الخميس، 11 أكتوبر 2012

Ralf dahrendorf و مسلمات الصراع



رالف دهرندروف: Ralf dahrendorf.


 ينظر مفكرو مدرسة الصراع على العكس من تشديد الوظيفيين على الاستقرار والاجماع الى العالم على أنه في حالة صراع متواصل،
ويفترضون أن السلوك الاجتماعي يحسن فهمه في سياق الصراع أو التوتر بين الجماعات المتنافسة،

وليس من الضروري أن يكون هذا الصراع عنيفاً  اذ يمكنه أن يأخذ شكل المفاوضات العمالية والسياسات الحزبية والتنافس بين

الجماعات  الدينية والاثنية.

فإمتداد لأعمال ماركس بدأ علماء الاجتماع المعاصرون ينظرون الى الصراع  لا على انه مجرّد ظاهرة طبقية فحسب، ولكنه جزء من

الحياة اليومية في جميع المجتمعات ومن  بين هؤلاء العلماء رالف دهرندروف.


 يعرّف دهرندروف النظرية السوسيولوجية كونها:

" مجموعة قوانين يستخرج منها استنتاجات دقيقة وغير متميزة لها فاعلية في تفسير وشرح سلوك وتفكير الناس من واقعها الحقيقي".

 ينطلق دهرندروف في نظريته للمجتمع من نقد للبنائية الوظيفية والنظرية الماركسية معاً، ويعتبرها نظريات مجتمع اليوتوبيا.
ويرى ضرورة الخروج عن هذا التحليل الطوبائي الذي ينظر للمجتمع نظرة مثالية مطلقة بحيث كل المؤسسات متظامنة،

الا انه استخدم  نفس ادوات  التحليل لكلى النظريتين وحلل بنظرية التكامل ونظرية القهر.




تنظر نظرية التكامل أن كل  المجتمع متواصل الى درجة ما وثابت من حيث بناء عناصره المتكاملة، ولكل عنصر وظيفة خاصة

بحيث يسهم في دوام المجتمع كنسق، ويعتمد كل بناء اجتماعي وظيفي على نوع من الوفاق بين

أعضاءه،

وعلى العكس من هذه الافكار تركز نظرية القهر على أن كل مجتمع عبارة عن موضوع عمليات التغيّر بوجهة أو بأخرى،

والتغير الاجتماعي هنا كل الوجود، ويصور كل مجتمع في كل  فترة نوعاً من النزاع أو الصراع ويسهم كل عنصر في عدم تكامل

النسق،

كما أن كل بناء اجتماعي على وفاق القيم، انّما يعتمد على قهر بعضها البعض،

وقد راى دهرندروف أن كلتا  النظريتين هامتين لفهم المجتمع في اجتماعهما.

 من خلال هذا الدمج اقترج دهرندروف نموذجا  للصراع بدل اليوتوبيا، وانتقاده للاتجاه الطوبائي،

وحاول أن يضفي نوعاً من الموضوعية على نظريته فإعترف بالصراع كظاهرة اجتماعية طبيعية في كل المجتمعات يمكن أن تكون له

وظائف ايجابية تدفع نحو التغيّر،

فهو لا يتصوّر وجود المجتمع في ضوء مفاهيم التنسيق الوظيفي والتكامل والتناسق والتوازن والتضامن،

كما لا يتصوّر وجود المجتمع في ضوء الصراع الطبقي ذو المظمون الاقتصادي المادي كما زعم ماركس،

وانما ينادي بضرورة اعادة توجيه علم الاجتماع نحو مشكلات التغيّر والصراع والقهر التي ينطوي عليها البناء الاجتماعي.

حاول دهرندروف في كتابه "الطبقة والصراع الطبقي في المجتمع الصناعي" أن يفحص مدى فائدة التحليل الاجتماعي الذي قدّمه

ماركس في دراسته للمجتمع الرأسمالي

اذْ ذهب الى أنّ :" هذا التحليل يحتاج الى تعديل عندما يطبقه على المجتمع الصناعي الحديث أو المجتمع ما بعد الرأسمالي،

ويرجع ذلك الى أن البناء الاجتماعي لهذا المجتمع قد شهد تغيرات ملحوظة منذ أعمال ماركس مثل :

تطور الشركات الصناعية والتجارية ونتيجة للتقدّم التكنولوجي، تغيّر اوضاع العمال في الشركات الصناعية، واختلاف معدلات العمال المهرة وغير المهرة، تطور مفهوم الطبقة الوسطى التي اصبحت تضم ذوي البياقات البيضاء، ارتفاع معدّلات الحراك الاجتماعي وبخاصة بين الاجيال...".

ويوضح دهرندروف في تحليله للمجتمع الصناعي الحديث أن الصراع في المجتمع ما بعد الرأسمالي سوف يصبح صراعاً منظماً ويتم

بصورة نمطية يمكن التنبؤ به والتحكم أو السيطرة عليه اذا خضع لقواعد محددة ومعروفة.

فالصراع يتم و يقع في المحيط السياسي وليس في الميدان الاقتصادي ومن علاقات الملكية لوسائل الانتاج الى علاقات السلطة،

ومن تعارض المصالح الى استمرار الصراع، ومن الصراع كوسيلة ضرورية للتغيّر الى البحث في وظائف الصراع في الكل

الاجتماعي.

واستناداً الى هذه الرؤية يحدد دهرندروف اسس المجتمع الرأسمالي الذي يسميه " مجتمع ما بعد الراسمالي" في النقاط التالية:

- يغيّر كل مجتمع معروف عندنا من قيمه ونظمة باستمرار، وقد يكون هذا التغيّر سريعاً او تدريجياً عنيفاً أو منظماً شاملاً أو محدوداً،

ولكن لا يمكن أن يغيب عن الذهن أبداً أن الافراد يخلقون تنظيمات ليعيشوا في اطارها سوياً متعاونين، وهي حالة التوازن والنظام.

- يجب اعادة صياغة النظرية الاجتماعية لتخرج من عالم اليوتوبيا الى نموذج الصراع، الذي له كفاءة امبريقية تتمثل في قدرته الكبيرة

على دراسة التغير، فالصراع هو القوة الخلاقة التي تصاحب التغير.

- يتمسك دهرندروف بنموذج الصراع والتوازن، فالمجتمع له وجهان متوازيان:

الاول يكشف عن الاستقرار والتآلف والاتفاق العام "التوازن"

والوجه الثاني يكشف عن التغير والتحول " الصراع" ومن هنا ليس بمقدورنا _والفهم لدهرندروف_ فهم الواقع بشكل حقيقي الا اذا

وضعنا يدينا على التفاعل الجدلي بين الثبات والتغير والصراع.

- لم تعد النظرية الماركسية في الصراع الطبقي تتلائم مع بناء المجتمعات الصناعية الحديثة، فقد تغير هذا البناء الاجتماعي الراسمالي

عن الوقت الذي كتب فيه ماركس أطروحته.

ومن اهم مظاهر هذا التغير في راي دهرندروف انفصال الملكية عن الادارة اضافة الى تفتت وحدة الطبقة العاملة فلم يعد كل أفراد

البروليتاريا يشغلون مكانة واحدة في المجتمع وهنا يركز دهرندروف على مصطلح "أشباه الجماعات" بدلاً من "الطبقات".

ويرى بأن توجهات هذه الجماعات تحدد من خلال حيازة السلطة والاستبعاد منها، وبكلمة واحدة اينما وجدت السلطة فسوف يناضل

الناس من اجلها.

ان النموذج الذي قدمه يجمع بين عناصر التوازن والاستقرار، وعناصر الصراع والتغير.

وبذلك نجده اهتم بالصراع الاجتماعي الذي اهمله اصحاب النظام، وقبِل بالشكل العام كما تصوره ماركس، ولكنه في الوقت ذاته رفض

مضمونه ليقدم مضمونا جديداً استبدل فيه الحتمية الاقتصادية بالحتمية السياسية.


القضايا التأسيسية لنظرية الصراع:

اهتم دهرندروف بحقيقة مؤداها أن الأبنية الاجتماعية قادرة على أن تنتج من نفسها العناصر التي تدبرها أو العناصر التي تغيّرها،

وتبعاً لذلك حول تحديد الجماعات والعمليات التي تدخل في احداث هذه الظاهرة تحديداً نظرياً، وتحليلاً تجريبياً امبريقياً، وقد حاول أن

يصيغ نظرية عامة عن الصراع الاجتماعي مستفيداً من نظرية التكامل ونظرية القهر.

وأسس نموذجاً توفيقياً أسسه القضايا التالية :

- المصالح هي العناصر الاساسية للحياة الاجتماعية.
- تتضمن الحياة الاجتماعية القهر والاغراء والاقناع.
- الحياة الاجتماعية انقسامية بالضرورة.
- الحياة الاجتماعية تولّد التعارض والتناقض.
- الحياة الاجتماعية تولّد مصالح تتباين في القطاعات المختلفة.
- يتضمن التباين الاجتماعي وجود سلطة.
- الانساق الاجتماعية مفككة ومملوءة بالتناقضات.
- تتجه الانساق الاجتماعية الى التغير.
- كل مجتمع هو صيغة من العناصر المستمرة نسبياً .
- كل مجتمع هوصيغة متكاملة من العناصر.
- يسهم كل عنصر من عناصر المجتمع في آداء وظائفه.
- يقوم كل مجتمع على أساس الاتفاق بين اعضاءه.

وفي سياق منظور دهرندروف هذا الجدلي الذي دعى به الى اختيار مجموعة القضايا من أجل الوصول الى جواب عن التساؤل:

ما الذي تكشف عنه مجموعة القضايا عن الصراع داخل الانساق الاجتماعية ؟.

معالجة قضاياه في المجتمع ما بعد الرأسمالي التي تحوي انواع شتى من الممارسات السياسية وانماط التفاعل، والظروف التنظيمية

وتوزيع السلطات داخل التنظيم كلها متغيرات وغيرها يمكن أن تؤثر في العملية الصراعية ويأتي تفصيل القضية في الفروض النظرية لنظرية الصراع الجدلية:

قضايا وفروض دهرندروف:

لقد صاغ دهرندروف مسلمات الصراع في الفروض التالية:

- كلما كان في وسع الاعضاء في الجماعات وفي الرابطة المتناسقة أن يصبحوا مدركين لمصالحهم الموضوعية وتكوين جماعات

صراع كلما زاد احتمال حدوث الصراع.

- كلما كان في الامكان تلبية الشروط التقنية للتنظيم، كلما زاد احتمال تكوين جماعات صراع.

- كلما أمكن ظهور قيادة بين الجماعات، كلما زاد احتمال تلبية الشروظ والظروف التقنية للتنظيم.

- كلما أمكن تلبية الشروط السياسية للتنظيم، كلما زاد احتمال تكوين جماعات صراع.

- كلما سمحت الجماعات المسيطرة بتنظيم المصالح المتعارضة، كلما زاد احتمال تلبية الشروط السياسية للتنظيم.

- كلما أمكن تلبية الشروط الاجتماعية للتنظيم، كلما زاد احتمال تكوين جماعة صراع.

- كلما زادت فرضة اعضاء الجماعات للاتصال كلما زاد احتمال تلبية الشروط الاجتماعية للتنظيم.

- كلما سمحت الترتيبات البنائية بالتمييز، كلما زاد احتمال تلبية الشروط الاجتماعية.

- كلما قلت تلبية الشروط الفنية والسياسية والاجتماعية، كلما زادت شدة الصراع.

- كلما كان توزيع السلطة والمكافآت الاخرى مرتبطة بعضها بالبعض الآخر، كلما اشتد الصراع.

- كلما قل الحراك بين الجماعات المسيطرة والخاضعة، كلما اشتد الصراع.

- كلما قلت الشروط الفنية والسياسية للتنظيم، كلما زاد الصراع عنفاً.

- كلما زاد حرمان الجماعات الخاضعة في توزيع المكافآت والمميزات من أساس مطلق الى اساس نسبي، كلما اشتد الصراع عنفاً.

- كلما قلت قدرة جماعات الصراع على وضع اتفاقات تنظيمية، كلما اشتد الصراع عنفاً.

- كلما اشتد الصراع، كلما زاد حدوث التغير الهيكلي،واعادة التنظيم الناشئ عن الصراع.

- كلما زاد عنف الصراع، كلما زاد معدّل التغير الهيكلي واعادة التنظيم من جديد.

http://ouargla.5forum.info/t248-topic

هناك تعليق واحد:

  1. شكرا جدا ع هذه المعلومات الهامة والمفيدة للغاية

    ردحذف