الثلاثاء، 5 سبتمبر 2017

الطبيعي وغير الطبيعي.. في إخراج فضلات الطعام



بين متعة اللسان وعذابات الجسم

الرياض: د. حسن محمد صندقجي

«المتعة واللذة في اللسان، والمعاناة والعذاب في كل مكان». 

ذلكم ما يُمكن به اختصار وصف اضطراب العلاقة 

فيما بين تناول الإنسان للطعام وبين نوعية التأثيرات على أجزاء جسمه، 

حينما يخرج "قطار" تغذيتنا عن الغايات الطبيعية لتناول الطعام 

ويسلك طرقاً أخرى ذات غايات غير طبيعية.

الأصل في الغاية، 

أن أحدنا يتناول حاجته من الغذاء كي يسد رمق جوعه 

وكي يُقدم لجسمه ما تحتاجه أعضاؤه لنموها وأداء أعمالها.
وإذا ما تلوثنا بغايات أخرى، ونسينا الأصل،
أصبح إشباع رغبة اللسان بتذوق ما لذ وطاب هو الشُغل الشاغل،
ويغدو حالنا أشبه بالقول " لذة لساني ومن بعدها الطوفان في كل جسدي".

* «فوضويةالأكل»

* والسبب أن تبعات وجود حالات "ضلال" الأكل و "فوضوية" تناوله،
تتمثل في ثلاث نتائج حتمية:
الأولى: تدني قدرة الجهاز الهضمي على الاستقبال والاستيعاب والتعامل الصحيح والمريح
مع كميات وأصناف تشكيلة الأطعمة المتناولة دفعة واحدة في كل وجبة أو في ما بين الوجبات الرئيسية.
وهي ما تبدو لنا كاضطرابات غير طبيعية
في حالات 

تُخمة المعدة، والتلبك المعوي، وعسر الهضم، وترجيع أحماض المعدة إلى المريء والفم، وغيرها.
الثانية: اضطرار الأمعاء لا محالة إلى امتصاص كميات كبيرة، وفائضة عن احتياج الجسم،
من الدهون والسكريات والبروتينات.
وهو ما يرشح عنه الإصابة بأمراض نصنعها بأنفسنا و"لا داع" لها البتة.
مثل 

السمنة، ومرض السكري، وارتفاع الكولسترول وترسباته في جدران الشرايين، وارتفاع ضغط الدم،
وهلم جرا من سلسلة ما يُسمى بـ "أمراض العصر".
الثالثة: حالات الاضطرابات والفوضوية في إخراج فضلات بطرق ونوعيات غير طبيعية.


* حركة الطعام

*يتم في الفم مضغ الطعام ودفعه للدخول إلى المريء، الذي يُوصله بدوره إلى المعدة.
والمعدة، كعضو، تقوم بوظيفتين رئيسيتين.
الأولى كوعاء أو جراب، يتم فيه إبقاء الطعام واستيعاب كامل وجبة الطعام المُتناولة.
و"استيعاب المعدة للطعام" مهم جداً في العمل على تنظيم دخول الطعام إلى "الورشة"
التي ستتم فيها عمليات الهضم والتفتيت الدقيقة وعمليات الامتصاص المُعقدة.
و"الورشة" المقصودة هي الأمعاء الدقيقة.
ولذا يحصل أولاً مزج مكونات الطعام بعصارات المعدة، 

ثم دفع كميات قليلة منه وبالتتابع إلى الأمعاء.

وتقوم الأمعاء بهضم الكميات القليلة من الأطعمة الواصلة إليها،
عبر مزجها أولاً بعصارات المرارة والبنكرياس والعصارات التي تُفرزها الأمعاء نفسها.
ثم، وعلى طول أنبوب الأمعاء الدقيقة، تجري عمليات التفتيت والهضم للطعام،
كي يكون جاهزاً للدخول في عملية المرحلة الثانية،
وهي امتصاص خلايا طبقة بطانة الأمعاء للعناصر الغذائية الموجودة في الطعام،
والتي تشمل عادة 

بروتينات وسكريات الكربوهيدرات ودهون ومعادن وفيتامينات ومواد كيميائية أخرى كالأدوية وغيرها.

وبعد تلك الرحلة الطويلة للطعام في تجويف الأنبوب الطويل للأمعاء الدقيقة،
تصل بقايا الطعام إلى الأمعاء الغليظة، أو القولون،
وهي خالية تقريباً من كل شيء يُمكن للجسم امتصاصه والاستفادة منه.


* عمل القولون

* وهنا، أي في القولون، تتم العمليات النهائية للهضم
وتهيئة فضلات الطعام لعملية إخراجها إلى خارج الجسم خلال عملية التبرز.
بمعنى أن القولون هو المكان الذي تتم فيه عملية تكوين البراز بهيئة جاهزة للإخراج،
وهو العضو الذي يقوم بضبط قيام أحدنا بعملية التبرز.

والسؤال الذي يخطر على البال، عند ذكر عبارات حول أهمية دور القولون في عملية الهضم،
هو: ما الذي بالضبط ذلك الشيء، أو الأشياء، المطلوب من القولون القيام بها؟
أو بعبارة أخرى لصياغة السؤال،
لماذا يكون عمل القولون بشكل طبيعي، أمرا مهم ومفيدا؟
وما الذي سيحصل لو حصلت اضطرابات في عمله؟

والإجابة ببساطة وبعبارة مُختصرة، هي:
القولون هو العضو أو المكان الذي يتم فيه تكوين كتلة من البراز الطبيعي الجاهز للإخراج،
والذي فيه يتم البدء بالعمل على إخراج البراز بطريقة طبيعية.

وعمل القولون بالأساس هو امتصاص كميات الماء
وكميات محاليل الشوارد electrolytes من المعادن والأملاح،
الموجودة بوفرة في كتلة بقايا الطعام chyme التي تصل إلى القولون
بعد الخروج من "دوخة" ومتطلبات "ورشة" عملية هضم المعدة والأمعاء للطعام الذي نتناوله.
وبالنتيجة تتكون كتلة المادة البَرازية الواجب إخراجها.


* تراكيب القولون

* يبلغ طول أنبوب القولون حوالي متر وعشرين سنتيمتر،
ويبدأ من العضلة العاصرة فيما بين الأمعاء الدقيقة والأمعاء الغليظة ileocecal sphincter،
وينتهي عند العضلة العاصرة الشرجية anal sphincter
الموجودة في فتحة الشرج الخارجية بمنطقة العجّان perineum في أسفل الحوض.

ويتكون أنبوب القولون من سبعة أجزاء متصلة،
وهي: المصران الأعور cecum
والقولون الصاعد ascending colon 
والقولون المُستعرض transverse colon
والقولون النازل descending colon
والقولون السيني sigmoid colon
والمستقيم rectum
وفتحة الشرج anus.


وبشكل عام
فإن وظيفة الأجزاء الأولى من القولون هي الامتصاص،
ووظيفة الأجزاء الأخيرة هي تخزين الفضلات.

ويتكون جدار أنبوب القولون من عدة طبقات، بدءا من الداخل إلى الخارج،
وهي: طبقة خلايا البطانة الداخلية،
تليها طبقة من الأنسجة التي تحتوي الأعصاب والأوردة والشرايين وأنسجة ليفية وغيرها.
وتُغلف ذلك كله الطبقة العضلية.
وهنا لدينا طبقة عضلية داخلية 

مكونة من عضلات دائرية حلقية circular تلتف حول أنبوب القولون.
ثم هناك طبقة من العضلات الطولية longitudinal التي تمتد بطول أنبوب القولون.
ونوعية العضلات هنا
هي من نوع العضلات الناعمة smooth muscle ،
أي غير نوعية العضلات الموجودة في عضلات الجسم 

التي نستخدمها في تحريك أجزاء الهيكل العظمي،
وغير نوعية العضلات الموجودة في القلب،
بل عضلات القولون
هي من نفس فصيلة العضلات الموجودة في الرحم والشرايين والحالبين والمثانة والمرارة
وأجزاء شتى من أحشاء الصدر والبطن والحوض.

وهناك عدة شبكات معقدة من الأعصاب المحلية
التي تُغذي الأجزاء المختلفة في تراكيب القولون ومكونات طبقاته،
أي العضلات والأوعية الدموية وقدرات الامتصاص والإفراز والحركة وغيرها.
وأهمية وجود شبكات عصبية سليمة ومتصلة بشكل جيد مع بقية أجزاء الجهاز الهضمي
ومتفاعلة بصفة عالية الكفاءة مع المراكز العصبية اللا إرادية والمراكز الدماغية،
هو تمكين القولون من أداء مهامه بتناغم مع أجزاء الجهاز الهضمي،
وبطريقة تستجيب لما هو صادر إليه من رسائل عصبية دماغية أو لا إرادية.


* أنواع الحركة في القولون

* وبمحصلة العمل الجيد والمتناغم للشبكات العصبية ولعضلات القولون،
يُوجد نوعان من الحركات في القولون.
الأولى: الحركات الدافعة propulsive ، أو ما تُسمى بالحركات الدودية peristalsis .
وهذه النوعية من حركة القولون 

تحصل استجابة وتفاعلاً عند وجود اتساع distension في أجزاء من القولون.
ولذا حينما يتسع جزء من القولون نتيجة وجود فضلات طعام أو هواء،
فإن العضلات الحلقية في ذلك الجزء تنقبض في حركة عاصرة كي تُبعد تلك الكتلة التي دخلت إليه.
ومن الممكن أن تتجه الكتلة تلك إلى الأمام أو إلى الخلف، لأن القوة العاصرة عمياء كما هو معلوم،
ولكن نظراً لوجود العضلات الطولية، فوق العضلات الحلقية، فإنها تضبط الاندفاع إلى الأمام،
أي إلى ما يُقربها إلى فتحة الشرج.
الثانية: الحركات المازجة mixing movements.
ونتيجة لحصول انقباض الحركة الدافعة، فإن حركة من نوعية أخرى تحصل معها، وهي الحركة المازجة.
والتي تقوم بعملين،
الأول هو مزج مكونات فضلات الطعام وتهيئة تشكيل كتلة لها عند الخروج خلال عملية التبرز.
والثاني هو تعريض كتلة فضلات الطعام لأسطح بطانة القولون 

كي يتم امتصاص أكبر ما يُمكن من المياه فيها.

وبالنتيجة فإن حركة فضلات الطعام
خلال المصران الأعور والجزء الصاعد والجزء المستعرض من القولون،
والتي تتم بُمحصلة نوعي الحركة المتقدمين، تستغرق ما بين 8 إلى 15 ساعة.
وبالتالي تصل كتلة الفضلات إلى القولون النازل وهي في هيئة شبه صلبة،
بعد أن كانت قبل ذلك في هيئة شبه سائلة.
وفي هذه الأجزاء يتم تحريك كتلة الفضلات بطريقة الدفع.


* دفع الفضلات إلى المستقيم

* والمنطقة التي يبدأ منها دفع فضلات الطعام شبه الصلبة هي نهايات القولون المُستعرض.
والطبيعي أن تتم نوبات الحركة الدافعة لكتلة الفضلات mass movements ،
ما بين مرة إلى ثلاث مرات في اليوم، وخاصة بعد تناول أحد وجبات الطعام.
ويحصل فيها تسهيل هذه الحركة الإخراجية بفعل رد فعل انعكاسي عصبي reflex
فيما بين المعدة والقولون gastrocolic
وبين الإثنا عشر والقولون duodenocolic.
ومن خلال هذا يتم إعطاء منطقة بطول عشرين سنتيمترا من هذا الجزء للقولون
فرصة دفع كتلة الفضلات إلى الأمام،
دون إرباك هذه الخطوة بنوع الحركة المازجة والمُعيقة لاستمرار الدفع قُدماً لكتلة الفضلات.
وردة الفعل العصبية تبدأ خلال الساعة الأولى بعد تناول وجبة الإفطار مثلاً،
وتستمر شدة قوة تأثيرها المُحرك للإخراج حوالي خمس عشرة دقيقة،
ثم يخمد نشاطها حينما لا يستغل المرء تلك الفرصة للذهاب إلى الحمام والقيام بعملية التبرز.
وقد يعود النشاط الدافع هذا لدى البعض
بعد كل وجبة تناول طعام، أو كل اثنا عشر ساعة، أو مرة في كل يوم، أو حتى مرة كل ثلاثة أيام.
ونتيجة لدفع كتلة الفضلات من القولون النازل ومن القولون السيني الشكل، وصولاً إلى المُستقيم،
تحصل إثارة عصبية في المستقيم المملوء بالفضلات
كي يسهل على المرء القيام بعملية الإفراغ وإخراج الفضلات.


* إثارة الرغبة في الإخراج
* الإخراج الطبيعي، بفعل عملية التبرز،
يتطلب تناغماً 

بين الوظائف اللا إرادية التلقائية autonomic وبين الوظائف الطوعية الإرادية voluntary.
* ويبدأ الأمر بموجة دفع الفضلات إلى المستقيم، كما تقدم، بفعل العمل اللا إرادي.
وهو ما يُثير ردة فعل انعكاسية عصبية للتبرز defecation reflex.
ومنشأ ردة الفعل العصبية هذه
هي أعصاب الإحساس sensory receptors بالاتساع
الموجودة على جدران المستقيم rectal wall
وعلى أجزاء عضلات طبقة أرضية الحوض pelvic floor muscles.

وهنا تصل تلك الرسائل العصبية الصادرة من أعصاب الإحساس في المستقيم، إلى الدماغ،
وبالتالي يولد شعور بوجود امتلاء بفضلات الطعام في منطقة المستقيم.
كما أن ذلك الإحساس بالتوسع في المستقيم،
يُثير ارتخاء في ذلك الانقباض الطبيعي والدائم
لحلقة العضلة العاصرة الداخلية internal anal sphincter
والمُغلقة لفتحة الشرج.
وبالتالي ينخفض الضغط في مجرى قناة الشرج anal canal pressure.


ومع هذا كله لا يُخرج الإنسان فضلات الطعام تلقائياً بمجرد امتلاء المستقيم.
لأن عضلة العانة- الشرج puborectalis muscle
والعضلة العاصرة الخارجية لفتحة الشرج external anal sphincter تظل منقبضة آنذاك
عند ارتخاء العضلة العاصرة الداخلية.
وهما عضلتان إراديتان لا ترتخيان إلا حينما يُريد الشخص ذلك،
وتظلان منقبضتين أثناء النوم وأثناء بقية اليوم
لكي تحولا دون حصول حالة سلس البراز stool incontinence ،
أي إخراج البراز لا إرادياً ودون الشعور بذلك.
ولا يحصل ارتخاؤهما في الحالات الطبيعية
إلا بتأثير مناطق عليا في الدماغ حين الرغبة بالتبرز.
وهذا التحكم الإرادي هو ما يتم تعويد الأطفال عليه في مراحل مبكرة من العمر.
وعند ارتخاء هذه العضلات، مع ارتفاع الضغط في البطن بفعل حبس النفس،
تنشأ ظروف في وضعية المستقيم وفتحة الشرح، تُسهل خروج فضلات الطعام وإفراغ المستقيم.

* أوقات متفاوتة لمرور الطعام.. عبر أجزاء الجهاز الهضمي

* يختلف الناس الطبيعيون في مدة الأوقات التي يتطلبها مرور الطعام بأجزاء الجهاز الهضمي،
من حين دخوله إلى الجسم عبر الفم إلى حين خروجه كفضلات عبر فتحة الشرج.
وبطبيعة الحال يختلف الأمر
بين الناس الطبيعيين وبين منْ لديهم أمراض في الجهاز الهضمي وغير الجهاز الهضمي،
كمرضى السكري والمُصابين بأمراض في الجهاز العصبي المركزي أو الطرفي
أو يتناولون أنواع شتى من الأدوية وغيرها من المواد الكيميائية أو الطبيعية.
ولكن ثمانون بالمائة من الناس يُتمون بالكامل تلك العملية خلال خمسة أيام، 

لإخراج ما تناولوه من أطعمة.
وعادة ما يتطلب الأمر 

حوالي ثماني ساعات لمرور الطعام من خلال المعدة والأمعاء الدقيقة، وصولاً إلى بدايات القولون.

ويختلف الناس، على وجه الخصوص،
في المدة الزمنية التي تقضيها فضلات الطعام في أجزاء القولون، إلى حين إخراجها كفضلات.
أي ما بين أربع وعشرين ساعة إلى بضعة أيام.
وهي ما تتأثر بنوعية مكونات الطعام، وخاصة من الألياف، وممارسة الرياضة والمجهود البدني.
كما أن سرعة حركة فضلات الطعام في أجزاء القولون تختلف على حسب الوقت من اليوم الواحد،
وعلى حسب عدة متغيرات في الظروف المحيطة، أي البيئية والاجتماعية والنفسية.
وعملية الأكل بحد ذاتها، ترفع من النشاط الحركي والكهربائي في القولون.
وإذا ما تم استغلال تأثيراتها هذه، بالذهاب إلى الحمام،
تقل مدة بقاء الفضلات في القولون ويسهل تكرار إخراجها.
وعلينا أن نُفرق
بين تأثيرات هذه العوامل في الحالات الطبيعية
وبين تأثيراتها في الحالات غير الطبيعية،
أي في حالات الإمساك أو الإسهال أو الإصابة بأنواع مختلفة من الأمراض.
ولذا قد يستفيد الأشخاص الطبيعيون
من ممارسة الرياضة أو من أكل الألياف أو من الإكثار من شرب السوائل،
في تسهيل الإخراج،
في حين قد لا تُجدي تلك الوسائل نفعاً لدى منْ يُعانون من إمساك مُزمن مثلاً.
وهذه النتيجة ليس معناها أن تلك الوسائل لا تُحرك الفضلات في القولون أو أنها غير مفيدة،
بل أن ثمة ما هو أقوى من أن تتمكن من التغلب عليه بالكامل لكي يسهل الإخراج.

الاستجابة السليمة لنداء الجسم.. إخراج للفضلات بسهولة
إخراج فضلات الطعام من الجسم عملية غاية في التعقيد.
ومن السهل جداً على أحدنا أن يُقرر متى يُريد إدخال الطعام إلى الجسم،
لكن من الصعب جداً عليه أن يُقرر إخراج فضلاته متى ما شاء،
بل عملية إخراج الفضلات
تتطلب تناغماً في عمل أجزاء متفرقة من الجهاز الهضمي، وخاصة في الأجزاء السفلية منه،
وتتطلب توفر كفاءات في عمل 

مجموعة من العضلات والأعصاب الدماغية والمحلية في منطقة الشرج والحوض.
والأهم أنها عملية تتطلب أن يقوم المرء بإخراج الفضلات
مستغلاً تلك الظروف الجسدية المُسهلة لتلك العملية،
وليس متى ما أتاحت الظروف الاجتماعية والشخصية القيام بذلك.
والعامل الأكثر فاعلية والأقوى جدوى في نجاح هذا الإخراج، هو العامل الفسيولوجي الطبيعي.
وهذا العامل هو تناول الطعام.
وحينما لا يتفاعل المرء طبيعياً مع العامل الطبيعي، فإن الأمر يغدو متعثراً.
ولذا عندما تُثار طبيعياً عملية التبرز، نتيجة دخول فضلات إلى المستقيم،
في أوقات وظروف اجتماعية لا يُريد المرء أثنائها التبرز،
فإن العضلة الشرجية الخارجية تنقبض لمنع خروج الفضلات.
وهنا يبدأ التأثير اللا إرادي للتبرز بالانخفاض التدريجي، إلى أن تزول الرغبة في التبرز.
وحينما يُحاول المرء التبرز بعد حين، فإن الأمر يصعب عليه،
إلى حين دخول المزيد من الفضلات إلى المستقيم وإثارة الرغبة اللا إرادية في التبرز،
أو أن يضطر الإنسان إلى الضغط الشديد عبر حبس النَفَس في الصدر ودفعه للخروج،
مع إقفال خروجه من الأنف أو الفم، بالتالي ارتفاع الضغط في البطن،
وهو ما يُسمى طبياً بوسيلة مناورة فالسلفا valsalva maneuver.
إلا أن المصادر الطبية تُؤكد 

أن إنفاق الجهد وإتعاب النفس، باللجوء إلى هذه الطريقة الإرادية لإخراج الفضلات،
هو أضعف تأثيراً ونجاحاً مقارنة باستغلال بدء العملية الطبيعية اللا إرادية.
ولأن النداءات التي يجب عدم إهمال الرد عليها هي نداءات الجسم وتنبيهاته،
فإن أحد أسباب نشوء الإمساك هو الوقف المتعمد للإخراج الطبيعي،
خاصة بعد الأكل أو شرب الماء، وترك الفضلات تتجمع في المستقيم.
أي عدم الاستجابة الطبيعية لنداء التبرز ‘call to stool’.

إضافة إلى أن ثمة تأثيرات سلبية 

لبذل كميات كبيرة من الجهد في رفع الضغط داخل البطن لإتمام التبرز المتعثر.
وهو ما يُؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وإجهاد عضلات الجسم
وإثارة التمزق في بعض الأوعية الدموية
أو ترسبات الكولسترول في الشرايين الكبيرة بالجسم.


* تغيرات الفضلات.. ومراجعة الطبيب

* يتم في الحالات الطبيعية إخراج حوالي مائتي غرام من الفضلات يومياً.
ومنشأ الرائحة الكريهة للفضلات، 

هي ما تُنتجه البكتيريا الصديقة من مركبات الغازات المحتوية على عنصر الكبريت.
وقد تحتوي الفضلات على كمية قليلة من المواد المخاطية في الحالات الطبيعية، 

وكذلك عند وجود الإسهال أو الإمساك.
إلا أن زيادة كمية المخاط، مع وجود الدم، يتطلب مراجعة الطبيب.
ومن الطبيعي أيضاً، وأحياناً، أن تُوجد في الفضلات بقايا من الأطعمة المحتوية على الألياف،
والتي لا يستطيع الجسم هضمها بالأصل.
وسبب اللون البني الطبيعي للبراز،
هو تفاعل ما نتناوله مع عصارات المرارة ومركبات البيلوربين، 

المُشتقة من هيموغلوبين خلايا الدم الحمراء.
وصبغات المرارة bile pigments ، ذات لون أخضر، 

إلا أن تفاعلها مع الأنزيمات الهاضمة يُحولها إلى اللون البني.
إلا أنه، وكما يُشير الباحثون من مايو كلينك،
فإن طيفاً واسعاً من مشتقات اللون البني واللون الأخضر، يُمكن أن تكون طبيعية للبراز.

وللون البراز الأخضر أسباب طبيعية تتعلق بالطعام، كتناول أوراق الخضار الخضراء اللون،
أو المواد الخضراء اللون المُستخدمة في تلوين الأطعمة، أو حبوب الحديد.
وقد يكون السبب في ظهور براز أخضر اللون هو سرعة حركة الفضلات خلال القولون،
كما يحصل في بعض حالات الإسهال، أو أنه لم يكن ثمة وقت كاف لتغيير لون إفرازات عصارة المرارة.

وظهور لون أصفر للبراز، مع تغير الرائحة،
والإحساس بوجود مواد دهنية عند التنظيف الشخصي،
دليل على وجود دهون في البراز.
وهو ما يتطلب مراجعة الطبيب،
نظراً لاحتمال وجود اضطرابات في قدرات الأمعاء الدقيقة على هضم الدهون وامتصاصها.

وحينما يظهر براز فاتح اللون أو أبيض أو بلون الطين،
فإن ذلك ربما دليل على عدم وصول إفرازات المرارة إلى الأمعاء، أي انسداد مجاري قنوات المرارة.
وهو ما يتطلب أيضاً مراجعة الطبيب.

وخروج براز أسود اللون، وذي مظهر لامع،
فإن ذلك يتطلب مراجعة الطبيب دون أي تأخير،
لأنه دليل على احتمال وجود نزيف في أجزاء الجهاز الهضمي العلوية، كالمعدة أو الإثنا عشر أو المريء.

وخروج دم أحمر مع البراز،
دليل على وجود تسريب دموي في الأجزاء السفلى من الجهاز الهضمي،
كبواسير أو شرخ فتحة الشرج أو غير ذلك.

http://archive.aawsat.com/details.asp?

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق