الأربعاء، 19 أكتوبر 2011

الأسهم.. أزمة أم فرصة؟

الثلاثاء, 18 أكتوبر 2011 الساعة 07:15
صلاح صبح



الأسهم.. أزمة أم فرصة؟













هل تحولت أسواق الأسهم المحلية إلى عبء يثقل كاهل الاقتصاد الإماراتي، ويبطئ من حركته، بدلاً من أن تكون مرآة تعكس أوضاعه الحقيقية التي هي وفقاً للبيانات المعلنة من جهات حكومية موثوقة أفضل من أكثر التوقعات تفاؤلاً؟

لماذا تسير سوق الأسهم في طريق منحدر بنهايته هاوية سحيقة، فيما يبدو، بينما الاقتصاد يتعافى بقوة ويتخلص من آثار الأزمة المالية العالمية التي طالته كما فعلت بغيره من اقتصادات دول الخليج، بل ويعود إلى تسجيل معدلات نمو معقولة؟
صحيح أنها تقل كثيراً عن المسجل في سنوات الطفرة، ولكنها أفضل من التوقعات. 
مَنْ مِن المفترض أن يسبق: سوق الأسهم أم الأداء الاقتصادي؟
أليس من المفترض أن تسبق السوق بخطوة؟
أليس من المعتاد أن تستشرف أي بورصة آفاق المستقبل وتعكسه في أداء الأسهم المدرجة، كما يدرس طلبة علوم الاقتصاد المبتدئون؟
قد يجادل البعض بأنه ربما تكون سوق الأسهم على حق في ركودها، وأن معدلات النمو الاقتصادي خادعة وغير معبرة عن حقيقة الموقف.

ربما، هذا احتمال وارد لا شك، ولكن أليست أسعار النفط بالقرب من أعلى مستوياتها وتتشبث بها بكل قوة؟ 
ألا تستقطب الدولة سنوياً عشرات مليارات الدولارات من الأموال الأجنبية الباحثة عن ملاذ آمن للاستثمار، في خضم مناخ «عدم اليقين» الذي يجتاح الملاذات التقليدية في أوروبا والولايات المتحدة؟
ألا تتجه حالياً بوصلة التدفقات المالية العالمية شرقاً، بعدما تضررت كثيراً في الغرب، وسط توقعات بموجة جديدة من الركود ستجتاح الاقتصادات الأكثر تقدماً؟
لاشك أن سوق الأسهم لا تعكس واقع الحال الاقتصادي في الإمارات، بل إنها تحولت إلى عبء حقيقي يضر ولا ينفع، خصوصاً بعدما فقدت وظيفتها الأساسية كمصدر رخيص أو عديم التكلفة للتمويل، بعدما أغلقت السوق الأولية (سوق الإصدار) أبوابها أو كادت، وبعدما حول شح السيولة غير المسبوق السوق الثانوية (التداول) إلى مرتع للمضاربات السريعة وألاعيب الهوامير، وأفقد صغار المستثمرين الثقة حتى في إمكانية استعادة جزء من خسائرهم القاسية، بعدما تبخرت آمالهم في تحقيق مكاسب.
الأرقام تقول إن الأسهم المحلية هي الأرخص عربياً، بعدما تراجع متوسط مكرر ربحية سوق أبوظبي للأوراق المالية من 23.5 مرة في العام 2010 إلى 8.6 مرة حالياً، وتبعه «دبي المالي» من 19.8 مرة كمتوسط إلى 8.4 مرة خلال فترة المقارنة نفسها، أي أن المستثمر ببساطة، يمكنه استرداد كل استثماراته في أسهم «دبي» خلال أكثر قليلاً من 8 سنوات بدلاً من 20 سنة، أو أنه سيحقق عوائد على أمواله بنحو 12 بالمئة في المتوسط، إذا وزع أمواله على كل الأسهم المدرجة، ونفس الأمر بالنسبة لـ«أبوظبي».
ما المشكلة إذن؟ 

الأمر ببساطة أن الأسواق تعاني مشاكل هيكلية لازمتها منذ نشأتها، وحان الوقت لوضع حلول جذرية لها، واللافت أن هذه المشاكل وحلولها معلومة للجهات المعنية ويبقى أن تتوافر إرادة الإنجاز.
سيكون من المفيد سرعة إقرار قانون الشركات الجديد الذي سيخفض النسبة الإلزامية المطلوبة لطرح الشركات في اكتتاب عام، لتشجيع الكيانات شبه الحكومية والمؤسسات العائلية التي هي عصب الاقتصاد المحلي على الإدراج، وذلك كنوع من المواءمة بين قواعد الحوكمة ورغبة العائلات في الاحتفاظ بالسيطرة على ملكية شركاتهم.
سيكون مفيداً للسوق أيضاً خلق محفزات للاستثمار المؤسسي الذي هو عصب أي سوق مالية، واعتقد أن هناك جهوداً حثيثة في هذا الاتجاه، أتمنى أن تسفر عن جديد.
إن الإجراءات اللازمة لاستعادة ثقة المستثمرين في السوق بسيطة وغير مكلفة، وأغلبها معنوي، فيكفي هذه الفئة التي عانت أكثر من غيرها من أصحاب المدخرات خلال السنوات الثلاث الماضية أن تشعر أن للسوق المالية صاحباً يرعاها ويتخذ ما يلزم من أجل إنقاذها من الهوة السحيقة التي تلوح في أفقها، وحينها ستتحول الأسهم من أزمة إلى فرصة تنادي من ينتهزها.

للتواصل مع الكاتب:

s.sobh@i-media.ae



http://alrroya.com/node/154283

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق