الاثنين، 26 سبتمبر 2011

جاك ولش.. شخصية فريدة تسير عكس التيار

الخميس, 22 سبتمبر 2011 الساعة 09:01


إعداد: وائل بدران



جاك ولش.. شخصية فريدة تسير عكس التيار












جون فرانسيس، أو جاك ولش، ولد في 19 نوفمبر 1935، وهو مهندس كيميائي أمريكي، ورئيس تنفيذي ومؤلف، أصبح من خلال عمله رئيساً تنفيذياً لـ«جنرال إلكتريك» خلال عقدين من الزمان بين 1981 و2001، ارتقى خلالها بها لتصبح في مصاف أكبر الشركات العالمية، وجنى خلال تلك الفترة ثروة قدرت بـ720 مليون دولار في العام 2006.
 
النشأة
ولد جاك ولش في مدينة ساليم، في ولاية ماسوشيستس، وكان والده جون مرشداً في خط السكة الحديدية بين بوسطن ومين، فيما كانت والدته ربة منزل.
والتحق بالمدرسة الثانوية في مدينته، ثم إلى جامعة «ماسوشيستس أمهرست»، وتخرج في العام 1957 بدرجة بكالوريوس علوم الهندسة الكيميائية.
وذهب ولش في العام 1960 إلى جامعة إلينوس في أوربانا-كامبين، لنيل درجتي الماجستير والدكتوراه، وفي العام نفسه، انضم للعمل في شركة «جنرال إلكتريك».
وعمل مهندساً كيميائياً مبتدئاً براتب سنوي 10.500 دولار، وشعر ولش بغضب شديد جعله يتغيب عن عمله في الشركة، حيث أوشك على الفصل، وكان استياؤه بسبب حصوله على زيادة 1000 دولار فقط بعد عامه الأول، إلى جانب البيروقراطية القاتلة داخل الشركة.
وعليه، خطط لترك العمل والانضمام إلى شركة «إنترناشيونال مينيرالز آند كيميكالز» في مدينة سكوكي في ولاية إلينويس.
لكن روبين جوتوف، المسؤول التنفيذي الذي كان يسبق وولش بدرجتين، قرر أن الرجل كان قيماً بدرجة كبيرة، ويعتبر مورداً متميزاً للشركة لا يتعين عليها أن تخسره.
ودعا جوتوف ولش وزوجته الأولى كارولين إلى العشاء في بيتسفيلد، حيث يوجد مقر الشركة، وقضى أربع ساعات يحاول إقناع ولش بالبقاء، وتعهد له بالعمل على تغيير الواقع البيروقراطي في الشركة بحيث يؤسس بيئة مواتية.
وفي العام 1972، تم تعيينه نائباً لرئيس «جنرال إلكتريك»، ثم أصبح نائباً أول للرئيس في العام 1977، ونائباً لرئيس مجلس الإدارة في العام 1979، وأصبح أصغر رئيس لمجلس الإدارة ورئيساً تنفيذياً في العام 1981، حيث خلف ريغينلاد جونز، وبحلول العام 1982، أعاد تقسيم الإدارات السابقة التي جمعها جون.
واحتل ولش الصدارة في عالم الأعمال، ويتمتع بقدرات خارقة ونظرات ثاقبة وفراسة أخاذة وتفرد في فنون القيادة الاستراتيجية يندر من يتمتعون بها.
وتربع ولش من دون منازع على قمة قادة الأعمال وحاز رتبة مدير القرن العشرين، ويعتبر من الشخصيات التي دخلت عالم الإدارة من باب واسع فأصبح لبنة من لبنات التاريخ الإداري، وهو من يعتبر أن الربح شيء عظيم وليس فقط شيئاً جيداً، لأنه عندما تربح الشركات تزدهر أحوال الناس وتتحسن.
وجعل نمط تفكيره المتسم بالتفاؤل وحب النجاح الكثيرين ينجذبون إليه ويعجبون به، وألقى كثيراً من المحاضرات في أنحاء العالم أمام أكثر من 250 ألف شخص، وأجاب عن أسئلتهم التي تدور حول عشرات الموضوعات المختلفة.
بدأ جاك ولش حياته المهنية في شركة «جنرال إلكتريك» العام 1960، وتدرج في السلم الوظيفي إلى أن أصبح رئيساً لمجلس الإدارة والمدير التنفيذي الثامن للشركة في العام 1981، وأثناء توليه قيادة الشركة استطاع أن يزيد القيمة السوقية للشركة من 13 مليار دولار إلى أكثر من 400 مليار، وهو ما جعلها أكبر شركة على مستوى العالم.
ويعزى نجاح ولش مديراً تنفيذياً لمهاراته الهائلة في أساليب القيادة، إذ أجاد توصيل أفكاره المهمة بصورة عملية إلى باقي طاقم العمل، وليس عن طريق إرسال الرسائل فقط بل الإصرار والتكرار مرة بعد مرة والمتابعة الجادة حتى يدفع الفكرة على التنفيذ، لدرجة جعلت أفكاره عن التغيير حاسمة وشديدة في بعض الأحيان.
البيروقراطية

تعتبر ثقافة ولش في إدارة الشركات مثار جذب وتقدير، لا سيما أن أكثر شيء كان يكرهه البيروقراطية، والروتين الذي يقضي على الحماس والإبداع، وهو ما دفعه إلى الإسهام في تغيير ذلك عن طريق إيجاد بيئة تعليم تتسم بالإيجابية.
وخلال فترة رئاسته للشركة، ألغى ولش عشرات الآلاف من الوظائف وأعاد هيكلة وترتيب المتبقي منها، كما عكف على تنويع أنشطة الشركة الصناعية لتضم مجالات أخرى من بينها التمويل والترفيه.
وعلى الرغم من أن ولش وضع الشركة في عدد من المآزق، بسبب انفراده في كثير من الأحيان باتخاذ القرار، حيث كان يعتبر مستشاريه ومساعديه مصادر للمعلومات وليسوا مصادر للمشورة وإبداء الرأي، أما القرارات النهائية فقد كان يتخذها منفرداً، فإنه كان يحظى بتقدير من حوله، بيد أنه كان يرى أن ذلك نوعاً من تحمل المسؤولية، بينما كان البعض ينظر لذلك على أنه نوع من الديكتاتورية.
ووجهت سياسات ولش انتباه قادة الشركات والمهتمين بالإدارة إلى الجانب الإنساني، فالشركات ليست مؤسسات للربح فقط على حساب عوامل أخرى كثيرة، بل إن عليها واجباً تجاه المجتمع ككل وليس نحو حملة أسهمها فقط، يتمثل في الارتقاء بالمجتمع والعمل على مصلحته من جميع الجوانب الإنسانية أو البيئية.
ضد التيار

ومن بين أبرز ملامح شخصية ولش هو سيره في اتجاه عكس التيار، متحدياً بعض تقاليد شركة «جنرال إلكتريك» الأساسية، إذ قام بتسريح آلاف العمال، وإحداث نقلة نوعية في ثقافة الشركة المحدودة، وسرح المخططين الاستراتيجيين، وجند قادة يستمعون للعمال، واقتراحاتهم وتساؤلاتهم وشكاواهم.
وعلى الرغم من ذلك، فقد كانت أكثر مقومات نجاحه بروزاً اختياره وتطويره للقادة، الأمر الذي ساعده على الارتقاء بالشركة إلى مصاف العالمية الأكثر شهرة، ولا شك في أن نظام «جنرال إلكتريك» ساعد ولش في انتقاء وتطوير قادة يمكنهم أن يتوافقوا مع ثقافة الشركة التي تعتمد على الأداء عالي الجودة.
مقومات

ويرى ولش أن القادة والمديرين لابد من أن يتمتعوا بـ4 مقومات، هي الطاقة والبراعة في تحفيز الأفراد، وروح التحدي والحزم والقدرة على تنفيذ ما يقولون.
ويعتقد أن الأفراد مع الطاقة يحبون أن يعملوا باستمرار ومن دون انقطاع، وينهضون كل صباح بحماسة شديدة لمتابعة أعمالهم، ومن ثم، هؤلاء هم الذين يتحركون بسرعة 95 ميلاً في الساعة في عالم سرعته 55 ميلاً في الساعة.
ومن وجهة نظره، أن المديرين الذين بمقدورهم تحفيز الأفراد، يمكنهم وضع الرؤيا ودفع الأفراد للعمل بناء على هذه الرؤيا، ويعرفون كيف يحملون الآخرين على التفاعل مع الرأي أو الاعتقاد، وليسوا أنانيين، يمنحون الآخرين التقدير عندما تسير الأمور في مسارها الصحيح، ويسرعون إلى تحمل المسؤولية عندما تمضي الأمور في المسار الخاطئ، لأنهم يدركون أن المشاركة في التقديرات والانفراد في تحمل اللوم يشجع زملاءهم ويزيد من حماسهم للعمل.
ويعتقد أن المديرين الذين يتمتعون بروح التحدي والحزم، هم النماذج المنافسة، إذ يعرفون كيف يصنعون القرارات الصعبة فعلاً، ولا يسمحون لدرجة الصعوبة مهما بلغت أن تقف حائلاً بينهم وبين تحقيق أهدافهم.
ويشير إلى أن الأفراد الذين ينفذون بشكل فعال يفهمون أن الفعالية والإنتاجية أمران مختلفان، وإن كانا وجهين لعملة واحدة، وأفضل القادة هم الذين يعرفون كيف يحولون الطاقة والحماسة والتحدي إلى أفعال ونتائج، ويعرفون كيف ينفذون.
وعلاوة على ذلك، يرى ولش أن العاطفة من بين مقومات القيادة الأساسية، وأن أفضل القادة هم الذين يمتلكون عاطفة قوية تجاه عملهم والعاملين معهم.
توجيه الفريق

وينصح ولش المديرين باستغلال الفرص كافة لغرز الثقة في الموظفين الذين يستحقونها، ويرى أن بناء الثقة يكون من خلال توجيه عبارات التشجيع إلى العاملين والاهتمام بهم والاعتراف بمجهوداتهم، وأن الثقة بالنفس تحفز الموظفين وتشجعهم على توسيع نطاق قدراتهم وحبهم للمغامرة وتحقيق ما يفوق أحلامهم، وهو ما يجعلها وقوداً لطاقم العمل الناجح.
انتقادات

ويزعم بعض المحللين في القطاع أن ولش نسب له فضلاً أكبر مما يستحق في نجاح «جنرال إلكتريك»، مدعين أن المديرين الفرديين هم المسؤولون بصورة أكبر عن نجاح الشركة، فعلى سبيل المثال، أسهمت شركة «جي إي كابيتال»، بقيادة غاري ويندت، بنحو 40 بالمئة من إجمالي الإيرادات، بينما كانت شركة «أن بي سي»، بقيادة روبرت رايت على تحويل شبكة العمل، وأدت إلى نمو في الإيرادات زاد على 10 بالمئة على مدار 5 سنوات.
ويرون أيضاً أن ولش لم ينقذ «جنرال إلكتريك» من الخسائر في الوقت الذي كانت الشركة تحقق نمواً في الإيرادات بنسبة 16 بالمئة في عهد سابقه، كما يشيرون إلى أن الضغط الذي فرضه ولش دفع بعض الموظفين إلى محاولة الكسب السريع، ما أسهم في بعض فضائح العقود التي لطخت سمعة الشركة.
وتلقى ولش أيضاً انتقادات بشأن أعوام الافتقار الواضح إلى الشفقة تجاه الطبقة المتوسطة والعاملة، وبدا ذلك من خلال إجراءاته في أنشطة الاستحواذ، وإغلاقات بالجملة لوحدات أعمال «جنرال إلكتريك»، حيث أثبت أن أسلوبه هو الإبقاء فقط على الوحدات التي تجعل الشركة في وضع جيد، والتي يمكن أن تضاعف الأرباح خلال مدى قصير. وبحلول العام 1990 كان آلاف الموظفين قد أزيلوا من كشوف رواتب «جنرال إلكتريك»
حياته الشخصية

أنجب ولش 4 أبناء من زوجته الأولى كارولين، وانفصلا ودياً في أبريل 1987، بعد زواج استمر 28 عاماً، وكانت زوجته الثانية، جين بيسلي، محامية اندماجات استحواذات سابقة، وتزوجها جاك في أبريل 1987، ثم انفصلا في العام 2003، وعلى الرغم من أن ولش أبرم اتفاقية زواج مسبقة مع بيسلي، فقد أصرت على أن يستغرق الأمر 10 سنوات لتطبيقها، ومن ثم، تمكنت من تركه مع الحصول على مبلغ قدر بنحو 180 مليون دولار.
وأما الزوجة الثالثة لجاك هي سوزي يتلوفر، التي شاركته في تأليف كتاب «الفوز» في العام 2005، وعملت يتلوفر لفترة قصيرة رئيسة تحرير لمجلة «هارفارد بيزينس ريفيو» قبل إجبارها على الاستقالة في بداية العام 2002، بعد أن أقرت بأنها أقامت علاقة مع ولش أثناء إعدادها لحوار صحافي معه للمجلة.
أقواله

- الطريقة الأسرع لتدمير نفسك أن تكون شوكة في ظهر شركتك.
- العمل مثل أية لعبة، فيه لاعبون ولغة وقواعد وخلافات وسرعة إيقاع.
- العالم مملوء بالحمقى.. بعضهم يصبحون مديرين.
- عندما تواجه مديراً لا تدع نفسك تقع في موقف الضحية.
- أولى الوسائل وأكثرها وضوحاً هي جلب أحصنة الحرب الثلاثة لميدان المعركة، وهي التكلفة والجودة والخدمة ثم الارتقاء بها لمستويات جديدة.
- يمكنك النظر للصين والشعور بأنك ضحية، ويمكنك النظر إليها والشعور بالإثارة من فكرة قهر التحديات والفرص التي تقدمها.
- بيان المهمة الفعال يوازن بين ما هو الممكن والمستحيل.
- عدم الصراحة في إبداء الرأي يحجب الأفكار الذكية والعمل السريع ويمنع أصحاب الكفاءات من إبداء إسهاماتهم البناءة.
- حماية الموظفين ضعيفي الأداء دائماً ما تعود بالخسارة على الشركة، وأسوأ ما في الأمر هو مدى الضرر الذي يلحق بهؤلاء الموظفين بسبب تلك الحماية التي توفر لهم.
- على الرغم من أن نظام التمييز محبط لبعض أفراد الشريحة المتوسطة فإنه محفز لكثيرين غيرهم.
- القادة لا يتسلقون على أكتاف موظفيهم بسرقة الأفكار ونسبتها لأنفسهم.
- لم توضع في منصب القيادة لتحظى بحب الآخرين، وإنما وضعت فيه لتقود.
- كونك مديراً لا يعني أنك أصبحت المصدر الوحيد للمعرفة.


«جنرال إلكتريك» في سطور

«جنرال إلكتريك» هي شركة صناعية وتكنولوجية أمريكية متعددة الجنسيات، تأسست في نيويورك في العام 1892 بعد دمج شركة «إديسون جينيرال إلكتريك» التي تأسست في العام 1878، مع شركتين كهربائيتين أخريين، ووفقاً للرسملة السوقية، تعتبر «جنرال إلكتريك»، هي ثاني أكبر شركة في العالم بعد «إكسون موبيل». وتنتج الشركة المعدات الكهربائية والإلكترونية واللدائن ومحركات الطائرات ومعدات التصوير الطبي والخدمات المالية.
وفي العام 1900، أسست الشركة مختبر أبحاث، وطورت معظم منتجاته اللاحقة مثل الأدوات المنزلية المختلفة بواسطة العلماء، وفي العام 1986 اشترت شركة «آر سي إيه»، ومن ضمن ذلك شبكة «أن بي سي» التلفزيونية، يقع مقر الشركة الرئيس في مدينة فيرفيلد بولاية كنتيكت الأمريكية.

http://alrroya.com/node/150393 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق