الاثنين، 10 أكتوبر 2011

أيها المتحمسون للذهب.. الفقاعة بدأت تنفجر



مارك وليامز
بدأ الذهب يفقد بريقه .
  في الشهر الماضي انخفضت أسعاره أكثر من 300 دولار للأونصة، فيما يعد أكبر انخفاض في وقت قصير منذ أكثر من 20 عاماً.
هذا يوحي ببداية النهاية لسوق ظلت قوية على مدى عقد من الزمن. وبدأ التذبذب الأخير يروع المستثمرين ويدمر الطلب على المعدن النفيس.

انتهت آخر سوق صعودية للذهب عام 1980، عندما انخفضت أسعاره بنسبة 60 في المائة. ولمدة 20 عاماً بعد ذلك، كان امتلاك الذهب بمثابة قتل للمال. وفي 2011 بدأت الفقاعة تنفجر مرة أخرى. ويمكن أن ينخفض الذهب هذه المرة إلى 700 دولار للأونصة، أي أقل من أعلى سعر له بأكثر من ألف دولار.
الاختلاف بين فقاعة الذهب الحالية والفقاعة السابقة هو أن المستثمرين مسلحون الآن بالصناديق المتداولة في البورصات، وبالمشتقات التي تزيد من قدرتهم على الهرب من الذهب إذا لزم الأمر. لقد أصبحت عدة صناديق تحوط المالك المهيمن للصناديق المتداولة في البورصات. والمستثمرون يردُّون الآن على عدم اليقين في منطقة اليورو ببيع الذهب والسلع الأخرى وشراء الدولارات الأمريكية، الأقل تذبذباً. إن الصناديق المتداولة في البورصات، وهي الأوعية التي ساعدت على دفع الذهب إلى مستويات خيالية، تنزل به الآن إلى الحضيض.
دامت فقاعة الذهب الحالية ثلاثة أضعاف مدة الفقاعة السابقة تقريبا. وخلال العقد الماضي تضاعفت أسعار الذهب أربع مرات، مرتفعة بنسبة 17 في المائة سنوياً في المتوسط. وبالنسبة لكثير من المستثمرين بدا وكأن الذهب يتحدى المنطق الأساسي للاستثمار – عوائد سنوية من خانتين عشريتين من دون خوف من خسائر من خانتين عشريتين. 
وبحلول عام 2005، حاول مزيد ومزيد من المستثمرين أن يبرروا السبب الذي لم يعد الذهب لأجله استثماراً ثانوياً. لقد كان تحوطاً ضد دولار ضعيف، وفوضى عالمية، ومصرفيين مركزيين غير أكفاء، وضد التضخم. ومع تراجع الثقة بالنظام المالي، من الطبيعي أن يرتفع الذهب، هذا كان منطقهم.
أنشئت صناديق الذهب المتداولة في البورصات لتلبية هذا الاهتمام المتنامي لدى المستثمرين وسمحت لنحو 70 مليار دولار، على شكل رأسمال جديد، بإغراق السوق. لقد فتحت الصناديق المتداولة في البورصات الباب لفئة جديدة من مستثمري الأجل القصير ـ من ضمنهم صناديق التحوط والمضاربون الآخرون الذين يمكن أن يبيعوا الذهب كالأسهم ـ ليدخلوا في مراكز ويخرجوا منها من دون سابق إنذار.
وفي 2004 تم إطلاق صندوق جديد متداول في البورصة، هو إس بي دي آر جولد شيرز SPDR Gold Shares (يعرف بـ GLD). وقيمة سهم واحد من GLD تساوي عُشر سعر أونصة من الذهب، وهو أقل من الأتعاب الإدارية. وراقت نقطة انخفاض السعر هذه للمستثمرين، فنما صندوق GLD والصناديق التي عملت على شاكلته بسرعة. وفي منتصف آب (أغسطس)، عندما وصل سعر الذهب إلى أعلى مستوى له؛ أكثر من 1900 دولار للأونصة (أعلى قيمة من البلاتين الأندر من الذهب بكثير)، أصبح صندوق GLD أعلى الصناديق المتداولة في البورصة قيمة في السوق، متفوقاً حتى على شركات مؤشر ستاندار آند بورز 500. وأصبح هذا البادئ الجديد مَلِك السوق الآن.
واليوم بمبلغ 65 مليار دولار، يعتبر صندوق GLD واحداً من أكبر حاملي الذهب في العالم. ولأول مرة أصبح المستثمرون الخاصون يملكون من الذهب أكثر مما تملك البنوك المركزية مجتمعة. وتبلغ كمية الذهب التي يخزنها صندوق GLD في لندن أكثر من 1200 طن متري، وهي مودعة لدى بنك إتش إس بي سي.
لكن الصناديق المتداولة في البورصات لم تمكث في السوق مدة طويلة. ففي سوق ضعيفة يمكن بسهولة أن تتحول المشتقات التي اجتذبت مليارات الدولارات إلى كرة ضخمة مدمرة، مع هروب مستثمري الصناديق المتداولة في البورصات نحو باب الخروج. ومنذ آب (أغسطس)، زاد حجم تداول الصناديق المتداولة في البورصات، مشيرا بذلك إلى تحول إقبال المستثمرين. وما زال كثير من المضاربين في الصناديق المتداولة في البورصات يمتلكون مراكز كبيرة، لكن حالات الانخفاض الأخيرة في الأسعار تقضي على الاعتقاد القائل إن الاستثمار في الذهب يعتبر ''ملاذاً آمناً'' الأمر الذي يدفع إلى بيع كميات أكبر منه.
في الشهر الماضي ظل المنطق المستخدم لدعم تحسن الذهب (باستثناء الدولار الأقوى) دون تغيير. فأسواق الأسهم العالمية متذبذبة، ولم البنوك المركزية لم تستعد صدقيتها، والتضخم ما زال يشكل مبعث قلق، ولم تتم استعادة الثقة بالأسواق. ومع ذلك يستمر الذهب في الانخفاض. إن المخاوف من عجز اليونان عن سداد ديونها والفوضى التي تعم منطقة اليورو تدفع المستثمرين إلى شراء الدولارات الأمريكية - التي بدأ كثيرون يعتبرونها رهاناً آمن من اليورو، أو الذهب المتذبذب.
في الأيام القليلة الماضية، ورغم انعدام اليقين الاقتصادي، انخفض الذهب أكثر من 10 في المائة. وانخفضت الفضة - التي تعتبر ظلا للذهب – بنسبة 22 في المائة خلال الشهر الماضي. ويعزو المتحمسون للذهب هذه الانخفاضات إلى عمليات جني الأرباح، وإلى تزايد متطلبات الهوامش، وإلى استراحة المحارب. 
لكن ماذا لو كانت هذه الانخفاضات إشارات مبكرة على تحول أساسي للسوق؟
إذا كان الذهب ينخفض في ظل اقتصاد ضعيف، والمستثمرون على استعداد لامتلاك الدولارات الأمريكية ثانية، تخيلوا كيف سيكون أداؤه عندما ينتقل الاقتصاد العالمي في نهاية المطاف من الفوضى إلى الازدهار، وعندما تعود موضة الاستثمارات ذات الطابع الأكثر تقليدية – وهي الاستثمارات التي تنتج المنتجات وتوزيعات الأرباح والوظائف؟ 
لقد فقد الذهب لمعانه.

الكاتب أستاذ في كلية الإدارة في جامعة بوسطن ومؤلف كتاب Uncontrolled Risk الذي يتحدث عن سقوط بنك ليمان براذرز.
http://www.aleqt.com/2011/10/10/article_587895.html 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق