الأربعاء، 12 أكتوبر 2011

تحجير الأراضي البيضاء دون استغلال!!

بواسطة بتاريخ 12 أكتوبر 2011

 
من أهم المبادئ الاقتصادية في الإسلام هو مبدأ محاربة اكتناز الأموال النقدية وتحجير الأصول العقارية (مثل الأراضي البيضاء) دون استغلال، حيث إن الشريعة الإسلامية بمصادرها المختلفة تشدد على مسألة توظيف رؤوس الأموال التوظيف الأمثل والسعي إلى تنمية وسائل الإنتاج وتوظيف العنصر البشري واستغلال الموارد المتاحة، وأعتقد أن الجميع يتفق معي حول المخاطر الاقتصادية التي تتسبب بها مسألة اكتناز الأموال النقدية وتحجير الأراضي البيضاء على أي اقتصاد.


ولا شك أن النهضة الاقتصادية التي شهدتها الدول المتقدمة في القرنين الأخيرين تعود بالدرجة الأولى إلى تطبيق قوانين ضريبية صارمة تحارب الاكتناز والتحجير بكافة أشكاله، حيث إن حكومات هذه الدول كانت تهدف إلى محاربة الاكتناز الجائر للأموال وتحجير الأصول العقارية من طرف وإلى تنمية مصادر الدخل الحكومي من طرف آخر، إلا أن اللافت أنه على الرغم من أن هذه الحكومات لا تطبق الشريعة الإسلامية إلا أنها طبقت مبادئ اقتصادية نابعة من الدين الإسلامي جعلها تسيطر على الاقتصاد العالمي صناعيا وتجاريا وماليا وخدميا منذ مئات السنين.
أما بالنسبة لنا، فنحن المسلمين لم نطبق هذه المبادئ الاقتصادية حتى الآن، والدليل على ذلك المستويات القياسية التي تسجلها أحجام الودائع لدى المصارف التجارية والنسبة المرتفعة للأراضي البيضاء غير المستغلة لسنوات طويلة جدا في جميع المدن الرئيسة، في وقت نعاني فيه مستويات قياسية أيضا من نسب البطالة والتضخم (بما في ذلك الارتفاع الكبير لأسعار الأراضي) والفساد، وهنا سأركز على جزئية الأراضي البيضاء غير المستغلة في محاولة لفهم أسباب وجودها وارتفاع أسعارها.
فمن حق العقاريين أن يمتلكوا الأراضي البيضاء، لكن ما يحدث على الواقع أنهم يحجرون هذه الأراضي ولسنوات طويلة جدا دون استغلال لها (فهم لا يطورون ولا يبيعون) في حين أنهم لا يدفعون أي ضرائب على عدم استغلالهم لها، بل المضحك أنهم كانوا حتى وقت قريب يجمعون الأموال ويستثمرونها نيابة عن الغير في مشاريع عقارية دون حسيب أو رقيب.
أما موضوع الزكاة فهو ذو حديث شجون، فغالبية العقاريين (وربما جميعهم) يحجر الأراضي البيضاء لسنوات طويلة وبمساحات ضخمة دون أن يدفع زكاة عليها على أساس أنها ليست من عروض التجارة وأن النية عندهم هي للاستخدام الشخصي (رغم عدم منطقية مساحة الأراضي مع فكرة الاستخدام الشخصي)!!

ثم بعد سنوات طويلة جدا من عدم دفع الزكاة الشرعية، تتغير النية وبقدرة قادر يقررون بيع هذه الأراضي البيضاء وحينها يدفعون الزكاة للعام الأخير فقط لا غير، ويا سبحان الله.
وفي الحقيقة، عندما أعود بالزمن للخلف فإنني لم أجد أرضا بيضاء واحدة فقط في حياتي إلا وتغيرت نية أصحابها وهي ظاهرة غريبة تستحق الدراسة!!! ولا أبالغ في القول إن غالبية العقاريين يتلاعبون بالنوايا كيفما شاؤوا للهروب من الزكاة الشرعية المفروضة عليها، وهنا اسمحوا لي أن أتساءل: ما هذا الاستخفاف بالعقول؟ وهل هذا من الإسلام من شيء؟ والأهم أليس هذا التفافا واضحا على الفتاوى الشرعية التي يتم التركيز فيها على النية بشكل واضح ومحدد ومن البداية؟ وهل عرفتم الآن مكمن الخلل في نظامنا الاقتصادي؟

 تعليق:
  • اشكر الاخوة جميعا
    و للمقارنة فقط مع بريطانيا، فالعقاري في بريطانيا  يدفع الضرائب التالية:
    1- نسبة 20% من قيمة العقار عند شرائه لأول مرة VAT.
    2- نسبة تتراواح ما بين 1-4% لمرة واحدة على السعر السوقي يدفعها المشتري بحسب نوع العقار (الارض البيضاء 4% و الارض المستغلة استغلالا تاما 1%).
    3- نسبة 20% سنوياً من الزيادة في قيمة العقار capital gain.
    4- نسبة 20% من دخل الإيجارات السنوية.
    5- ضريبة للمقاطعة التي ينتمي لها العقار و تختلف من منطقة لمنطقة.
    6- نسبة 40% ضريبة تركة أو هبة عند وفاة مالك العقار و هذه النسبة تنطبق أيضا على الحسابات المصرفية عند وفاة أصحاب الحسابات المصرفية.

    طبعاً هذه الضرائب تشكل مصدر دخل مهم للحكومة البريطانية … 
    لكن هل تعلمون لماذا يفرضونها ؟
    الهدف من ذلك هو إجبار اصحاب رؤوس الأموال على ضخ اموالهم في الانشطة الاقتصادية المختلفة بدلا من اكتنازها او تحجيرها دون إستغلال على شكل عقارات أو ارصدة بنكية خامدة لا يستفيد منها المجتمع.
    مع اطيب تحية و تقدير للجميع.
  • تعليق
  • أستاذ محمد تحية لك على هذا المقال.
    أرجو ان يسمح لي القراء وانت  بذكرمايلي
    1- ولماذا تقارن وضع العقار عند الانجليز بوضع العقار بدول الخليج,

    فهل سمعت ان بروان او بلير او حتى ملكتهم منحة أراض شاسعه للانساب والاقارب وشركائهم في التجاره بمساحة دول؟؟؟؟؟
    2- تسائلت هل من الاسلام,,

    فهل وضعت مايقوم به مسؤولي دول الخليج على معيار العداله في الاسلام 
    لكي تتسائل عن (( هل من الاسلام,,,,)) وكأني بك تحاكم الاسلام من خلال مايفعله متنفذين بهذه الدول.
    3- هل تجد في دولة ذات نظام رقابي واضح ان كبار مسوؤليها هم تجار عقار؟؟؟؟ 

    فكيف تتوقع ان ينظموا العقار وهم أكبر المستفيدين منه.
    فقط تأمل أستثمارات معظم وزراء واستشاري ووكلاء وزارات دول الخليج ومسؤولي مجالسها الاقتصاديه وستجدها في العقار.
    ألم تسمع عن منح عمارة كبيرة لاحد الشعراء الشعبيين في دوله خليجيه, فقط لانه مدح ابن احد مسؤوليها,, رحم الله والد هذا المسؤول,,,
    عند ذلك تساءل عن انظمة بلاد الانجليز او عن(( هل من الاسلام….))
    4- هل بأعلام الانجليز قنوات وصحف وأذاعات أف ام ,,

    تركت مجالها الذي رخصت من اجله,واتجهت للضحك على بعض من مستمعيها,
    كما تعمل الآن قنوات الام بي وروتانا ووناسه, والعربيه وبقية قنوات الضحك على المواطنيين,,
    الم تسمع ان العربيه الآن اتجهت لعمل(( اشبه مايكون بعملية قمار)) من خلال انشاء الفرد (محفضة وهمية)( تايكون) ومسابقة الحلم , التي يكرورها كل شهر تقريبا.
    تعليق
  • GENE 
  • بتاريخ 12 أكتوبر 2011 في الساعة 5:13 م 
  •  اولا: هذا كلام انشائي بلا ارقام و اسقاط نجاحات الدول على انها “تعود بالدرجة الأولى إلى تطبيق قوانين ضريبية صارمة تحارب الاكتناز والتحجير
  • ثانيا: رفض كلي لمفهوم المحلل الفاهم لكل شي (خاصة و عندنا علماء دين يحددون شرعية الزكاة على الاراضي من عدمة,الكثيرين لا يفقهون في مقاصد الدين, ومتى كانت العبادات اجتهادات غير المتخصصين).
    ثالثا:
    الوصفات الاقتصادية وعموما التغييرات  توخذ  من تجارب السابقين والدراسات العلمية المتخصصة وليس من المجالس ,حيث ان التشوهات والافلاسات قد تكون كبيرة وتؤثر على شريحة كبيرة من المواطنين و على اقتصاد الوطن.
    رابعا:
    الضريبة سوف ترحل على المشتري النهائي وتؤجج التضخم اكثر.
    خامسا: ربط موضوع ارتفاع اسعار العقار الغير مبرر بوجود بطالة و انخفاض دخل المواطن ربط غير علمي وعزف على المشاعر, 
    حيث ان الربط المنطقي يتسلسل  الى:
    1-ارتفاع كبير لدخل الحكومة “4 اضعاف الدخل للدولة مقارنة بالاعوام السابقة ل”2005.
    2- ارتفاع كبير بالانفاق الحكومي اكثر من8 اضعاف.
    3- حالة التضخم العالي في كل شي للاختصار.
    4-انخفاض الحاد للدولار و الريال كمخزون للقيمة.
    5-ضعف القنوات الاستثمارية.
    6-تجارب الافراد المرعبة في سوق الاسهم فاقد الثقة.
    7-زيادة عدد السكان الكبير خلال العشر سنوات الاخيرة مع اخذ عامل الاجانب.
    8_انماط البناء.
    9- تركز الثروات.
    10- عدم وجود قنوات تمويلية فاعلة.
    11- عدم وجود قوانين واضحة للعقوبات والتعثر والاخلاء ما يزيد مخاطرة المستثمر.
    12-ايقاف الكثير من المساهمات وتعقيدات والتفافات طرح المخططات الجديدة.
    13- الامتداد الافقي للمدن.
    14-الطلب العالي على المساكن لمعالجة مشكلة التشوة القائم منذ زمن بنسبة الملكية عند 30% فقط من عدد السكان.
    15- تشبيك الاراضي المجانية!!.
    16-توزيع الاراضي مجانا بدون توصيل الخدمات الاساسية.
    17-عدم وجود مرجعيات محددة موثوقة للعقار تشرف على نشر الاسعار دوريا.
    18-عدم وجود مراكز حضرية تستقطب وتركز السكن في مشاريع تنموية متفاوتة التكلفة.
    19-الهجرة الداخلية للمدن الرئيسية,لعدم وجود فرص العمل في القرى.
    20- المشاريع التموية الضخمة بما فيها من نزع ملكيات او تعويضات واعطاء قيمة مضافة لاستعمالات الاراضي القريبة منها.
    21- ارتفاع دخل المواطن في السنوات الاخيرة .
    22-الاعلام محدود المسئولية واثرة في تاجيج الموجات التضخمية والمشاعر.
    23- التركيبة السكانية و%نسبة الشباب للكل.”دخل جديد + حاجات جديدة”

    اخيرا…..
    في امريكا اذا تملكت عقار او اكثر عن طريق التمويل تخصم وتخفض الضرائب المفروضة على دخلك كفرد.”fact”
    ولا اذكر ضرائب على الاراضي في الدول العربية الاخرى ولا في اوروبا غير رسوم الخدمات وبارقام لا تذكر.

    ولا تزال الاسعار في المملكة معقولة اذا قارناها بالاسعار في سوريا,او قطر او الامارات وبربط بسيط بدخل الفرد.

  • تعليق
  • الحلم الحريملاوي 
  • بتاريخ 12 أكتوبر 2011 في الساعة 5:26 م اخي الفاضل محمد
    اشكر لك غيرتك على وطنك ودينك ومقالاتك الهامة وتفاعلك مع القراء ، مما يكسب مقالاتك في هذا المنتدى طعما خاصا وبعدا اضافيا..
    اذكر انني اشتريت ارضا قبل حوالي ست سنوات، وبعد مرور سنة من الشراء ذهبت الى احد اكبر المكاتب العقارية في شمال الرياض لاسأله عن سعرها السوقي حينذاك، 
    فقال لي الموظف هل تريد البيع، قلت لا والله ولكن اريد ان ازكيها ، فقال لي جزاك الله خيرا والله ان لي سنوات في هذا المكتب وانت اول واحد يسألني مثل هذا السؤال!!، ولاشك ان زكاة الارض المعدة للنماء والتجارة هو راي جمهور العلماء وهو كذلك راي اللجنة الدائمة وراي الشيخين ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله.
    وبعد البحث والتحري في هذا الموضوع وجدت مايلي:
    1.البعض من ملاك الاراضي اما انه يتلاعب بالنية ليخرج من دائرة الزكاة 

    – وانا اعرف شخصيا من لديه مجموعة من الاراض ولايزكيها كلها بحجة انه ينوي السكن في احدها ولم يحدد ايها الانسب للسكن!!
    ولهذا ترك زكاتها جميعا لانه متردد!!
    ياسلام على هذه الحيلة التي تذكرني بحيل بني اسرائيل في صيد الحيتان..
    (كان بامكانه بكل بساطة ان يترك زكاة اكبرها مساحة واغلاها ثمنا لإحتمال ان يسكن بها، ومن ثم يزكي بقية الاراضي).
    2.هناك شق آخر من الملاك يأخذ فتوى من احد العلماء بعد التلاعب في السؤال 

    وقد يجد شيخا -على نياته- فيستغله السائل في ذلك،
    وقد قرات في احد الصحف سؤالا موجها لاحد العلماء المعروفين قال السائل فيه اشتريت ارضا فقط لاحفظ فيها اموالي فقال الشيخ مباشرة ليس عليك فيها زكاة،
    بينما طرح نفس السؤال بنفس الصيغة على احد المشايخ -وهو الشيخ الفاضل عبدالله المطلق- في احد القنوات، فقال الشيح مافيه شئ اسمه احفظ فلوسي (تعليق:لان مكان حفظ الفلوس في البنوك!!)
    ولكن هل انت تنوي السكن او البيع او انك متردد فعلا ولاتدري ماذا تفعل مستقبلا، فقال السائل والله ياشيخ نيتي الاستثمار فرد عليه الشيخ اذن زكها كل عام!
    3- البعض من الملاك ياخذون بفتوى لبعض علماء المالكية لاتوجب الزكاة الا مرة واحدة عند البيع، 

    وهذه فتوى خلاف العقل والمنطق وخلاف راي الجمهور، ومن اخذ بها لم يدرسها ويتامل فيها ويقتنع بها فعليا لانه راى انها تتماشى مع عموم ادلة الزكاة، ولكنه اخذ بها فقط لانها توافق هواه!!!، والله عليم بما تخفي الصدور.
    4- اخيرا 

    اقول لكل من لديه ارض يهدف الى بيعها والتكسب منها، اقول له.. ان هذا المال الذي تنميه لغيرك ، لن يحاسب عليه أحد سواك، فأحرص على براءة ذمتك .. ولايمنعك البخل والجشع من ان تؤتي اخوتك الفقراء حقهم في مالك.
    وشكرا للاستاذ محمد العمران على هذا المقال المميز جدا.
    (واوصيه دوما بعدم مجاراة السفهاء .. وهم للاسف في ازدياد في هذا المنتدى!)
  • http://alphabeta.argaam.com/?p=35109#comments

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق