استاذ الاقتصاد قسم الاقتصاد - كلية العلوم الادارية - جامعة الكويت - الكويت
لم يكن عام 2013 عاما مثاليا للذهب أو للمتعاملين فيه،
فقد بدا من الواضح أن الذهب بدأ يفقد علاقة الارتباط الوثيقة بين سعر الذهب والأحداث العالمية الرئيسة
التي تحدث في العالم من فترة إلى أخرى،
ففي الأوقات التي كنا نتوقع أن نشهد فيها ارتفاعا قويا للذهب ظل سعر الذهب يراوح مكانه، بل ويميل
نحو التراجع بشكل عام.
انخفاض حساسية الذهب للعوامل التي يفترض أنها تدفع سعره نحو الارتفاع هذا العام أدى إلى تغذية
التوقعات بين المتعاملين بأن الذهب بدأ يفقد بريقه،
وأن سوق الذهب ربما يتحول إلى سوق نزول سعري Bear market،
بعد أن ظل لنحو 12 عاما سوق ارتفاع سعري Bull market، ارتفعت خلالها أسعار الذهب لأكثر من
خمسة أضعاف، فكان الذهب عبر هذه السنوات تابعا أمينا للمضاربين فيه.
شهد الأسبوع قبل الماضي تسونامي سعري للذهب فاق التوقعات كافة،
حيث تراجع سعر الذهب بنحو 13 في المائة عبر يومين متتاليين،
والذي نظر إليه على أنه انخفاض تاريخي،
لدرجة أن البعض بدأ يتحدث عن انهيار الذهب وانفجار فقاعته، التي تكونت عبر السنوات الماضية،
حيث أخذ سعر الذهب في الانحراف بصورة واضحة عن تكلفة إنتاجه،
حتى تجاوز 1900 دولار للأوقية، وأخذ مروجو الذهب يتحدثون عن قرب اختراق حاجز الـ 2000
دولار والـ 3000 دولار، بل والـ 5000 دولار،
فالذهب، من وجهة نظر هؤلاء، هو الأصل الوحيد الذي يحفظ القيمة عبر الزمن.
إذا كان الذهب هو مخزن القيمة الذي يحمي ضد التضخم
فيفترض، أنه كسلعة تجارية مقومة بالدولار،
أن يعكس الارتفاع في سعر الذهب معدل التضخم على الدولار بشكل أساسي،
ولكن الارتفاع في سعر الذهب تجاوز معدلات التضخم على الدولار بشكل كبير،
وهو ما يعكس حقيقة أن سعر الذهب منفوخ،
وأي سعر منفوخ لا بد أن تتم عملية تصحيحه في نقطة زمنية محددة،
غير أن هذه النقطة الزمنية لم تحن بعد،
فما زالت الظروف التي تدفع إلى النفخ في سعر الذهب قائمة،
ولكننا من وقت إلى آخر نشهد بعض التصحيحات الجزئية للسعر
التي تؤكد أن سعر الذهب منفوخ
بصفة خاصة عندما يحدث تحول في العوامل المسؤولة عن ارتفاع سعر الذهب.
لكني ما زلت أؤمن بأن عملية التصحيح المنتظرة قادمة لا محالة يوما ما.
يفترض أن يتحدد سعر السلع بشكل عام من خلال قوى العرض والطلب،
حيث يعكس السعر بشكل أساسي متوسط التكلفة الكلية للوحدة من السلعة على المدى الطويل،
هذا إذا كان السوق حرا، ولكن في الكثير من الأحيان قد لا يكون السوق حرا,
وتلعب المراكز الاحتكارية لكل من البائعين أو المشترين دورا في انحراف السعر عن التكلفة المتوسطة للسلعة،
وهذا ما يحدث حاليا في سوق الذهب،
فحاليا تصل تكلفة إنتاج أوقية الذهب في المتوسط في حدود 600 دولار،
فإنه يصعب تبرير أي سعر للذهب يتجاوز 700 إلى 800 دولار للأوقية،
فما بالك أن يتجاوز السعر 1900 دولار للأوقية.
ولكن هل هذا الذهب هو جنة الأمان للمدخرات فعلا؟
تشير التقديرات للانحراف المعياري لسعر الذهب تقدره بأنه نحو 21 في المائة،
وهذا مستوى أكبر من الانحراف المعياري لمؤشرات أسواق الأسهم،
الأمر الذي يعكس شدة التقلب التي يتعرض لها الذهب وارتفاع عبر الزمن.
ما يجب أن يعلمه صغار المضاربين في الذهب
هو أن المضاربين الكبار وصناديق التجارة في المعدن
لا تؤمن بأن الذهب هو جنة الأمان للمدخرات،
ولكنهم يرددون هذه العبارة طالما أنها تصب في مصلحة السوق.
والآن ما الأسباب التي تقف وراء التراجع الحاد الذي شهدناه أخيرا في سعر الذهب؟
واقع الأمر أن هذا التراجع هو نتيجة مجموعة متنوعة من العوامل،
فقد كان واضحا منذ البداية أن هناك دلائل تشير إلى
ضعف العلاقة المفترضة بين التطورات في العالم وسعر الذهب،
مما أدى إلى فقدان الثقة باستجابة الذهب التقليدية للحوادث الاقتصادية على المستوى العالمي.
كانت هناك بعض التكهنات المتواترة عن تفضيل بعض أعضاء لجنة السوق المفتوح في الاحتياطي
الفيدرالي بالخروج مبكرا من الاستراتيجية الحالية للتسهيل النقدي، ووقف عمليات التسهيل النقدي التي
يتبعها الاحتياطي الفيدرالي قبل الموعد المقترح لها،
ومن المعلوم أن إحدى الحجج الأساسية للمضاربة على الذهب
هي برامج التيسير الكمي التي يتبعها الاحتياطي الفيدرالي وما يتوقع أن تخلفه من ضغوط تضخمية
يخشى معها أن تؤثر سلبا في المدخرات بالدولار الأمريكي،
وباعتبار أن الذهب هو أحد الأصول التي تحمي المدخرات ضد التضخم،
كما يدعي المضاربون على الذهب،
فإن مثل هذه القرارات تقضي على الأسباب المعلنة لاستمرار المضاربة في الذهب.
منذ فترة والأخبار تتوالى عن تراجع مستويات النشاط الاقتصادي في العالم،
فمعدلات النمو في الولايات المتحدة تتراجع
بعد أن بدا من الواضح أن النمو الأمريكي المدفوع بالتسهيل النقدي يفقد عزمه سريعا بمرور الوقت،
كما أن النمو الأوروبي يتحول إلى نمو سالب،
وآسيا تتباطأ معدلات نموها على نحو واضح،
غير أن أوضح تأثيرات هذه الأوضاع بدت عندما تم الكشف عن معدلات النمو الصيني
والتي جاءت أقل مما هو متوقع، فقد كان من المتوقع أن تحقق الصين معدل نمو لا يقل عن 8 في المائة
في العام الماضي،
غير أن البيانات الفعلية التي تم نشرها في الربع الأول من العام لم تزد على 7.7 في المائة،
مما أدى إلى التدافع على بيع الذهب وتراجع سعره على النحو الذي شهدناه،
باعتبار أن الصين إحدى القوى الأساسية الدافعة للارتفاع المستمر في سعر الذهب.
من ناحية أخرى، انتشرت تقارير
بأن قبرص ستضطر إلى بيع احتياطياتها الذهبية من أجل أن تتمكن من سداد ديونها،
وهو ما أدى إلى انتشار حالة من الهلع بين البائعين والمستثمرين من احتمالات ما يمكن أن يترتب على
ذلك من زيادة عرض الذهب،
أكثر من ذلك فإن هذا الخبر قد أدى إلى تعزيز التوقعات بأن الدول المدينة الأخرى في القارة قد تضطر
إلى أن تسلك نفس السلوك لسداد ديونها وهو ما قد يغرق سوق الذهب بالعرض من السبائك الذهبية،
وقد أدى السباق لتجنب الخسارة إلى تعميق حالة الهلع من احتمالات انتهاء حالة الارتفاع المصطنع في
سعر الذهب، إلى نزوله الحر بالفعل،
وأيا كان الوضع فقد كشف ذلك الأمر عن مدى هشاشة سوق الذهب وطبيعة عمليات المضاربة عليه،
وأن السوق معرض للهبوط العنيف في أي لحظة،
وأن الذهب بالفعل الذهب مقوم بأعلى من قيمته العادلة،
ومثل هذه الخصائص لا تجعل الأصل الذي نتحدث عنه آمنا من الناحية الاستثمارية.
يتمثل أهم وقود لعمليات المضاربة في الذهب
هي الأموال التي تتمكن صناديق الاتجار في المعدن من جمعها،
وكانت الفترة الأخيرة قد شهدت تراجعا في معدلات نمو تدفقات الأموال إلى تلك الصناديق،
بل لقد شهدت الفترة الأخيرة حالة خروج حاد للأموال التي تستخدم في تمويل عمليات المضاربة في
الذهب في صناديق التجارة في الذهب ETFs مثل GLD.
على سبيل المثال قد قدرت الأموال الخارجة من الصندوق الأخيرة بنحو 5.4 مليار دولار،
وهو ما ترتب عليه اضطرار صناديق الاتجار في الذهب إلى بيع ممتلكاتها الفعلية من الذهب
الأمر الذي أدى إلى الضغط على سعر الذهب نحو التراجع.
ما ساعد على تعميق هذا الاتجاه في سوق الذهب
هو التوافق الزمني بين هذه الأوضاع في سوق الذهب وقيام الهند، التي تعد أكبر مستورد للذهب في
العالم، بفرض ضرائب على واردات الذهب
بسبب تصاعد العجز التجاري الهندي والذي توقع معه أن يترتب على ذلك انخفاض الواردات من الذهب
من الخارج،
وهو ما يعني تراجع الطلب العالمي على الذهب ومن ثم أسعاره.
كان أكبر المتضررين من تراجع الذهب هم المستثمرون الصغار الذين يحتفظون بالذهب بالفعل،
والذين يعدون، في رأيي، أخلص المستثمرين للمعدن النفيس وأكثرهم التصاقا به،
فالمستثمرون الكبار يلعبون بالذهب لعبة المضارب الذي يتخلص منه مع أي فرصة سانحة لتحقيق
الربح، ثم العودة إليه مرة أخرى حينما تبدو الفرص سانحة لتحقيق أرباح وهكذا.
أما المستثمر الصغير فلا يملك هذه الرؤية غالبا، ولا تتوافر له الأدوات المناسبة للتصرف السريع في
حالة ميل الأسعار نحو الارتفاع، لذلك غالبا ما يكون أول من يدفع فاتورة ما يحدث للسعر.
للأسف اليوم عاد المستهلكون للذهب لشرائه على نحو واسع،
بصفة خاصة في آسيا في سوق التجزئة لأغراض الحلي،
حيث يتزايد الطلب على نحو كبير مستفيدا من الأسعار الاستثنائية الحالية،
ومدفوعا بالعوامل نفسها من أن الذهب ربما بلغ قاعه وأنه سيعاود الارتفاع قريبا،
إنها القصة القديمة نفسها.
http://economyofkuwait.blogspot.com/2013/08/blog-post_2922.html
لم يكن عام 2013 عاما مثاليا للذهب أو للمتعاملين فيه،
فقد بدا من الواضح أن الذهب بدأ يفقد علاقة الارتباط الوثيقة بين سعر الذهب والأحداث العالمية الرئيسة
التي تحدث في العالم من فترة إلى أخرى،
ففي الأوقات التي كنا نتوقع أن نشهد فيها ارتفاعا قويا للذهب ظل سعر الذهب يراوح مكانه، بل ويميل
نحو التراجع بشكل عام.
انخفاض حساسية الذهب للعوامل التي يفترض أنها تدفع سعره نحو الارتفاع هذا العام أدى إلى تغذية
التوقعات بين المتعاملين بأن الذهب بدأ يفقد بريقه،
وأن سوق الذهب ربما يتحول إلى سوق نزول سعري Bear market،
بعد أن ظل لنحو 12 عاما سوق ارتفاع سعري Bull market، ارتفعت خلالها أسعار الذهب لأكثر من
خمسة أضعاف، فكان الذهب عبر هذه السنوات تابعا أمينا للمضاربين فيه.
شهد الأسبوع قبل الماضي تسونامي سعري للذهب فاق التوقعات كافة،
حيث تراجع سعر الذهب بنحو 13 في المائة عبر يومين متتاليين،
والذي نظر إليه على أنه انخفاض تاريخي،
لدرجة أن البعض بدأ يتحدث عن انهيار الذهب وانفجار فقاعته، التي تكونت عبر السنوات الماضية،
حيث أخذ سعر الذهب في الانحراف بصورة واضحة عن تكلفة إنتاجه،
حتى تجاوز 1900 دولار للأوقية، وأخذ مروجو الذهب يتحدثون عن قرب اختراق حاجز الـ 2000
دولار والـ 3000 دولار، بل والـ 5000 دولار،
فالذهب، من وجهة نظر هؤلاء، هو الأصل الوحيد الذي يحفظ القيمة عبر الزمن.
إذا كان الذهب هو مخزن القيمة الذي يحمي ضد التضخم
فيفترض، أنه كسلعة تجارية مقومة بالدولار،
أن يعكس الارتفاع في سعر الذهب معدل التضخم على الدولار بشكل أساسي،
ولكن الارتفاع في سعر الذهب تجاوز معدلات التضخم على الدولار بشكل كبير،
وهو ما يعكس حقيقة أن سعر الذهب منفوخ،
وأي سعر منفوخ لا بد أن تتم عملية تصحيحه في نقطة زمنية محددة،
غير أن هذه النقطة الزمنية لم تحن بعد،
فما زالت الظروف التي تدفع إلى النفخ في سعر الذهب قائمة،
ولكننا من وقت إلى آخر نشهد بعض التصحيحات الجزئية للسعر
التي تؤكد أن سعر الذهب منفوخ
بصفة خاصة عندما يحدث تحول في العوامل المسؤولة عن ارتفاع سعر الذهب.
لكني ما زلت أؤمن بأن عملية التصحيح المنتظرة قادمة لا محالة يوما ما.
يفترض أن يتحدد سعر السلع بشكل عام من خلال قوى العرض والطلب،
حيث يعكس السعر بشكل أساسي متوسط التكلفة الكلية للوحدة من السلعة على المدى الطويل،
هذا إذا كان السوق حرا، ولكن في الكثير من الأحيان قد لا يكون السوق حرا,
وتلعب المراكز الاحتكارية لكل من البائعين أو المشترين دورا في انحراف السعر عن التكلفة المتوسطة للسلعة،
وهذا ما يحدث حاليا في سوق الذهب،
فحاليا تصل تكلفة إنتاج أوقية الذهب في المتوسط في حدود 600 دولار،
فإنه يصعب تبرير أي سعر للذهب يتجاوز 700 إلى 800 دولار للأوقية،
فما بالك أن يتجاوز السعر 1900 دولار للأوقية.
ولكن هل هذا الذهب هو جنة الأمان للمدخرات فعلا؟
تشير التقديرات للانحراف المعياري لسعر الذهب تقدره بأنه نحو 21 في المائة،
وهذا مستوى أكبر من الانحراف المعياري لمؤشرات أسواق الأسهم،
الأمر الذي يعكس شدة التقلب التي يتعرض لها الذهب وارتفاع عبر الزمن.
ما يجب أن يعلمه صغار المضاربين في الذهب
هو أن المضاربين الكبار وصناديق التجارة في المعدن
لا تؤمن بأن الذهب هو جنة الأمان للمدخرات،
ولكنهم يرددون هذه العبارة طالما أنها تصب في مصلحة السوق.
والآن ما الأسباب التي تقف وراء التراجع الحاد الذي شهدناه أخيرا في سعر الذهب؟
واقع الأمر أن هذا التراجع هو نتيجة مجموعة متنوعة من العوامل،
فقد كان واضحا منذ البداية أن هناك دلائل تشير إلى
ضعف العلاقة المفترضة بين التطورات في العالم وسعر الذهب،
مما أدى إلى فقدان الثقة باستجابة الذهب التقليدية للحوادث الاقتصادية على المستوى العالمي.
كانت هناك بعض التكهنات المتواترة عن تفضيل بعض أعضاء لجنة السوق المفتوح في الاحتياطي
الفيدرالي بالخروج مبكرا من الاستراتيجية الحالية للتسهيل النقدي، ووقف عمليات التسهيل النقدي التي
يتبعها الاحتياطي الفيدرالي قبل الموعد المقترح لها،
ومن المعلوم أن إحدى الحجج الأساسية للمضاربة على الذهب
هي برامج التيسير الكمي التي يتبعها الاحتياطي الفيدرالي وما يتوقع أن تخلفه من ضغوط تضخمية
يخشى معها أن تؤثر سلبا في المدخرات بالدولار الأمريكي،
وباعتبار أن الذهب هو أحد الأصول التي تحمي المدخرات ضد التضخم،
كما يدعي المضاربون على الذهب،
فإن مثل هذه القرارات تقضي على الأسباب المعلنة لاستمرار المضاربة في الذهب.
منذ فترة والأخبار تتوالى عن تراجع مستويات النشاط الاقتصادي في العالم،
فمعدلات النمو في الولايات المتحدة تتراجع
بعد أن بدا من الواضح أن النمو الأمريكي المدفوع بالتسهيل النقدي يفقد عزمه سريعا بمرور الوقت،
كما أن النمو الأوروبي يتحول إلى نمو سالب،
وآسيا تتباطأ معدلات نموها على نحو واضح،
غير أن أوضح تأثيرات هذه الأوضاع بدت عندما تم الكشف عن معدلات النمو الصيني
والتي جاءت أقل مما هو متوقع، فقد كان من المتوقع أن تحقق الصين معدل نمو لا يقل عن 8 في المائة
في العام الماضي،
غير أن البيانات الفعلية التي تم نشرها في الربع الأول من العام لم تزد على 7.7 في المائة،
مما أدى إلى التدافع على بيع الذهب وتراجع سعره على النحو الذي شهدناه،
باعتبار أن الصين إحدى القوى الأساسية الدافعة للارتفاع المستمر في سعر الذهب.
من ناحية أخرى، انتشرت تقارير
بأن قبرص ستضطر إلى بيع احتياطياتها الذهبية من أجل أن تتمكن من سداد ديونها،
وهو ما أدى إلى انتشار حالة من الهلع بين البائعين والمستثمرين من احتمالات ما يمكن أن يترتب على
ذلك من زيادة عرض الذهب،
أكثر من ذلك فإن هذا الخبر قد أدى إلى تعزيز التوقعات بأن الدول المدينة الأخرى في القارة قد تضطر
إلى أن تسلك نفس السلوك لسداد ديونها وهو ما قد يغرق سوق الذهب بالعرض من السبائك الذهبية،
وقد أدى السباق لتجنب الخسارة إلى تعميق حالة الهلع من احتمالات انتهاء حالة الارتفاع المصطنع في
سعر الذهب، إلى نزوله الحر بالفعل،
وأيا كان الوضع فقد كشف ذلك الأمر عن مدى هشاشة سوق الذهب وطبيعة عمليات المضاربة عليه،
وأن السوق معرض للهبوط العنيف في أي لحظة،
وأن الذهب بالفعل الذهب مقوم بأعلى من قيمته العادلة،
ومثل هذه الخصائص لا تجعل الأصل الذي نتحدث عنه آمنا من الناحية الاستثمارية.
يتمثل أهم وقود لعمليات المضاربة في الذهب
هي الأموال التي تتمكن صناديق الاتجار في المعدن من جمعها،
وكانت الفترة الأخيرة قد شهدت تراجعا في معدلات نمو تدفقات الأموال إلى تلك الصناديق،
بل لقد شهدت الفترة الأخيرة حالة خروج حاد للأموال التي تستخدم في تمويل عمليات المضاربة في
الذهب في صناديق التجارة في الذهب ETFs مثل GLD.
على سبيل المثال قد قدرت الأموال الخارجة من الصندوق الأخيرة بنحو 5.4 مليار دولار،
وهو ما ترتب عليه اضطرار صناديق الاتجار في الذهب إلى بيع ممتلكاتها الفعلية من الذهب
الأمر الذي أدى إلى الضغط على سعر الذهب نحو التراجع.
ما ساعد على تعميق هذا الاتجاه في سوق الذهب
هو التوافق الزمني بين هذه الأوضاع في سوق الذهب وقيام الهند، التي تعد أكبر مستورد للذهب في
العالم، بفرض ضرائب على واردات الذهب
بسبب تصاعد العجز التجاري الهندي والذي توقع معه أن يترتب على ذلك انخفاض الواردات من الذهب
من الخارج،
وهو ما يعني تراجع الطلب العالمي على الذهب ومن ثم أسعاره.
كان أكبر المتضررين من تراجع الذهب هم المستثمرون الصغار الذين يحتفظون بالذهب بالفعل،
والذين يعدون، في رأيي، أخلص المستثمرين للمعدن النفيس وأكثرهم التصاقا به،
فالمستثمرون الكبار يلعبون بالذهب لعبة المضارب الذي يتخلص منه مع أي فرصة سانحة لتحقيق
الربح، ثم العودة إليه مرة أخرى حينما تبدو الفرص سانحة لتحقيق أرباح وهكذا.
أما المستثمر الصغير فلا يملك هذه الرؤية غالبا، ولا تتوافر له الأدوات المناسبة للتصرف السريع في
حالة ميل الأسعار نحو الارتفاع، لذلك غالبا ما يكون أول من يدفع فاتورة ما يحدث للسعر.
للأسف اليوم عاد المستهلكون للذهب لشرائه على نحو واسع،
بصفة خاصة في آسيا في سوق التجزئة لأغراض الحلي،
حيث يتزايد الطلب على نحو كبير مستفيدا من الأسعار الاستثنائية الحالية،
ومدفوعا بالعوامل نفسها من أن الذهب ربما بلغ قاعه وأنه سيعاود الارتفاع قريبا،
إنها القصة القديمة نفسها.
http://economyofkuwait.blogspot.com/2013/08/blog-post_2922.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق