19 أكتوبر 2012 11:50 ص
صدر مركز الأبحاث في شركة سنيار كابيتال تقريرا حول الذهب والتحوط من التضخم وعملات الملاذ الآمن في الأزمات، وقد أعده نائب رئيس الابحاث محمد رمضان.
وذكر التقرير أن استخدام الذهب يعود الى العصور القديمة في المجوهرات والمقتنيات الثمينة، وكوسيلة للاحتفاظ بالقيمة (عملة) تمكن من يملكها من استبدالها بأي سلعة معروضة للبيع.
ويعود استخدام الذهب كعملة الى قديم الزمن، لكن استخدام الأوراق النقدية وربطها بكمية معينة من الذهب (معيار الذهب Gold Standard) يرجع الى تاريخ أحدث نسبيا.
فبعد أزمة الفضة في أواخر القرن الثامن عشر بدأ معيار الذهب في دول متفرقة ثم بدأ التوسع في معيار الذهب سنه 1870 وانتهى سنة 1914 بسبب حاجة الحكومات الى طباعة الأوراق النقدية دون التقيد بكميات الذهب المطلوبة لتمويل تكاليف الحرب.
ولم تكن هذه المرة الأولى، حيث تخلت بريطانيا عن معيار الذهب أثناء حروب نابليون والولايات المتحدة أثناء الحرب الأهلية، ثم عادوا الى معيار الذهب بعد الحرب مرة أخرى.
ولكن بعد الحرب العالمية الأولى لم تكن الأمور مستقرة وكانت الحكومات السباقة الى ترك معيار الذهب هي الأسرع الى الاستقرار الاقتصادي، حيث يلوم الاقتصادي الأميركي باري ايتشينغرين معيار الذهب في عشرينات القرن الماضي على اطالة تأثير الكساد الكبير، حيث لم يستطع الفدرالي الأميركي التوسع في عرض النقد (طباعة النقود من دون تقيد) لتحريك الاقتصاد وتمويل البنوك وسد عجز الميزانية، وهو ما يحدث الآن تحت اسم التيسير الكمي Quantitative Easing.
وبعد الحرب العالمية الثانية، تم الاتفاق على العودة الى معيار الذهب سنة 1946 باتفاقية «بريتون وودز»، التي تم خلالها تثبيت سعر صرف عملات العديد من الدول الى الدولار، وتم تثبيت تحويل الدولار الى الذهب بنحو 35 دولاراً لكل اونصة ذهب.
واستمر العمل بهذا النظام حتى عام 1971 عندما واجه الرئيس الأميركي نيكسون قيودا على مصروفات حرب فيتنام فقام بالغاء تحويل الدولار الى ذهب. وانهار معيار الذهب وبدأ عهد العملات غير المقيدة بسلعة FiatMoney التي تتم طباعتها حسب الحاجة مع مراعاة عدم زيادة التضخم قدر الامكان.
أفاد تقرير «سنيار» بأن انتاج أو استخراج الذهب يتم من مصادر مختلفة وهي:
• الذهب المستخرج من المناجم: يشكل %62.75 من اجمالي كمية الذهب المعروض سنة 2011. وأكبر الدول المنتجة للذهب هي الصين بـ350 طنا أي %13.1 من الانتاج العالمي لسنة 2010، ثم استراليا بـ260 طنا، ثم الولايات المتحدة بـ233.9 طنا ثم روسيا بـ203.4 أطنان. وفي المركز الخامس جنوب أفريقيا التي كانت تحتل المراتب الأولى بالسابق بـ203.3 اطنان. حيث تقدر كمية الذهب المنتجة في جنوب أفريقيا منذ بداية تسجيل الانتاج بـ 40 ألف طن، أي تقريبا ثلث الذهب الموجود في العالم حاليا.
واللافت للانتباه أن السعودية تحتل المرتبة 35 في انتاج الذهب سنة 2006 بـ5.1 أطنان، كأكبر منتج عربي للذهب، تليها السودان بـ4.5 أطنان، ثم المغرب 1.5 طن، وأخيرا الجزائر 0.37 طن.
وتختلف تكاليف استخراج الذهب من المناجم حسب المنجم والمنطقة والفترة الزمنية، فحسب تقرير «أي بي أن أمرو» للربع الأول 2011، فإن معدل تكلفة انتاج اونصة الذهب 620 دولاراً، بمعدل سعر بيع 1387 دولارا، بعد أن كان معدل تكلفة الانتاج 394 دولارا، ومعدل سعر البيع 695 دولارا في سنة 2007.
فعلى الرغم من ارتفاع تكاليف الانتاج فإن هامش الربح أكبر في 2011 منه في 2007. ويحتل منجم ميدوسا في الفلبين المرتبة الأولى، كأقل تكاليف انتاج بـ191 دولارا للأونصة، يليه منجم باريك روبي هيل في الولايات المتحدة بالمركز الثاني، بتكلفة 211 دولاراً للأونصة. وتصل تكاليف استخراج الذهب في بعض المناجم الى مستويات تفوق 1200 دولار للأونصة.
• الذهب المعاد تصنيعه: يشكل %27.25 من اجمالي كمية الذهب المعروض سنة 2011. حيث أن كمية الذهب المستخرج من المناجم غير مرنة نسبيا، ويشكل الذهب المعاد تصنيعه مصدرا مهما للذهب متى دعت الحاجة لدعم استقرار أسعار الذهب عند زيادة الطلب.
1980 كان عام الأزمات الجيوسياسية وغالبيتها في الشرق الأوسط، حيث من بينها الحرب العراقية ـــ الايرانية، وأزمة الرهائن الأميركيين في طهران، واحتلال الاتحاد السوفيتي لأفغانستان.
وأثرت هذه الأزمات في جعل الشرق الأوسط مركزا للذهب المعاد تصنيعه (%35 من الانتاج العالمي، واحتلت ايران المرتبة الأولى في ذلك الوقت).
في عام 2010 قل التركيز الجغرافي للذهب المعاد تصنيعه، وأصبحت منطقة شرق آسيا المصدر الرئيسي للذهب المعاد تصنيعه %27 من الانتاج العالمي (الصين تشكل %8.4 من الانتاج العالمي).
الطلب العالمي
أما الطلب على الذهب فيكون للاستخدامات التالية:
1 ــ المجوهرات: الطلب على المجوهرات يمثل الحجم الأكبر من الطلب على الذهب بشكل عام، حيث تشكل المجوهرات نسبة %43 من اجمالي الطلب على الذهب سنة 2011. وتمثل الهند المستهلك الأول للمجوهرات بنسبة %29 من الطلب العالمي على مجوهرات الذهب سنة 2011.
2 ــ التكنولوجيا: يستخدم الذهب في الالكترونيات وطب الأسنان واستخدامات صناعية أخرى، ويمثل %9.5 من اجمالي الطلب على الذهب سنة 2011. ويوضح الرسم التالي توزيع استخدام الذهب في التكنولوجيا في السنوات السابقة.
3 ــ الاستثمار: يستخدم الذهب كاستثمار أو كعملة أو كاحتياطي في البنوك المركزية.
فيمكن شراء قطع من الذهب بأوزان مختلفة بغرض الاستثمار أو شراء صناديق ذهب متداولة (تمثل استثمار لحظي بالذهب عن طريق اسهم) أو تقوم البنوك المركزية بالاحتفاظ بالذهب كاحتياطي للعملة المصدرة.
ونجد أن انخفاض أو زيادة الاستثمار بالذهب هو العامل الأساسي في التأثير على أسعار الذهب بشكل عام.
حيث زاد الاستثمار بالذهب سنة 1980 وارتفعت الأسعار كثيرا وانخفض الاستثمار سنة 2000 وانخفضت أسعار الذهب في تلك الفترة ثم معاودة ارتفاع الاستثمار وارتفاع الأسعار في 2010.
معيار الذهب
وحاليا، لا توجد دولة تعتمد معيار الذهب %100 (تركت سويسرا ــ آخر الدول ــ معيار الذهب سنة 2000)، حيث تكمن صعوبة تطبيقه في أن كميات الذهب الموجودة لا تكفي النشاط الاقتصادي في العالم، وأي محاولة لتطبيقه ستدفع بأسعار الذهب الى مستويات غير معقولة.
وكذلك يمكن تصنيف المعادن الثمينة أي النادرة وذات قيمة اقتصادية ــ الذهب والفضة والبلاتينيوم والبلاديوم ــ كعملة حسب معيار4217 ISO.
ولكن لو امعنا النظر، فليس من السهل ايداع 100 غرام من الذهب مثلا لمدة سنة، والحصول على عائد 2 غرام من الذهب، كما هي الحال مع ودائع باقي العملات.
وقد شهد سعر الذهب استقرارا قبل السبعينات، ثم ارتفع بعد الغاء اتفاقية «بريتون وودز»، وحدوث تضخم كبير بالسبعينات، حتى أخذ سعر الذهب ينخفض بالثمانينات والتسعينات (كانت البنوك المركزية الأوروبية تبيع الذهب لاستبداله بديون سيادية ذات مردود مالي) معاودا الارتفاع في السنوات الأولى من الألفية الثالثة، والارتفاع الشديد بعد أحداث الأزمة الاقتصادية العالمية سنة 2008.
وتتلخص مزايا معيار الذهب باستقرار الأسعار على المدى البعيد وكبح التضخم، وعدم امكانية طباعة الاوراق عند الحاجة.
أما عيوب معيار الذهب فتتلخص بالتالي:
1 - التوزيع غير المتساوي للذهب، كثروة طبيعية يجعل الدول ذات القدرة الانتاجية والاحتياطيات العالية من الذهب تتميز عن باقي الدول.
2 - يضع معيار الذهب حدا للنمو الاقتصادي، حيث يصاحب النمو الاقتصادي عادة نمو في عرض النقد.
3 - يعتقد بعض الاقتصاديين أنه يمكن تجنب حالات الكساد بزيادة عرض النقد كما يتم حاليا.
4 - قيمة الذهب المستخرج أقل بكثير من حجم النقد الحالي في الاقتصاد العالمي.
5 - ارتباط عرض النقد بكمية الذهب المستخرج من الأرض بدل النمو الاقتصادي.
6 - خطورة حصول انكماش Deflation، حيث يعتبر القليل من التضخم أخف تأثيرا على الاقتصاد من القليل من الانكماش، الذي قد يسبب المزيد من الانكماش (بسبب عدم الشراء لانتظار أسعار أقل بالمستقبل على عكس التضخم الذي يسبب زيادة في الشراء خوفا من ارتفاع الأسعار).
البنوك المركزية
إلى ذلك، قال تقرير «سنيار كابيتال» ان البنوك المركزية وصندوق النقد الدولي تلعب دورا مهما في التأثير على أسعار الذهب.
فحسب آخر احصائية من مجلس الذهب العالمي (اكتوبر 2012)، فان مجموع ما تحتفظ به البنوك المركزية من الذهب هو 31.44 ألف طن، حيث تمتلك الولايات المتحدة أكبر احتياطي ذهب وهو 8133 طناً تليها ألمانيا بــ 3395 طناً، ثم صندوق النقد الدولي 2814 طناً. وتأتي السعودية في مقدمة الدول العربية في احتياطيات الذهب بنحو 322.9 طناً، ثم لبنان 286.8 طناً ثم الجزائر 173.6 طناً.
وتتكون احتياطيات البنوك المركزية من الذهب وعملات أجنبية أو سندات (مقابل النقد المصدر)، حيث لا تعبر كمية الذهب عن كامل الاحتياطي، فمثلا الولايات المتحدة تشكل نسبة الذهب الى الاحتياطيات %75.4، بينما تختلف النسبة في السعودية الى %2.8 ولبنان الى %29.4.
وتظهر الأرقام انخفاض نسبة احتياطيات الذهب في الدول المصدرة للنفط نسبيا، فيما عدا فنزويلا التي تعتبر حالة خاصة، حيث تم اصدار أمر رئاسي بنقل 211 طن من الذهب المخزن خارج فنزويلا الى داخل فنزويلا في أغسطس 2011.
ونسبة احتياطيات دول الخليج من الذهب منخفضة نسبيا (فيما عدا الكويت) كباقي الدول المصدرة للنفط، حيث يتم تصدير النفط بالدولار.
أي أن ايرادات الدولة بالعملة المحلية عرضة لتقلبات اسعار النفط، فزيادة نسبة الذهب في الاحتياطيات تجعل ايرادات الدولة بالعملة المحلية عرضة أيضا لتقلبات أسعار الذهب أو أي عملة غير الدولار الأميركي (يمثل الدولار الأميركي %86 تقريبا من احتياطيات دول مجلس التعاون، حسب دراسة DIFC عن العملة الخليجية الموحدة سنة 2010).
ويوضح الجدول المرفق أن الكويت ذات أعلى نسبة احتياطي من الذهب في دول الخليج، وأعلى من دول مصدرة للنفط مثل النرويج ونيجيريا.
البنوك المركزية الاوروبية بشكل عام كانت تبيع الذهب في السنوات الأخيرة (منذ عقدين تقريبا) مثل انكلترا وسويسرا وغيرهما، لتبديل الذهب بسندات سيادية تدر فائدة نقدية.
فحتى سنة 2009 كانت البنوك المركزية بشكل عام تبيع الذهب، ثم تغير هذا بعد قيام مجموعة من البنوك المركزية مثل روسيا والصين والمكسيك والهند والسعودية وغيرها، بشراء كميات كبيرة من الذهب كاحتياطي للتقليل من احتياطيات الدولار (المهدد بالضعف بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية)، هذا بالاضافة الى توقف البنوك المركزية الاوروبية عن بيع الذهب، وأصبحت تشتري الذهب في 2011.
ووفق تقرير مجلس الذهب العالمي لأكتوبر 2012، يبلغ الاحتياطي الروسي من الذهب 936.7 طنا، ويشكل نسبة %9.6 من اجمالي الاحتياطيات.
أداة تحوط
وأضاف التقرير ان التضخم عبارة عن ضعف القيمة الشرائية للعملة، أي ضعف العملة بشكل عام، وحيث إن البنوك المركزية تقوم بطباعة العملة (بعد انهيار معيار الذهب) من دون التقيد باحتياطيات معينة، فإن أحد الأهداف الرئيسية للبنوك المركزية هو محاربة التضخم.
ويصف الاقتصادي الانكليزي جون ماينارد كينز التضخم المستمر بأنه وسيلة الحكومة لمصادرة جزء مهم من ثروات المواطنين بسرية ومن دون ملاحظة.
وتختلف الآراء والدراسات حول الذهب كأداة للتحوط من آثار التضخم.
فمثلا نجد مجلس الذهب العالمي يشير الى أن الذهب احتفظ بقيمته منذ أيام نبوخذنصر ملك بابل (مثال غريب جدا)، أي منذ 2500 سنة تقريبا، حيث كانت اونصة الذهب تعادل 350 كتلة من الخبز، واليوم تعادل اونصة الذهب الكمية نفسها من الخبز تقريبا.
وآراء ودراسات أخرى تشير الى أن الذهب هو وسيلة سيئة للتحوط من آثار التضخم، مستشهدين بانخفاض أسعار الذهب الكبير في فترة الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين.
هناك شكوك كثيرة وتضارب في الآراء حول امكانية استخدام الذهب كأداة تحوط من آثار التضخم، فهذه الفرضية تعطي نتائج مختلفة باختلاف الفترة الزمنية، والعملة أو الدولة محل الاختبار.
ولكن مما تتفق عليه النتائج بشكل كبير أن أسعار الذهب تشهد ارتفاعا كبيرا في الأزمات، ثم انخفاضا بعدها (مثل وصف الفقاعة). ويحتفظ بقيمته في فترات التضخم العالي أو الانكماش، ويتأثر سلبا مع معدلات الفائدة، أي كلما زاد العائد على النقد، حيث لا يوجد عائد مماثل على الذهب، والعكس صحيح.
وتشير دراسة أكسفورد اكونومكس سنة 2011 بأن أسعار الذهب شهدت ارتفاعات كبيرة في السنوات السابقة، كنتيجة لعوامل قصيرة المدى ومعقدة مثل ضعف الدولار ومعدلات فائدة حقيقية منخفضة، وتداعيات مالية كبيرة، وعمليات التيسير الكمي التي تعطي احتمالا كبيرا لحدوث تضخم عال في المستقبل.
فهذه العوامل أدت الى ارتفاع كبير في أسعار الذهب، ومن المتوقع جدا هبوطها مرة أخرى، ولكن بعد أن تصل الى مستويات قد تكون أعلى من الأسعار الحالية، وسيكون الانخفاض بشكل بطيء نسبيا، كما كان يحدث في الأزمات السابقة.
عملات الملاذ الآمن
وبعد تداعيات الأزمة المالية العالمية، والأزمة الأوروبية، بدأ المستثمرون يتجهون الى عملات أخرى كملاذ آمن بعيد عن اليورو والدولار، مثل الدولار الاسترالي والدولار الكندي والفرنك السويسري والكرونا النرويجية والكرونا السويدية.
ويشير تقرير شركة ديكسيا لإدارة الأصول في ديسمبر 2011 إلى أن هذه العملات عرضة لمخاطر أيضا.
مثلا يشير التقرير إلى أنه على الرغم من قوة ومتانة الاقتصاد الاسترالي، الا أن المؤشرات الاقتصادية تشير الى انكماش الاقتصاد (تم تخفيض الفائدة أخيرا) بالاضافة الى ارتفاع كبير للدولار الاسترالي في الفترة السابقة للتقرير.
أما بالنسبة إلى الفرنك السويسري، فيشير التقرير إلى أنه فقد مكانته كعملة ملاذ آمن، بعد أن قرر المركزي السويسري وضع سقف لسعر تحويل الفرنك مع اليورو.
وبالنسبة إلى الكرونا النرويجية، فيشير التقرير الى أن الاقتصاد النرويجي يشهد أقل معدلات بطالة في أوروبا، وهو خامس أكبر مصدر للنفط في العالم، ويبقي نظرة مستقبلية إيجابية على المدى البعيد، وسلبية على المدى القصير، بسبب ارتفاع الكرونا السريع والكبير قبل التقرير.
أما السويد فلم تتأثر كثيرا من تداعيات الأزمات، ومن المتوقع أن تستمر الكرونا السويدية في وضع قوي لسنوات، حيث لم تشهد صعودا كبيرا، ولكن قد ينخفض النمو الاقتصادي في المستقبل.
أما الدولار الكندي، فيشير التقرير الى ارتباطه الكبير بالاقتصاد العالمي، والطلب على النفط على المدى القصير، على الرغم من النظرة الايجابية بالمستقبل البعيد.
وعلى الرغم من وجود أصول مختلفة، قد تصنف كملاذ آمن في الأزمات، مثل الذهب وبعض العملات، إلا أن هذا التصنيف قد يتغير بسبب ارتفاعات كبيرة وسريعة تجعل من هذه الأصول أصولا ذات قيمة عالية (أي أعلى من قيمتها العادلة).
فلم نعد في بداية الأزمة، كما كنا في 2008، ولا نعلم متى تبدأ الدول بالخروج منها، فلايزال الحديث عن زيادة التيسير الكمي مستمرا، ولاتزال أسعار الفائدة منخفضة.
لذا يجب التحوط من الفقاعات والتنويع بين الملاذات الآمنة، ومراقبة الاستثمارات بصفة مستمرة، واتخاذ القرارات الحكيمة المبنية على التحليل الشامل، نظرا إلى الظروف الاستثنائية الراهنة ومستجداتها.
وارين بافيت وفقاعة الذهب
يرى المستثمر الأميركي وارين بافيت أن ارتفاع أسعار الذهب ليس سوى فقاعة ستنفجر متى ما كبر حجمها بشكل كاف.
وسيصح القول القديم «ما يفعله الحكيم عند البداية، يفعله الأحمق عند النهاية».
ويضرب بافيت مثالا افتراضيا،
بأنك لو كنت تملك كل الذهب الموجود في العالم (سنة 2010) هل ستحتفظ به؟
أو ستقوم بشراء كل الاراضي الزراعية في الولايات المتحدة، و10 شركات بحجم وربحية اكسون موبيل، وسيبقى لك تريليون دولار بشكل نقدي؟
فأي من الخيارين سيعود عليك بقيمة وفائدة أكبر في المستقبل؟
http://5.79.47.21/portal/ISX/getDetailsStory.html
صدر مركز الأبحاث في شركة سنيار كابيتال تقريرا حول الذهب والتحوط من التضخم وعملات الملاذ الآمن في الأزمات، وقد أعده نائب رئيس الابحاث محمد رمضان.
وذكر التقرير أن استخدام الذهب يعود الى العصور القديمة في المجوهرات والمقتنيات الثمينة، وكوسيلة للاحتفاظ بالقيمة (عملة) تمكن من يملكها من استبدالها بأي سلعة معروضة للبيع.
ويعود استخدام الذهب كعملة الى قديم الزمن، لكن استخدام الأوراق النقدية وربطها بكمية معينة من الذهب (معيار الذهب Gold Standard) يرجع الى تاريخ أحدث نسبيا.
فبعد أزمة الفضة في أواخر القرن الثامن عشر بدأ معيار الذهب في دول متفرقة ثم بدأ التوسع في معيار الذهب سنه 1870 وانتهى سنة 1914 بسبب حاجة الحكومات الى طباعة الأوراق النقدية دون التقيد بكميات الذهب المطلوبة لتمويل تكاليف الحرب.
ولم تكن هذه المرة الأولى، حيث تخلت بريطانيا عن معيار الذهب أثناء حروب نابليون والولايات المتحدة أثناء الحرب الأهلية، ثم عادوا الى معيار الذهب بعد الحرب مرة أخرى.
ولكن بعد الحرب العالمية الأولى لم تكن الأمور مستقرة وكانت الحكومات السباقة الى ترك معيار الذهب هي الأسرع الى الاستقرار الاقتصادي، حيث يلوم الاقتصادي الأميركي باري ايتشينغرين معيار الذهب في عشرينات القرن الماضي على اطالة تأثير الكساد الكبير، حيث لم يستطع الفدرالي الأميركي التوسع في عرض النقد (طباعة النقود من دون تقيد) لتحريك الاقتصاد وتمويل البنوك وسد عجز الميزانية، وهو ما يحدث الآن تحت اسم التيسير الكمي Quantitative Easing.
وبعد الحرب العالمية الثانية، تم الاتفاق على العودة الى معيار الذهب سنة 1946 باتفاقية «بريتون وودز»، التي تم خلالها تثبيت سعر صرف عملات العديد من الدول الى الدولار، وتم تثبيت تحويل الدولار الى الذهب بنحو 35 دولاراً لكل اونصة ذهب.
واستمر العمل بهذا النظام حتى عام 1971 عندما واجه الرئيس الأميركي نيكسون قيودا على مصروفات حرب فيتنام فقام بالغاء تحويل الدولار الى ذهب. وانهار معيار الذهب وبدأ عهد العملات غير المقيدة بسلعة FiatMoney التي تتم طباعتها حسب الحاجة مع مراعاة عدم زيادة التضخم قدر الامكان.
أفاد تقرير «سنيار» بأن انتاج أو استخراج الذهب يتم من مصادر مختلفة وهي:
• الذهب المستخرج من المناجم: يشكل %62.75 من اجمالي كمية الذهب المعروض سنة 2011. وأكبر الدول المنتجة للذهب هي الصين بـ350 طنا أي %13.1 من الانتاج العالمي لسنة 2010، ثم استراليا بـ260 طنا، ثم الولايات المتحدة بـ233.9 طنا ثم روسيا بـ203.4 أطنان. وفي المركز الخامس جنوب أفريقيا التي كانت تحتل المراتب الأولى بالسابق بـ203.3 اطنان. حيث تقدر كمية الذهب المنتجة في جنوب أفريقيا منذ بداية تسجيل الانتاج بـ 40 ألف طن، أي تقريبا ثلث الذهب الموجود في العالم حاليا.
واللافت للانتباه أن السعودية تحتل المرتبة 35 في انتاج الذهب سنة 2006 بـ5.1 أطنان، كأكبر منتج عربي للذهب، تليها السودان بـ4.5 أطنان، ثم المغرب 1.5 طن، وأخيرا الجزائر 0.37 طن.
وتختلف تكاليف استخراج الذهب من المناجم حسب المنجم والمنطقة والفترة الزمنية، فحسب تقرير «أي بي أن أمرو» للربع الأول 2011، فإن معدل تكلفة انتاج اونصة الذهب 620 دولاراً، بمعدل سعر بيع 1387 دولارا، بعد أن كان معدل تكلفة الانتاج 394 دولارا، ومعدل سعر البيع 695 دولارا في سنة 2007.
فعلى الرغم من ارتفاع تكاليف الانتاج فإن هامش الربح أكبر في 2011 منه في 2007. ويحتل منجم ميدوسا في الفلبين المرتبة الأولى، كأقل تكاليف انتاج بـ191 دولارا للأونصة، يليه منجم باريك روبي هيل في الولايات المتحدة بالمركز الثاني، بتكلفة 211 دولاراً للأونصة. وتصل تكاليف استخراج الذهب في بعض المناجم الى مستويات تفوق 1200 دولار للأونصة.
• الذهب المعاد تصنيعه: يشكل %27.25 من اجمالي كمية الذهب المعروض سنة 2011. حيث أن كمية الذهب المستخرج من المناجم غير مرنة نسبيا، ويشكل الذهب المعاد تصنيعه مصدرا مهما للذهب متى دعت الحاجة لدعم استقرار أسعار الذهب عند زيادة الطلب.
1980 كان عام الأزمات الجيوسياسية وغالبيتها في الشرق الأوسط، حيث من بينها الحرب العراقية ـــ الايرانية، وأزمة الرهائن الأميركيين في طهران، واحتلال الاتحاد السوفيتي لأفغانستان.
وأثرت هذه الأزمات في جعل الشرق الأوسط مركزا للذهب المعاد تصنيعه (%35 من الانتاج العالمي، واحتلت ايران المرتبة الأولى في ذلك الوقت).
في عام 2010 قل التركيز الجغرافي للذهب المعاد تصنيعه، وأصبحت منطقة شرق آسيا المصدر الرئيسي للذهب المعاد تصنيعه %27 من الانتاج العالمي (الصين تشكل %8.4 من الانتاج العالمي).
الطلب العالمي
أما الطلب على الذهب فيكون للاستخدامات التالية:
1 ــ المجوهرات: الطلب على المجوهرات يمثل الحجم الأكبر من الطلب على الذهب بشكل عام، حيث تشكل المجوهرات نسبة %43 من اجمالي الطلب على الذهب سنة 2011. وتمثل الهند المستهلك الأول للمجوهرات بنسبة %29 من الطلب العالمي على مجوهرات الذهب سنة 2011.
2 ــ التكنولوجيا: يستخدم الذهب في الالكترونيات وطب الأسنان واستخدامات صناعية أخرى، ويمثل %9.5 من اجمالي الطلب على الذهب سنة 2011. ويوضح الرسم التالي توزيع استخدام الذهب في التكنولوجيا في السنوات السابقة.
3 ــ الاستثمار: يستخدم الذهب كاستثمار أو كعملة أو كاحتياطي في البنوك المركزية.
فيمكن شراء قطع من الذهب بأوزان مختلفة بغرض الاستثمار أو شراء صناديق ذهب متداولة (تمثل استثمار لحظي بالذهب عن طريق اسهم) أو تقوم البنوك المركزية بالاحتفاظ بالذهب كاحتياطي للعملة المصدرة.
ونجد أن انخفاض أو زيادة الاستثمار بالذهب هو العامل الأساسي في التأثير على أسعار الذهب بشكل عام.
حيث زاد الاستثمار بالذهب سنة 1980 وارتفعت الأسعار كثيرا وانخفض الاستثمار سنة 2000 وانخفضت أسعار الذهب في تلك الفترة ثم معاودة ارتفاع الاستثمار وارتفاع الأسعار في 2010.
معيار الذهب
وحاليا، لا توجد دولة تعتمد معيار الذهب %100 (تركت سويسرا ــ آخر الدول ــ معيار الذهب سنة 2000)، حيث تكمن صعوبة تطبيقه في أن كميات الذهب الموجودة لا تكفي النشاط الاقتصادي في العالم، وأي محاولة لتطبيقه ستدفع بأسعار الذهب الى مستويات غير معقولة.
وكذلك يمكن تصنيف المعادن الثمينة أي النادرة وذات قيمة اقتصادية ــ الذهب والفضة والبلاتينيوم والبلاديوم ــ كعملة حسب معيار4217 ISO.
ولكن لو امعنا النظر، فليس من السهل ايداع 100 غرام من الذهب مثلا لمدة سنة، والحصول على عائد 2 غرام من الذهب، كما هي الحال مع ودائع باقي العملات.
وقد شهد سعر الذهب استقرارا قبل السبعينات، ثم ارتفع بعد الغاء اتفاقية «بريتون وودز»، وحدوث تضخم كبير بالسبعينات، حتى أخذ سعر الذهب ينخفض بالثمانينات والتسعينات (كانت البنوك المركزية الأوروبية تبيع الذهب لاستبداله بديون سيادية ذات مردود مالي) معاودا الارتفاع في السنوات الأولى من الألفية الثالثة، والارتفاع الشديد بعد أحداث الأزمة الاقتصادية العالمية سنة 2008.
وتتلخص مزايا معيار الذهب باستقرار الأسعار على المدى البعيد وكبح التضخم، وعدم امكانية طباعة الاوراق عند الحاجة.
أما عيوب معيار الذهب فتتلخص بالتالي:
1 - التوزيع غير المتساوي للذهب، كثروة طبيعية يجعل الدول ذات القدرة الانتاجية والاحتياطيات العالية من الذهب تتميز عن باقي الدول.
2 - يضع معيار الذهب حدا للنمو الاقتصادي، حيث يصاحب النمو الاقتصادي عادة نمو في عرض النقد.
3 - يعتقد بعض الاقتصاديين أنه يمكن تجنب حالات الكساد بزيادة عرض النقد كما يتم حاليا.
4 - قيمة الذهب المستخرج أقل بكثير من حجم النقد الحالي في الاقتصاد العالمي.
5 - ارتباط عرض النقد بكمية الذهب المستخرج من الأرض بدل النمو الاقتصادي.
6 - خطورة حصول انكماش Deflation، حيث يعتبر القليل من التضخم أخف تأثيرا على الاقتصاد من القليل من الانكماش، الذي قد يسبب المزيد من الانكماش (بسبب عدم الشراء لانتظار أسعار أقل بالمستقبل على عكس التضخم الذي يسبب زيادة في الشراء خوفا من ارتفاع الأسعار).
البنوك المركزية
إلى ذلك، قال تقرير «سنيار كابيتال» ان البنوك المركزية وصندوق النقد الدولي تلعب دورا مهما في التأثير على أسعار الذهب.
فحسب آخر احصائية من مجلس الذهب العالمي (اكتوبر 2012)، فان مجموع ما تحتفظ به البنوك المركزية من الذهب هو 31.44 ألف طن، حيث تمتلك الولايات المتحدة أكبر احتياطي ذهب وهو 8133 طناً تليها ألمانيا بــ 3395 طناً، ثم صندوق النقد الدولي 2814 طناً. وتأتي السعودية في مقدمة الدول العربية في احتياطيات الذهب بنحو 322.9 طناً، ثم لبنان 286.8 طناً ثم الجزائر 173.6 طناً.
وتتكون احتياطيات البنوك المركزية من الذهب وعملات أجنبية أو سندات (مقابل النقد المصدر)، حيث لا تعبر كمية الذهب عن كامل الاحتياطي، فمثلا الولايات المتحدة تشكل نسبة الذهب الى الاحتياطيات %75.4، بينما تختلف النسبة في السعودية الى %2.8 ولبنان الى %29.4.
وتظهر الأرقام انخفاض نسبة احتياطيات الذهب في الدول المصدرة للنفط نسبيا، فيما عدا فنزويلا التي تعتبر حالة خاصة، حيث تم اصدار أمر رئاسي بنقل 211 طن من الذهب المخزن خارج فنزويلا الى داخل فنزويلا في أغسطس 2011.
ونسبة احتياطيات دول الخليج من الذهب منخفضة نسبيا (فيما عدا الكويت) كباقي الدول المصدرة للنفط، حيث يتم تصدير النفط بالدولار.
أي أن ايرادات الدولة بالعملة المحلية عرضة لتقلبات اسعار النفط، فزيادة نسبة الذهب في الاحتياطيات تجعل ايرادات الدولة بالعملة المحلية عرضة أيضا لتقلبات أسعار الذهب أو أي عملة غير الدولار الأميركي (يمثل الدولار الأميركي %86 تقريبا من احتياطيات دول مجلس التعاون، حسب دراسة DIFC عن العملة الخليجية الموحدة سنة 2010).
ويوضح الجدول المرفق أن الكويت ذات أعلى نسبة احتياطي من الذهب في دول الخليج، وأعلى من دول مصدرة للنفط مثل النرويج ونيجيريا.
البنوك المركزية الاوروبية بشكل عام كانت تبيع الذهب في السنوات الأخيرة (منذ عقدين تقريبا) مثل انكلترا وسويسرا وغيرهما، لتبديل الذهب بسندات سيادية تدر فائدة نقدية.
فحتى سنة 2009 كانت البنوك المركزية بشكل عام تبيع الذهب، ثم تغير هذا بعد قيام مجموعة من البنوك المركزية مثل روسيا والصين والمكسيك والهند والسعودية وغيرها، بشراء كميات كبيرة من الذهب كاحتياطي للتقليل من احتياطيات الدولار (المهدد بالضعف بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية)، هذا بالاضافة الى توقف البنوك المركزية الاوروبية عن بيع الذهب، وأصبحت تشتري الذهب في 2011.
ووفق تقرير مجلس الذهب العالمي لأكتوبر 2012، يبلغ الاحتياطي الروسي من الذهب 936.7 طنا، ويشكل نسبة %9.6 من اجمالي الاحتياطيات.
أداة تحوط
وأضاف التقرير ان التضخم عبارة عن ضعف القيمة الشرائية للعملة، أي ضعف العملة بشكل عام، وحيث إن البنوك المركزية تقوم بطباعة العملة (بعد انهيار معيار الذهب) من دون التقيد باحتياطيات معينة، فإن أحد الأهداف الرئيسية للبنوك المركزية هو محاربة التضخم.
ويصف الاقتصادي الانكليزي جون ماينارد كينز التضخم المستمر بأنه وسيلة الحكومة لمصادرة جزء مهم من ثروات المواطنين بسرية ومن دون ملاحظة.
وتختلف الآراء والدراسات حول الذهب كأداة للتحوط من آثار التضخم.
فمثلا نجد مجلس الذهب العالمي يشير الى أن الذهب احتفظ بقيمته منذ أيام نبوخذنصر ملك بابل (مثال غريب جدا)، أي منذ 2500 سنة تقريبا، حيث كانت اونصة الذهب تعادل 350 كتلة من الخبز، واليوم تعادل اونصة الذهب الكمية نفسها من الخبز تقريبا.
وآراء ودراسات أخرى تشير الى أن الذهب هو وسيلة سيئة للتحوط من آثار التضخم، مستشهدين بانخفاض أسعار الذهب الكبير في فترة الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين.
هناك شكوك كثيرة وتضارب في الآراء حول امكانية استخدام الذهب كأداة تحوط من آثار التضخم، فهذه الفرضية تعطي نتائج مختلفة باختلاف الفترة الزمنية، والعملة أو الدولة محل الاختبار.
ولكن مما تتفق عليه النتائج بشكل كبير أن أسعار الذهب تشهد ارتفاعا كبيرا في الأزمات، ثم انخفاضا بعدها (مثل وصف الفقاعة). ويحتفظ بقيمته في فترات التضخم العالي أو الانكماش، ويتأثر سلبا مع معدلات الفائدة، أي كلما زاد العائد على النقد، حيث لا يوجد عائد مماثل على الذهب، والعكس صحيح.
وتشير دراسة أكسفورد اكونومكس سنة 2011 بأن أسعار الذهب شهدت ارتفاعات كبيرة في السنوات السابقة، كنتيجة لعوامل قصيرة المدى ومعقدة مثل ضعف الدولار ومعدلات فائدة حقيقية منخفضة، وتداعيات مالية كبيرة، وعمليات التيسير الكمي التي تعطي احتمالا كبيرا لحدوث تضخم عال في المستقبل.
فهذه العوامل أدت الى ارتفاع كبير في أسعار الذهب، ومن المتوقع جدا هبوطها مرة أخرى، ولكن بعد أن تصل الى مستويات قد تكون أعلى من الأسعار الحالية، وسيكون الانخفاض بشكل بطيء نسبيا، كما كان يحدث في الأزمات السابقة.
عملات الملاذ الآمن
وبعد تداعيات الأزمة المالية العالمية، والأزمة الأوروبية، بدأ المستثمرون يتجهون الى عملات أخرى كملاذ آمن بعيد عن اليورو والدولار، مثل الدولار الاسترالي والدولار الكندي والفرنك السويسري والكرونا النرويجية والكرونا السويدية.
ويشير تقرير شركة ديكسيا لإدارة الأصول في ديسمبر 2011 إلى أن هذه العملات عرضة لمخاطر أيضا.
مثلا يشير التقرير إلى أنه على الرغم من قوة ومتانة الاقتصاد الاسترالي، الا أن المؤشرات الاقتصادية تشير الى انكماش الاقتصاد (تم تخفيض الفائدة أخيرا) بالاضافة الى ارتفاع كبير للدولار الاسترالي في الفترة السابقة للتقرير.
أما بالنسبة إلى الفرنك السويسري، فيشير التقرير إلى أنه فقد مكانته كعملة ملاذ آمن، بعد أن قرر المركزي السويسري وضع سقف لسعر تحويل الفرنك مع اليورو.
وبالنسبة إلى الكرونا النرويجية، فيشير التقرير الى أن الاقتصاد النرويجي يشهد أقل معدلات بطالة في أوروبا، وهو خامس أكبر مصدر للنفط في العالم، ويبقي نظرة مستقبلية إيجابية على المدى البعيد، وسلبية على المدى القصير، بسبب ارتفاع الكرونا السريع والكبير قبل التقرير.
أما السويد فلم تتأثر كثيرا من تداعيات الأزمات، ومن المتوقع أن تستمر الكرونا السويدية في وضع قوي لسنوات، حيث لم تشهد صعودا كبيرا، ولكن قد ينخفض النمو الاقتصادي في المستقبل.
أما الدولار الكندي، فيشير التقرير الى ارتباطه الكبير بالاقتصاد العالمي، والطلب على النفط على المدى القصير، على الرغم من النظرة الايجابية بالمستقبل البعيد.
وعلى الرغم من وجود أصول مختلفة، قد تصنف كملاذ آمن في الأزمات، مثل الذهب وبعض العملات، إلا أن هذا التصنيف قد يتغير بسبب ارتفاعات كبيرة وسريعة تجعل من هذه الأصول أصولا ذات قيمة عالية (أي أعلى من قيمتها العادلة).
فلم نعد في بداية الأزمة، كما كنا في 2008، ولا نعلم متى تبدأ الدول بالخروج منها، فلايزال الحديث عن زيادة التيسير الكمي مستمرا، ولاتزال أسعار الفائدة منخفضة.
لذا يجب التحوط من الفقاعات والتنويع بين الملاذات الآمنة، ومراقبة الاستثمارات بصفة مستمرة، واتخاذ القرارات الحكيمة المبنية على التحليل الشامل، نظرا إلى الظروف الاستثنائية الراهنة ومستجداتها.
وارين بافيت وفقاعة الذهب
يرى المستثمر الأميركي وارين بافيت أن ارتفاع أسعار الذهب ليس سوى فقاعة ستنفجر متى ما كبر حجمها بشكل كاف.
وسيصح القول القديم «ما يفعله الحكيم عند البداية، يفعله الأحمق عند النهاية».
ويضرب بافيت مثالا افتراضيا،
بأنك لو كنت تملك كل الذهب الموجود في العالم (سنة 2010) هل ستحتفظ به؟
أو ستقوم بشراء كل الاراضي الزراعية في الولايات المتحدة، و10 شركات بحجم وربحية اكسون موبيل، وسيبقى لك تريليون دولار بشكل نقدي؟
فأي من الخيارين سيعود عليك بقيمة وفائدة أكبر في المستقبل؟
http://5.79.47.21/portal/ISX/getDetailsStory.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق