حسن شقراني
استعداد السعودية لتغطية أيّ نقص في عرض النفط ناتج عن العقوبات يوسّع هامش المناورة الغربية ضدّ إيران
(راهب هومافاندي ــ رويترز)
نتيجة للعقوبات الغربية المفروضة على إيران وشحّ العملات الصعبة، هوى ريال الجمهورية الإسلامية إلى أدنى مستوى له على الإطلاق أمام الدولار.
نتيجة للعقوبات الغربية المفروضة على إيران وشحّ العملات الصعبة، هوى ريال الجمهورية الإسلامية إلى أدنى مستوى له على الإطلاق أمام الدولار.
أخبار سيّئة لشعب هذا البلد ولساسته، وخصوصاً أنّ الاقتصاد هو أقرب إلى الركود هذا العام، فيما تصدير النفط يزداد صعوبة بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي شهدتها إيران،
عمد النشطاء في حزب الخضر إلى استراتيجية احتجاجيّة مبتكرة: كتابة الشعارات ورسمها على العملة الوطنية لكي يعبّروا عن رفضهم النتيجة وإدارة الاستحقاق.
حينها قررت السلطات أن العملات الموسومة ليست قانونيّة، وأوعزت إلى المصارف عدم قبولها. كان ذلك عام 2009.
أما الآن، فيبدو أنّ قلق طهران بشأن العملة الوطنية يتحوّل إلى مستوى مختلف كلياً، أكثر خطورة.

موقع متابعة سعر الصرف الالكتروني في ايران www.mazanex.com

موقع متابعة سعر الصرف الالكتروني في ايران www.mazanex.com
فيوم أمس، تراجع سعر صرف ريال الجمهورية الإسلامية أمام الدولار إلى أدنى مستوى تاريخي له، حيث بلغ 34200 ريال (لكلّ دولار) أي بتراجع نسبته 15% تقريباً عن اليوم السابق، وفقاً لتقديرات مواقع إلكترونية إيرانية (Mazanex.com).
ومنذ بداية الأسبوع الماضي، تكون قيمة الريال إزاء الدولار قد هوت بواقع الربع، حيث كانت 24600 ريال.
ويأتي هذا السقوط الذي تسارعت وتيرته في الآونة الأخيرة بعدما عمدت السلطات إلى تخصيص مركز خاص للعملات الصعبة لتأمينها للتجار لكي يُسدّدوا ثمن البضائع المستوردة، في وقت تزيد فيه الضغوط على العملة الوطنية ويشحّ عرض الدولار والعملات الصعبة عموماً في السوق بسبب العقوبات الغربية.
لكن يبدو أنّ نتيجة إنشاء المركز جاءت مخالفة تماماً لهدفه، حيث شهدت السوق هجوماً قوياً من جانب التجار والمتعاملين على العملات الصعبة تخوّفاً من إمكان تحوّل الأوضاع النقدية نحو الأسوأ.
ولهبوط سعر صرف الريال تأثيرات على مستويات عدة، أبرزها السياسي والشعبي.
ففي الأوّل تظهر إدارة الرئيس مجمود أحمدي نجاد أكثر هشاشة أمام التضييق الذي يُمارسه المجتمع الدولي على اقتصادها لدفعها إلى مساومات حول برنامجها النووي.
أما على الصعيد الشعبي، فإنّ تراجع قيمة العملة يعني معاناة إضافية في مجتمع يذوق الأمرّين من لسعة ارتفاع الأسعار. فبحسب الأرقام الرسمية، يبلغ معدل التضخم حالياً 25%، ومن المتوقع أن يكون أكثر من ذلك حتّى.
فماذا يُمكن السلطات الإيرانية فعله إزاء هذا التدهور على الصعيد النقدي الذي قد يتحوّل إلى فقاعة سياسيّة تلعب دوراً أساسياً في تحديد نتائج الانتخابات الرئاسية المقررة بداية صيف 2013؟
«تحاول السلطات الإيرانية الالتفاف على العقوبات المفروضة عليها من الغرب عبر التوجّه شرقاً»، يُعلّق أحد الخبراء المخضرمين في الشؤون الإيرانية والذي يتابع شؤونها بزيارات دورية.
«ولكن إن كانت سياسة الالتفاف تنجح في جوانب عبر مصارف المراسلة في روسيا والصين، إلا أنها تفشل مع أوروبا والولايات المتّحدة، وهنا المشكلة».
يجزم هذا الخبير بأنّ «الوضع الداخلي لا يعكس ارتياحاً في ظل ازدياد الضغوط من الخارج». غير أنّه يستطرد بأنّه «ليس هناك مجال (أمام طهران) إلا الصمود، في إطار حلقة متكاملة من النزاعات، تبدأ بالملف النووي وصولاً إلى الأزمة في سوريا».
وفي الواقع، يُنظر إلى وضع إيران ــــ الاقتصادي والسياسي والأمني ــــ من المنظور الإقليمي العام، نظراً إلى ارتباطاتها المختلفة.
وبرأي الخبير المطّلع، فإنّ «معركة حلب مثلاً إذا حُسمت للنظام (نظام الرئيس بشار الأسد) فإنّ ذلك يعني حقنة صمود (للسلطة الإيرانية)، والعكس يعني تراجع أسهم إيران عالمياً».
وأطبقت دول الغرب المنافذ الاقتصادية على إيران في إطار تصعيد وتيرة العقوبات.
وأخيراً فرض الاتحاد الأوروبي حظراً على النفط الإيراني بدأ سريانه في تمّوز الماضي.
وعلى الرغم من أن تراجع سعر صرف الريال لا يؤثّر مباشرة على البلاد نظراً الى ارتفاع منسوب اكتفائها الذاتي، إلا أنّه يؤدّي إلى تضخّم أسعار المواد الأولية والأساسية التي تستوردها وتدخل في حلقة الإنتاج.
فلنأخذ حالة النفط، صحيح أنّ إيران تُنتنج نحو 3.5 ملايين برميل يومياً من الخام وتُصدّر أكثر من مليونين (وهذه بيانات «أوبك» وهي خاضعة للمراجعة)، فإنّ طهران تستورد معظم المشتقات النفطية (بنزين، ديزل...) من الخارج بسبب ضعف طاقاتها التكريرية.
وفي هذا السياق، يُشير الخبير نفسه إلى أنّ إعراب السعودية عن استعدادها لتغطية أيّ نقص في الإنتاج ينجم عن العقوبات المفروضة يوسّع هامش المناورة الغربية مع الجمهورية الإسلامية.
وتبلغ صادرات المملكة حالياً نحو 10 ملايين برميل يومياً، ولديها أكبر طاقة احتياطية للإنتاج مقارنة بباقي الزملاء الاثني عشر في نادي «أوبك».
هكذا تبدو أوضاع إيران الاقتصادية أكثر حرجاً في هذه اللحظة.
فصندوق النقد الدولي يُقدّر النموّ عند 0.36% فقط خلال عام 2012، على أن يرتفع بخجل فوق عتبة 1% في العام المقبل.
أما احتياطي العملات الصعبة فيُتوقّع أن يكون قد هوى بواقع النصف تقريياً منذ بداية العام إلى 60 مليار دولار.
هذه أخبار سيئة لاقتصاد يناهز حجمه 500 مليار دولار يسعى إلى الازدهار بفضل النفط والصناعات الداخلية رغم العقوبات الغربية.
http://www.al-akhbar.com/node/168472
http://www.al-akhbar.com/node/168472
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق