الجمعة، 5 أغسطس 2011

ما هو اساس مقولة: ان القانون لايحمي المغفلين

بتاريخ : الإثنين 08-11-2010
02:03 مساء
المحامي علي عبد الحسين


فكرة قانونية فلسفية مفادها
 

ان الحماية القانونية للمصالح الخاصة ليست مطلقة بل نسبية .
فالحماية القانونية
 

انما تبدأ قانونا من مستوى معين من سلوك مفترض للاشخاص لا تنزل دونه ومن ثم يقع على عاتق الفرد واجب اتخاذ قدر من الحيطة والحذر في تصرفاته القوليه والفعلية حتى تصبح الحماية القانونية له ممكنة .

وهذه الحيطة قد تكون على شكل اجراءات او شكليات يقع على عاتق الفرد واجب اتباعها حتى لا يمكن تفعيل الانظمة القانونية التي تحميه، ومن ذلك شرط التسجيل العقاري لأنتقال الملكية في العقارات وشرط توثيق الدين بمستند عادي او رسمي للاثبات ، فتكون شروط الحماية القانونية هنا توفر هذا السند فأذا جاء الدائن بعد ذلك مطالبا بحقه امام القضاء ، فان القاضي يطالبه بأبراز سند الملكية أو الدين.

فأن لم يتوفر هذا وأنكر المدين الدين فلا يقضي له بحقه ، فالقاضي لا يحكم على مجرد الادعاء وانما على اساس ما توفر من بينات وعند عدم توفرها يلجأ القاضي الى ما تقرره نصوص القانونية العامة في هذا الصدد ومنها مبدأ (الاصل براءة الذمة وعدم مشغوليتها بأية ديون او التزامات وعلى من يدعي خلاف هذا الاصل ان يقدم البينة عليه) ولما كان الدائن يدعي خلاف الاصل فعليه عبأ أثبات ما يدعيه ، فأن عجز عن ذلك فالقانون لا يتمكن من حمايته لانه لم يتخذ قدرا معقولا من الحيطة اشترطها القانون لحمايته.

وتعبر هذه الفكرة في مضمونها الفلسفي عن الفرق بين الحقيقة القانونية والحقيقة الواقعية الحقة ، وقد تتطابق الحقيقة القانونية مع الحقيقة الواقعية وقد لا تتطابق ، والقضاء يحكم بناء على معطيات الحقيقة القانونية لا الحقيقة الواقعية عند عدم تطابقهما ، ولهذا كان للعدالة ضحايا ، ومن ذلك شهادة الزور ، اذ هي تحجب الحقيقة الواقعية الحقة عن نظر القاضي فيحكم بناء على الحقيقة القانونية التي تجسدت في شهادة الزور فهو يعتمدها ما دام ليس هناك سبيل لكشف زورها وبهتانها.

وفيما عدا ذلك فأن القانون يحمي المغفلين ومظاهر الضعف الانساني من استغلال المستغلين وكيد الكائدين ونصب المحتالين ، ومن تطبيقات ذلك تبنى المشرع العراقي في القانون المدني العراقي لنظرية الغلط ونظرية التغرير مع الغبن ونظرية الاستغلال ، فضلا عن تبنيه لنظم قانونية متطورة لحماية القاصر والمجنون والمعتوه والسفيه وذو الغفلة ورتب اثارا قانونية عليها تجسدت في اعتبار التصرفات المشوبة بعيب من عيوب الرضا موقوفة على اجازة من تعيبت ارادته او وليه او القيم او الوصي عليه.

فضلا عن تبنيه لنظرية البطلان في حالات انعدام الاهلية أو محل العقد أو سببه في العقود ، كما وتبنى المشرع العراقي في قانون العقوبات العقوبة على جريمة الاحتيال وجريمة اصدار شيك بدون رصيدة نظرية الاستغلال بوجه عام نظام قانوني مؤداه توفر الحماية القانونية في حالة ان يعمد شخص الى أن يفـــــيد من ناحية من نواحي الضـــعف الانســــاني يجـــدها في اخر.

فيجعله يبرم عقدا ينطوي عند ابرامه على عين فاحش يتجسد في عدم التناسب بين ما أخذه منه وما اعطاه له ، فيؤدي به الى خسارة مفرطة ، بحيث يمثل عقده هذا اعتداء على قواعد الاخلاق والائتمان السائدة في المجتمع ومبدأ حسن النية .
موقف المشرع العراقي من معيار الغبن : اذا كان المشرع العراقي قد قال بالغبن الفاحش الا أنه لم يتبين معيارا معينا لتحديده ، ألا في حالة خاصة هي ما ذكرته المادة مع(1077ف3) بشأن قسمة المال الشائع ، وهذا يعني انه ترك تقدير الغبن الفاحش لاجتهاد القضاء ،ولما كانت مباديء الشريعة الاسلامية بمقتضى الفقرة الثانية من المادة الاولى من القانون المدني العراقي احد المصادر التي تستمد منها الاحكام بعد التشريع والعرف ، فيمكن للقاضي أن يعتمد احد المعايير التي تبناها من الفقه الاسلامي .

موقف الشريعة الاسلاميه الغراء من معيار الغبن : بصورة عامة يقسم فقهاء الشريعة الاسلامية الغبن الى نوعين ، يسير وفاحش ، و الغبن اليسير هو الذي لا يمكن تجنبه في المعاملات ومن المتفق عليه بين الفقهاء ان هذا النوع من الغبن يتسامح فيه ، ولا يعطى للمتعاقد المغبون خيار الغبن.

أما الغبن الفاحش فقد أختلف الفقهاء في تحديد مقداره ، وهناك معيارات لتحديده:
ووفقا للمعيار الاول ينظر الى قيمة الشيء وتحديد نسبة بين هذه القيمة وبين الثمن الذي دفعه المتعاقد كحد ثابت للغبن ، فأذا زاد الثمن عن هذا الحد او نقص عنه تحقق الغبن ،وقد تراوحت تقديرات الفقهاء في هذا الباب الثلث وربع العشر .
أما العيار الثاني الذي تبناه جانب من فقهاء الشريعة الاسلامية فانه يعرف الغبن الفاحش بانه (ما لا يدخل في تقويم المقومين ) فان دخل في تقويمهم فهو يسير لا فاحش .

فلو بيعت سلعة بمليون دينار وقومها بعض اهل الخبرة على هذا المبلغ والبعض بما ينقص عنه كان الغبن يسيراً ، أما لو اتفقوا جميعاً على تقويمها باقل من هذا المبلغ فأن في البيع غبن فاحش بالنسبة الى المشتري ، اما لو اتفقوا جميعا على تقويمها باكثر من هذا المبلغ كان في البيع غبن فاحش بالنسبة الى المشتري .

وتبنى المشرع العراقي نظرية الاستغلال في المادة (135) من القانون المدني العراقي حيث نصت على انه (اذا كان أحد المتعاقدين قد استغلت حاجته او طيشه او هواه او عدم خبرته او ضعف ادراكه فلحقه من تعاقده غبن فاحش جاز له في خلال سنة من وقت العقد ان يطلب رفع الغبن عنه الى الحد المعقول ، فاذا كان التصــــرف الذي صدر منه تبرعا جــــــــاز له في هذه المدة ان ينقضه).

http://www.almowatennews.com/news.ph...=view&id=11485

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق