السبت، 12 أغسطس 2017

تاريخ إكتشاف أن العقل في الدماغ


طريف سردست

الحوار المتمدن-العدد: 3860 - 2012 / 9 / 24 - 08:29

المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات

في البداية لم يكن يعرف الانسان بوجود الدماغ، كعضو من الاعضاء الحيوية او وظائفه،

وكانت قدراتنا على التفكير والاستنتاج معضلة مذهلة بالنسبة لهم..

المصريين القدماء (2500 قبل الميلاد) 

كانوا يعتقدون ان العقل في القلب وان الدماغ مجرد " حشوة" لافائدة منها.

لهذا السبب، في عملية تحنيط الجسد، كانوا يسحبونها عن طريق الانف ويرمونها،

على الرغم من ان التحنيط نفسه يهدف لحفظ الجسد في عملية الانتقال الى العالم السفلي،

وكانوا يحتفظون بالقلب لكونه مركز الروح والعقل.

من القرن 1600 قبل الميلاد توجد لدينا وثيقة عن طبيب مصري

 يصف فيها، لاول مرة، الدماغ اناطوميا.

هذه الصحيفة من ورق البردي يطلق عليها Edwin-Smith papyrus,

وفيها وصف لتموضع الفصوص وللغشاء الدماغي والسائل الدماغي.

إضافة الى ذلك يصف الطبيب 26 نوع من اصابات الدماغ وطرق معالجتها.

في الواقع جرى العثور على جماجم تعود الى ماقبل 2000 عام 

وفيها ثقب يدلل على انه جرى بطريقة منظمة،

بواسطة سكاكين واحجار حادة. هذه الحالات تدعى Trepation.

الاركيولوجيين يعتقدون ان هذه العمليات جرت بالترابط مع طقوس دينية

وجرى العثور على امثلة عنها في جميع انحاء العالم.

بعض هذه الجماجم كانت الثقوب مدورة بشكل منتظم 

مما يدل على ان صاحب الجمجمة بقي على قيد الحياة

وان العظام نمت جزئيا.

فتح الجمجمة وكشف الدماغ للعلاج ، 

وعلى الاخص وجع الرأس المزمن، لطرد الجان والعفاريت من الرأس،

كان منتشرا في القرون الوسطى وإستخدمت أدوات خاصة لثقب الجمجمة.

الفيلسوف الاغريقي العظيم اريسطوطاليس

كان يعتقد ان العقل والتفكير يحدث في القلب وان وظيفة الدماغ ان يبرد الدم.

ديموقريطس

كان يعتقد ان الروح منقسمة ثلاثة اقشام:

 العقل في الرأس والمشاعر في القلب واللذة في الكبد.

مؤسس الطب الاغريقي هيبوقريطيس Hippocrates,

كتب في وصفه لمرض الصرع وعلاجه:

" علينا ان نعلم انه، ليس من أي مكان أخر عدا الدماغ

تأتي المتعة والرغبة باللعب والضحك والحزن والاسى والشك والتبلبل والتشكي.

ومن هذا العضو نفسه نصبح مجانين او ندوخ والرعب يستولي علينا،

للبعض في الليل وللبعض الاخر في النهار، كما نحلم ونهتم بالقضايا الغير مناسبة، ك

ل هذه الامور تصدر عن الدماغ عندما يكون مريضا".

(On the Sacred Disease

550 قبل الميلاد استنتج الطبيب والفيلسوف الاغريقي Alkmaion,

ان الانسان، على خلاف الحيوان، قادر على التفكير المنطقي

وان الدماغ وليس القلب هو المكان الذي تحدث فيه عملية التفكير والتعقل.

بعد حوالي 300 سنة 

قام قام الطبيبان والفيلسوفان الاغريقيان Herofilos & Erasistratos, 

بتشريح الجثث البشرية.

ومع بعض قاموا بوصف الدماغ والقلب ووضع خارطة الشبكة العصبية.

وفي النهاية استنتجوا، 

ان دماغ الانسان يختلف عن دماغ الحيوان في كونه كبير بشكل ملحوظ.

الطبيب الاغريقي غالينوس، 

(Aelius Galenus or Claudius Galenos, AD 129 - c. 200)

آشار الى أهمية الدماغ، 

والعلاقة بين الاعصاب والعضلات والدماغ، من خلال شبكة عصبية

ووضع ترقيم للمنظومة العصبية المتجهة الى الدماغ عند الرقبة 

(nervus cranialis/nervi craniales).

كما آشار الى ان الاعصاب تنشط العضلات 

من خلال هرمون اطلق عليه اسم pneumata psychikon.

في القرون الوسطى جرى تطوير نظرياته من قبل pneumata psychikon.

العرب، قبل الاسلام، كغيرهم لم يكونوا يعرفون ان العقل في الدماغ

وانما كانوا يعتقدون، كبقية الامم، ان العقل والتفكير مكانهم في القلب.

وليس مايدل على ان الوضع تغير بعد الاسلام.

وفي لسان العرب نجد ان الدماغ مجهول الوظيفة

والعقل هو ماتعقله بقلبك، يقول:.

والعَقْلُ: القَلْبُ، والقَلْبُ العَقْلُ،

وسُمِّي العَقْلُ عَقْلاً لأَنه يَعْقِل صاحبَه عن التَّوَرُّط في المَهالِك أَي يَحْبِسه،

وقيل: العَقْلُ هو التمييز الذي به يتميز الإِنسان من سائر الحيوان،

ويقال: لِفُلان قَلْبٌ عَقُول، ولِسانٌ سَؤُول،

وقَلْبٌ عَقُولٌ فَهِمٌ؛ وعَقَلَ الشيءَ يَعْقِلُه عَقْلاً: فَهِمه.

في نفس المعجم نجد ان الدماغ والمخ لاعلاقة لهم بالتفكير

بل لايعرف لهم اي وظيفة

فيقول:

الدِّماغُ: حَشْوُ الرأْسِ، والجمع أَدْمِغةٌ ودُمُغٌ. 

وأُمّ الدِّماغِ: الهامةُ، وقيل: الجلدة الرَّقِيقةُ المشتملة عليه.

ومع ذلك لم يمنع ذلك 

أن أول الأدوات لمعالجة أوجاع الرأس جاءت من طبيب اندلسي مسلم.

في القرن 900 خطى الطب خطوة هامة 

على يد الطبيب الاندلسي ابو القاسم خلف بن عباس الزهراوي،

الذي أبدع العديد من الادوات الطبية 

وبقيت كتبه مرجعا مهما، في أوروبا، على مدى اربعة قرون.

في كتابه " التصريف لمن عجز عن التأليف"

نجد رسومات لادوات لفتح الجمجمة.

فقط منذ عصر النهضة (1600 ميلادي) 

بدأت دراسة الدماغ على اسس علمية صحيحة.

عام 1664 تمكن الطبيب الانكليزي توماس ويلليز Thomas Willis,

 من وصف الاقسام الداخلية للدماغ ،

بمساعدة مشرط وجثة مسروقة وميكروسكوب.

استنتاجاته نشرها في كتابه Cerebri Anatome,

وفي نظريته يشير الى ان مختلف اقسام الدماغ تتحكم في مختلف انواع العقل.

كما أكتشف شبكة دموية كبيرة في الجهة السفلى من الدماغ 

ولاتزال هذه الدورة تسمى دورة ويللز.

عامل السكة الحديدية فينيس كيج Phineas Gage, اصيب، عام 1848، بحادث عمل.

لقد اخترق قضيب حديدي صدغه وخرج من رأسه مخترقا في طريقه الفص الجبهوي للدماغ.

بعد الحادثة اصبح فينيس عدائي وصار يرى الاشباح والخيالات.

لهذا السبب استنتج الاطباء 

ان القسم الاكبر لمركز مقومات الشخصية موجودة في الفص الامامي الجبهوي.

الاصابة جعلتهم يكتشفون ان اختلال الشخصية 

سببه ضعف الروابط بين المادة البيضاء lobotomi, وبين الفص الامامي.

والامريكي كارل لاشلي Karl S Lashley ، من خلال تجاربه على الفئران،

اكتشف انه كلما أزال قسم من الدماغ كلما ساءت الذاكرة.

ذلك عنى، بالنسبة اليه، ان الذاكرة ليست في مكان معين

وانما منتشرة على طول القشرة الدماغية ومتتداخلة مع العديد من المراكز الدماغية.

الذاكرة لاتملك مركزها الخاص.

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=325470

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق