاز وشمالي نجد وتمر بالقصيم .

- بادية شرقي نجد :

لبادية نجد علاقة وثيقة بشرق الجزيرة 

ومايحدث فيها من أحداث سياسية , 

فتتأثر وتؤثر بالدول والامارات التي فيها , 

وشرقي نجد من المناطق الهامة , 

وباديتها تتنقل مابين الصمان , والبصره , والأحساء , 

وأبرز قبائلها 

هم بنوعبدالقيس وبنوعقيل .

 {وما أرى أن في المعمور أرضاً أفسح بسيطاً , ولاأوسع أنفاً ,  ولاأطيب نسيماً ولاأصح هواء , 

  ولاأمد استواء , ولاأصفى جواً , ولاأنقى تربة , ولاأنعش للنفوس والأبدان , ولاأحسن اعتدالاً في كل الأزمان من أرض نجد .. 

ووصف محاسنها يطول , والقول فيها يتسع }...

الرحالة محمد بن جبير الاندلسي ( ت 614هـ ) .

* الوضع العام في نجد :-

لقد كانت الحالة العامة في نجد 

في الفترة الواقعة مابين القرن الثالث والخامس 

على أسوأ حال 

عندما كانت خاضعه للنفوذ القرمطي , 

ويبدوا أن نجداً 

قد بدأت تتعافى من الفتره العصيبه التي مرت بها .

* الحياة الاجتماعية :

شهدت نجد تغيرات اجتماعية هامة , 

فهناك عشائر كعشيرة بني الأخيضر العلويين أمراء الخضرمة 

انتقلوا من سكنى المدن بعد سقوط اماراتهم الى حياة البداوه (25) , 

وهناك قبائل كبيره كقبيلة بني تميم تفرقوا في الحواضر بعد أن كانوا من أكبر قبائل البادية (26) . 

وقد تميزت الحواضر النجدية بأن سكانها من الحضر ينتمون الى قبائل عريقة ,

وأبرز القبائل النجدية المتحضره في ذلك العهد : 

بنوحنيفة , وبنو تميم , وبنو جعدة العامرية , 

بالاضافه الى القبائل التي منها بادية وحاضرة كآل عائذ بني سعيد .

* الحياة العلمية:

يبدوا أن الحياة العلمية في نجد 

كانت أفضل من مناطق أخرى في الجزيره العربيه 

خاصة ممايتصل بالعلوم الشرعية , 

اذ أن هناك العديد من الأخبار تدل على

 أن الباديه كانوا حريصين على تعاليم الدين الاسلامي على مذهب أهل السنه والجماعة ,

 بل انهم اصطدموا مع من اراد مخالفة تعاليم الدين الحنيف (27) , 

وليس أدل على ذلك ماقامت به بادية بني جبر العامرية 

الذين أقاموا دولة في الاحساء في القرن التاسع 

قادمين من شمالي نجد 

من احياء تعاليم الدين الاسلامي على مذهب أهل السنة والجماعة (28) .

 ويبدوا أن مرجع هذا الازدهار العلمي : 

الهجرة الكبيره التي شهدتها بلاد العراق والشام الى الجزيرة العربيه نتيجة لهجوم التتار ,

 بالاضافة الى العلاقات المميزة التي كانت تربط قبائل الباديه بأهم علماء ذلك العصر (29) , 

ويذكر المؤرخون أن الشيخ احمد بن تيميه كانت تربطه علاقه مميزه معهم 

خاصة مع مهنا بن عيسى الطائي الذي كان يعيش في نجد (30) , 

بل ان شيخ الاسلام رحمه الله ألف مصنفاً جليلاً في تحريم اغارة البوادي على بعضهم (31) , 

وهذا يفسر تأثر أهل نجد به , ووجود بعض مؤلفاته بخطه في نجد حتى وقتنا الحاضر (32) . 

ولم تقتصر علاقة البادية النجدية على علماء الشريعة

 بل كانت لهم علاقات طيبه مع غيرهم 

ممن عاشوا في نجد كالتلمساني الكوفي , 

صاحب المصنفات العديده في النحو , والرياضيات ... 

وله قصيده يخاطب فيها بادية نجد منها :

ياعرب نجد مامضى من عيشنا = أترى نعود لنا به الأيــــــام

ردو الكرى ان طال عز وصا = لكم فعسى تمثله لي الأحلام (33)

ومن أشهر المراكز العلمية في نجد في ذلك العهد 

حاضرة بادية الجزء الشمالي من نجد 

ومحطة الحاج الشهيره 

مدينة فيد ,

 التي وصفها الدكتور عبدالعزيز السنيدي

 بأنها كانت تتمتع بمكانه علميه بارزه منذ القرن الأول الهجري 

حيث كان مسجدها الجامع مركزاً علمياً يستقطب العلماء وطلاب العلم (34) .

* الحياة الثقافيه في نجد :

لانعرف الكثير عن الحياة الثقافية في نجد 

الا ماورد عن بدء ظهور الشعر العامي أو مايعرف (( بالنبطي )) , 

وهو الشعر الذي يتناقله جمهور الناس بلهجتهم (35) , 

ولم تفتقد قصائدهم للفصحى بل كانت تحتل موقعا وسطا بين الفصحى والعامية  

كما يصفها الصويان , 

وبرز شعر عرف بالقيسي نسبت لقبائل قيس بن عيلان

 احد ابرز قبائل الجزيره العربيه في ذلك العهد (36) .

 ولايعني ذلك نهاية الشعر الفصيح 

فلقد ورد ذكر بعض شعراء الفصحى من بادية نجد 

كشريك بن نجام اللامي الذي نقل عنه العمري قصيده منها :

نواسل للقاء اذا اجتمعنا = عددنا مثل اقمار السماء

ولما أن أتوا قمنا اليهم = مقام الأسد تقدم للضراء (37)

* البناء في نجد :

عرفت نجد بناء المساكن والآطام والقصور منذ القدم (38) ,

 الا أن الملفت في الحقبة التي هي محل البحث

 التغيرات المتسارعه في بناء المدن واندثارها (39) ,

 وهي ظاهرة ذاعت حتى خارج الجزيرة العربية , 

وعلى الأرجح ان السبب في ذلك 

هو أن النفوذ في ذلك العهد للبادية التي لاتعرف الاستقرار .. 

وفي الاجزاء الشمالية من نجد ازدهرت عدة مدن

 كسميره , وفيد 

على طريق الحاج التي كانت تعتمد على التجارة مع الحجاج . 

وانتشر بناء القصور لبعض شيوخ البادية بالقرب من موارد الماء (40) .

 واليمامة لما فيها من ثروات زراعية بها العديد من الحواضر , 

وابرزها قاعدتها حجر والخضرمة (41) .

* الحياة الاقتصادية :

استمرت نجد بشكل عام 

واليمامه بشكل خاص غنية بثروتها الزراعية , 

خاصة منطقة الخرج بقاعدتها الخضرمة 

التي وصفت في القرن السادس بأنها لاتزال بلدة عامرة , 

وبها من النخيل أكثر مما في بلاد الحجاز جميعها (42) ,

 ويبدوا أن الانتاج الزراعي في الخرج 

قد تحول من زراعة النخيل الى الحنطة في القرن الثامن 

فأصبح أهل الأحساء يجلبون التمر اليها , 

ويستبدلون كل راحلتين من التمر براحله من الحنطة (43) , 

وهذا يدل على التطور الاقتصادي ,

 أيضاً منطقة سدير 

التي وصفها العمري في القرن الثامن

 بأن بها مياه جارية وخيرات زراعية . 

ومن ابرز صادرات نجد في تلك الحقبه الخيل 

التي اشتهرت به الجزيره العربيه بشكل عام ونجد بشكل خاص ,

 فكان لسلطان مصر خيل تسمن لدى قبيلة الدواسر (44) , 

وكان في بعض مدن الجزيره العربيه أسواق للخيل

فكانت القبائل العامريه والطائيه 

تجلب الخيل من الجزيره العربيه الى مصر لتبيعه بأثمان باهضه (45) .

 ان اختيار شخصيات مشهوره

 كتنكز نائب السلطنه في الشام , 

والمظفر بيبرس السلطان المملوكي (46) , 

وغيرهم لنجد كملاذ آمان في ذلك العهد 

يدعونا الى الاعتقاد بأنها كانت بحاله أفضل من غيرها .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ

(2) تاريخ العراق بين احتلالين , لعباس فائق العزاوي , ج2 , ص9 .

(3) للمزيد من التفاصيل راجع معجم ما ألف عن مكه , للدكتور عبدالعزيز السنيدي , ص 17 .

(4) تحفة الاعيان بسيرة أهل عمان , لعبدالله السالمي , ج1 , ص 357 .

(5) خلاصة العسجد , لعبدالرحمن البهكلي , ص60 .

(6) تاريخ ابن خلدون , ص 1556 .

(7) الامارة الطائية في بلاد الشام , للدكتور مصطفى الحياري , ص 41 .

(8) تاريخ ابن خلدون , ص 70 .

(9) السلوك لمعرفة دول الملوك , لأحمد بن علي المقريزي , ج3 , ص305 .

(10) رحلة الى نجد , لليدي آن بلنت , ترجمة وتحقيق أحمد بيش , ص 279 .

(11) صبح الأعشى , لأحمد القلقشندي , ج12 , ص257.

(12) للمزيد من التفاصيل راجع الاماره الطائية .

(13) صبح الاعشى , ج4 , ص 284 .

(14) المصدر السابق , ج5 , ص58 .

(15) أول من تولى منهم امارة المدينه حسين بن مهنا ,(التحفة اللطيفة في تاريخ المدينه , للسخاوي , ج1 , ص56).

(16) أول من تولى منهم امارة مكه محمد بن جعفر بن محمد ( الملقب أبي هاشم ) , ( ابن خلدون , ص 967 ) .

(17) أول من تولى منهم امارة مكه قتاده بن ادريس بن مطاعن , ( ابن خلدون , ص 967 ) .

  (18) هو موسى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ,

 لقب بالجون لأنه كان اسود اللون فلقبته امه هند بالجون وكانت ترقصه وهو طفل 

وتقول له : انك أن تكون جوناً أفرعا يوشك أن تسودهم وتبرعا (عمدة الطالب , ص 123) .

(19) للمزيد من التفاصيل راجع مقالنا في جريدة الجزيرة ( مشاهد من تاريخ الخضرمة السياسي باليمامة ) .

(20) خلاصة الوفاء , للسمهودي , طبعة مصر , ج2 , ص277 .

(21) المعجم الجغرافي لعالية نجد , لسعد الجنيدل , ج1 , ص8 .

(22) تاريخ المدينة المنورة , لعبدالله بن فرحون , ص 239 .

(23) منهم من تزوج من آل عائذ , بني خالد , مطير , بني لام , 

للمزيد من التفاصيل راجع تحفة الأزهار وزلال الأنهار , ج2 ص313 , 383 , 393.

(24) المصدر السابق , ج2 , ص383 .

(25) عمدة الطالب في أنساب آل طالب , لجمال الدين الحسيني , ص134 .

(26) تاريخ ابن خلدون , ص480 .

(27) للمزيد من التفاصيل راجع مقال (( الصراع على السلطة في دولة الجبور )) 

للدكتور عبداللطيف الحميدان , ص 74 .

(28) الامارة الطائية , مصدر السابق , ص 103 .

(29) في قصيدة رثاء الصفدي لمهنا بن عيسى قال فيها :

وأقام في نجد بحصن مانع = لاتسطيع له الجيوش تخلصا

أعيان العصر وأعوان النصر , لخليل الصفدي , ج5 , ص462

(31) البداية والنهاية , لابن كثير , ج 3 , ص437 .

(32) مالئ الدنيا ونافع الناس , مقال لراشد بن محمد العساكر .

(33) عقد الجمان , للعيني , ج3 , ص 96 .

(34) مدينة فيد , للدكتور عبدالعزيز السنيدي , ص 115 .

(35) الشعر النبطي ذائقة الشعب وسلطة النص , للدكتور سعد الصويان , ص 67 .

(36) للمزيد من التفاصيل راجع المصدر السابق , ص 243.

(37) الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة , لابن حجر العسقلاني , ج2 , ص 189 .

(38) ولاية اليمامه , للدكتور صالح الوشمي , ص 289 .

(39) من الأمثلة على ذلك ماذكره الرحاله الادريسي عن خراب حجر ثم ورد عند ابن بطوطه بأنها بلد عامر .

(40) تذكرة بالاخبار عن اتفاقات الاسفار , لمحمد بن جبير الاندلسي , ص 160 , ص 163.

(41) للمزيد من التفاصيل راجع مدينة الرياض عبر أطوار التاريخ , لحمد الجاسر , 56 .

(42) نزهة المشتاق في اختراق الآفاق , لشريف الادريسي , ج1 , ص 160-161.

(43) تقويم البلدان, لأبي الفداء , طبعة دار صادر , ص99.

(44) أصول الخيل العربيه الحديثه , لحمد الجاسر , ص 103.

(45) المصدر السابق , ص 150.

(46) مسالك الابصار , مصدر سابق , ص 149 , ص151 .



* من أخبار البادية في نجد :

* القرن السادس :

* آل مزيد :

في منتصف القرن الرابع 

نشأت امارة آل مزيد في الحلة في العراق , 

نسبت الى مزيد بن مرثد الديان من قبائل أسد بن خزيمة . 

يبرز دورهم في نهاية القرن الخامس 

عندما ضعفت القبائل التي كانت تلعب دوراً هاماً 

في بلاد الشام, والجزيرة الفراتية , وشرق الجزيره العربيه , 

بعد ملاحقة السلاجقه لهم

فبدأت بازاحتهم عن شرق الجزيره العربية 

وذلك عن طريق مساندتهم للعيونيين 

فحدثت هزيمة كبيرة للعامريين في معركة بين نهري محلم وسليسل (47) , ثم قام ( تتش الب ارسلان ) 

في العقد الثامن من القرن الخامس

 باجلاء عقيل , كلاب , نمير , وغيرها من القبائل العامريه , 

والطائيه عن الشام , والجزيره الفراتيه , 

فنزلت عند صدقة آل مزيد الذي شهد عهده توسع نفوذ آل مزيد فوصف بأنه ملك العرب

تحالفت معه القبائل حتى نافس السلاجقه والخليفه العباسي (48) . 

ولانعرف الكثير عن علاقة آل مزيد بنجد 

الا ماورد عن ذهاب دبيس الى نجد ليستنجد بغزية التي رفضت نجدته , 

الا أن مايرد من أن أميرهم كان يلقب بملك العرب , 

ونجاحه في جمع قبائل البادية من الشام والعراق ونجد 

يجعلنا نعتقد أن نفوذهم كان له تأثير في الظروف السياسيه في نجد , 

الى أن زالت امارتهم في منتصف هذا القرن بأمر من الخليفه المستنجد بالله (49) .


* بنو كلاب :

بنو كلاب هم فرع من قبائل بني عامر من قيس عيلان القبيله الشهيره ,

 قديماً كانت مساكنهم في عالية نجد ,

 وانتشروافي أنحاء الجزيرة العربية والعراق والشام , 

الا أن العام 325هـ (50) شهد هجرة كبيرة لمشارقة بني كلاب الى حلب 

بعد تولي أحمد العباس الكلابي ولاية حلب لأبي بكر الاخشيدي .

 وفي القرن الخامس

 قامت امارة لآل مرداس 

من قبيلة بني عبد قيس الكلابية (51) في حلب , 

امارة قوية امتدت لتشمل أجزاء واسعة من بلاد الشام , 

ويبدو أنهم عادوا للجزيرة العربية بعد سقوط امارة آل مرداس في نهاية القرن الخامس (52) . 

لاتشير المصادر التاريخيه الى تاريخ معين لبدء امارة بني كلاب في اليمامة

الا أنها على الارجح 

بعد سقوط امارتهم في حلب سنة 472 هجرية (53) , 

وسقوط امارة بني الاخيضر في اليمامة ,

 أي في أواخر القرن الخامس أو بدايات القرن السادس . 

وعلى الأرجح أن الذي عادوا هم بادية بني كلاب بقيادة شيوخهم آل زائدة في ذلك العهد .


* من هم بنوعامر ؟ .

ومما يجدر التنبيه له

 أن الكثير من القبائل تنسب الى بني عامر القيسية

 الا أن المصادر التاريخية تشير الى أن البعض من قبائلها 

هم من استمر في الانتساب الى بني عامر دون غيرها و هي :

 قشير , عقيل , الحريش , جعدة بني كعب , بني نمير , هلال , سلول , مرة (54) .

 و بعض قبائل بني عقيل العامريه في بعض الأزمنه 

لاينسبون أنفسهم الى بني عامر بل الى الجد الاقرب عقيل (55) , 

ويبدو أن ذلك عائد الى طبيعة التحالفات واجتماعها على مشيخة ما .


* العوامل التي ساعدت بني كلاب على اقامة اماره في اليمامة :

1- كان بنو جعدة بن كعب بن ربيعة العامرية 

لايزالون أسراً متحضره في بعض بلدان اليمامة كالأفلاج , العايل ... 

ووصفوا بأنهم أهل زراعة وحرث بقوا فيها بعد زوال امارة بنو كلاب , 

ولم يرحل منهم عن اليمامة الا بعض الفروع الى بلاد الشام (56) .

2- لقد كانت امرة العرب في ذلك العهد في بني كلاب , وكانت لأميرهم ربع العداد (57) .

3- سيطرت بوادي قبائل قيس عيلان على مناطق مهمة في الجزيره العربيه ,

 فقبائل عامر ربيعه تسيطر على المنطقه الواقعه مابين اليمامه والأحساء (58) ,

 وقبائل رويبه من بني هلال العامرية منتشره في الحجاز بادية وحاضرة (59) , 

وقبائل عقيل تسيطر على الاجزاء الشماليه من الاحساء .

* العيونيون :

في نهاية القرن الخامس 

نجح العيونيون وهم فرع من قبيلة عبد قيس من ربيعه

 التي كانت تسكن نجداً في ازاحة القرامطه

 وغيرهم من القوى المهمه في الأحساء 

وخاصة بني عامر

فأقاموا دوله قويه في الاحساء , 

ونجحوا في مد نفوذهم لبعض المناطق النجدية , 

ويعزى نجاحهم الى ما لقبائل ربيعه من نفوذ قديم في نجد والبحرين منذ العصر الجاهلي 

متمثلاً في قبيلتي عبد قيس في البحرين , وبني حنيفه في اليمامة . 

وفي أوج قوتها أمتد نفوذهم لمساحات شاسعه من الجزيره العربيه , 

فأمنت قوافل الحج والتجاره (60) , 

الا أن العامريين نجحوا بعد ذلك في استعادة نفوذهم في بلاد البحرين 

واضطر العيونيون لدفع المجريات والعوائد لبني عامر 

كما كان يفعل القرامطه قبلهم ,

 فأصبحت امارتهم ضعيفه (61) .


* سنة 559 وفاة جمال الدين الوزير ووقوع الوباء :

توفي في هذا العام محمد بن علي الاصفهاني وزير صاحب الموصل , 

حمل الى مكه وصلى عليه في كل بلد كان يمر بها ,

 ومنها فيد حاضرة بادية نجد الشمالي التي بنى لها سور (62) . 

قال ابن الاثير : 

   (( وردت الأخبار أن الناس حجوا سنة تسع وخمسين , ولقوا شدة , 

وانقطع منهم خلق كثير في فيد و الثعلبيه وواقصة وغيرها , وهلك كثير , 

ولم يمض الحاج الى مدينة الرسول لهذه الأسباب , ولشدة الغلاء فيها , وعدم ما يقتات , 

ووقع الوباء في البادية وهلك منهم عالم لايحصون , و63) .هلكت مواشيهم ))

الشريف قتادة :

في نهاية هذا القرن برز الشريف قتادة في ينبع

 ونجح في الاستيلاء على مكه المكرمه ,

 وامتدت امارته الى انحاء واسعه

بحسب المؤرخين , حيث قال ابن خلدون عنه :

 { عظم شأنه حتى ملك مع مكه ينبع واطراف اليمن , وبعض اعمال المدينة ,

وبلاد نجد , ولم يقدم على أحد من الخلفاء ولا من الملوك ... 

وبقي حتى توفي سنة سبع عشرة وستمائة } (64) .

الا أنه فشل في الاستيلاء على المدينه المنوره رغم محاولاته المتعدده ,

 وذلك لأن بادية شمالي نجد (( بني لام )) , 

وعلى الارجح بنو كلاب (65) , وامراء الشام 

كانوا مناصرين لأمير المدينه المنوره (66) . 

لاتفيدنا المصادر عن المدى الذي وصل له نفوذ الشريف قتادة في نجد ,

 الا اننا نعلم أن وزيره هو سالم بن سليمان بن عبدالمحسن التميمي , 

وهذا مايجعلنا نرجح 

أن نفوذه كان في عالية نجد وأطراف اليمامة , 

ولم يمتد للأجزاء الشمالية حيث كانت بادية طئ من غير مناصريه .

ومن الواضح أن اصهاره قبيلة عنزه كانوا أشد مناصريه 

ومن بعده ابنه حسن الذين هم اخواله . 

وبعد وفاته حدث خلاف بين أبنائه ادى الى استيلاء الأيوبيين على مكه المكرمه (67) , 

ويبدو أن بعض قبائل عنزة قد عادوا ينتجعون نجداً منذ امتداد نفوذ قتادة لها (68) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(47)الدولية العيونية في البحرين , للدكتور عبدالرحمن المديرس , ص 94 .

(48) المناقب المزيديه في أخبار الملوك الأسدية , 

لأبي البقاء الحلبي , ص 18 , ص 56 , ص 454 , ص 511.

(49) ابن الأثير , ص 1727.

(50) زبدة الحلب في تاريخ حلب , لأبن العديم ,ج1,ص 103 .

(51) { هم بنو مرداس بن ادريس بن نصر بن حميد بن شداد

بن عبدقيس بن ربيعه بن كعب ابن عبدالله بن أبي يكرب بن كلاب } , ابن العديم , ج1 , ص 544.

   (52) عبر عن ذلك ابن خلدون في وصفه لحال بني عامر بعد سقوط امارة آل مرداس من بني كلاب ,

 بقوله :{ ثم انقرض ملكهم ورجعوا للبادية , وورثوا مواطن العرب في كل جهة } ,تاريخ ابن خلدون , ص 1560.

(53) ابن خلدون , مصدر سابق , ص 1077.

(54) الأنساب , لسمعاني , ص 914.

(55) ابن مقرب وتاريخ الاماره العيونيه في بلاد البحرين , للدكتور فضل العماري , ص 113.

(56) بغية الطلب في تاريخ حلب,لأبن العديم , ج1 , ص 550.

(57) الامارة الطائية , مصدر سابق , ص 61- ص 93.

(58) نزهة المشتاق في اختراق الافاق , لمحمد الادريسي , ج1 , ص 386.

(59) بغية الطلب , مصدر سابق , ج1 , ص 554 .

(60) ديوان ابن المقرب , مصدر سابق , ج2 , ص 954.

(61) امارة آل عصفور , مصدر سابق , ص 36 .

(62) تاريخ ابن الأثير , ص 1731.

(63) المصدر السابق , ص 1734.

(64) تاريخ ابن خلدون , مصدر سابق , ص 966 .

(65) في الوقعة التي حدثت بين أمير المدينة وأمير مكة ذكر رجل يدعى حميد بن رجب

 بعض المؤرخين نسبه الى آل طالب ,والبعض الآخر نسبه الى طئ , 

 الا أن المؤرخ المكي الفاسي نسبه الى بني كلاب 

وهو ما أرجحه , 

لأن بني كلاب كانت تربطهم علاقات مميزة بالأيوبيين مناصري أشراف المدينة في ذلك العهد , غاية المرام , ج1 , ص 555.

(66) اتحاف الورى بأخبار أم القرى , لمحمد بن فهد , ج3 , ص21 .

(67) المصدر , ص 34.

(68) ابن خلدون , ص 473 .



* وقعة لينا :

في العام 598هـ 

أراد آل ربيعه الطائيين غزو قبائل بني عقيل وربيعه , 

فجمعوا جيشاً من قبائل طئ وغيرها من قبائل الشام كزبيد وغزية ,

فأستنجدت قبائل عامر وربيعه, وخفاجه , وعباده , وعائذ ,بالعيونيين رؤساء قبائل المشرق , 

وتصادف ذلك مع مابلغ الخليفه من افساد دهمش بن سند من شيوخ غزية 

فأرسل الى محمد الحسين العيوني يستنهضه , 

ويصف ابــــن المقرب ماقـــــــــــاله سعيد بن فضل الطائي :

وأقسم أن لابد من دار عامر = ولو حال من دوني ثبير وثهلان (69)

وقد جمع العيونيون جيشهم ومعهم جيرانهم آل عائذ , 

وذهبوا الى العراق فانظم لهم المنتفق, وعبادة , وخفاجه , 

فأجتمعوا بالكوفه , 

وكان النصر حليف العيونيين وأحلافهم من قبائل بني عقيل وغيرها في وقعة لينا ,

 الا أن الأشارة الى ثبير , وثهلان من جبال عالية نجد على انها من ديار عامر 

تدل على أنهم لازالوا في عالية نجد موطنهم القديم .

 ان قائد طئ في هذه المعركه هو سعيد بن فضل 

ومعه مانع بن حديثة الذي أخذ امرة العرب الرسميه ,, 

بعد ذلك بفترة وجيزه

 أي أن آل ربيعه لم تكن لهم امرة العرب الرسميه في تلك الوقعه ,

 ومن الملفت عدم ورود أي اشاره الى بني كلاب !! . 

وحيث ان غزية وبني عقيل قد ورثوا مساكن بني تميم 

فلذلك ليس من المستبعد أن سبب الوقعه 

هو الصراع على المنطقه التي خلت بتحضر بني تميم .


* ومن قبائل نجد في القرن السادس :

حرثان , جعفر , مسلم , مطرف , يزيد , الاحلاف , ندوان (70) . 

وورد ذكر غزية على أنها من قبائل نجد في هذا القرن 

حين استنجد بهم دبيس آل مزيد(71) , 

ويبدوا أنهم قد ورثوا مساكن بني تميم في نجد (72) . 

ولاتزال القبائل االطائيه في مساكنها في جبلي أجا وسلمى اللذان عرفا بها , 

ولاتفيد المصادر التي بين أيدينا بالكثير عنهم في هذا القرن 

الا أن القرن السابع فيه تفصيل عن مساكنهم .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  * من أعذب الآبار في طريق الحاج العراقي ,

   في شمالي شرقي نوازي الدغم التي هي امتداد للدهناء ,

 قديماً كانت لبني أسد , (المعجم الجغرافي لشمال المملكه , ج3 , ص 1172) .

(69)ابن مقرب وتاريخ الأماره العيونيه ,مصدر سابق ص 112 .

(70) ديوان ابن مقرب , ج2 , ص 1139.

(71) تاريخ ابن الأثير , ص 1625.

(72) تحقيق نسب غزية , مقال لراشد الأحيوي , مجلة العرب ج9, س27, ص 485 .



القرن السابع :

* نهاية امارة بني كلاب :

لايبدوا أن التاريخ الذي ذكره ابن سعيد 

كنهاية لدولة بني كلاب في اليمامه 

كما أسماها في منتصف القرن السابع دقيقاً , 

فأبن العديم المؤرخ العامري المعاصر 

حدد نهاية امرة بني كلاب للعرب 

في زمن الظاهر أي في بدايات القرن السابع 

حيث قال : { وزالت دولة بني مرداس 

وبقيت امرة العرب في بني كلاب الى زمن ولاية الملك الظاهر , 

ثم ازاحهم عنها طئ فدخلوا الى بلاد الروم , 

وتحضر منهم جماعة واشتغلوا بالمعايش } (73) ,

 ويتفق مع ذلك بداية دولة آل عصفور في العقد الثاني من القرن السابع في الأحساء ,

 وكما هو معروف فان زيارة ابن سعيد كانت في منتصف القرن السابع 

فلعله قصد تاريخ رحلته . 

وبقي بعض بادية بني كلاب من آل جري كبني زراره و وقيس في الجزيره العربيه (74) .


* ارتحال بنو مالك :

بنو مالك بن عقيل من قبائل عامر (75) , 

وقديماً كانت مساكنهم في الطرف الشمالي من نجد (76) , 

أغار عليهم محمد الفضل العيوني من أمراء الأحساء ,

 وأوقع بهم وقعه عظيمه , 

ثم أنهم هلكوا بعد ايقاعه بهم بسنوات 

لأن ارضهم أجدبت , 

فساروا يطلبون النجعة في العراق سنة 607 هـ ,

 فهب عليهم برد شديد قتلت خيلهم وابلهم وأغنامهم , 

فمات أكثرهم 

والبقية تفرقوا في قرى العراق (77) .


* نهاية الدوله العيونيه :

شهد العقد الرابع من هذا القرن نهاية الدوله العيونيه في شرق الجزيره العربيه 

بعد أن قضى الأتابك السلغري أبوبكر الزنكي على ماتبقى من دولتهم (78) .


* دولة آل عصفور :

نشأت دولة آل عصفور في الأحساء في العقد الثاني من القرن السابع ,

 نسبت الى عصفور بن راشد بن عميرة بن راشد العامري ,

 بعد فترة وجيزه من فقدان بني كلاب لأمرة العرب

وتشير المصادر المعاصرة الى أن آل عصفور هم زعماء بني عامر (79) , 

أي أن النفوذ ظل لبني عامر ,

 وقد أمتدت دولة آل عصفور لتشمل أجزاء من نجد وخاصة اليمامه

 بحسب ابن سعيد (80) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(73) تولى الملك في حلب سنة 582هـ وانتهى ملكه بوفاته 613هـ , وفيات الأعيان , لابن خلكان , ج4 , ص6 .

(74) بغية الطلب , مصدر سابق , ج1,ص 546.

(75) نسبهم شارح ديوان ابن المقرب الى طئ , ولايعرف فرع من طئ بهذا الاسم

 بل المشهورين هم بنو مالك العقيليه , والشارح كما يتضح للمدقق في تعليقته ضعيف في

علم النسب يخلط كثيراً .

(76) ذكر ابن خلدون أن مساكنهم تيماء , تاريخ ابن خلدون , ص 1560.

(77) ديوان ابن المقرب , ج1 , ص 111.

(78) الدوله العيونيه , مصدر سابق , ص 145.

(79) امارة العصفوريين , مصدر سابق,ص39 .

(80) ابن خلدون , 1560.


* آل ربيعة الطائيون :

تولى آل فضل شيوخ قبيلة آل ربيعة وعموم طيء 

في ذلك العهد 

الامرة على العرب

 بعد بني كلاب 

وقد تميزت امرتهم بانها رسمية,

 الا أنهم على عكس سابقيهم بني كلاب لم يكونوا يتوغلون في بلاد اليمامة 

خاصة مناطق نفوذ عايذ بني سعيد , 

وان كانت قبائل اليمامة تتبعهم في ذلك العهد , 

فهم يتنقلون مابين الشام ونجد (81),

وتميزوا عن بني كلاب بأنهم بادية اقحاح ليس منهم أسر متحضرة في ذلك العهد , 

ويبدوا أنهم كانوا حريصين على النجعة في جبلي طيء حيث هو موطنهم الاصيل. 

أما آل مرا أبناء عمومة آل فضل الذين كانوا ينافسونهم على مشيخة طيء وامرة العرب

فكانوا يتوغلون حتى حرة الكشب , والنير في عالية نجد(82).

 وقد لعب آل ربيعة دوراً مهماً في تاريخ المنطقة بفرعيهم آل مرا وآل فضل ,

الا أن الفترة الذهبية لآل ربيعة هي عندما استحوذ آل فضل مشيخة طيء وامرة العرب الرسمية ,

فتوسع نفوذهم وأثنى المؤرخون على شيوخهم وأعمالهم االتي قاموا بها ,

حتى اننا نجد ابن خلدون يسميها دولة آل فضل (83) , 

فلقد نجح المماليك في كسبهم لجانبهم ,

فكلفوهم بالعديد من المهام 

كالتأمين طرق الحج والتجارة , والمشاركة في الجيوش , وتزويد السلاطين بالخيـل والابل , 

وكانت غالبية قبائل بادية نجد متحالفة معهم (84) .


* اجلاء المنتفق :

في سنة 616هـ 

أمر الخليفة الناصر باجلاء المنتفق عن جنوبي العراق لما قاموا به من افساد (85) ,

 واذا كانت المصادر لا تفيد عن وجهتهم 

فان ابن خلدون يشير الى تيماء من مساكنهم

ويشار لهم على

 أنهم أحد أهم ثلاث قبائل على درب الحاج العراقي

أي أن وجهتهم الطرف الشمالي لنجد.


* الصراع مابين عقيل و آل ربيعة :

كما معنا سابقاً 

فان الصراع مابين العقليين وطيء قديم 

كما حدث في معركة لينا , 

والقبيلتان متجاورتان في شمالي نجد . 

وفي هذا القرن يبرز الصراع 

مابين آل عصفور حكام الأحساء أمراء بني عامر , وآل ربيعة الطائيين أمراء العرب , 

ويرى الدكتور عبداللطيف الحميدان 

أن لهذا الصراع علاقة بالصراع القائم مابين التتار والمماليك , 

الذين كانوا يسعون لكسب القوى القبلية لما تتمتع به من اهميه عسكريه واقتصاديه , 

فشجع هذا الصراع القوى القبلية لتنقل مابين الطرفين حسب مصالحها . 

وعلى الارجح 

أن نجداً قد عانت من هذا الصراع , 

فكانت مسرحاً للوقعات التي تحدث ,

حيث تقع بين مناطق نفوذ الطرفيين , ويسعى كل طرف لاستقطاب القبائل النجدية , 

فالعقيليون يحتاجون نجداً ممراً لتصدير منتوجاتهم , 

فتصدر الأوامر من السلاطين الى آل فضل بتسهيل الطريق لهم . 

فاذا كان الصراع قد شهد شئ من الهدوء في عهد السلطان الظاهر بيبرس (ت 676 هـ ) 

حيث وفد آل عصفور اليه وهو معروف بعلاقته الوثيقه بآل ربيعة , 

فان الصراع يبرز مره آخرى على مايبدوا بعد وفاته , 

فنجد أن آل ربيعة قاموا سنة684 هـ بمهاجمة آل عصفور الذين كانوا متحالفين مع التتار (86) .


* آل عائذ بنوسعيد :

اول ذكر لآل عائذ في نجد بحسب مااطلعت عليه 

ورد عند ياقوت الحموي المتوفي سنة 626 هـ في كتابه معجم البلدان ,

وذكر الوشم في اليمامة من مساكنهم , 

أي أنهم منذ القرن السادس ,ولهم حضور بارز في نجد ان لم يكن قبل ذلك ,

 ويشير ياقوت الى آل مزيد تحديداً حيث سماهم (( أهل مزيد )) (87) .


* قبائل شمالي نجد :

منذ العصر الجاهلي 

وقبائل طيء القحطانيه هي أبرز قبائل الأجزاء الشمالية من نجد ,

 ويبدو أن طيئاً قد استفادت من ضعف وارتحال بعض القبائل

 كبني أسد,,وبني تميم , وغظفان... فتوسعت مساكنها. 

وطيء تنقسم الى قسمين الغوث وفطرة , والصراع مابينها قديم , 

واذا كان آل نبهان قد ضعفوا 

فان بني عنين من سلامان الغوثية قد نجحوا في تولي مشيخة عموم طيء بل امرة العرب

وانتقل بنو عنين منذ القرن الرابع الى بادية الشام

 الا أنهم كانوا يتجولون مابين نجد والشام , 

خاصة آل مرا وآل فضل , 

وبقي لبني عنين بادية في المنطقة هم بنو بحتر (88). 

الا أن ذرية شيخ جديلة أوس بن حارثة الذين عرفوا ببني لام هم الذين بقوا في جبلي طيء ,

وتمددت مساكنهم لتصل الى المدينة غرباُ وأطراف العراق والشام شمالاً (89) , 

وعرفت الغوطة الأرض المنخفضة في غربي جبل أجا بغوطة بني لام (90) ,

 وبرز من بني لام

 قبائل المفارجة ,آل مغيرة , آل كثير , آل ظفير , 

وقبيلة الفضول بفروعها الأربعه

 الصرخه (( آل برجس)) , الخرسان , آل سلطان , آل غزي (91) .

 ويرد ذكر شمر الطائية وأن مسكنها جبة البلدة الشهيرة (92) . 

وقبائل بنو عقيل هم أبرز القبائل التي تجاور طيء في مساكنها . 

ومن أكبر قبائل شمالي نجد غزية 

التي تنتشر مابين الشام والعراق والحجاز وهي منطقة واسعه 

ممايدل على أنها أحد أكبر قبائل البادية في ذلك العهد , 

وبطن الأجود منهم , هم من كان يسكن نجد في الثعلبية ولينا (93) .


* اصطدام بادية نجد بأمراء المدينة :

بعد أن كان بنو لام ينصرون أمراء المدينة في وقعاتهم مع أشراف مكة وقع الخلاف فيمابينهم .

 ففي سنة 624 هـ قتل بنولام الأمير قاسم بن مهنا وهو في طريقه الى العراق , 

وفي سنة 647 قتلوا خليفته في امارة المدينة الأمير شيحه بن هاشم (94) . 

وفي العام 700 هـ عندما استلم الأمير منصور بن جماز امارة المدينة 

دخل في صلح مع بادية نجد بنو خالد , بنو لام , آل فضل وذلك باقتراح من زوجته (95).

( أصبح لدينا في القرن الثامن الهجري صورة جديده لمنازل العرب في البادية. 

ولم تكن حركة القبائل خلال هذه الفترة على شكل هجرات من الجزيرة العربية الى العراق و الشام , 

كما كان الأمر في السابق , 

وانما ارتبطت بتقلص نفوذ بعض القبائل 

واتساع المناطق التي أصبحت تسيطر عليها فروع قبائل آخرى , 

وباندماج بعض القبائل التي كانت تسكن على أطراف البادية تدريجياً 

في حواضر المناطق المجاورة وأريافها , 

وانتقالها من حياة التنقل الى حياة الاستقرار لتحل مكانها بطون قبائل آخرى )

(96) .... الدكتور مصطفى الحياري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(81) المصدر السابق , ص 1557 .

(82) مسالك الابصار , مصدر سابق , ص 139 .

(83) ابن خلدون , مصدر سابق , ص 1557 ز

(84) للمزيد من التفاصيل راجع الامارة الطائية , مصدر سابق , الفصل الرابع .

(85) الكامل في التاريخ , لابن الأثير , ص 1902 .

(86) للمزيد من التفاصيل راجع مقال امارة آل عصفور , للدكتور عبداللطيف الحميدان , ص 50 .

(87) معجم البلدان , لياقوت الحموي , ج 4 , ص 458 .

(88) بغية الطلب في تاريخ حلب , مصدر سابق , ج1 , ص 568 .

(89) ابن خلدون , مصدر سابق , ص 1557 .

(90) معجم البلدان , ج3 , ص 401 .

(91) للمزيد من التفاصيل انظر كتابنا , الفضول القبيلة اللامية الطائية في نجد .

(92) ذكرهم الحمداني وهو من أهل القرن السابع,(نهاية الارب للقلقشندي)

ص 282 .

(93) المسالك والابصار , مصدر سابق , ص 146 .

(94) المغانم المطابة في معالم طابة , لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزابادي ص 1212.

(95) المصدر السابق , ص 1273 .

(96) الامارة الطائية , مصدر سابق , ص 36 .


القرن الثامن :

* سنة 709 هـ السلطان يولي نصف امرة نجد لآل مهنا :

قال المقريزي : 

( وفيها كانت حرب بالمدينة النبوية : 

وذلك أن الشريف مقبل بن جماز بن شيحة أمير المدينة تنافس مع أخيه منصور , 

فتركه وقدم الى القاهرة , 

فولاه الملك المظفر نصف الامرة بنجد , 

واستخلف ابنه كبيشة , 

ففر كبيشة عنها وملكها مقبل , 

فعاد كبيشة بجمع كبير وحاربه وقتله واستقر منصور بمفرده ) (97) .

 قلت : ليس من الواضح ماهو المقصود بأمرة نجد؟ 

هناك احتمالان : 

الاول : أن تكون المدينه المنوره والمناطق المحيطة بها عرفت في ذلك العهد بنجد .

 الثاني : أن يكون قسم من نجد قد حضع لكبيشة والذي كان أثناء توليته الامرة مع البادية . 

على أي حال فالخبر يؤكد مرة آخرى 

العلاقة الوثيقة لنجد بالمدينة المنورة وخاصة أجزاءها الشمالية القريبة منها .

 ويرد ذكر كبيشة في قصائد أحد أقدم شعراء النبط النجديين أبوحمزة العامري منها :

أفنى عرايكهن تطاوح السرى = عليه من بعد السلام تحمل

كبش بن منصور بن جماز ومن = جاش المروة قبل عقله يكمل (98)

ويرد ذكره أيضاً في قصيدة للأمير حمزة العقيلي والتي قال فيها :

فأنحيت من حول العيينة ضمراً = يرفلن أرفال النعام الجفل

متهمات من مصدن عوامداً = وعسى بعد ورودهن لاتحمل

كبش بن منصور بن جماز الذي = حاز الثنا وعذاره ولم يكمل (99)


* سنة 718 هـ وقوع الجدب في البرية :

ذكر أبو الفداء أن البرية (( نجد))

كغيرها من البلاد الاسلامية عانت من جدب الأرض لقلة الأمطار 

مما تسبب في هلاك البادية , وموت الكثير من الدواب بما يفوق الحصر (100) .


* نهاية امارة آل عصفور :

شهد النصف الثاني من هذا القرن نهاية امارة آل عصفور 

بعد أن دب الضعف فيها نتيجة الخلافات التي وقعت بين ذرية آل عصفور (101) .


* امارة آل رميثة و آل جروان :

استولى على بلاد البحرين آل رميثة , ثم انتقلت لآل جروان ,

 وليس هناك مايفيد بأن للزعماء الجدد أي علاقة بنجد كما هو حال من سبقهم .

 الا أن فرعاً عامرياً آخر هم بنو جبر 

انتقلوا في نهاية هذا القرن من نجد الى شرق الجزيرة العربية

 ليلعبوا دوراً مهماً سوف يؤدي الى نشأة دولة قوية في القرن التاسع (102) .


* آل عائذ بنو سعيد :

يرى الشيخ حمد الجاسر رحمه الله 

أن العديد من القبائل قد التحقت بالحلف بقبيلة آل عائذ ابان عزها (103) , 

في حين يرى الدكتور فهد الدامغ 

أنه تحالف سياسي بين فروع من قبائل متعددة (104) , 

قلت الذي أرجحه

 انها امارة بدوية استطاعت أن تجمع حولها العديد من القبائل , 

مستفيدة من علاقتها المميزة بحكام مصر والشام , 

وخاصةً المماليك 

الذين حرصوا على تعيين أمراء للعرب والقبائل

 في مناصب رسمية مرتبطة بالسلطان مباشرة , بموجب مراسيم (105) .

 ومما يجدر التنبية له

 أن البعض قد خلط مابين 

عائذ ربيعة القبيلة البدوية التي كانت تسكن الأجزاء الشمالية من نجد و الحجاز .

 وعايذ بنو سعيد التي كانت تسكن اليمامة , 

الا أن القلقشندي والعمري قد فرقا مابينهم 

لمعرفتهم الشخصية ببعض الشيوخ من كلا القبيلتين(106) . 

و يرى الدكتور فهد الدامغ 

أن بني حنيفة من بين أبرز أحلاف آل عائذ بني سعيد , 

وخرج بأستنتاج مفادة : 

( عودة بني حنيفة للظهور في المنطقة منذ مطلع القرن السابع الهجري ) (107) .


* قبائل آل عائذ في القرن الثامن :

1- آل مزيد :

و الى هذا الفرع تنتمي بادية و حاضرة آل عائذ حتى وقتنا الحاضر , 

لذلك يبدوا أنه الفرع الأصيل الذي التفت حوله الأحلاف ,

 أما ديارهم * في هذا القرن :

 البخراء , حرمة , سبخة الدبيل , الحلوة , الهزيم , البريك , النعام , الخرج , 

وهي مواضع في العارض وجنوبي اليمامة , بعد أن كانوا في الوشم في القرن الماضي . 

ولقد كان النير * يعرف في ذلك العهد بنير ابن مزيد , 

ولذلك ليس من المستبعد أن يكون عرف بذلك نسبةً لهم ,

 ومن شيوخهم في ذلك العهد كليب بن أبي محمد .

2- بنو سعيد :

في سدير حرمة الى جلاجل , التويب (التويم) , وادى القرى * , رماح , والحفر * , 

ومن شيوخهم في ذلك العهد محمد العليمي (108) .

3- آل يزيد :

يبدوا أنهم بدؤوا في الاستقرار 

بعد أن كانوا في القرن السادس لا يزالون بادية يغيرون على الأحساء (109) , 

فمن مساكنهم : ملهم , بنبان , حجر , منفوحة , صباح , البرة , العويند , وجو ,

 أي أن مساكنهم في قلب اليمامة .

4- الدواسر :

ومن شيوخهم في ذلك العهد رواء بن بدران , 

ولم يحدد العمري مسكنهم 

الا أنها على الارجح نفس مواطنهم في وقتنا الحاضر 

في واديهم جنوبي اليمامة 

حيث يشير القلقشندي الا أنهم من عرب اليمن وهي أقرب الى اليمن .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(97) السلوك لمعرفة دول الملوك , ج2 , ص 451 .

(98) الشعر النبطي , مصدر سابق , ص 265 .

(99) تحفة الأزهار , مصدر سابق , ج2 , ص 407 .

* تحدث عنها في تعليق على وقعة حدثت بين آل مهنا الطائيين والعقيليين

 وعلى الأرجح أنها وقعت في الأجزاء الشمالية من نجد حيث هي حدود نفوذ القبيلتين , والله أعلم .

(100) المختصر في أخبار البشر , ج2 , ص 430.

(101) امارة آل عصفور , مصدر سابق , ص 63.

(102) مقال الصراع على السلطة في دولة الجبور , مصدر سابق , ص 48 .

(103) جمهرة الأسر المتحضرة في نجد , تأليف الشيخ حمد الجاسر , ج2 , ص 487.

(104) التاريخ السياسي لبلاد اليمامة , مصدر سابق , ص 33 .

    * ان مانقله العمري عن أحمد الواصلي عن نية المظفر بيبرس الارتحال الى سدير قبل أن يثني رأية 

توضح أن علاقته معهم مميزة , 

أيضاً ذكر العمري أنهم أحلاف آل فضل أمراء عرب الطاعة أي انهم خاضعين لدولة المماليك .

(105) للمزيد من التفاصيل راجع الامارة الطائية , مصدر سابق , ص 82 .

 (106) لقد كانت عايذ ربيعة من عرب الطاعه ومن أبرز قبائل الحجاز التي تتبع امير المدينة ,

 اما عائذ بنو سعيد فكانوا حاضرة وبادية في اليمامة , اذاً هناك بعد جغرافي بالاضافة الى الاختلاف في الاسم .

(107) مقال التاريخي السياسي لليمامة , مصدر السابق , ص 35 .

   * نقلت المساكن كما وردت في الأصل " مسالك الابصار" , 

والبعض منها غير معروف أما أنه تصحيف أو أن المسميات اختلفت .

* جبل أسود كبير في عالية نجد , فية أودية وشعاب , (( عالية نجد , ج 3 , ص 1279 )) .

* كان وادي سدير يعرف قديماً بوادي القرى .

* يبدوا أن المقصود هنا هو حفر العتش فهو أقرب الى منطقة سدير .

(108) المسالك والابصار , ص 150 .

(109) ابن المقرب , طبعة الكويت , ج2 , 1139 .


* بنو خالد:

من قبائل القصيم وأطراف اليمامة 

بنو خالد التي تنتشر في مساحة كبيرة تدل على مكان لها من قوة ومكانة 

 فمن ديارهم :

 التنومة , وضئيدة , وأبوالدود في الأسياح , القويع ( القرعا ) , ضارج (ضاري حالياً ) , الكوارة (القوارة ) , النبوان ( الصوال حالياً ) ,

 الى ساقة العرفة ( ساق الجوا ) , الرسوس ( الرس ) , عنيزة , وضاخ , جبلة في القصيم (110) ,

 السر , الأنجل* .. العردة ( العودة ) , العشرية ( عشيرة ) في سدير . 

ويواجه الباحث في تاريخ بني خالد في تلك الحقبة وجود أكثر من قبيلة خالدية (111) . 

ومن المرجح 

أن لقبيلة بني خالد التي كانت تسكن نجد علاقة مميزة مع سلاطين الشام ومصر ,

 فهم ممن تصدر لهم المكاتبات (112) , ويستعين بهم السلاطين في غزواتهم (113) .

* ومن قبائل العارض :

في الخرج العقفان , البرحان ,,, بنو زياد (114) , الجميلة(115) .

* ومن قبائل شمالي نجد :

لايبدو أن هناك تغيراً في مساكن القبائل في شمالي نجد

 فبقي بنو لام في مساكنهم , وكذلك شمر , والأمر ينطبق على غزية (116) . 

وبنو عقيل الذين تولى منهم آل عصفور الحكم في شرق الجزيرة العربية

 لم تنقطع صلتهم بشمالي نجد ,

 فمنهم من بدأ في ممارسة التجارة يجلبون الخيل واللؤلؤ وبضائع العراق والهند الى مصر , 

ويشترون من مصر القماش والسكر , 

ويبدو أن بعضهم قد تحضر , وكانت تصدر لهم المكاتبات على ثلاث درجات (117) .

* نزول آل زيان في حرة كشب :

نزل من آل مهنا زيان بن منصور مع قبيلة زعب تاركاً المدينة المنورة حيث كان أبوه أميراً لها , 

ويبدو أنه اختار السكن مع البادية لأن أمه من بادية نجد من آل كثير من بني لام . 

وبعد فترة اشترى من زعب حرة كشب ومناطق محيطة بها كمران * , 

فرحوا عنها وبقي منهم المتاريك (118) ,

 ولذريته من بعده دور هام في تاريخ نجد .


* وقعات مابين العقليين وآل ربيعة :

استمر في هذا القرن الصراع مابين العقيليين والطائيين , 

كل حسب ولائه تارة مع المغول وتارة أخرى مع المماليك , 

ففي عام 718هـ , 

قام بنو عصفور بمهاجمة فضل بن عيسى الطائي في البصرة 

حيث كان يقيم وطردوه عنها , 

وفي العام 755هـ 

أوقع فواز بن مهنا الطائي حليف الجلايري المغولي حاكم العراق

 بعرب االبحرين أثناء محاولتهم الاستيلاء على البصرة (119) .

* القبائل التي كان يصدر لها مكاتبات :

يشير القلقشندي وهو ينقل عن العمري الى

 أن قبائل بني لام , وبني خالد , والمنتفق 

هم ممن كانت تصدر لهم المكاتبات من الدرجة السادسة المجلس السامي الأميري ,

 وهم بذلك مقدمين على نائب ينبع ,

 ويأتون في الدرجة التالية لأمراء المدينة المنورة ومكة المكرمة (120).

( العوالي والسروات بلاد تفصل بين تهامة ونجد 

متصلة من اليمن الى الشام كسروات الخيل 

تخرج من نجد منفصلة عن تهامة

 داخلة في بلاد أهل الوبر .

 وفي شرقي هذا الجبل برية نجد مابينه وبين العراق 

متصلة باليمامة وعمان والبحرين الى البصرة ,

 وفي هذه البرية مشاتي للعرب تشتو بها 

منهم خلق أحياء لايحصيهم الا خالقهم )) …

 ابن خلدون

القرن التاسع :

شهد القرن التاسع تغيرات هامة , 

فارتحلت قبائل وضعف بعضها , وتوسعت مساكن بعض القبائل .

* سنة 809هـ ضعف آل فضل :

في السنة التاسعة من هذا القرن 

أفل نجم آل فضل أمراء طيء وأصحاب الامرة على العرب ,

 فلقد كسرت شوكتهم 

بحسب ماذكرة ابن حجر المؤرخ المعاصر 

مع وفاة محمد بن حيار آل مهنا (( الملقب بنعير )) (121). 

ويذكر المؤرخون أمراء للعرب من آل فضل مكلفين من قبل السلاطين بعد نعير 

الا أنهم على مايبدو ليس لهم نفوذ كما كان لنعير ومن سبقة من أمراء آل فضل .

* عودة المنتفق الى البصرة :

شهدت بداية هذا القرن استيلاء المنتفق على البصرة بقيادة مانع بن فضل شيخ المنتفق (122) , 

وهذا يدل على عودتهم الى مساكنهم القديمة 

بعد أن كانوا في القرن الماضي في شمالي نجد

ولم تنقطع صلتهم بالجزيرة العربية 

بل كان لهم وقعات وأخبار وخاصة في شرقيها (123) .

* انتشار بني لام :

توسعت أماكن تجول بني لام في نجد 

فنجد أخباراً لهم في منطقة القصيم (124) , 

ويبدو أنهم استغلوا ارتحال قبائل كبيرة كالمنتفق , 

وضعف أخرى كعائذ بني سعيد لتتسع مناطق تجولهم , 

وقد يكون من أسباب اتجاهم جنوباً مضايقة جيرانهم العقيليين لهم ,

 ويبرز منهم في نجد آل كثير , آل مغيرة , الفضول , الظفير (125) .

* سنة 838هـ وفاة سليمان آل زيان :

قتل الشريف زهير بن سليمان آل زيان الحسيني في معركة له 

مع أمير المدينة الشريف مانع بن علي الحسيني , 

قال عنه المقريزي : 

(( وكان زهير هذا فاتكاً , يسير في بلاد نجد وبلاد العراق , وأرض الحجاز 

في جمع كبير فية نحو ثلاثمائة فرس , وعدة رماة بالسهام , فيأخذ القفول .. )) (126) .

* سنة 864 هـ وصول وفد من بادية نجد الى مصر :

ذكر ابن تغري بردي أن وفداً من بادية نجد حضر للقاهرة , 

بعد أن أرسل السلطان في طلبهم , 

حتى يعين كبيرهم أميراً على المدينة المنورة ,

 وهو مالم يتم بسبب معارضة بعض مستشارية (127) .

 ومع الأسف الشديد لم يشر المؤرخ الى أسماء من حضر وقبائلهم , 

الا أن الخبر يثبت بأن للقبائل النجدية علاقة مميزة مع السلطان في ذلك العهد .

* بنو جبر :

يبدو أن التاريخ يعيد نفسه ففي منتصف هذا القرن

 استولى على الحكم في الأحساء بنو جبر العامريون القادمون من نجد , 

ومما يجدر التنبيه له 

أن البعض قد خلط مابين آل جبر القيسيين , والجبور الذين ورد ذكرهم في برية الحجاز

فابن جبر لقب متأخر كان يطلق بشكل خاص على من يتولى السلطة منهم نسبة الى جد قريب , 

وأصبح فيما بعد يطلق على عموم آل جبر وأحلافهم (128) , 

وقد نبه الى الاختلاف من الناحية اللغوية الشيخ أبي عبدالرحمن بن عقيل 

حيث قال : ((واحد الجبور جبوري لا جبري )) , (129) 

وقد امتد نفوذهم ليشمل الجزء الشمالي من الجزيرة العربية , 

هذا ما أشارت له وثيقة برتغالية :

(( وبلاد هؤلاء الأخوة الثلاثة ( أبناء أجود ابن زامل ) تمتد من هنا حتى عدن . 

أما بأتجاه الشمال فانها تمتد محاذاة سواحل بحر فارس ثم تنعطف لتصل الى جوار مكة )) (130) , 

وقد فسر بعض الباحثين المعاصرين وصف المؤرخين لأمير آل جبر (( سلطان نجد )) (131) 

بأن ذلك يعني امتداد نفوذهم الى نجد كما نعرفها في وقتنا الحاضر , 

مشتمله على ماكان يعرف باليمامة والتي تشمل العارض وسدير والوشم ..... (132) , 

ولايبدو هذا الاستنتاج صحيحاً , 

فالمصادر التاريخية تشير الى أن آل جبر كانوا يغزون قبائل منطقة اليمامة 

ومن ثم يعودون الى موطنهم 

ممايدل على أنها لم تكن ضمن مناطق نفوذهم (133) .

* ضعف آل عائذ :

لانعرف الكثير عن الظروف التي أدت الى نهاية امارة آل عائذ ,

 فآل سعيد ارتحلوا عن سدير قبل نهاية القرن الثامن

 حيث يشير ابن لعبون الى نزول آل مدلج الوائليين في حرمة ,

 وقد اندرست مساكن آل عائذ ,

 ويبدو أن البعض منهم بقي في الحفر(134) .

 أما آل يزيد فلقد قضى عليهم آل درع والموالفة الحنفيون

 الذين من ذريتهم الأسرة السعودية الحاكمة في منتصف هذا القرن (135) . 

أما الدواسر فيبدو أنهم قد انفصلوا عن الحلف وظلوا في مساكنهم بادية وحاضرة 

كأحد ابرز القبائل النجدية حتى وقتنا الحاضر . 

وأما آل مزيد فباديتهم المعاليم التحقت بالحلف مع قبيلة الظفير ,

 وحاضرتهم متفرقة في الحواضر النجدية خاصة الخرج 

ولهم تاريخ حافل لايتسع المجال لذكرة . 

وليس من المستبعد أن تكون لغزوات الجبريين دوراً في اضعاف آل عائذ بني سعيد (136) .

* قصيدة جعيثين اليزيدي :

تعد قصيدة جعيثين اليزيدي أمير الجزعة التي مدح فيها مقرن بن زامل

 من أهم المصادر التي أعتمد عليها الباحثين المعاصرين في تلك الحقبة

 وخاصة الأبيات التي أشار فيها الى نجد وقبائلها

حمى بالقنا هجرا الى ضاحي اللوى = الى العارض المنقاد نابي الفرايد

وقوله :

وسادات حجر من يزيد ومزيد = قد اقتادهم قود الفلا بالقلايد

وقوله :

ونجد رعى ربعي زاهي فلاتها =على الرغم من سادات لام وخالد

لعل من الملفت هنا الاشارة الى مايرد عن

 أن تلك القصيدة قد قيلت في مدح مقرن بن زامل الذي تولى السلطة في القرن العاشر (137) ,

 واذا كان آل يزيد قد ضعفوا في منتصف القرن التاسع 

فيطرح السؤال عن تاريخ القصيدة ؟؟ 

والذي أرجحه أن تاريخ القصيد 

لايمكن بأي حال من الأحوال أن يكون قد جاوز منتصف القرن التاسع 

ويبدو أنها قيلت في غير مقرن بن زامل ,

 وحدث الخلط , 

ويحتمل أنها قيلت في أحد بني جبر قبل توليهم السلطة , 

أو اختلطت الأسماء وهي من الأمور التي تحدث كثيراً في الشعر النبطي 

لأنه ينقل عن الرواة . 

على أي حال القصيدة تفيد بأن ابرز قبائل نجد في بدايات هذا القرن : -

آل يزيد , ومزيد في منطقة اليمامة ,, بني خالد , بني لام في نجد بشكل عام . 

وهذا يدل على أن الحالة العامة في نجد في بدايات هذا القرن لم تتغير كثيراً عن القرن الماضي .

* بداية التدوين التاريخي في نجد :

شهدت الجزيرة العربية بشكل عام نهضة في التدوين التاريخي 

فنرى الكثير من المدونات التاريخية بأسلوب الحوليات . 

وفي نجد تبرز بعض المدونات المتأخرة التي تنقل بعض أخبار هذا القرن 

من أبرزها تحفة المشتاق للبسام الذي تتبع أخبارالبادية ,

 فبدأ تاريخ نجد أقل غموضاً , 

 حيث نرى اخباراً لقبائل : 

عنزة , والدواسر , وبني حسين , وسبيع , والسهول , وعائذ , والعوازم . 

ويبدو أن وجودهم في نجد منذ بدايات هذا القرن ان لم يكن قبل ذلك (138) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(110) معجم بلاد القصيم , لمحمد العبودي , ج1 , ص 127 .

   * السر وادي في الجزء الشرقي من عالية نجد , 

 والأنجل مورد ماء بالقرب من السر . (( عالية نجد , ج2 , ص 681 – ج1 , ص 174)) .

(111) للمزيد من التفاصيل راجع بنو خالد وعلاقتهم بنجد , للدكتور عبدالكريم الوهبي , الفصل الأول .

(112) صبح الأعشى , مصدر سابق , ج7 , ص 194 .

 (113) في سنة 664 هـ استعان بهم الأمير شكال على أمير المدينة , للمزيد من التفاصيل 

راجع عقد الجمان في تاريخ اهل الزمان , لمحمود العيني , ج1 , ص 428 .

   (114) قبائل آل زياد المشهورة في ذلك العهد هم آل زياد الأزدية التي حكمت اليمن ومن المستبعد 

أن يكونوا قد انتقلوا الى اليمامة , و آل زياد القشيريين الذين كانوا في قلعة الدوسرية ( جعبر )

  أخذها منهم سالم بن بدران العقيلي سنة 478 هـ ( بغية الطلب لابن العديم , ج9 , ص 4157 ) 

, والذي أرجحه أنهم عادوا مع من عاد من بادية قيس بن عيلان الى نجد 

, خاصة وأنهم بادية مرتحلين , ذكرهم الحمداني في القرن السابع انهم ينتقلون في برية الحجاز .

(115) مسالك الأبصار في ممالك الأمصار , لابن فضل الله العمري , ص 151 .

(116) المصدر السابق , ص 146 .

(117) صبح الأعشى , ج7 , ص 370 .

* حرة عظيمة من حرار الحجاز الشرقية , يحدها من الشرق عالية نجد 

.( معجم معالم الحجاز , للمقدم عاتق البلادي , ج 7 , ص 218 ).

     أما مران ماء قديم , وفير الماء في عالية نجد , يقع في الناحية الجنوبية لحرة كشب على طريق الحاج البصري , كانت به قرية كبيرة , ( عالية نجد , ج3 , ص 1169) .

(118) تحفة الأزهار , لابن شدقم , ج2 , ص 383 .

(119) للمزيد من التفاصيل راجع امارة آل عصفور , للدكتور عبداللطيف الحميدان , مجلة الوثيقة , ص 50 .

  (120) صبح الأعشى , مصدر سابق , ج7 , ص194 ذكر أيضاً عايذ ربيعة الا أنه ميزهم بقولة عايذ الحجاز ممايرجح أنهم

لم يكونوا في نجد والله أعلم .

(121) أنباء الغمر بأنباء العمر , لابن حجر العسقلاني , ص326 .

(122) المصدر السابق , ج7 , ص 284 .

(123) للمزيد من التفاصيل راجع مقالنا في صحيفة الجزيرة , (( تحقيق قصيدتي ابن زيد وابن كليب )) .

(124) غاية المرام , لعبدالعزيز بن فهد , ج2 , ص 330 .

(125) للمزيد من التفاصيل راجع كتابنا (( الفضول القبيلة اللامية الطئية في نجد )) .

(126) السلوك لمعرفة دول الملوك , مصدر سابق , ج7 , ص 294 .

(127) حوادث الدهور في مدى الأيام والشهور , لآبن تغرد بردي , ج1 , ص 3 .

  (128) نقل الدكتور عبداللطيف الحميدان عن وثيقة برتغالية تعود الى القرن التاسع الكثير من المعلومات الهامة عن آل جبر , 

ومنها أن لقب ابن جبر يختص به من يرث الملك , 

( الصراع على السلطة في دولة الجبور بين مفاهيم القبلية والملك , بحث الدكتور عبداللطيف بن ناصر الحميدان , ص 35 ) .

(129) أنساب الأسر الحاكمة في الاحساء , تأليف أبوعبدالرحن بن عقيل , ج1 , ص 308 الحاشية (2) .

(130) الصراع على السلطة في دولة الجبور , مصدر سابق , ص 56.

(131) نقل هذا النص عن السمهودي المؤرخ المدني الذي كانت تربطة باجود علاقة مميزة ,

 والسمهودي له أطلاع واسع بالجغرافيا حيث خصص لها جزءاً كبيراً من كتابه 

وهو يفصل مابين اليمامة ونجد كما كان مشتهراً في تلك الحقبة .

(132) السخاوي في كتابة التحفة اللطيفة في ترجمته لابن زين الدين ذكر رحلته وعدد بلاد ابن جبر وفصل بينها وبين اليمامة 

حيث قال : (( ودخل هجر والبحرين – بلاد ابن جبر – لصحبة بينهما , وزار من اليمامة وكذا دخل القاهرة ... )) , ج1 , ص 284 .

(133) راجع تحفة المشتاق من تاريخ نجد والحجاز والعراق , تأليف عبدالله آل بسام ,

 حوادث القرن التاسع والعاشر ومنها سنة 851-852-853 هـ .

(134) تحفة الأزهار , مصدر سابق , ق1 , ج2 , ص 383 .

(135) تاريخ ابن لعبون , لحمد بن محمد بن لعبون , ص38 , 99 .

(136) الصراع على السلطة في دولة الجبور , مصدر سابق , ص 68 .

(137) المصدر السابق , ص 64 .

(137) للمزيد من التفاصيل راجع تحفة المشتاق حوادث القرن التاسع .

الخاتمة :

وفي الختام 

أتمنى أن يكون هذا الكتاب قد سلط الضوء على حقبة مهمة من تاريخ نجد

 لم تأخذ حقها من البحث , 

والكتاب بلاشك لايغطي الا جزءاً يسيراً من اخبار البادية النجدية في تلك الفترة 

بحسب ماتوفر لي مصادر . 

وأشكر كل من شجعني على البحث في هذه الفترة المظلمة والصعبة ,

 وأتمنى أن يثري هذا الكتاب البحث في تلك الحقبة , 

املاً أن لايبخل علي أساتذتنا الفضلاء من باحثين ومؤرخين بما لديهم من نقد وتصحيح . 

وأشكر كل من ساهم في اخراج هذا الكتاب , 

وأخص بذكر الأستاذ براهيم بن سعد الحقيل

 الذي قام مشكوراً بمراجعة الكتاب قبل صدورة .

 والله أعلم

بقلم الباحث : أيمن بن سعد آل نفجان القويماني الفضلي



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق