بواسطة د . جمال شحات بتاريخ 14 سبتمبر 2011
لعل
ماحدث من قيام ستاندارد آند بورز بتخفيض التصنيف الائتمانى للولايات
المتحدة لاول مرة فى تاريخها كان بمثابة الزلزل القوى العنيف والذى مازلنا
نعيش تداعياته وتأثيراته والتى اشبه ما تكون بالهزات الارتدادية لكل زلزل
قوى وعنيف ..!!
ان ما حدث قد أصاب العالم باضطراب شديد
بسبب أن الولايات المتحدة وللمرة الأولى في تاريخها لم تعد لديها القدرة
على الاستمرار في الإنفاق القياسي كما أن أوروبا شرعت في تقليص نفقاتها
بقوة ، مما يعني أن الاقتصاد العالمي يقترب من الدخول في مرحلة الركود ان
لم يكن دخل فيه فعلا ..!!
وهناك مؤشرات على ذلك منها تراجع الناتج
المحلي الأمريكي والمؤشرات الصناعية وغيرها.
ولعل أخطر نقطة أن أمريكا لم
تعد تستطيع الإفراط في إصدار السندات بفوائد منخفضة كما في السابق، كما ان
عمليات التمويل ستكون أصعب وقد تضطر إلى رفع أسعار الفائدة وهذه مشكلة
أخرى بالرغم من الوعود بالحفاظ على سعر الفائدة المنخفض للغاية ..!!
ومن الواضح في الأسواق العالمية أن أول
التأثيرات على الاقتصاد السعودي سيكون في أسعار النفط واحتمالية أن تسجل
المملكة عجزا في الموازنة جراء ذلك..!!
إلا أنه لا يتوقع تأثيرات كبيرة على سعر
صرف الدولار أو أن تصل أمريكا إلى مرحلة عدم القدرة على سداد سنداتها.
فكما هو معلوم أن الولايات المتحدة احتفظت بأعلى درجات تصنيف ستاندارد آند
بورز ”ايه ايه ايه” منذ تأسيس هذه الوكالة عام 1941. وما زالت كذلك في
تصنيف الوكالتين الكبريين الأخريين، موديز وهي الأقدم (أنشئت في 1917)
وفيتش. وقد أكد بنك غولدمان ساكس أخيرا الى أن ”احتمال انعكاس ذلك على
السوق كبير”، لدى تفحصه النتائج المحتملة. ويتوقع أن يرغم خفض علامة
الولايات المتحدة المستثمرين على إعادة تقييم شاملة للمخاطر.
لقد ذكرنا فى مقال سابق السؤال والذى يطرح نفسه بقوة ( هل نحن على أعتاب أزمة عالمية جديدة ..؟!!)
ولكن الان سؤال اخر يطرح نفسه على الساحة
واكثر اهمية من السؤال السابق الا وهو ما تداعيات ازمة التصنيف الائتمانى
وما تلاها من تداعيات وتأثيرات على اقتصاداتنا العربية والخليجية بصفة عامة
وعلى الاقتصاد السعودى بصفة خاصة ..؟!!
فقد ذكر الكثيرون من الاقتصاديين ان
تداعيات أزمة الديون الأميركية وخفض التصنيف الائتماني لأكبر اقتصاد في
العالم ستؤثر سلبا على الاقتصاد السعودي ما لم يطرأ تغير على السياسة
النقدية للمملكة…!!
وفى تقرير لرويترز إنه في ظل استثمار
سعودي قوي في سندات الخزانة فإن أبرز تلك الآثار- طبقا لمحللين- ستكون
انخفاض القيمة الشرائية للريال السعودي في ظل تراجع الدولار إلى جانب
ارتفاع معدل التضخم وتراجع أسعار النفط وضغوط على المالية العامة لأكبر
اقتصاد عربي وأكبر مصدر للنفط في العالم.
و من المعروف إن مجموع الاستثمارات
السعودية بما في ذلك استثمارات الحكومة السعودية والمؤسسات شبه الحكومية
والقطاع المصرفي في السندات والأصول الدولارية الأميركية قد يصل إلى أكثر
من 2.2 تريليون دولار، وهو رقم هائل يفوق حجم الاقتصاد السعودي.
وكل هذا الرقم منكشف بالكامل على الأزمة
الأميركية وقد يرتفع هذا الرقم في حالة حساب استثمارات الأفراد والشركات
في السندات الأميركية.
وقد ذكر اقتصاديون سعوديون إن العالم مقبل على مرحلة جديدة وغير واضحة المعالم ..!!
وسندات الحكومة الأميركية لم تعد ملاذا آمنا كما كانت فى السابق …!!
ومن المتوقع أن تبدأ السعودية في تنويع
مكونات احتياطياتها التي تشكل السندات الأميركية ما بين 70 إلى 90% منها
بحسب المعلومات المتداولة وأن تتجه خلال عامين إلى الاستثمار في سندات أخرى
كسندات الحكومة الألمانية واليابانية وغيرها ..!!
ويؤيد ماذكر من أن السندات الأميركية لم
تعد ملاذا آمنا كما كانت انه خلال الأعوام الأربعة الماضية بالنسبة
لمؤسسة النقد السعودي كان الارتباط بالاقتصاد الأميركي ينظر إليه على أنه
أفضل الخيارات وأقلها مخاطر وأنه سيؤدي لاستقرار الاقتصاد، لكنه- كما يعتقد
البعض – لم يعد كذلك..!!
ومن المفترض على السلطات النقدية أن تقوم بعمل شيء ..!!
ولا نستطيع أن نحدد ما هو الخيار الأفضل على وجه الدقة ولكن يجب ألا يبقى الوضع على ما هو عليه الان ..!!
ونظرا لارتباط السعودية عملتها بالدولار الأميركي وهو ما يقيد الأدوات المتاحة لمؤسسة النقد السعودي لكبح جماح التضخم.
ويتوقع بعض المحليين أن يحدث ذلك ضغوطا على الريال السعودى ..!!
وحول إمكانية فك ربط الريال بالدولار
ونظرا لان المملكة من أكبر عشر دول في العالم تستثمر في السندات
الأميركية، فان قرار ربط الاقتصاد السعودي بالاقتصاد الأميركي هو قرار
سياسي بالدرجة الأولى ..!!
وبالتالى يحتاج الامر الى قرار سياسى قبل ان يكون قرارا اقتصاديا ..!!
ومن المعروف انه من الصعب جدا الحصول على
بدائل كالتي يوفرها الاقتصاد الأميركي سواء من حيث تطور بنية أسواق المال
أو سهولة دخول وخروج الأموال ..!!
وكذلك حذر اقتصاديون من إن موجة تضخم
هائلة قد تحدث وتنتقل عدواها إلى الريال السعودي إذا أخذت الأزمة الأميركية
منحنى أكثر سرعة,
ومن الممكن أن يحدث ما يعرف بالتضخم الركودي.
و هذا النوع من التضخم هو ألد أعداء
البنوك المركزية إذ يحدث ارتفاع في الأسعار في وقت يشهد الاقتصاد كسادا
وبالتالي لا تستطيع تلك البنوك رفع أسعار الفائدة وتتلقى صدمات التضخم دون
أن تستطيع أن تفعل شيئا.
ولفت المحللون إلى أن تأثير الأزمة على أسعار النفط قد يدفع السعودية خلال الأعوام المقبلة للسحب من احتياطياتها لتمويل الإنفاق.
ونظرا لان النفط يسهم بنحو 90% من
الإيرادات الحكومية السعودية و50% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة فقد
يكون لهذا الامر تأثيره البالغ على اقتصادات المملكة ..!!
و من المتوقع أن ينخفض النمو في أميركا
وأوروبا مما يقلل الطلب على النفط و يخفض أسعاره إلى مستويات اقل قد تصل
الى 70 دولار مما يؤثر على ميزانية السعودية ويلقى بظلاله على الاقتصاد
بصورة واضحة ..!!
ان ما يحدث على الصعيد العالمى وخاصة فى
الولايات المتحدة سوف يؤثر حتما على اقتصاداتنا العربية والخليجية وسوف
يكون تأثير ذلك اوضح على اقتصاد المملكة – نسأل الله السلامة والعافية –
ولكن يستدعى ذلك منا وضع الحلول والبدائل وخاصة من قبل السلطات النقدية
والاقتصادية بالمملكة لنتلافى بقدر الامكان تأثير تلك التداعيات .!!
الله تعالى اسال ان يوفق القائمين الى التخفيف من اثر تلك التداعيات وان يجنب بلادنا وشعوبنا اثار تلك الازمات والله الموفق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق