الاثنين، 1 أغسطس 2011

هذه قصة «داماس الدولية المحدودة»....باختصار

حتى لا نصحو على داماس جديدة

الثلاثاء, 19 إبريل 2011 الساعة 08:36

صلاح صبح

إذا استمر غياب الرقابة الصارمة على «تصرفات» أعضاء مجالس إدارات بعض الشركات العائلية التي تحولت إلى مساهمة عامة، وتُتداول أسهمها في الأسواق المالية، ويضع الآلاف من صغار المتعاملين مدخراتهم فيها، فلن يصبح مستغرباً أن نصحو ذات يوم على «داماس» جديدة، لأن هذه الشركات ما زالت تدار بالأساليب القديمة نفسها باعتبارها ملكية خاصة أو شركة العائلة التي لا يحق لأحد أن يتدخل في شؤونها.
ولمن لا يعرف.. «داماس الدولية المحدودة» تعد واحدة من أكبر الشركات المتخصصة في تجارة الجواهر (تمتلك نحو 500 معرض في 18 دولة حول العالم)، تكافح حالياً من أجل البقاء، بسبب ممارسات ثلاثة من مؤسسيها، إذ أسفرت التحقيقات التي أجرتها «سلطة دبي للخدمات المالية» المسؤولة عن «بورصة ناسداك دبي» المدرجة بها أسهم الشركة إلى إثبات قيام الإخوان توحيد وتوفيق وتمجيد عبدالله بعدد من المخالفات المالية أبرزها أنهم انخرطوا في سحب أموال من الشركة لاستخدامهم الشخصي باعتبارها قروضاً على أسس غير تجارية، ولم يحصلوا على الموافقات اللازمة لذلك سواء من مجلس الإدارة أو المساهمين (الجمعية العمومية)، بحسب ما ورد في بيان لـ«السلطة» بعد الانتهاء من التحقيقات في أزمة الشركة قبل نحو عام.
وقدرت «السلطة» المبلغ المستحق على الإخوان عبدالله بنحو 365 مليون درهم (نحو 100 مليون دولار)، وقررت حينها قبول استقالة كل أعضاء مجلس الإدارة، واستبدال مدقق الحسابات، وتعيين مجلس إدارة جديد، يكافح حالياً من أجل استرداد أموال وحقوق المساهمين في الشركة.

هذه قصة «داماس» باختصار.
الإخوان عبدالله تعاملوا مع الشركة على أنها ما زالت عائلية، أو ملكية خاصة يحق لهم أن يفعلوا بأموالها ما يشاؤون، متناسين أنهم ارتضوا في النصف الثاني من 2008 أن يُدخلوا فيها شركاء جدد، عندما حولوها إلى مساهمة عامة، عبر اكتتاب لبيع 28 بالمئة من أسهمها، كانت حصيلته 271 مليون دولار.

  صحيح أنهم احتفظوا بحصة أغلبية في الشركة، ولكن هل يعطيهم ذلك الحق في ما فعلوه؟
الأمر نفسه يتكرر -للأسف- في عدد من الشركات «العائلية سابقاً» التي يتم تداول أسهمها في الأسواق المالية، وبعض الممارسات المثيلة لما فعله «الإخوان» عبداللـه يتم رصده على استحياء في بعض تقارير مدققي الحسابات، من دون أن يلفت ذلك نظر أحد، والغريب أن مؤسسي بعض هذه الشركات مطمئنون لموقفهم على اعتبار أنهم يملكون الأغلبية اللازمة لتمرير ما يرونه مناسباً من قرارات في اجتماعات الجمعيات العمومية العادية وغير العادية.
والأكثر من ذلك أن بعضهم لم يعد يشغل باله بالرد على تقارير مدققي الحسابات التي ترصد ملاحظات مهمة وخطيرة تصل أحياناً إلى التنبيه بأن الشركة قد تكون مقدمة على الإفلاس.
وهنا أتذكر أن أحدهم أخبرني أنه لا يهتم بهذه التقارير، وأنه مطمئن لموقف «شركته».
إذن هي العقلية نفسها التي تتعامل مع الشركة التي كانت يوماً ما عائلية وتحولت إلى مساهمة أو ملكية عامة، على اعتبارها «عزبة خاصة» لا يجب أن يشاركه في إدارتها أحد.

  والملاحظ أيضاً أن الإدارات التنفيذية لا تعتبر أنه من حق المساهمين -والصغار منهم تحديداً- معرفة كل ما يدور داخل الشركات التي يمتلكونها بدرجة أو بأخرى، كونهم يقتنون أسهماً فيهاً، ولذا فهي تتغافل عن الكشف عن معلومات جوهرية مؤثرة، أو تكتفي بإرسال بيانات مقتضبة تثير الأسئلة أكثر مما تقدمه من إجابات.
ويعود هذا الأمر بالطبع إلى ولاء هذه الإدارات لمالكي الحصص الرئيسة في الشركات، لا لصغار المساهمين.

  إن شفافية أي سوق مالية قائمة على أن تفصح الشركات عن أحداثها الجوهرية للمتعاملين كافة في وقت واحد، من دون تمييز عبر شاشات التداول، والوسائل الأخرى كافة، وما غير ذلك يجرمه القانون الذي تضمن عقوبات صارمة لكل من تسول له نفسه التربح من «معلومات داخلية». فـ«وفقاً لأحكام القانون الاتحادي رقم (4) لسنة 2000 بشأن هيئة وسوق الإمارات للأوراق المالية والسلع»، «يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تتجاوز ثلاث سنوات وبالغرامة التي لا تقل عن 100 ألف درهم ولا تزيد على مليون درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يستغل المعلومات غير المعلنة التي يمكن أن تؤثر في أسعار الأوراق المالية لتحقيق منافع شخصية، ويقع باطلاً كل تصرف أو تعامل يتم بناء على ما سبق».
خلاصة القول
أن الوضع الحالي لعدد من الشركات المدرجة والتي كانت في وقت ما عائلية، وما زال مؤسسوها يسيطرون عليها وعلى المواقع الأبرز في إدارتها التنفيذية بحاجة ملحة إلى مراجعة من الجهات الرقابية، حتى لا نصحو ذات يوم والصحف تحمل لنا أنباء عن أزمة جديدة تماثل «داماس» أو تتفوق عليها.

للتواصل مع الكاتب:


s.sobh@i-media.ae

http://alrroya.com/node/127995

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق