الأربعاء، 12 أكتوبر 2016

قبائل معسكر الكوفة حتى واقعة الطف



الكوفة وخذلان الإمام الحسين عليه السلام

نشر بتاريخ: 05\11\2013م 

نشر بواسطة: السيد زهير الأعرجي


أنشأت الكوفة سنة 17 للهجرة أيام الفتح الإسلامي لتكون قاعدة ومعسكراً للجيش الإسلامي، 

وأصبحت فيما بعد مركزاً لاعداد الجند في الفتوحات الإسلامية. 

وربما يشار الى الكوفيين على أنهم جنود الجيوش الفاتحة، وبمساعدتهم فتحت فارس والروم.


وكانت الكوفة في البداية مؤسسة على أساس القبائل التي سكنتها، وهي:


1- كنانة وحلفاؤهم.

2- قضاعة وغسان، وبجيلة، وخثعم، وكندة، وحضرموت. 

وكانت السيادة في هذا الحي لعشيرتين: بجيلة تحت إمرة جرير بن عبد الله البجلي، وكندة تحت إمرة الأشعث بن قيس.

3- مذحج، وحِميـَر، وهمدان وهي قبائل يمانية.

4- تميم.

5- أسد، وغطفان، ومحارب، ونميـر، من بكر بن وائل، وتغلب ومعظمهم من ربيعة.

6- اياد، وعك، وعبد القيس، والحمراء.

7- طي.


وقيل ان الحمراء كانوا حلفاء عبد القيس، وهم أربعة آلاف جندي من الفرس تحت أمرة قائد يلقب بـ (ديلم). 



وقد عرفوا باسم (حمر الديلم). 

ويعتقد بانهم كانوا من شراذم جيش الفرس الذين التجئوا إلى سعد بن ابي وقاص بعد معركة القادسية، وتحالفوا مع عبد القيس.

وكان لهم دور في مقاتلة الحسين (ع) في كربلاء. 

إلا ان سجل المعركة لا يظهر اسماءً فارسية لقادة. ويمكن إرجاع ذلك إلى أحد احتمالين. 

الأول: أن يكونوا جنوداً عاديين لم يكن لهم دور قيادي. 

الثاني: أنهم قد أبدلوا أسماءهم إلى أسماء عربية من أجل الاندماج في مجتمع الكوفة.


وفي عهد الإمام علي (ع) (36-40 للهجرة) تغير تقسيم الكوفة، واصبح على الترتيب التالي:

1- همدان، وحمير.

2- مذحج واشعر، وطي.

3- قيس وعبس، وذبيان وعبد القيس.

4- كندة وحضرموت وقضاعة ومهرة.

5- الأزد، وبجيلة، وخثعم، والأنصار.

6- بكر وتغلب، وبقية بطون ربيعة عدا عبد القيس.

7- قريش وكنانة، وأسد، وتميم وظنـّة.



وبقي الأمر على هذا التقسيم الى أن ولي أمارة الكوفة زياد بن أبيه سنة 50 للهجرة من قبل معاوية، 

فتغير التقسيم، واصبحت الكوفة، كشقيقتها البصرة، أربعة أرباع:


الربع الأول: أهل العالية (كنانة وحلفاؤهم). 

الربع الثاني: تميم وهمدان. 

الربع الثالث: ربيعة وبكر وكندة. 

الربع الرابع: مذحج وأسد.



وحاول النظام الجديد دمج قبائل متناحرة مثل: 

همدان (من أتباع أهل البيت عليهم السلام) مع تميم، تحت أمرة من كانت بنو أمية تراه موالياً لها. 

ودمج أسد ذو الميول الشيعية مع مذحج

وحرمت القبائل الموالية لأهل البيت من أدنى الإمتيازات.

فكانت قبائل قيس تعاني شظف العيش، بينما كان عطاء قبائل اليمن (مذحج وحمير) جزيلاً. 

وكان معاوية يعتمد على القبائل اليمانية 

مثل: عك، والسكاسك، والسكون، وغسان وغيرها. 

وعلى هذا استقر التقسيم الحربي العسكري في الكوفة , 

وكان له رؤساء يعرفون برؤساء الأرباع. 

وهذا التنظيم هو الذي قاتل الأمام الحسين (ع) في كربلاء.

ومجتمع عسكري كمجتمع الكوفة كانت تحركه عوامل منها:


1- كم الأفواه والإرهاب السياسي، وقد حاول ولاة الكوفة المتعاقبين: 

الوليد بن عقبة بن ابي معيط، وسعيد بن العاص، وزياد بن سمية، والنعمان بن بشير، وعبيد الله بن زياد 

سحق كل شعور موالٍ لأهل البيت (ع). 

وأجبروا الناس على قبول أجور هي فتات موائد اسيادهم. 

وحاول عبيد الله بن زياد، والي الكوفة من قبل يزيد، 

وباستخدام شتى اساليب الإرهاب والإرعاب، 

تجنيد أهل الكوفة من أجل محاربة الحسين (ع). 

وقد صدق الفرزدق عندما قال: (قلوبهم معك واسيافهم عليك).


2- زيادة العطاء المالي لشريحة من الناس كان عاملاً من عوامل تغيير الاتجاه الفكري عندهم.
 

وقد استخدم الأمويون ذلك كسياسة كلية في مواجهة اعدائهم. 

وقد ذكرنا آنفاً انهم كانوا يزيدون في العطاء للقبائل اليمانية في الكوفة، 

بينما كانوا يحرمون قبائل اخرى من عطائها. 

وكانوا قد لوحوا مرات عديدة بزيادة عطاء من يحارب الحسين (ع).


3- تأجيج العصبية القبلية بين القبائل العربية، وإثارة إحن الجاهلية واحقادها. 

ومنها النـزاع حول رياسة كندة وربيعة. 

فقد كان الأشعث بن قيس الكندي رئيساً عليها. 

فعزله الإمام علي (ع)، ودفع الرئاسة الى حسان بن مخدوج من ربيعة. 

فلما بلغ معاوية ذلك أغرى أحد شعراء كندة ليقول شعراً يهيـّج به الأشعث وقومه. 

فقام الشاعر بمدح الأشعث وقومه، وهجاء حسان وربيعة.


ولكن قبائل اليمن فطنت الى ما كان يبغيه معاوية، فردت على لسان شرع بن هانئ: 

(يا أهل اليمن ما يريد صاحبكم إلا أن يفرق بينكم وبين ربيعة)(1). 

ومع ذلك بقي الأشعث معادياً لأهل البيت (ع) ومحارباً.

4- ان عشرين سنة من حكم معاوية كان قد أفسد على الناس أذواقهم 

في معرفة الحلال والحرام، وحرمة الركون الى الظالم، وأمات قلوبهم في مودة ذرية رسول الله (ص).

يقول ابن ابي الحديد المعتزلي شارحاً وضع العراق أيام معاوية: 

(وكان أشد الناس بلاءً حينئذٍ أهل الكوفة، لكثرة من بها من شيعة علي (ع)، 

فاستعمل عليهم زياد بن سمية، وضم إليه البصرة. 

فكان يتتبع الشيعة وهو بهم عارف، لأنه كان منهم أيام علي (ع)، 

فقتلهم تحت كل حجر ومدر، وأخافهم، وقطع الأيدي والأرجل، وسمل العيون، وصلبهم على جذوع النخل، 

وطردهم، وشردهم عن العراق، فلم يبق بها معروف منهم... 

وكتب:... من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم (يعني أهل البيت عليهم السلام) فنكلوا به واهدموا داره.


فلم يكن البلاء أشد ولا أكثر منه بالعراق. ولا سيما بالكوفة، 

حتى أن الرجل من شيعة علي (ع) ليأتيه من يثق به، فيدخل بيته، فيلقي إليه سراً، 

ويخاف من خادمه ومملوكه، ولا يحدثه حتى يأخذ عليه الأيمان الغليظة ليكتمن عليه....

فلم يزل الأمر كذلك حتى مات الحسن بن علي (ع)، 

فازداد البلاء والفتنة، فلم يبق أحدٌ من هذا القبيل إلا وهو خائف على دمه أو طريد في الأرض)(2).


وهذا النص التاريخي يفسر جانباً من جوانب علة خذلان أهل الكوفة للإمام الحسين (ع) سنة 60 للهجرة. 

فهم حديثي عهد بمعاوية الذي أذاقهم مرارة التقتيل والتعذيب وقطع الأرزاق.



المصدر:كتاب المختصر في حياة الامام الحسين (عليه السلام)

1- (كتاب صفين) ص 153.

2- (شرح نهج البلاغة) ج 11 ص 44.
http://www.esanabis.com/_05-11-2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق