الخميس، 20 يونيو 2013

مزاد العملة الأجنبية .. أزمة بنك مركزي أم أزمة اقتصاد؟


د. سنان محمد رضا الشبيبي *:

– نشر في 16/06/2013

مزاد العملة الأجنبية .. أزمة بنك مركزي أم أزمة اقتصاد؟



منذ تغيير النظام السابق في 2003 تبنّى العراق نظام الاقتصاد الحر

 الذي انعكس في علاقاته الاقتصادية الدولية وجعله يركز على دور القطاع الخاص في التنمية،

 وقد اكد الدستور على ذلك ان تحرير التدفقات المالية يساهم في النمو الاقتصادي بشكل كبير،

 لكنه يتطلب تشديد الرقابة على ظاهرة غسيل الأموال نظرا لشمول الحرية الاقتصادية القطاع المالي والمصرفي.

مزاد العملة الأجنبية هو عبارة عن سوق للعملة الأجنبية يلتقي فيها الطلب على هذه العملة بالعرض منها ومن ثم يتكون سعر الصرف.

 وقد ظل سعر الصرف مستقراً لفترة طويلة

 بسبب نجاحنا في استخدام الحجم المتزايد من العملة الأجنبية في توفير المرونة والاطمئنان في مقابلة الطلب.

 ان عملية تحديد سعر الصرف يجب ان تجري بسلاسة

لان عرقلتها ستؤثر على الطلب على الدولار والطلب الذي ستتم عرقلته سيشبع من السوق

وسيكون هذا الإشباع بسعر صرف أعلى

وبالتالي يحصل الارتباك في السوق ويكون هذا مقدمة لتعدد أسعار الصرف، الأمر الذي يعرقل اتخاذ القرارات الاقتصادية وتنفيذها.

ولا جل ان تقوم المصارف بمهمتها من جانب الطلب

 تقوم بإ يداع حسابات لها في البنك المركزي تستخدمها لأغراض السياسة النقدية بشكل عام ومزاد العملة الأجنبية بشكل خاص.

 وهذه الحسابات تكون قد دققت في المصارف نفسها والتي تحتوي ضمن تشكيلاتها الإدارية دائرة لتدقيق غسيل الأموال.

بالرغم من ان المزاد يستخدم في غالبيته من قبل تجار الاستيراد عن طريق مصارفهم التجارية

فلابد من التأكيد بانه سياسة نقدية

 لأنه يسحب الدينار العراقي من السوق الأمر الذي يقلل من ضغط السيولة النقدية وتأثيرها على التضخم.

 وقد أكدت الإدارة السابقة للبنك المركزي على ذلك خاصة في بيانها الصادر في 22/5/2012

والذي يمكن مراجعته من خلال موقع البنك المركزي العراقي.

 ان استخدام العملة الأجنبية في الاستيراد يؤدي أيضا الى تقليل الضغوط التضخمية، لكن هذا يقع ضمن السياسة التجارية.

ان عملية شراء العملة الأجنبية كما ذكرنا هي عملية نقدية بحتة

وتجري بموجب تعليمات اللجنة التنفيذية لبيع وشراء العملة الأجنبية او لجنة المزاد.

 ويتضمن ذلك تدقيق الوثائق التي توجب التحويل

 وما اذا كان المصرف المعني لديه مشاكل مصرفية تتعلق برأس المال او الالتزام بنسب السياسة النقدية التي يقررها البنك.

والبنك المركزي يعطي الدولار لأنه يتسلم ديناراً بدله (إننا أمام عملية نقدية)

بالرغم من ان الدولار قد يستخدم استخداماً تجارياً (بعد ان يخرج من البنك المركزي)

وأرقام الاستيراد النهائي تقدم الى الجهات الإحصائية من قبل وزارة التجارة ودوائر الكمارك.

وعليه فلا يجب ان يلام البنك المركزي لأنه لم يتابع عملية الاستيراد.

بعبارة أخرى لا يجب ان يعتقد البنك المركزي انه اهدر المال العام لا نه لم يكن هناك استيراد.

كما انه من المحتمل ان لا تتم السيطرة على سوق العملة لفترة من الفترات فيحصل تفاوت بين السعر الرسمي وسعر السوق.

ويعود ذلك الى عوامل كثيرة من جانب العرض والطلب،

 فقد تحدث بعض الأزمات التي تولد زيادة في الطلب على الدولار باعتباره سلعة أمان وضمان.



كما من الممكن ان يزود البنك المركزي المصارف بالدولار

ولكن ليس من الممكن إيصال هذا الدولار الى المستفيد النهائي من قبل المصارف بالمرونة المطلوبة .

 كل هذه الأمور تعرقل انسيابية العملة الأجنبية والحصول عليها فيرتفع سعر السوق.

 وهذه الظواهر تعيق انسيابية السوق وكثيرا ما تحدث في الدول النامية خاصة ومنها العراق.

بدأ التذبذب في سعر الصرف في عهد الإدارة السابقة في بداية العام 2012،

وكان ذلك نتيجة لظروف خارجية اتسمت بشدتها،

 وهي تلك المتعلقة بالأحداث في سوريا وايران، وتزامن ذلك مع انسحاب القوات الأمريكية من العراق.

 وقد أدت تلك الظروف الى زيادة كبيرة في الطلب على الدولار الأمر الذي رفع من سعره في السوق.

 لقد أدى ذلك بالإدارة السابقة الى تقييد العرض كرد فعل لهذه التغيرات الأمر الذى أدى الى اشتداد التذبذب.

وفي ايلول 2012 جرت مناقشات مكثفة تمخض عنها تطبيق المنشور 19 الصادر في 1/10/2012

ما أدى الى استقرار سعر الصرف نظرا لتحرير الاجراءات للحصول على الدولار .

وعند تولي الإدارة الجديدة مسؤولية البنك في تشرين الاول 2012 استقر سعر الصرف لفترة محدودة

إلا انه بدأ بالتذبذب منذ نهاية 2012 حتى يومنا هذا.

وقد اعلن البنك المركزي انه سيصار الى استخدام الاعتمادات المستنديّة لتمويل صفقات التجارة.

وبالرغم من ان الاعتمادات المستندية هي أسلوب جيد لتمويل التجارة فان هذه قضية تجارية بحتة.

 ان البنك المركزي يجب ان يمول كل الجانب المدين من ميزان المدفوعات وليس الميزان التجاري فقط.

 ان الفعاليات التي لا تشملها الاعتمادات المستندية ستذهب الى السوق فتخلق سعرا آخر.

والاعتمادات المستندية أيضا لا تشمل كل التدفقات المالية،

فمثلا ليس هناك ما يمنع العراقي من ان يلجأ الى الإدخار في الخارج انتظارا لتحسن الظروف في الداخل

فتعود الأموال لتستثمر في العراق.

لا يجب ان ينظر الى البنك المركزي على انه مؤسسة تجارية.

وكما اكدنا سابقا فان مزاد العملة هو سياسة نقدية.

ان قانون البنك المركزي يشدد على ان البنك يجب ان يعمل على تحقيق الاستقرار في الأسعار المحلية وبضمنها سعر الصرف،

واذا كان هذا الهدف يتطلب لتحقيقه زيادة عرض النقود  فلماذا يتهم البنك المركزي بانه اهدر المال العام؟

 لماذا يحاكم البنك المركزي لانه يطبق قانونه الذي ينص على حصانة الموظفين من الاجراءات القانونية (المادة 23)؟

ان الكثير من البنوك المركزية في العالم تتمتع بهذه الحصانة.

ولماذا يساءل البنك المركزي عن عملية تجارية تجري خارجه بالرغم من انه مؤسسة نقدية وعمله نقدي؟

ان الإنجاز الأساسي للبنك المركزي يتمثل في تحقيق الاستقرار في الأسعار عن طريق سحب الدينار من خلال بيع الدولار.

وهذا هو الجزء الخاص بالسياسة النقدية

أما الجزء الخاص بالسياسة التجارية (خارج مجال البنك المركزي)

 فهو يتمثل باستخدام الدولار في الاستيراد والعرض السلعي

 الأمر الذي حيّد التضخم بشكل كبير.

ولكن اذا ما تركنا الجانب النقدي جانبا

 وتصورنا ان عملية استيرادات القطاع الخاص هي قضية تجارية بحتة

وتمويل هذه الاستيرادات يأتي من العملة الأجنبية المتاحة للحكومة (صندوق تنمية العراق مثلا) وليس من احتياطيات البنك المركزي،

 تبقى للبنك المركزي مصلحة أساسية في تخفيض التضخم والذي من الممكن ان تلعب السياسة التجارية دوراً مهماً فيه.

 ان المبدأ الأساسي الذي يعمل البنك المركزي بموجبه هو انه يلبي الطلب بشكل كامل

 ولا ندري فيما اذا كانت الجهات الحكومية ستعمل بنفس المعيار وما هو التأثير على سعر الصرف في هذه الحالة.

ان الموظفين في لجان مزاد العملة يحرصون على ان يكون تدفق العملة الأجنبية سلساً من ناحية الطلب

 لضمان الاستقرار في سعر الصرف والأسعار المحلية، وهذا هو هدف البنك الأول.

 ان هؤلاء الموظفين لم يهدروا المال العام لانهم تسلموا الدنانير مقابل الدولارات التي منحوها

ولأنهم قابلوا الطلب بشكل كامل على الدولار وذلك حسب متطلبات السياسة النقدية،

 إذ انهم اذا لم يفعلوا ذلك سيتم إشباع الطلب من السوق بسعر اعلى

وهذا سيخالف مبدأ استقرار العملة وقانون البنك المركزي.

 يجب ان نؤكد هنا

ان هدف البنك المركزي هو استقرار الأسعار وبضمنه سعر الصرف،

 وهدف البنك المركزي ليس تمويل التجارة.

 بعبارة أخرى ان البنك المركزي يمكن ان يغير سياسته اذا ما تغير سعر الصرف

 ولكنه سوف لا يغير سياسته بالضرورة لو تغير تركيب التجارة 

فهذا يُحدد بسياسات أخرى تجارية او مالية.

 ان لجان مزاد العملة يجب عليها ان تمرر طلبات شراء الدولار

لان الشرط الأساسي في عملية التبادل يكون قد تحقق وهو توفر الدينار،

وعرقلة التبادل هنا ستؤدي الى عدم استقرار السعر او حدوث اكثر من سعر في السوق النقدية.

وهذه مخالفة اقتصادية وقانونية لا يريد أي موظف في البنك المركزي ان يرتكبها.

ان عمل لجنة مزاد العملة يجب ان يتسم بالسرعة والدقة،

 فاللجنة تدقق الاستشهادات من المصارف حول خلو عملياتها من غسيل الأموال،

ولكن هذا التدقيق لايجب ان يصل الى حد العرقلة حتى لايتأثر سعر الصرف.

اللجنة تتأكد أيضا من كفاية حسابات المصارف الدينارية التي تريد مبادلتها بالدولار

فالتحويل يمول من حساب المصرف في البنك المركزي.

وبالنسبة للبنك المركزي يعطى الدولار لقاء الدينار، فالقضية ليست إلا مبادلة نقدية .

المراحل التي تمر بها عملية الحصول على العملة الأجنبية

تبدأ بان يقدم الفرد طلبه للاستيراد او لأغراض أخرى الى مصرفه التجاري الذي يدقق الطلب بشكل تفصيلي، .

ولكن ليس من المفروض ان يدقق البنك المركزي ( وهو مؤسسة كلية)

 الذي سيعطي العملة الأجنبية التفاصيل بنفس المستوى الذي تقوم به المصارف التجارية .

البنك المركزي في هذه الحالة هو مثل تاجر الجملة.

هو يدقق المخالفات المصرفية، يتسّلم الاستشهاد حول خلو المصرف من غسيل الأموال.

 الأهم من ذلك كله يتسّلم الدينار ليعطي الدولار بدله حسب سعر الصرف المعلن.

اذا كانت هناك قوائم تجارية مع الطلب فإنها من المفروض ان تدقق على مستوى المصرف التجاري لأنها تقدم اليه في الأساس.

 وعلى أية حال فان بيانات المصرف التجاري تذهب نسخة منها الى وحدة غسيل الأموال في البنك المركزي للمتابعة.

وحول علاقة المصارف التجارية بالبنك المركزي

فان المادة 40 من قانون البنك المركزي تنص على الإشراف على المصارف

والذي يتضمن إجازة المصارف والإشراف عليها وإصدار التعليمات بشأن عملها .

 ليس من أعمال البنك المركزي ان يتابع عمليات المصارف على مستوى عمليات الإقراض المفردة.

علاقة البنك المركزي مع المصارف هي عن طريق دائرة الصيرفة والائتمان

التي تتابع أعمال المصارف وانسجامها مع مستلزمات السياسة النقدية ،

وعن طريق مزاد العملة حيث يتسلم البنك طلب التحويل والاستشهاد حول خلو عمليات المصرف من غسيل الأموال،

وعن طريق دائرة الإبلاغ عن غسيل الأموال في البنك

التي تعنى بالمتابعة اللاحقة وتدقيق عمليات غسيل الأموال على مستوى العملية المفردة.

كل العمليات التي تدخل سوق او مزاد العملة وادت دورها في تحديد سعر الصرف

 تذهب نسخة منها مباشرة الى دائرة الإبلاغ عن غسيل الأموال في البنك وذلك للقيام بتدقيق اكبر للعمليات المشتبه بها.

وتتم المتابعة داخل وخارج العراق ومع الوحدات النظيرة في البلدان المختلفة.

 ان هذه الدائرة هي المختصة بمتابعة غسيل الأموال وخاصة العمليات المشتبه بها.

ان لجان مزاد العملة في البنك المركزي لا تختص بقضايا غسيل الأموال

بالرغم من أنها تتسلم استشهادات بخلو المصرف المعني من غسيل الأموال كما ذكرنا سابقا،

والمسؤول عن متابعة غسيل الأموال هي دائرة الإبلاغ في البنك المركزي خاصة وانها تتسلم بيانات المزاد منذ البداية.

ان تدقيق غسيل الأموال في المصارف 

هو واجب دوائر غسيل الأموال في المصارف ومديرية الإبلاغ عن غسيل الأموال في البنك المركزي

وليس من واجب لجان المزاد التي يجب ان تمرر طلبات الحصول على العملة الأجنبية بسرعة وسلاسة

فسوق النقد حساس جدا ويمكن لأي تأخير في انسيابية المعلومات ان يؤثر بالسلب على تحديد سعر الصرف.

ان مديرية غسيل الأموال تتسلم قوائم طلبات التحويل في نفس الوقت الذي تتسلم فيه لجان المزاد هذه القوائم

وهي تملك الوقت الكافي للمتابعة وإخبار الجهات المختصة .

ان المصارف عليها ان تخبر دائرة الإبلاغ في البنك المركزي مباشرة عن اية معاملة مشبوهة

بحسب المادة 17 من قانون غسيل الأموال،

 وان تقوم دائرة الإبلاغ بإ خبار الجهات الأمنية.

ان محاولات الكشف عن غسيل الأموال تتطلب من المصارف التعرف على مصادر الدنانير التي ستودع لديها .

 فالدينار يحول بشكل سريع الى الدولار والدولار له قابلية شرائية لكل السلع والخدمات في كل مكان في العالم.

لذلك فان مسألة الاستشهاد عن غسيل الأموال من قبل المصارف تكتسب أهمية كبيرة.

 ان الحكم في قضية غسيل الأموال تتأتى عموما من استشهادات المصارف

ومن التدقيق الذي تقوم به وحدة الإبلاغ عن غسيل الأموال في البنك المركزي.

تستطيع دائرة غسيل الأموال ان تثير الشكوك حول كل العمليات

وهي تستطيع ان تخاطب المصارف مباشرة خاصة

 وان هناك دائرة نظيرة لمكافحة غسيل الأموال في المصارف .

نصت الفقرة 4 من المادة 12 من قانون مكافحة غسيل الأموال لسنة 2004 على انه

( اذا شك مكتب غسيل الأموال شكاً معقولاً في ان معاملة ما تم اجراؤها او الشروع فيها

تنطوي على أموال مستمدة من أنشطة غير مشروعة او من غسل الأموال

او أموال يقصد بها ان تستخدم في تمويل الجريمة او أموال يملك عليها تنظيم إجرامي حق التصرف ،

او تمويل الإرهابيين، او ان المعاملة يقصد بها على أي وجه آخر خدمة غرض غير قانوني ،

 يقوم فورا بإخطار سلطة الادعاء والتحقيق المختصة.) .

هذا يعني ان مكتب الإبلاغ ليس بالضرورة ان يرجع الى محافظ البنك المركزي او يطلب الإذن منه او من إدارة البنك

كي يخطر سلطة الادعاء والتحقيق المختصة.

 ان دائرة الإبلاغ تبقى محتفظة باستقلال عملياتها.

ان الخصائص الأساسية التي يجب توفرها في المصرف كي يدخل السوق النقدية او مزاد العملة

هي بالإضافة الى ملكيته للدنانير العراقية بشكل كاف ضمن حساب في البنك المركزي،

وانما ايضا ان يكون في وضع مُرضٍ من ناحية إيفائه بالتزاماته تجاه البنك المركزي وان تكون ودائعه خالية من غسيل الأموال.

وعملية متابعة غسيل الأموال تجري بعد انتهاء عملية المزاد فهي يجب ألا تؤثر على عملية تحديد سعر الصرف.

إن عملية تدقيق غسيل الأموال هي عملية تدقيقية وأمنيّة بينما تتصف عملية المزاد بانها سياسة نقدية بحتة.

ان مزاد العملة متاح لكل المصارف التي لم ترتكب مخالفات مصرفية.

وقد شاع الاعتقاد خلال الحملة التي تعرض لها البنك المركزي منذ نهاية العام الماضي

 بان البنك يبيع العملة الأجنبية لمصارف معينة.

إن المزاد متاح لكل المصارف

وبيانات مزاد العملة لا تشير الى ان البيع هو لمصارف معينة فاغلب المصارف تدخل مزاد العملة وإن بشكل متفاوت.

 ان عملية بيع العملة الأجنبية

 تتحدد عندما يبدأ الطلب من المصرف التجاري او المشتري وتتم الاستجابة له من قبل البنك المركزي او البائع.

 ان هذه القضية تتوقف على ظروف السوق واحتياجات المصرف في الميادين المختلفة

 اذ انه من الممكن ان تطلب مصارف معينة العملة الأجنبية او تطلبها كل المصارف.

ومن الممكن أيضا ان يدخل المزاد مصرف واحد او كل المصارف بل ومن الممكن نظريا ألا يدخل المزاد أي مصرف.

 كل ذلك يعتمد على أنشطة المصارف وظروف السوق.

 البنك المركزي لا يختار المصرف الذي يبيع له.

بعض المصارف تشتري اكثر من غيرها لأنها انشط من غيرها وليس لان البنك المركزي يحابي هذه المصارف.

بالطبع وكما ذكرنا ان عمليات المصارف كلها تدقق من ناحية مخالفاتها المصرفية ومن ناحية غسيل الأموال.

البنك المركزي يبيع الآن ستة أيام في الأسبوع بينما كانت الإدارة السابقة تبيع خمسة أيام

وهي لم تعتمد أبداً نظام الستة أيام في الأسبوع.

 الأسواق المالية ( وخاصة العمليات المالية والنقدية للبنك المركزي) لا تعمل خلال أيام العطل الرسمية

وهي تعمل عندما يكون هناك يوم عمل في المصارف.

هذا بالرغم انه في دول كثيرة قد نجد بيع وشراء العملات من قبل صرافين في أيام العطل

لكنها مهما اتسعت تعتبر عمليات محدودة ولا تتخذ شكل السوق المنظم.

الإدارة السابقة تمكنت من إعادة الاستقرار لأسعار الصرف

قبل ان تغادر العمل في منتصف تشرين الأول من العام الماضي بشهر على الأقل.

يجب التأكيد هنا

 ان النجاح في السياسة النقدية يقاس من خلال المحافظة على الاستقرار في السعر

وليس من خلال تقليل كمية البيع خاصة اذا ما كان الاحتياطي كافياً.

لقد افترضت القيادة الحالية للبنك ، من خلال تلفزيون العراقية في آذار الماضي،

 ان البيع اليومي في مزاد العملة لا يجب ان يتجاوز 100 مليون دولار،

ولكن البيع في الوقت الحاضر يبلغ في المتوسط ضعف هذا المبلغ،

وذكرت الإدارة الجديدة ان هذه الزيادة في التحويل قد تمثل تهريبا او غسيلاً للأموال

 فهل يا ترى تم التأكد من ذلك وماهي الإجراءات التي اتخذت بهذا الخصوص

 وماهو رأي دائرة الإبلاغ عن غسيل الأموال في البنك بكلام السيد المحافظ وهل من متابعة ؟.

هذا ونود ان ننوه هنا

 ان دائرة الإبلاغ لم ترفع أية حالة او قضية فيها شبهة غسيل للأموال او تمويل الإرهاب الى إدارة البنك

 لكن النائب الأول لرئيس مجلس النواب ذكر في مناقشاته البرلمانية في 8/11/2012

ان دائرة الإبلاغ هذه كانت تشتكي من العمليات ((الفظيعة)) لغسيل الأموال في البنك المركزي.

ان البيع في الوقت الحاضر بدأ يقترب من الأسلوب الذي كانت تتبعه الإدارة السابقة وهو المضي نحو إشباع السوق

ولكن سعر السوق لازال اعلى من سعر البنك

وهذا يعني ان الإدارة الحالية لازالت تقيد العرض او تتبع إجراءات تقييدية بالرغم من ان الاحتياطي لايدعو الى القلق.

 ان السعر يتحدد بنقطة التقاء العرض بالطلب.

هذه مبادئ الاقتصاد.

 ان هذه التطورات تشير الى ان هناك من يرى ان هدف البنك المركزي هو ان يبيع اقل لا ان يعمل على استقرار سعر الصرف.

ان تحقيق الاستقرار الاقتصادي نتيجة لاستقرار سعر الصرف وتخفيض التضخم بشكل عام

 يعتبر عملية أساسية للتنمية ولتنفيذ المشاريع وخاصة تلك التي تحتاج الى مستخدمات مستوردة.

ان المشكلة التي يعانيها الاقتصاد العراقي الآن هي مشكلة سياسات وليست مشكلة موارد.

فالبلد يعاني الآن من عدم توفر الاستقرار السياسي والأمني الأمر الذي يعرقل التنمية واتخاذ القرارات بشأنها،

 إلا أننا بدأنا الآن نعاني أيضا من عدم توفر الاستقرار الاقتصادي نتيجة لعدم استقرار الصرف .

ان ذلك يؤثر على الثقة بالدينار والتي بدأت تتضاءل (نرجو ان يكون هذا الأمر وقتيا )

 الأمر الذي يفسر الرغبة الكبيرة في اقتناء الدولار الذي اصبح الآن عند الجمهور بمثابة سلعة أمان.

كما ان عدم استقرار الظروف الداخلية والإقليمية يشجع بدوره على زيادة الطلب على الدولار.

 لاشك ان هذا عامل مهم في تذبذب سعر الدولار إلا ان إدارة البنك المركزي هي الأخرى قيدت بيع الدولار

فاصبحنا إمام طلبٍ عالٍ وعرضٍ مقيد.

يجب استرداد الاستقرار حتى يستطيع واضعو السياسات اتخاذ القرارات خاصة فيما يتعلق بالقطاع الخارجي

الذي يكتسب أهمية خاصة في الاقتصاد العراقي.

مشكلة مزاد العملة هي في الحقيقة مشكلة الاقتصاد وليست مشكلة البنك المركزي.

من المفروض ان يوفر البنك المركزي بيئة ملائمة للتنمية واهم عناصر هذه البيئة هو استقرار سعر الصرف.

ولكن الاستفادة من هذه البيئة تتوقف على كفاءة الاقتصاد الحقيقي

وخاصة قابليته على تطوير الصادرات من القطاع غير النفطي وصياغة السياسات الملائمة من قبل الحكومة وأجهزتها .

 اذا كان الاقتصاد الحقيقي يعاني من إنتاجية متدنية

 فان القطاع الخاص سيستورد تقريبا كل شيء وسعر الصرف الدينار سينخفض

ولكن حجم الاحتياطي الكبير يستطيع تمويل الاستيراد وسد فجوة ميزان المدفوعات والحفاظ على الدينار من الانخفاض

وهذا ما يحدث في مزاد العملة الأجنبية.

من الأفضل ان نحافظ على الدينار من خلال الإنتاج وخلق قابليات تصديرية غير نفطية

وهذا هو واجب القطاعات الإنتاجية (حكومية وقطاع خاص).

 يجب ان تتطور قابلية التصدير غير النفطي ولو بشكل تدريجي

حتى يقل الاعتماد على عوائد النفط ومزاد العملة الأجنبية المعتمد على النفط.

ليس من المفروض ان يلام البنك المركزي لأنه لم يمول التنمية،

 ويبدو ان هناك من الحكومة وبعض أعضاء مجلس النواب من يريد الولوج في هذا الطريق.

البنك المركزي يجب ان يلام

اذا لم يوفر او يساهم في توفير المناخ الملائم للتنمية وذلك من خلال توفير بيئة مالية واقتصادية مستقرة.

ان عدم استقرار سعر الصرف هو من المعالم الأساسية لعدم الاستقرار السياسي

والذي يعطل او يؤخر اتخاذ القرارات الاقتصادية وتنفيذها.

هل سألت الحكومة نفسها لماذا تغادر الأموال والبشر العراق وهم عناصر الإنتاج في البلد؟

 وهل لو توفرت ظروف سياسية واقتصادية ملائمة كانت هذه العناصر ستغادر العراق؟

 اذا بقيت عناصر الإنتاج هذه داخل العراق سيصبح حل مشكلة سعر الصرف اسهل

لان الأموال ستبقى في العراق وفي بيئة استثمارية وإنتاجية مناسبة .

هذه هي البيئة التي يجب ان نوفرها وهذه هي مسؤولية الحكومة أساساً.

ان المزاد يتعامل مع ظروف اقتصادية فيها تغيرات كثيرة خاصة فيما يتعلق بالقطاع المالي.

بالإضافة الى ذلك فان العراق يمر بفترة انتقال

فهناك أولاً الانتقال نحو اقتصاد السوق وقد نص الدستور على أهمية القطاع الخاص ضمن ذلك.

وهناك أيضا الانتقال لاقتصاد السّلم من اقتصاد الحرب والحصار ( الذي ظل معنا لفترة طويلة) والذي تكتسب فيه التنمية أهمية كبيرة.

وهناك أيضا التكامل مع المجتمع الدولي الذي يجب ان تسوى الأمور معه حيث ان اغلب مشاكل العراق تحمل أبعادا دولية.

ويشمل ذلك حل مشكلة الديون وتطبيع العلاقات الاقتصادية مع المجتمع الدولي والمؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية.

 ان التعامل مع المجتمع الدولي والذي يكتسب أهمية كبيرة في جهودنا التنموية يتطلب قدرات إدارية كبيرة ودعماً دولياً كبيراً،

وقد تبينت أهمية ذلك خلال مفاوضاتنا مع نادي باريس ومفاوضاتنا النقدية والمالية مع المؤسسات الدولية

 وخاصة صندوق النقد الدولي.

*) محافظ البنك المركزي المقال

عن جريدة المدى البغدادية، العدد(2819) – السبت 2013/06/15 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق