الثلاثاء، 15 نوفمبر 2011

الرسوم تخفض أسعار الأراضي



د. صالح السلطان


كثرت النقاشات حول موضوع فرض رسوم على الأراضي، منذ صدور توصية من مجلس الشورى قبل نحو ثلاثة أشهر بإعداد لائحة فرض رسوم ضمن ضوابط وتفاصيل بطبيعة الحال.

اللافت قول البعض إن فرض رسوم يرفع أسعار الأراضي.
هذا غير صحيح من وجهة اقتصادية حيادية علمية، بغض النظر عن الاعتبارات الأخرى للموضوع، وبغض النظر عن كيفية التطبيق وتفاصيله ومشاكله. 
وللفائدة، التسمية رسوم غير دقيقة، ولكنها التسمية الشائعة.
"فرض ضريبة على الأراضي تخفض أسعارها، وتزيد المعروض منها".

هذا ملخص الأمر بعبارة اقتصادية علمية.
ومن المهم أن أشير إلى أن الحديث عن تأثير عامل من العوامل لا يعني بأي حال من الأحوال إلغاء وجود تأثير لعوامل أخرى، أو وجود تأثيرات متداخلة.
علينا أن نفرق بين سلعة تنشأ من عملية استحداث وسلعة لا تنشأ من عملية استحداث.

الأولى تقبل الاستبدال، والثانية لا تقبل.
فرض الضرائب والرسوم ونحو ذلك يرفع تكلفة السلع القابلة للاستبدال،
ولا يرفع غير القابلة.
الأراضي لا تقبل الاستبدال.
هنا توضيح لتأثير ضرائب الأرض والأملاك العقارية عموما بصورة مبسطة.
الزكاة على الأراضي تقنيا وفي إطار التحليل الاقتصادي المحض، هي من قبيل الضريبة على الملكية.
علام نبدأ بتحديد سعر أي سلعة نتجت من عملية إنتاج أي استحداث؟
نبدأ بتكلفة الاستحداث نفسه (أو بنفس المعنى الاستبدال، أي استبدال السلعة).
تدخل الضريبة ضمن تكلفة الاستحداث، أي ضمن تكلفة الإنتاج.

وفرض الضريبة يرفع تكلفة الاستحداث أو الاستبدال.
مثلا، نعرف أن الحكومة فرضت رسوما على شركات الهاتف الجوال (خدمة الجوال طبعا تقبل الاستحداث والاستبدال).
شركات الجوال تدخل قطعا هذه الرسوم ضمن تكاليفها، وتعكسها كليا أو جزئيا وبصورة ما في تسعير خدماتها، اعتمادا على قوتها التنافسية وغير ذلك من اعتبارات.
هل ينطبق الكلام السابق على الأراضي؟
لا.
الأرض محددة المساحة.

مهما كانت مساحة الدولة، فالأرض ذات مساحة محددة، وليست قابلة للاستحداث.
أي أن الأراضي التي يمكن عرضها للبيع (بغض النظر عن حدوث ذلك من عدمه) غير قابلة للزيادة أو النقص، أي أنها محددة ابتداء.

وهذا فرق جوهري بين الأرض والسلع الأخرى التي يشتريها الناس القابلة للاستحداث أو الاستبدال.
وهذا يعني بالضرورة، أن سعر الأرض في السوق يعتمد على المبلغ الذي يرغب المشتري في دفعه.
سيتحمل مالك الأرض عبء الضريبة، ولا يمكن نقل هذا العبء إلى الآخرين.

يفهم من ذلك أن المالك أو البائع لا يستطيع أن يمرر الضريبة إلى الآخرين عند فرض ضريبة على الأرض فقط.
وهذا يعني، بالضرورة، خفض سعر الأرض.
ومن جهة أخرى، يحفز ذلك على عمل شرائح تصاعدية للضريبة، مع ارتفاع مساحة الأرض مثلا.
لنفهم الموضوع من زاوية أخرى.
لنفترض أرضين متجاورتين متساويتين في كل الصفات والقيمة.

بنيت أحداهما ولنطلق عليها عقار (أ) ولم تبن الأخرى ولنطلق عليها عقار(ب). لنفترض أن الحكومة فرضت ضريبة سنوية تعادل 1 في المائة من قيمة أي أرض غير مبنية.
ماذا ستكون النتيجة؟

ستنخفض قيمة الأرض (ب)، مقارنة بقيمة (في الذهن) لأرض العقار (أ).
ما مقدار الانخفاض؟ يعادل تقريبا القيمة الحالية لضريبة الأرض المستقبلية.
وفي الدراسة التالية، الصادرة عن جامعة فكتوريا الأسترالية عملت في عام 2009، قدر الانخفاض بنحو 16 في المائة.
Land tax، Background paper for Session 3 of the Victoria University of Wellington Tax Working Group.

وهناك بحث آخر بالإنجليزية لمن يرغب التوسع في فهم الموضوع
Fiscal, Distributional and Efficiency Impacts of Land and Property Taxes, paper presented to Tax Session, New Zealand Association of Economists conference, July 2009 Andrew Coleman and Arthur Grimes.
http://www.2025taskforce.govt.nz/pdfs/tfr-lpt-1nov09.pdf

لنفهم الموضوع من زاوية ثالثة.
يمكن تقدير قيمة ملكية ما من المعادلة التالية:
مجموع كل من معدل الفائدة أو الربحية ومعدل الضريبة (أو الزكاة) على الملكية، مضروبا في القيمة الرأسمالية للملكية يساوي القيمة الإيجارية السنوية للملكية.


ولتسهيل فهم نقطة الفائدة أو الربحية، بإمكان المالك بيع ملكيته والحصول على فائدة أو ربحية من استخدام المال في استثمار آخر.

ومن طرف آخر، لدينا الضريبة أو الزكاة ولكنها (من ناحية محاسبية أو رياضية) بالناقص.
وتسهيلا للفهم، لنفترض أنك تتكسب في عملية المرابحة لو بعت الملكية واستخدمتها في التقسيط بالمرابحة 10 في المائة سنويا، وتدفع 2.5 في المائة زكاة فالمجموع (الصافي) هو 7.5 في المائة (تسهيلا للفهم، استبعدت عوامل المخاطرة والمصروفات الأخرى المحتملة).
وبالله التوفيق.
http://www.aleqt.com/2011/10/03/article_586006.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق