الجمعة، 2 نوفمبر 2018

فوائد المشجرات وخصائصها في الانساب


للمشجرات فوائد تتبين لكل مُبتدئ مستفيد، ولها خصائص
يدركها المختصون بِعلمِ الأنساب ،
والمعتنون بِحفظها ، درايةً وروايةً ، الذين لهم النهاية في هذا الفن ،
وهي ليست وسيلة للتباهي والفخر في حقيقة الأمر لدى المؤرخ ،
ولكن لها وظيفة علمية ؛ وفنية ؛ وتربوية ؛ يدركها أهل هذا العلم ،
كما أنها وسيلة جادة ومهمة في الدراية بالأنساب وروايتها ،
وقد لا تتبين هذه الخصائص لمن تعلم الأنساب
لأجل خُلُقٍ خسيسٍ كالطعن ، ورواية المعايب والمثالب ،
ولأجل إتقان الوضع والكذب .

وهذه الفوائد والخصائص التي نُجْمِلها هنا:

1) معرفة طبقات النسب ، وتحديد مفاصله ،
فبالمشجر تتبين بوضوح القبائل عن البطون ، والبطون عن الأفخاذ ..

2) في المبسوط يُخشى من أن يسهو النسابة أو الناسخ عن طبقة/فرد في السلسة ،
في حين أن السهو في المشجر يكون أبين وأظهر ، وحال الزيادة فيه كحال النقصان ،
وذلك بخلاف المبسوط ، فالمشجر يتيح للنسابة تقييم عمله في المبسوط .

3) في المشجر يُؤْمَن اللبس متى وافق اسم الابن اسم أبيه أكثر من المبسوط ،
مع أنهم يشيرون إلى هذه الموافقة في كلا الحالتين لئلا يحصل اللبس .

4) بالمشجر يتبين لنا المُكثر مِن المُقل من أهل الشجرة الواحدة .

5) بالمشجر تتبين لنا السلسلةُ الظاعنةُ لغير محلها ، المتنقلة عن غير موطنها ،
فتُرَدُّ بِخبرةِ خبيرٍ وعَلمِ عالمٍ إلى مكانها .

6) القراءة السريعة للأنساب ،
مع الإحاطة بدلالات الرموز على مقتضيات المشجر وقضاياه ، واستخلاص المعاني منها ،
فجميع حقائق أنساب الأسرة أو القبيلة ومظاهرها
كلها تكون مُسْقَطةً في المشجر برموز تشير إلى تلك الحقائق ،
وهذه الرموز بمثابة الملح في الطعام ،
وهي التي تجعل من المشجر وسيلةً تعليميةً ، ووثيقةً تأريخيةً ؛
تؤديان وظيفتيهما على الوجه الذي أريد منه ،
فالمشجرات نوع من الخرائط الطبوغرافية ،
وهي هنا بمثابة طبغرافيا لمبسوطات الأنساب ،
مثلما أن الأنثروبولوجيا طبوغرافيا الإنسان ،
فالمشجر يعني للنسابة الكثير من الإجابات ،
وعليه يجد الكثير من التفاصيل ،
ومنها يجني الكثير من الفوائد والأحكام كماً وكيفاً ،
شأن الخريطة التي ترسم عليها جميع المظاهر الطبيعية والبشرية ،
فالمشجر وفي كلمة أخيرة
يعطي انطباعاً عاماً على نسب القبيلة ، واستقراءاً للنسب ،
لا نملك أن نقول ، إلا أنه مكملٌ للمبسوط ،
فالمشجر إنما هو مساعد للطالب المبتديء على الدراسة التفصيلية للأنساب.

7) مع وجود أكثر من أخ له نفس الاسم يحصل اللبس وربما الوهم ،
بينما المشجر يحجز هذا عن هذا ، ويبين ما لهذا وما لأخيه من الولد والأمهات والأزواج.

8) النسابة صاحب التحرير
يلجأ إلى المشجر ليتحقق من عمله في المبسوط ، ويكون المشجر متابع له ،
فبعض العلماء يُشجِّر أولاً ثم يبسط ، وبعضهم يبسط أولاً ثم يشجِّر ،
وفي كلتا الحالتين يكون عمله هذا للتحرير والتحقيق والتدقيق والمتابعة ،
فقد تقررت في علم المنطق طريقتان للاختبار
تطبقان في جميع النواحي الفنية والعلمية والفكرية .

الطريقة الأولى : الاستقراء .
فأنت تستقريء مشجراً أمامك وتدرسه دراسة كاملة متكاملة ؛
ثم تقوم بتحليله وفَكِّه إلى أجزاء في المبسوط ،
بمعنى أنك تبسطه من بعد أن شجَّرته.

والطريقة الثانية : الاستنتاج والتركيب .
وهي على عكس السابقة ،
حيث أنك تقوم بتشجير المبسوط ، وتركيب المفرَّق ، لتحصل على نتيجة صحيحة .

9) يستعين النسابة
بالمشجر في حفظ الأنساب ، وفي استحضارها ، وفي مراجعتها ، كل ذلك في وقت موجز ،
أما المبسوط فيحتاج فيه إلى وقت أطول بالنسبة إلى المشجر .

10) بالمشجر يتمكن النسابةُ من أن يُثبت بشكلٍ أفضل للنسابة الآخر
ما كان منه من نحو سهو ، أو وهم ، أو خطأ ،
فيُلزمه به ، ويأخذ بيده إلى المهيعة الصحيحة.

11) بالمشجر يتمكن النسابة مِن تبيين عَوَرِ السلاسل
التي أوردها الأدعياء لأنفسهم ،
أو الوُضَّاع والقصاص لغيرهم (تُجَّار الأنساب في سوقهم السوداء) ،
فبالمشجر يعمل النسابة أو النقيب على إلزام الدَّعي بِكذبه وزُورِه ،
فالغصن اللصيق بالشجرة الثابتة ، يتبين عَوَرُهُ بالرَّسم المشجر ،
فيظهر حينئذ إما انقطاعُ السلسلةِ ، أو شذوذها ، أو انفرادها ،
فالسلسلة المستطيلة المجردة من حواشي النسب على طولها عبر العصور التاريخية
ـ أي التي لا متابعة لها ولا شواهد ـ
تبدو بِرسم المشجر وكأنها أفعى ملْساء رقْطاء في طرفها رأسها ،
وكطريق السوء في صحراء بلقع لا أنيس بها ،
تسكنها الشياطين على طولها ، ويرتادها القطاعُ واللصوصُ على شَرِّهَا ،
بِخلاف القرية العامرة ، والطريق المستقيمة الصحيحة ، التي لا سُوء فيها ولا أذى ،
والشأن في ذلك شأن الخبر المكذوب
الذي يدليه واضعه بِسلسلةٍ مفردةٍ
لا شاهد لها ولا متابع
كما هو مقرر في علوم الحديث والأثر ،
والمحَدِّثون يلجأون إلى التشجير كَفَنٍ مُتممٍ لأجل فهم الحديثِ والدراية به ؛
وكعلمٍ لا بد منه لأجل الوقوف على مكامِن العِلَل والنَّكارةِ التي تكون في السند ..

12) بالمشجر يتمكن طالب علم النسب من عقد المقارنة بين السلاسل ،
وإبراز المغايرة فيها ما لو فُرض وجود مغايرة .

13) كل طبقة في السلسلة تكون ثمرة عن التي قبلها ، فما كان قبلاً كان أصلاً لما هو بعدُ ،
فعند استقراء التمرة يحاط علماً بالنخلة ، وعند استقراء النخلة يحاط علماً بالتمرة .

14) بالمشجر يتضح الطَّرِيف من القَعْدُدِ ، والعالي من النازل .

15) المشجر يكون معونة للفقيه عند قسمة المواريث .

16) بالمشجر تختصر السجلات والأسفار على صحيفة واحدة ، فيسهل تناقلها وتنقُّلها .

17) بالمشجر يتضح المعقبين من الذين لم يعقبوا .

18) المشجر أبهةٌ للملوك ، ووسيلةٌ يتخذونها لترسيخ الملك .

19) المشجر تسلية للنسابة لئلا يَمل أو يَكل .

20) المشجر يكون بمثابة الفهرست للمبسوط ،
وكالدليل السهل المنال على القبائل والبطون بل وعلى الأفراد أيضاً .

21) المشجر بداية للمبتديء ، وغاية للمنتهي ،
فكما أن المشجر يكون حافزاً للمبتديء وتنشيطاً له في مدارسة هذا الفن ،
فإنه يكون كذلك تذكرة للمنتهي المجتهد .

22) المشجرات
تعين على دراسة القبيلة أو الأسرة دراسة سسيولوجية ،
وتعين في عمل الإحصاءات المختلفة ،
كإحصاءات النفوس ، وإحصاءات الذكور والإناث ،
وإحصاءات للأسماء الأكثر وروداً من التي يقل ورودها أو التي قد لا ترد .

23) المشجر تصوير للآية الكريمة
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾
فيبين تشعب الأنساب ، وانبثاث الأعقاب ،
وهو تحقيق للآية ذاتها في التعارف والصلة ،
فهي تنمي عاطفة الرحم ، وتشجع الذوق السليم .

24) المشجر يثير فضول الطالب في التعلم ، وهذه الإثارة مهمة لدى التعلم ،
كما أنه يثير التفكير التأملي لديه ، وينمي قدراته ومهاراته التفكيرية والعملية
من نحو المناقشة العلمية ، والنقد العلمي ، وحل المشكلات والمعضلات .

25) يعد المشجر توثيقاً للدراسات والبحوث التاريخية والإنسانية لدى الباحثين ،
كما أنه يمنحها صفة الحيوية .

26) طبقات النسب ظاهرة اجتماعية ،
وهذه الظاهرة تمليها عوامل اجتماعية كثيرة ؛ طبيعية وإنسانية ،
وهي ـ أي الطبقة ـ تحصل تلقائياً
وكأن الإنسان لا يتدخل في حصولها ،
مع أن الإنسان عنصر مهم في حصولها ، وعامل من أهم العوامل ،
إلا أن الإنسان يجد نفسه وهو مكلل بعصبية ما ؛ هو محاط بها من كل جانب ،
هذه العصبية هي عصبية واحدة من عدة عصبيات ،
بمعنى أنها طبقة من عدة طبقات من طبقات النسب ،
بعضها تعارف الناس على أن تكون لها قاعدة مضطردة ،
كالعصبية التي تحصل لأبناء الجد الخامس ،
وبعضها إنما تحددها عوامل سسيولوجية وأنثوبولوجية ،
وحاصل الأمر أن المشجر يساهم كثيراً في التعرف على طبقات النسب ،
ولا سيما لدى دراسة الشعوب البائدة .
فالمشجر يُشَخِّصُ طبقات النسب ، ويحدد على السلسلة معالم سيرها .

27) المشجر يفضله غيرُ النسابين ، وهم المثقفون المهتمون بأنساب أسرهم ،
وبجمع أفراد قرابتهم لأجل الزيادات التي تطرأ في كل وقت والتي سببها التوالد ،
ولكن هذا يجب الحذر من الاكتفاء به ،
لأن الولادات لا بد من أن توثق مبسوطة ويفصل فيها القول .

http://www.al-amir.info/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق