الثلاثاء, 01 مارس 2011 09:05
المدير
المحلل الاقتصادي ادريس بن علي قال إن المغرب أصبح مجتمعا ريعيا
فما المقصود باقتصاد الريع؟
من خلال هذا الحوار يقدم ادريس بن علي، المحلل الاقتصادي، مفهوم هذا المصطلح، ويسلط الضوء على أبرز تجلياته داخل المجتمع المغربي.
ماذا نقصد باقتصاد الريع؟
اقتصاد الريع يعني ضمان مداخيل لجهة معينة دون أن تنتج، مثل رخص النقل (الكريما)، إذ نجد أشخاصا يتوفرون على عدد من الرخص يكرونها لأشخاص آخرين مقابل مبالغ مالية، وبذلك فإنهم يستفيدون من مداخيل دون أن يبذلوا أي مجهود استثماري منتج للقيمة المضافة، وهناك من يستفيد من رخص للصيد البحري، وآخرون يستفيدون من رخص لبيع المشروبات الكحولية، والمداخيل الناتجة عن هذه التراخيص تسمى ريعا، لأنها لا تخلق قيمة مضافة.
ويعتبر المستفيدون من هذه التراخيص بمثابة طفيليات تعيش على الثروات والقيمة المضافة التي يخلقها أولئك الذين يستغلون هذه التراخيص ،مقابل إتاوات يؤدونها لأصحابها الحقيقيين.
ويلعب الريع دورا سلبيا جدا على أداء الاقتصاد الوطني. وتعتبر النظريات الاقتصادية أن الريع ناتج عن وضعيات احتكارية، فالاحتكار يشكل عائقا أمام التقدم الاقتصادي، مادام أن المستفيدين منه لا يبذلون أي مجهودات على مستوى الابتكار والتحديث التكنولوجي، مادام أن هناك غيابا تاما لأي منافسة، الأمر الذي يمكنهم من فرض الأسعار التي يحددونها، ومن خلالها هوامش ربحهم.
فكلما تكاثرت مصادر الريع في اقتصاد معين، فإنه يتخلف، ويصبح تقدمه غير ممكن.
وفي ما يتعلق بالمغرب، فإن الأمر لا يتعلق باقتصاد الريع، بل أصبحنا نعيش في مجتمع الريع. فعندما نتحدث عن اقتصاد الريع فمعنى ذلك أن البلد يمتلك ثروات يعيش عليها مثل البترول.
وفي هذه الحالة، فإنه لا يمكن الحديث عن اقتصاد الريع في المغرب ، ولكن هناك مجتمع ريعي، أي يتم توزيع امتيازات على بعض المحظوظين، الذين يستغلونها لتحقيق مداخيل.
فعلى سبيل المثال يستفيد البعض من رخص نقل أو صيد بحري أوما شابه ذلك، ويعيدون كراء هذه الامتيازات للغير مقابل موارد مالية.
ومع انتشار الريع في المجتمع تموت روح الإنتاج، إذ يصبح الأشخاص يبحثون عن امتيازات تضمن لهم مداخيل دون بذل أي مجهودات.
وماهي الإجراءات التي يتعين اتخاذها من أجل محاربة مصادر الريع؟
يتعين أولا ضمان الشفافية في تدبير الشأن العام، من خلال تحديد قواعد واضحة تطبق على الجميع على قدم المساواة.
وفي هذا الباب يجب تفعيل دور مجلس المنافسة ومنحه السلطات المطلوبة من أجل أن يلعب دوره باعتباره ساهرا على احترام قواعد التنافسية ومنظما لعلاقات المتدخلين في السوق، إذ لا يمكنه، حاليا، أن يلعب هذا الدور، مادام أن له دورا استشاريا فقط.
فهناك العديد من المؤسسات التي يظل دورها هامشيا، وأنشئت أخيرا مؤسسة أخرى ينحصر دورها في الاستشارة، ويتعلق الأمر بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي، الذي لن يقدم قيمة إضافية.
أكثر من ذلك فإن خلق مؤسسات دون منحها صلاحيات تمكنها من لعب دور فعال في مجال اختصاصها، يصبح بمثابة إنشاء مؤسسات من أجل توزيع الريع،
إذ أن التعويضات التي يستفيد منها أعضاء هذه المؤسسات دون أن يقدموا شيئا، بسبب طبيعة مهامها، لا يختلف عن الريع.
اقتصاد الريع لا ينتج، وغياب الإنتاج يعني غياب التشغيل، هل هناك رابط بين الريع والبطالة؟
التشغيل لا يتم عبر إجراءات قانونية وإدارية، كما حدث أخيرا، عندما قررت الحكومة إدماج الدكاترة المعطلين في الوظيفة العمومية، بل مناصب الشغل تخلق عبر الاستثمار والانتاج، وعبر تكوين وتأهيل يراعي حاجيات سوق الشغل، فمنظومة التعليم بالمغرب تخرج طلبة يتوفرون على دبلومات، لكن ليسوا مؤهلين للاندماج في سوق الشغل، ما يجعل الحكومة مضطرة، عندما يكون المناخ العام متوترا، إلى خلق مناصب شغل مفتعلة، من خلال إدماج هؤلاء الشباب في الإدارات العمومية.
ويصبح التشغيل في هذه الحالة بمثابة مساعدات تقدمها الدولة لهذه الفئات، بدل أن يخضع التشغيل للحاجيات التي تتطلبها البلاد. فالريع يصبح ثقافة مجتمعية، إذ الكل يبحث عن دخل منتظم ومستقر دون بذل أي مجهود.
لذا، فإنه يتعين مباشرة إصلاحات هيكلية تهم العديد من المجالات، وعلى رأسها إرساء قواعد حكامة فعالة، من خلال تدعيم الشفافية، كما يجب إعادة النظر في منظومة التكوين والتعليم، من خلال الأخذ بعين الاعتبار ما يتطلبه سوق الشغل.
أجرى الحوار: عبد الواحد كنفاوي
http://www.assabah.press.ma/
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق