الجمعة، 7 سبتمبر 2012

متوسطو الدخل


متوسطو الدخل.. سرّهم في بطن الحوت (1-2)

بواسطة عبد الحميد العمري بتاريخ 4 سبتمبر 2012

  

تلجأ مؤسسة النقد لاحتساب معدل دوران النقود (عدد مرات دوران النقود لتمويل المعاملات الاقتصادية)، بالاعتماد على ناتج قسمة الناتج المحلي غير النفطي بالأسعار الجارية على متوسط عرض النقود، وذلك للوصول بدقّةٍ أكبر إلى معدلٍ لدوران النقود يعكس فعلياً ما يجري في الاقتصاد الوطني.

بينما تقوم المؤسسة ومصلحة الإحصاءات لاحتساب متوسط دخل الفرد بقسمة الناتج المحلي الإجمالي مضافاً إليه رسوم الاستيراد على إجمالي عدد السكان، ومعلومٌ هنا أن الاعتماد على أكبر رقم للناتج في خانة البسط ، التي تشمل الناتج النفطي، سيؤدي إلى ناتجٍ أكبر لمتوسط دخل الفرد مقارنة بغيره من الأرقام!

وعلى الرغم من أنه ليس إلا رقماً استرشادياً لا يمكن الاعتماد عليه لقياس الدخل الفعلي للأفراد في أي اقتصاد، بل إنّه أحياناً يؤدي إلى نتائج مضللة وبعيدة عن الواقع!

إلا أن ناتجه (الرقمي) حينما يظهر مرتفعاً قد ترى من يبني عليه كثيراً من الآراء والتفسيرات المضللة في أغلبها، والبعيدة عن الواقع، والحديث ذاته ينطبق حتى على إن ظهر رقم متوسط الدخل منخفضاً بصورةٍ لافتة.

لكي يكون متوسط الدخل للفرد قد يكون من الأصوب الاعتماد على رقم الناتج المحلي غير النفطي بالأسعار الجارية، ومن ثم قسمته على عدد السكان!  (كما أنه الأكثر دقة حينما يُراد معرفة إنتاجية العامل في الاقتصاد).

 وبموجب هذا التغيير في المعادلة سيصبح متوسط الدخل السنوي للفرد مساوياً لنحو 32.4 ألف ريال (2699 ريالاً شهرياً)، مقارنةً بالرقم وفقاً للطريقة القائمة الآن التي تُدرج الناتج النفطي البالغ 76.2 ألف ريال (6345 ريالاً شهرياً).

المؤكد أن كل ما تقدّم لن يصل بأيّ منَّا أبداً إلى المستويات الحقيقية لدخل الفرد في اقتصادنا، إذ يتطلب طريق الوصول إلى تلك الأرقام جهوداً أكبر تتمثل في مسوحاتٍ دورية شاملة، كان من المفترض أن تبادر بإجرائها مصلحة الإحصاءات العامّة (آخر مسح قامت به عام 2006م)، ولهذا حديثه في الغد.

http://alphabeta.argaam.com/?p=45349


متوسطو الدخل.. سرّهم في بطن الحوت (2-2)

بواسطة عبد الحميد العمري بتاريخ 5 سبتمبر 2012

  

أظهر آخر بحث للإنفاق الاستهلاكي أجرته مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات (2006م) قبل ستة أعوام، أن متوسط إنفاق الأسرة السعودية الشهري بلغ 13.3 ألف ريال، ولم يوضح البحث المختصر (أو لم ينشرها بمعنى أدق) التوزيع النسبي للأسر السعودية حسب مستوى إنفاقها!

 حيث اكتفى -على سبيل المثال- بذكر أن الأسر التي دخلها أقل من 1000 ريال شهرياً تنفق نحو 799 ريالاً (%33.2 للأغذية والمشروبات، %42.8 للسكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود)، وهكذا لبقية فئات الدخل الشهري (1000-1499 ريالا، وصولاً لأكثر من 25 ألف ريال).

ولم يوضح البحث توزيع الأسر السعودية حسب تلك الفئات من الدخل!

 كأن يبيّن أن نسبة من دخلهم الشهري للفئة 1000-1499 ريالا شهرياً تبلغ نسبة كذا، وعددها يبلغ كذا أسرة!

وهكذا لبقية الفئات من الدخل، لتكون نتائج البحث أكثر فائدة وجدوى، ولتقطع الطريق على أي تخميناتٍ بكل تأكيد أنها ستأتي بعيدةً عن الواقع.

الأسئلة الآن:
 لماذا لا تُقدِم مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات (وزارة الاقتصاد والتخطيط) على نشر مثل هذه المعلومات البالغة الأهمية؟
 
ألا تثق المصلحة والوزارة في تلك النتائج، وأنها فعلياً هي الانعكاس الحقيقي لخطط التنمية التي تُشرف على رسمها ومتابعة تنفيذها؟

 وأنَّ نشرها بشفافية سيضع مختلف الجهات الرسمية والمراقبين والمجتمع في إطار الصورة الحقيقية لواقعنا الاقتصادي، والذي بدوره سيؤدي إلى أن تعمل كل جهةٍ مسؤولة وفقاً لمؤشراتٍ حقيقية وسليمة تعكس فعلياً الواقع؟

 على سبيل المثال، كم نسبة الأسر السعودية التي دخلها الشهري يقع تحت 1499 ريالا؟ وكذا الحال لجميع الفئات الأخرى..

دون تلك الحقائق الرقمية وغيرها من (مفقودات) الإحصاءات اللازمة، والمعلومات المتّصفة بالحاجة الملحّة جداً لمعرفتها ونشرها علناً، سيظل الكثير بيننا (يهرف) ويتصرّف ويقرر بما لا يمت بأي صلةٍ إلى الواقع المعاش فعلياً للمواطن وأسرته!

 فمتى تخرج تلك المعلومات من بطن الحوت قبل أن نُبتلع من حوتٍ أكبر منه؟!

http://alphabeta.argaam.com/?p=45386

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق