من المجموعات السلبية إلى المجموعات الإيجابية
د. محمد آل عباس
فاجأني بريدي برسالة دعوة موقعة بالكنية ولا يوجد ما يشير إلى هوية مرسلها, وهي للمشاركة في مجموعة شراء وبيع في سوق الأسهم السعودية أو ما يسمى اليوم في المنتديات والمجالس "بالقروب" وهي اللفظة العربية لكلمة group الإنجليزية التي تعني المجموعة.
لا أدري عن حجم الولاء للمجموعة
لكن يبدو لي أن لكل المجموعة مجلسا قويا أيضا (تشكيل من كبار المضاربين الهاربين من رقابة الهيئة) يمتلك أصولا نقدية سائلة قوية جدا وقادرا على دعم توصية المدير مما يؤثر في سعر السهم فعلا.
فهي تركز على الشركات الصغيرة بحسب عدد الأسهم بغض النظر عن الوضع المالي للشركة ومستقبلها أو ثقلها في السوق.
ولذلك فإن اختيار أي شركة يعتمد على أمرين أساسيين،هما:
- إغفال السوق للسهم بحيث يكون سعره في متناول كبار المجموعة للتأثير عليه،
- وقلة عدد الأسهم المتداولة حتى تستجيب للعرض والطلب بسرعة.
كل هذه الأضرار وأكثر منها لو أن المجال يسمح تتسبب فيها المجموعات السيئة إذا جاز التعبير
ولكن هل نحن بدع من البشر في ذلك؟
(وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) الآية.
إذا كان هناك من يرى حرمة شراء عدد من الأسهم لتسلط الإدارة على القرارات وإقحام المساهمين في الربا فلماذا لا يدعون السلبية ويشكلون مجموعات الخير للاستحواذ على أسهم الشركات الناجحة والمشاركة في القرار وتغير نمط الشركة الاستثماري.
د. محمد آل عباس
فاجأني بريدي برسالة دعوة موقعة بالكنية ولا يوجد ما يشير إلى هوية مرسلها, وهي للمشاركة في مجموعة شراء وبيع في سوق الأسهم السعودية أو ما يسمى اليوم في المنتديات والمجالس "بالقروب" وهي اللفظة العربية لكلمة group الإنجليزية التي تعني المجموعة.
هذه المجموعات تدعي القدرة على التأثير على
سعر سهم أي شركة من خلال الدخول القوي من عدة محافظ مما يدعم سعر السهم
ويرفعه إلى المستويات التي تنبأ بها مدير المجموعة.
وقد ظهرت هذه المجموعات
(في رأيي) كردة فعل على قرارات هيئة السوق بإيقاف المضاربين الذين
يتلاعبون بأسعار الشركات وكذلك، بعد تجزئة الأسهم، عدم قدرة مضارب واحد على
السيطرة والتحكم في سعر سهم أي شركة.
وعلى الرغم من أن هياكل هذه المجموعات غير معلنة وغير واضحة ولم أطلع
على أي تحقيق صحافي أو دراسة استطلاعية عن هذه المجموعات والخبرات
المتوافرة لديها وصحة الادعاءات التي تقدمها.
(على أن مثل هذه التحقيقات
تفيد الدارسين والأكاديميين على وجه الخصوص وتفيد المشرعين Regulators أيضا
وكذلك المكاتب الاستشارية لتقدير المخاطر الموجودة في السوق).
ولكن من
خلال الرسالة التي وصلت بريدي يتضح أن لكل مجموعة مديرا يدعي (وقد يكون له
ما يدعيه) القدرات التحليلية والخبرة الضرورية ليقدم تأكيداته حول تحرك أي
سهم ووقتية الدخول والخروج منه.
هذه التوصيات تمثل أمرا للمجموعة لشراء أو
بيع السهم مع قبول كل المخاطر الملازمة دون أدنى تردد. لا أدري عن حجم الولاء للمجموعة
وهل له تأثير على متخذي قرارات الشراء والبيع أم لا؟
بمعنى
أنه لو قرر مدير مجموعة الدخول إلى سهم معين وتسبب ذلك في الخسارة وهبوط
السعر
فهل نتوقع تخلي بقية المشتركين عن تلك المجموعة إلى غيرها أم لا؟
بالتأكيد فإن الربح هو الدافع الأساسي للبقاء في المجموعة لكن يبدو لي أن لكل المجموعة مجلسا قويا أيضا (تشكيل من كبار المضاربين الهاربين من رقابة الهيئة) يمتلك أصولا نقدية سائلة قوية جدا وقادرا على دعم توصية المدير مما يؤثر في سعر السهم فعلا.
هذا التأثير ليس نتيجة لدقة تحليلات
المدير وعبقريته ولكن لقوة الدعم النقدي الذي وجه لهذه التحليلات وصنع طلب
تتحرك على إثره الأسعار.
ولنجاح هذه المجموعة أو تلك
لا بد لها أن تركز على
الأسهم التي تستطيع بناء على قدرتها المالية كمجموعة، أن تؤثر في أسعارها
مع عدم تملك احد المضاربين في المجموعة ما يقارب 5 في المائة من أسهم تلك
الشركة، لأن مثل هذا التملك يقتضي الإفصاح عن اسم المالك مما قدر يضر
بالمجموعة.
من هذا التحليل المنطقي البسيط (وغير المدعم بتحقيقات أو استطلاعات
واسعة، وهي ضرورية) يمكن فهم آلية العمل التي تحكم هذه المجموعات.
وهي تركز
على دعم الأهداف الشخصية لكبار المجموعة وقد يستفيد المشارك عن طريق
التوصيات بارتفاع سعر السهم بشكل شبه مضمون وتستفيد المجموعة كلما اتسعت
وزادت الثقة فيها ولكن أضرارها على السوق لا تحصى.فهي تركز على الشركات الصغيرة بحسب عدد الأسهم بغض النظر عن الوضع المالي للشركة ومستقبلها أو ثقلها في السوق.
ولذلك فإن اختيار أي شركة يعتمد على أمرين أساسيين،هما:
- إغفال السوق للسهم بحيث يكون سعره في متناول كبار المجموعة للتأثير عليه،
- وقلة عدد الأسهم المتداولة حتى تستجيب للعرض والطلب بسرعة.
لا يهم وضع
الشركة أو إعلاناتها المصاحبة حتى ولو أعلنت خطر الإفلاس أو تخفيض رأس
المال عن طريق إطفاء عدد من الأسهم المختارة.
ولأن الدخول في أي سهم لا
يعتمد على تحليل أساسي قوي للتدفقات النقدية المستقبلية للشركة، فإن كبار
المجموعة أول الهاربين إذا تعرضت السوق للاهتزاز ولو بشكل بسيط أو لسبب
عرضي وذلك على حساب الأوامر التي لم يتمكن أصحابها من إلغائها كما حدث يوم
الثلاثاء الماضي وهم بالتأكيد الطرف الأضعف في المجموعة.
ومع ازدياد أعداد
هذه المجموعات وتنافسها على أسهم الشركات الصغيرة فإني أتوقع حدوث طفرة في
أسعار هذه الأسهم، وبالمقابل فإنه من المتوقع أن تستجيب الشركات القيادية
للارتفاعات المتواصلة في أسعار الأسهم الصغيرة، ولكن ولأن هذه القياديات
تعكس الوضع الحقيقي للسوق ونمو الثقة فيه فإنها ما تلبث أن تعود لتعكس حركة
السيولة الحقيقية فتواجه السوق تصحيحات عنيفة جدا.
كل هذه الأضرار وأكثر منها لو أن المجال يسمح تتسبب فيها المجموعات السيئة إذا جاز التعبير
ولكن هل نحن بدع من البشر في ذلك؟
ألم تشهد الأسواق
العالمية مثل هذه التصرفات؟
الحقيقة أن العالم يعج بالعديد منها بل إنه
يصل إلى بريدي العديد من رسائل هذه المجموعات يحدد لي سعر الشراء وسعر
البيع المستهدف في شركات عالمية
وإن تميزت النسخة الإنجليزية بتقديم
تبريرات مقنعة للشراء من حيث التحقيقات والأخبار الصحافية عن الشركة
المستهدفة وكذلك التحليلات الأساسية المقنعة
وليست مجرد أوامر عمياء.
Angel
Groups
ولكن
أهم هذه المجموعات وأكثرها شهرة هي مجموعات الخير كما أسميها أو مجموعات
الرحمة (لا أعرف ترجمة مناسبة لها فهي تسمى في اللغة الإنجليزية Angel
Groups).
هذه المجموعات هدفها الأساسي إضافة إلى تحقيق نمو حقيقي لرأس
المال وتحقيق أرباح جيدة هو تعزيز الاقتصاد ودعم رجال الأعمال الحقيقيين.
تنشأ هذه المجموعات من تجمع رؤوس أموال لعدد من المستثمرين الأغنياء (معترف
بهم من هيئة السوق كمستثمرين موثوق بهم)
وتقوم بدراسة أي طلب مشاركة
بالتمويل يقدم إليها عن طريق رجال الأعمال أو الموهوبين من ذوي الأفكار
النيرة في شكل دراسة جدوى متكاملة (هذه المشاريع تكون صغيرة نسبيا إلى
متوسطة حسب قدرات المجموعة).
في الغالب لا تشارك المجموعة في الإدارة، وإن
كانت تمارس حقها في مجلس الإدارة وتشكيله، بل تنتظر نمو الشركة ونجاحها إلى
مدة من سنتين وحتى سبع سنوات ثم تنفذ ما يسمى بالخروج الاستراتيجي عن طريق
بيع حصصها إلى شركات أكبر أو طلب إدراج الشركة في السوق المالية.
هذه المجموعات حالة وسط بين الصناديق الاستثمارية والمجموعات غير
المنظمة وتكون على اتصال بهيئات السوق ولها تنظيم معترف به، لذلك يمكن
المشاركة فيها والثقة بقدراتها.
فهي بهذا تشجع النشاط الاقتصادي في البلد
كما أنها تحقق نموا حقيقيا لرأس المال وتقدم للسوق المالية تنوعا ضروريا
وخاصة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة غير القادرة على الحصول على تمويل من
السوق المالية أو البنوك.
وباختصار: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) الآية.
إذا كان هناك من يرى حرمة شراء عدد من الأسهم لتسلط الإدارة على القرارات وإقحام المساهمين في الربا فلماذا لا يدعون السلبية ويشكلون مجموعات الخير للاستحواذ على أسهم الشركات الناجحة والمشاركة في القرار وتغير نمط الشركة الاستثماري.
وأن توقد شمعة خير من أن تلعن الظلام.
http://www.aleqt.com/2006/08/18/article_6139.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق