الثلاثاء، 1 يناير 2013

الخلافات الزوجية والعنف الأسري في دول الابتعاث


الخلافات الزوجية والعنف الأسري في دول الابتعاث 1-2

بواسطة د. مرام مكّــاوي × December 4, 2012 في 7:24 am


الخلافات الزوجية والعنف الأسري في دول الابتعاث 1-2

تناولت بعض التقارير الصحفية مؤخراً قضايا الخلافات الأسرية بين المواطنين والمواطنات في دول الإبتعاث والتي انتهى بعضها بلجوء أحد الأطراف المتنازعة إلى السلطات الأجنبية، أو قد تكون هذه الأخيرة قد تدخلت من تلقاء نفسها بعد ملاحظتها لوجود مشكلة كما في قضايا العنف الأسري.

 ومن خلال علاقتي المستمرة مع المبتعثات في بريطانيا وأمريكا، فقد استمعت لقصص من طالبات أو مرافقات عن تعرضهن لمشكلات مع أزواجهن أو ربما إخوانهن.

بعض هذه المشكلات تضمنت إساءة المعاملة والإهانة وسوء الخلق، وأخرى وصلت إلى حد الضرب أو السرقة أو حتى التهديد بالقتل. هناك أيضاً حوادث عن الإساءة للأطفال ، أو في أحسن الأحوال الإهمال، سواء من قبل الأب أو الأم أو زوجة الأب.

وهذه الأمور لا يجب أن تعتبر غريبة بحكم أن الابتعاث قد أتيح لفئات المجتمع المختلفة ولم يعد كما كان في السابق خاصاً بالمعيدين ومنسوبي الجامعات وأوائل الطلبة والمبتعثين من جهات العمل.

 ومع وجود ما يزيد عن المائة ألف مبتعث ومبتعثه حول العالم، فإنه لن نعدم من بين هؤلاء وجود أقلية م لم تثنيهم الغربة عن الإساءة لعائلاتهم وصورة دينهم وسمعة وطنهم.

أسباب هذه الخلافات الأسرية متعددة كأية علاقة زوجية في الوطن الأم، لكن هناك نوع الآخر من الخلافات خاص بالطلبة المبتعثين، وهو ذلك الناتج من تغير ديناميكية العلاقة بين الزوجين في دولة الابتعاث.

 فالزوج مثلاً، لاسيما الذي عاش مع زوجته عدة سنوات في السعودية قبل البعثة، قد تعود على علاقة زوجية- ليست بالضرورة سيئة- لكن له فيها اليد العليا .

 فهو غالباً معيل الأسرة الأول، وكلمته هي الفاصلة، وليس مطلوباً منه المساعدة في أعباء المنزل والأولاد خاصة في ظل وجود الخادمات والسائقين، وبدون إذنه لا يتمكن أفراد أسرته من التنقل من مكان لآخر، فهذا مجتمعنا وتلك عاداته التي نتعايش معها.

فماذا يحصل عندما تنقلب المعادلة فجأة رأساً على عقب ويصبح الزوجان ندين لبعضهما وفق قوانين البلد الجديد وفي ظل غياب النضج والوعي والثقافة؟ بل ماذا يحصل حين تتفوق عليه زوجته؟

 كأن تكون مجيدة للغة البلد الجديد أكثر منه، أو مكنتها درجاتها العالية من الحصول على بعثة وقبول جامعي بعكسه، فهو فقط المرافق لها، وبالتالي فراتبه أقل من راتبها، وحتى وضعه القانوني بحسب تأشيرة الدخول يجعله هو المعتمد عليها.

 هل سيكون ذلك دافعاً له ليجتهد أكثر ويطور نفسه مستغلاً هذه الفرصة الثمينة التي أتاحتها له بعثة زوجته؟ أم سيحاول معالجة عقدة نقصه بممارسة رجولة كاذبة عليها؟

أو كيف تتأثر العلاقة الزوجية حينما تنسى زوجة بأن حقوق زوجها عليها وفق دينها لا ترتبط ببلد معين، فخروجها لغير ضرورة دون إذنه أو تحقيرها له أمور لا تجوز لا شرعاً ولا عرفاً بل وليس تصرفاً لائقاً في حق من قد يكون ترك أهله وتخلى عن وظيفته لتحقق أحلامها.

كذلك فإن بعض الأزواج والذين ترافقهم زوجاتهم ليقمن على شؤون بيوتهم وأطفالهم فيما يتفرغ هو لدراسته يجد نفسه يحتقر زوجته ويقارنها بزميلاته وزوجات معارفه، وقد يسهر مع أصدقائه كل ليلة فيما يحرمها هي حتى من دراسة اللغة أو الاختلاط بالأخريات، بل وقد يتزوج عليها في الغربة، أو يتورط في علاقات غير مشروعة مستغلاً وجوده في بلد لا يعتبر في هذه العلاقات جريمة، دون أدنى مراعاة لمشاعر المرأة التي تغربت لا لشيء إلا لأجل مستقبله.

هذه أمثلة لبعض مشكلات الأسر السعودية في بلدان الإبتعاث المختلفة،
وكأي مشكلة أسرية فإنه غالباً يكون هناك الخطأ مشتركاً، لكن أحياناً تكون مسؤولية أحد الأطراف أكبر لاسيما إذا تطورت المشكلات إلى ضرب أو حبس أو غيرها من التصرفات التي لا يقرها شرع ولا منطق.

 فكيف يمكن لهذه العائلات المغتربة التعامل مع المشكلات الأسرية سواء بغرض حلها بالإصلاح أو بالطلاق؟

بحسب تصريح سابق لوكيل وزارة التعليم العالي الدكتور عبدالله الموسى نشرته جريدة الوطن قبل عامين بعنوان:
 ” لا لتصدير خلافات المبتعثين الزوجية للحكومة الأميركية”

جاء فيه بأن “على الزوجين ترتيب أمورهما قبل الابتعاث والاتفاق على المسؤوليات قبل المغادرة كي لا يحدث ما لا تحمد عقباه” 

مضيفاً أن “الوزارة ترفض أن يمتد الخلاف لتصل الشكوى للسلطات الأميركية في ظل وجود ممثليات سعودية هناك معنية برعاية شؤون السعوديين”.

كما حذر الموسى الأزواج المبتعثين من إلغاء البعثة إذا خالفوا الأوامر أو لجؤوا إلى خارج الإطار الرسمي السعودي، وذلك لمخالفتهم التعهدات الموقعة من قبلهم قبل صدور قرار الابتعاث”.

فمشكلة اللجوء للسلطات الأجنبية عن طريق رفع الدعاوي بين السعوديين على بعضهم سواء كانوا أزواجاً أو أخوة أو زملاء أو معارف،

 تعني بأن على الحكومة السعودية، التي تقتضي أنظمتها أن لا يظل سعودي في السجون الخارجية، أن تتحمل تكلفة الترافع عن المتهم، وغالباً ما سيتم الإفراج عنه بكفالة مالية، ليعود للمملكة ربما دون أن يحصل صاحب الحق على ما يريده.

 وهنا يجدر القول بأنه لابد من وجود تشريعات تقتضي بأن المتهمين في الخارج والذين تتمكن البعثات السعودية من الإفراج عنهم، يجب أن لا يطلق سراحهم بشكل تلقائي في المملكة بل أن يعودوا للسجون السعودية لاستكمال التحقيق معهم ومحاكمتهم،
لاسيما المتورطين بقضايا من العيار الثقيل، فكوننا خلصنا المجتمعات الأجنبية من شرورهم لا يعني أن نتركهم يسيحون بحرية في شوارعنا الآمنة.

فإذا اعترفنا بأن المشكلات الزوجية والأسرية تحصل في الخارج، وتم توجيه المواطنين والمواطنات بعدم اللجوء للسلطات الأجنبية، وبالتالي لا يبقى أمامهم إلا اللجوء إلى الملحقيات والسفارات السعودية،

 فكيف تتعامل هذه الأخيرة معها لاحتوائها ومحاولة حلها قبل تفاقمها؟

 وما هي الحلول التي يمكن بها استباق وقوعها قبل وأثناء فترة الابتعاث؟

 الجزء الثاني من المقال سيتناول الإجابات على هذه الأسئلة.

المقال في جريدة الوطن (تحت عنوان: الخلافات والعنف الأسريفي دول الابتعاث)
الخلافات الزوجية والعنف الأسري في دول الابتعاث


http://meccawy.com/site//




الخلافات الزوجية والعنف الأسري في دول الابتعاث 2-2
بواسطة د. مرام مكّــاوي × December 12, 2012 في 8:40 am

الخلافات الزوجية والعنف الأسري في دول الابتعاث

تناول الجزء الأول من هذا المقال قضايا المشكلات الأسرية في بلدان الابتعاث وأسبابها، كما عرض توجيهات وزارة التعليم العالي للطلبة بعدم اللجوء إلى السلطات الأجنبية، وأن القيام بذلك قد يعرض بعثتهم للإيقاف.

 في هذا المقال نستكمل الحديث عن هذا الموضوع لمعرفة الإجراءات المتبعة حالياً لاحتواء هذه المشكلات، ولاقتراح بعض الحلول التي يمكن بها استباق وقوعها قبل وأثناء فترة الابتعاث.

فالملحقية الثقافية في بلد الابتعاث تحاول ابتداء جمع الأطراف المتنازعة وتقريب وجهات النظر لحل المشكلات ودياً، مع تنبيه الطرف المعتدي على أنه تصرفه هذا إذا استمر يمكن أن يهدد بعثته أو يورطه مع سلطات البلد المضيف، ومعظم المشكلات تتوقف بحمد الله عند هذه النقطة.

 فيما يقرر آخرون تعليق البعثة لفترة مؤقته والعودة للوطن لحل المشكلة بمساعدة الأهل. أما إذا لم يجدي التوجيه والنصح لأحد الطرفين أو كليهما، فإنه لا بد من التفريق هنا بين كون المرأة المعتدى عليها مبتعثة أم مرافقة لمبتعث؟ وكذلك بالنسبة الأمر النسبة للرجل: مبتعث أم مرافق؟

ففي الحالات التي تتعرض المرأة فيها لعنف جسدي لا تمُنع من قبل الممثليات السعودية من الاتصال بالشرطة من أجل إيقاف هذا الاعتداء وتوقيع المعتدي على تعهد بعدم تكراره، أو من استصدار أمر يقتضي بأن لا يُسمح له بالعودة لمنزل الأسرة أو الاقتراب منها أو من أطفالها لفترة معينة، وهو ما يُعرف بأمر التقييد أو الزجر (Restraining Order) بحيث لو خالفه يسجن أو يدفع غرامة.

وفي هذه الحالة إذا كانت المرأة مرافقة وغير ملتحقة ببرنامج أكاديمي (بكالوريوس أو ماجستير أو دكتوراه)، فإنه يُطلب منها من قبل البعثات السعودية في ذلك البلد إسقاط أية دعوة رفعتها عليه، ويتم منحها تذاكر سفر للعودة للمملكة مع أطفالها.

 حيث أنه في حالة الخلافات الأسرية في الخارج تقتضي التنظيمات الإدارية السعودية بأن أحد الوالدين حين يعود للمملكة فإنه يحق له أخذ الأطفال معه للوطن، وعلى الطرف الثاني رفع قضية حضانة أمام المحاكم الشرعية في المملكة.

 فهذه المرأة التي تعود للسعودية وترفع قضية طلاق ضد زوجها المبتعث فإن البعثة السعودية ستخيره إذ أراد أن لا تتأثر بعثته:

 إما أن يعلق البعثة مؤقتاً ويذهب للمملكة لحضور جلسات الطلاق، أو أن يقوم بعمل توكيل رسمي يكلف فيه من ينوب عنه فيها.

والقضية تصبح أكثر تعقيداً عندما تكون المرأة هي المبتعثة، ففي هذه الحالة يُطلب منها أيضاً إسقاط الدعوة أمام المحاكم الأجنبية مع احتفاظها بحقها في أمر التقييد، كما يحق لها توكيل من يرفع لها قضية طلاق أو حضانة في المحاكم السعودية دون الحاجة لمغادرة بلد الابتعاث وقطع دراستها،

 فحين تزود الملحقية الثقافية السعودية برقم قضيتها وما يثبت رفعها، فإنه يتم نزع ولاية زوجها عنها في مقر إقامتها حتى يُبت في قضيتها في الوطن، فلا يحق له لا فصلها من البعثة ولا التدخل في شؤونها خلال هذه الفترة.

 وزوجها في هذه الأثناء يتم مواصلة الصرف عليه حتى وقت صدور القرار، لأنه في نظر الشرع لا يزال محرمها في بلد الغربة، ولا يمكنها استبداله بأب أو أخ رسمياً إلا بعد صدور صك الطلاق.

 فعند تقديم هذا الصك للملحقية فإن الزوج إذا كان قد التحق ببرنامج أكاديمي للدراسة فإنه ينفصل ببعثة خاصة به حتى تنتهي فترة دراسته الحالية.

 أما في حال كونه في مرحلة دراسة اللغة فيتم إلغاء بعثته كونه لم يعد مرافقاً للمبتعثة الأصلية، وتصرف له تذكرة العودة.

وبالرغم من كون هذا التنظيم منطقياً على الورق، فإنه على أرض الواقع ستقول الكثيرات
بأن مشكلة رفع قضايا الطلاق في المحاكم الشرعية في السعودية بأنها تأخذ وقتاً أطول مما ينبغي، فهذه المبتعثة المغتربة صحيح تم رفع ولاية زوجها الذي ترغب بالانفصال عنه ولم يعد يؤثر عليها في بلد الابتعاث،

 لكن هذا يعني بأنها ستمكث مغتربة حتى يصدر الصك وتحرم من زيارة وطنها في أثناء ذلك، لأنه طالما ظل زوجها رسمياً فهو غالباً لن يمنحها ورقة الخروج من المملكة والتي تحتاجها للعودة لمقر البعثة بعد الزيارة.

وهناك اقتراحات لحل هذه المشكلة، منها أن يكون هناك قاضي شرعي مختص بالقضايا الأسرية في السفارات السعودية بحيث لديه صلاحيات القاضي داخل البلد ليبت فيها سواء بالإصلاح أو الطلاق أو الخلع.
 واقتراح آخر بأن تأخذ قضايا المغتربين والمغتربات فيما يختص بالطلاق ونحوه الأولوية لدى المحاكم الشرعية داخل المملكة، ويكون هناك فترة زمنية تتراوح مثلاً ما بين ستة أشهر وسنة كحد أعلى للانتهاء منها.

أما في حال قرر كلا الطرفين أو أحدهما إهمال هذه التوجيهات باللجوء للمحاكم الخارجية ففي هذه الحالة يوقف الصرف عن من رفع هذه القضية.

وإذا كنا قد تحدثنا حتى الآن عما يحصل في حالة وقوع هذه المشكلات، لكننا لم نتحدث عن كيفية القيام بخطوات استباقية لمنع حصولها. 

فمن الواضح بأن الكثير من المبتعثين يعانون من ضعف التأهيل في نواحي عديدة، فاستحداث برامج توعوية وتعليمية قبل السفر سيكون له أثر كبير في التقليل من هذه المشكلات.

 وهذه البرامج الإجبارية سيتم فيها تهيئة الزوجين أو الأخوة لما سيحدث لهم في الخارج على صعيد الدراسة وأنظمة البلد المضيف وأيضاً على صعيد أسرتهم الصغيرة.

والمبتعثون الحاليون يحتاجون كذلك إلى التوجيه، مثل وجود مستشارين أسريين، واستخدام أدوات الإعلام التفاعلي لنشر الوعي بينهم، وتنظيم دورات أو ندوات سنوية للحديث عن هذه المشكلات وكيف تتطور من خلاف بسيط إلى عنف أسري يستدعي تدخل السلطات.

الابتعاث فرصة ذهبية يجب أن تُمنح لمن يستحقها ويقدر قيمتها، وهناك من لا ينطبق عليهم ذلك،
وفي هذه الحالة فلا بد من تشريعات تحمي المستضعفين وتحفظ حقوق جميع الأطراف، وتحافظ على سمعة الدولة التي تصرف هذه المليارات لتعليم أبنائها في بلدان الابتعاث المختلفة، ولتحمي سمعة بقية المبتعثين الذين يدرسون بجد ويراعون القوانين و قبل ذلك يراقبون الله في تعاملهم مع أسرهم.

المقال في جريدة الوطن (تحت عنوان: المشكلات الأسرية في الخارج بين العلاج والوقاية)


http://meccawy.com/site//

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق