الأربعاء، 6 يونيو 2018

مدخل للفرق بين العلم والفلسفة


سرمد السرمدي
الحوار المتمدن-العدد: 2957 - 2010 / 3 / 27 - 00:29
المحور: الادب والفن
   
بين العلم والفلسفة

وأول العلم الوعي بالجهل،
وأول التغيير الوعي بأن هناك مشكلة(1),
نعلم َ ظاهِرَ العلم
بأ ّن أرسطو كان يأبى َأيَّمَا إِبَاءٍ
أن يسّلم بوجود الكّلي في الأعيان(2),
سنبحث في تحول علم الفلسفة بالمفهوم القديم
إلى فلسفة العلم بالمصطلح الحديث.
ويكتسب مفهوم العلم المقترن بالجمال
طرفا من مشروعيته المعرفية.

ومن الوجهة التاريخية يلاحظ
أن علم الجمال قد نشأ في نفس الفترة التي انتهت فيها البلاغة الكلاسيكية;
وإن كان مجال أحدهما ليس بالضبط هو مجال الآخر.
ومع ذلك فكلاهما-فيما بلاغة الخطاب وعلم النص يبدو-له من الروابط الوثيقة بالآخر
ما يجعل وجودهما المتزامن-بنفس ا لمنهج التأملي-مدعاة للتداخل والاختلاط.
ومن هنا فإن حقيقة التتابع بينهما ليست مجرد ظاهرة تاريخية ولكنها أيضا فكرية.(3),

وعلينا المرورعلى مفهوم العلم والفلسفة .

يقول هيدجر إن العلم لا يفكر في ذاته.
ولكن أن نضيف إلى هذا أنه لا يعنى كثيرا بذاكرته ولا يلتفت إلى ماضيه.
فديدن العلم هو أن يصحح ذاته ويجدد نفسه ويتجاوز الوضع القائم ناهيك عن الماضي.
إنه يشحذ فعالياته المنطلقة بصميم الخصائص المنطقية
صوب الاختبارية والتكذيب والتصويب صوب مزيد من التقدم والكشف 2
أي صوب ا لمستقبل دوما.
لذلك لم تكن علاقة العلم بتاريخه .
اثلة (اصل) لعلاقة الكيانات الحضارية الأخرى بتاريخها 2
فقد تعتبره ^نزلة سجلها المدون الذي يحمل معالم تشكل هويتها
فلا تنفصل عن تاريخها إلا إذا كان للشخص أن ينفصل عن بطاقة هويته.

ولعل لمنطلق الفلسفي يطرح علاقة الفلسفة قبل أي شيء آخر بتاريخها
لما كان تاريخ الفلسفة هو ذاته الفلسفة

فإن هذا يبرز كيف تنفرج الهوة بين العلم وتاريخه.
(4), العلم هو ما تعرف
والفلسفة هي ما لا تعرف (5).

لا شك أن من أهم خصائص الأسلوب العلمي بل وحتى الفلسفي, في البحث
التي ينبغي على الباحث التقيد بها،
هي ضرورة التأني وعدم إصدار الأحكام النهائية.
إذ يجب أن تصدر الأحكام استنادا إلى البراهين والحجج والحقائق
التي تثبت صحة النظريات والاقتراحات الأولية,
أي بمعنى أدق،ضرورة اعتماد الباحث على أدلة كافية
قبل إصدار أي حكم أو التحدث عن نتائج تم التوصل إليها,
ومع كل هذه المراعاة والدقة,
تبقى الحقيقة هي التي لم نعرفها بعد
على رأي اسبينوزا.

العِلْـمُ،....

و للعلم ثلاثة تعاريف

1. العلم هو المادة المعرفية.
و هو التعريف التقليدي للعلم.
له عدة مساوئ
منها عدم القدرة على توظيف العلم في الحياة اليومية و الجمود،
و يستخدم في طرق تدريسها التلقين.

2. العلم هو الطريقة التي تم التوصل بها للمواد المعرفية.
وهي تناقش طرق العلم
(يتضمن الطرق والأساليب والوسائل التي يتبعها العلماء في التوصل إلى نتائج العلم).

3. العلم هو عبارة عن المادة و الطريقة.

بالمفهوم الشامل للكلمة (للعلم)،
هو كل نوع من المعارف أو التطبيقات.
و هو مجموع مسائل و أصول كليّة
تدور حول موضوع أو ظاهرة محددة
و تعالج بمنهج معين
و ينتهي إلى النظريات و القوانين(6).
و يعرف أيضا
بأنه "الإعتقاد الجازم المطابق للواقع و حصول صورة الشيء في العقل" (7).
و عندما نقول
أن "العلم هو مبدأ المعرفة، وعكسه الجَهـْلُ"
أو "إدراك الشيءِ على ما هو عليه إدراكًا جازمًا" (8)
يشمل هذا المصطلح، في استعماله العام أو التاريخي،
مجالات متنوعة للمعرفة، ذات مناهج مختلفة
مثل
الدين (علوم الدين) و الموسيقى (علم الموسيقى)
و الفلك (علم الفلك) و النحو (علم النحو)...

و بتعريف أكثر تحديدًا، 
العِلْـمُ
هو منظومة من المعارف المتناسقة
التي يعتمد في تحصيلها على منهج علمي دون سواه،
أو مجموعة المفاهيم المترابطة
التي نبحث عنها و نتوصل إليها بواسطة هذه الطريقة(9) .

عبر التاريخ
إنفصل مفهوم العِلم تدريجيا عن مفهوم الفلسفة، 

(الفلسفة)
التي تعتمد أساسا على التفكير و التأمل و التدبر في الكون و الوجود
عن طريق العقل (المنطق)،

ليتميز (العلم) في منهجه 
بإتخاذ الملاحظة و التجربة و القياسات الكمية و البراهين الرياضية
وسيلة لدراسة الطبيعة،
و صياغة فرضيات و تأسيس قوانين و نظريات
(وسيلة) لوصفها.(10)

* (البحث العلمي)

1- يسير البحث العلمي وفق طريقة منظمة 

تتلخص فيما يلي :

أ- يبدأ البحث بسؤال في عقل الباحث .
ويظهر السؤال أو الأسئلة لدى أي فرد
لأن الإنسان بطبعه فضولي ،
وهناك الكثير من المظاهر والقضايا الحياتية التي تثير التساؤلات .
ب- يتطلب البحث تحديدا للمشكلة ،
وذلك لصياغتها صياغة محددة ، وبمصطلحات واضحة .
ج- يتطلب البحث وضع خطة توجه الباحث للوصول إلى الحل ،
فالبحث إذاً نشاط موجه .

2- يتعامل البحث مع المشكلة الأساسية من خلال مشكلات فرعية ؛ 
إذ يتوفر أن تكون مشكلة البحث ، والتي تستحق الجهد البحثي ،
نتاج تفاعل لمشكلات فرعية ،
وإن الحلول للمشكلات الفرعية تشكل في مجموعها حلا للمشكلة الأساسية .

3- يحدد اتجاه البحث بفرضيات مبنية على افتراضات أو مسلمات بحثية واضحة ، 
فقد يستطيع الباحث صياغة فرضيات بعدد المشكلات الفرعية ؛
لأن الفرضية تخمين ذكي يوجه تفكير الباحث للوصول إلى الحل .

4- يتعامل البحث مع الحقائق ومعانيها . 
فقد يقوم الباحث بجمع معلومات عن واقع المشكلة بطرق مختلفة ،
ولا نسمي البحث بحثا
بجمع هذه المعلومات التي تعد حقائق واضحة ومعروفة ،
ولكن اشتقاق الباحث معان جديدة وتفسيرات ( قد تختلف باختلاف الباحثين )
هو الذي يجعل من هذا الجهد جهدا بحثياً .

5- للبحث صفة دورية ؛ 
بمعنى أن الوصول إلى حل لمشكلة البحث ،
قد يكون بداية لظهور مشكلات بحثية جديدة .

الفلسفة...

إن الإجابة على السؤال ما هي الفلسفة ؟
ليست إجابة سهلة،
لأن طرح السؤال إشعار بالتفلسف ودخول في حبال الفلسفة,

وكما هو معروف في فلسفة العلم والابستومولوجيا
فإن من أوليات الفكر العلمي
الترتيب وفق مبادئ يحددها الدارس مسبقا وعلى ضوئها يباشر درسه.
وغالبًا ما يكون التصنيف حسب الخصائص المشتركة بين جميع العناصر(11)

من خلال ما تقدم،
يمكن أن نستشف، أن صعوبة تعريف الفلسفة
لا تعني بالضرورة، أن الفلسفة فكر متعال عن الواقع، أو فكر يصعب إدراكه وتمثله.
إنما يعني ذلك فقط
أن للفلسفة
بعض الخصوصيات التي تميزها عن غيرها،
وهذه الخصوصيات يمكن اعتبارها في ذات الوقت آليات مشتركة بين سائر الفلاسفة.

ويمكن تلخيص بعضها إجمالا في ما يلي:

1.النسقية: 
إن مفهوم النسق يفيد النظام والتأليف،
ويشير إلى وجود منظومة من العناصر.
ومن هذا المنطلق، نقول
إن الفلسفة
ليست فكرا مرتجلا،
وليست شطحات فكرية لا يعرف مصدرها،
وليست شذرات من الآراء من هنا وهنالك؛
وإنما هي تفكير منظم، وبنية من الأفكار والنظريات.
فقد يتناول الفيلسوف موضوعات متعددة، كالوجود، والمعرفة، والقيم،
لكن هذا لا يمنع من اتسام فلسفته بالنظام والتدرج، ولاحتكام إلى صرامة منطقية.

2.العقلانية والتأمل: 
إن الفلسفة فكر عقلاني تأملي
باعتبارها فكرا بعيدا عن الارتجال،
وخصوصا لأن العقل وحده يستطيع أن يبحث في القضايا ذات الطبيعة الفلسفية.
كما أن الفلسفة تفكير عميق يبتعد عن العواطف الوجدانية
حيث يقول هيدغر:
"فالعواطف، لا تنتمي إلى الفلسفة، والعواطف،
كما يقال، هي شيء لا عقلي.
والفلسفة، على العكس من ذلك،
ليست شيئا عقليا فحسب، بل المدبر الحقيقي للعقل."

3.الشمولية: 
إن الفلسفة - على خلاف العلم – تترفع عن الجزئيات،
حيث لا تهتم إلا بالقضايا الأكثر عمومية، وتتسم بالتناول الكلي للموضوعات..

4.التجريد: 
قد تكون الفلسفة وليدة واقع معين، لكنها تحتفظ لنفسها بالمقاربة التجريدية،
لأنها ابتعاد عن الارتباط العضوي والمباشر بالمحسوس والجزئي،
خصوصا وأنها تسعى إلى بناء معارف ذات طابع شمولي وعام.

5.النقد: 
إن الفلسفة فكر نقدي
لأنها إعادة نظر متواصلة،
خصوصا وأنها لا تؤمن بوجود معارف ثابتة ومطلقة.
كما أنها تجاوز للاعتقادات الساذجة والبديهية.
لذا تتسم بالشك القبلي في وجود معرفة نهائية.

6.التساؤل: 
إن الفلسفة فكر تساؤلي باعتبارها فكرا إشكاليا نقديا.
فالتفكير الفلسفي يجعل من كل شيء موضوع تساؤل ومناقشة وسجال.
لذا قال كارل ياسبرس:
"الأسئلة في الفلسفة أهم من الإجابات عليها،
وكل جواب يصبح بدوره سؤالا جديدا".

الهوامش 

1- عبد الله عثمان- افهم غضبك-الكويت -دار الناشر-2005-ص 11
2- إشارة لِمَعَانِي الجوهر عند أرسطو- لطفي خيرالّله-2006 – ص 6
3- بلاغة الخطاب وعلم النص – تأليف د. صلاح فضل – الكويت – عالم المعرفة – 1992 – ص 37-38
4- فلسفة العلم في القرن العشرين - د. يُمنى طريف الخولي – الكويت – عالم المعرفة – ص 9
5- حكمة الغرب- ج 1 – برتراند راسل - الكويت – عالم المعرفة – 2009 – ينظر .
6- مجمع اللّغة العربية (1980): المعجم الوجيز، مادة "علم" ص.432.
7- الجرجاني (740-816هـ/1339-1413م): كتاب التعريفات، ص.155.
8-محمد بن صالح العثيمين (1347-1421هـ/1925-2001م): كتاب العلم في الموسوعة 9- الشاملة.ينظر
9- كارل بوبر (1959) : ص.3 (مترجم).
10 - دومينيك لوكورت (2001): فلسفة العلوم)- ينظر
11- الدكتور حسين خمري- الظاهرة الشعرية- دمشق – اتحاد الكتاب العرب- 2001 –ص 205
*ينظر: عودة، أحمد سليمان وملكاوي، فتحي حسن. (1992).
أساسيات البحث العلمي في التربية والعلوم الإنسانية، الطبعة الثانية. الأردن : مكتبة الكتاني.

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=209139

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق