تشريح الأسواق الناشئة
الخميس, 7 أكتوبر 2010 الساعة 08:34
رئيس إيميرجينغ ماركينينغ ستراتيجيز

#attachments { display: none; }
في الفيلم الكلاسيكي الذي أنتجته استوديوهات «مترو غولدواين ماير» في العام 1939، وحمل اسم «ذي ويزارد أوف أوز»، تجد شخصية دوروثي نفسها وقد جرفها الإعصار، ليحط بها في عالم مليء بالألوان المتوهجة والأقزام الذين يحملون وصمة عرقية غير لائقة.
وعندما أدركت أنها في بيئة جديدة، توجهت بالحديث إلى كلبها «توتو» وقالت له: «أحس أننا لسنا في كنساس الآن».
ويبدو أنها كانت مدركة على الأقل للظروف التي تمر بها بدقة، على العكس تماماً من حال المستثمرين في الوقت الراهن.
وفي عصر العولمة وعمليات الانتقال السريع لرأس المال أكثر من أي وقت مضى، فقد تم إنشاء أسواق الأوراق المالية الجديدة لتعمل في دول شتى، وبصورة لم تكون سائدة من قبل.
وعلى ضوء وجود العديد من الاستثمارات المحتملة ونموها المذهل، فقد انجذب المستثمرون إلى أسواق جديدة في دول مختلفة.
وغالباً ما يتم تصنيف هذه الأسواق الجديدة بأسماء مختلفة، بما في ذلك اقتصادات النمور والأسواق الناشئة وأسواق منظومة «بريك» أي دول البرازيل وروسيا والهند والصين، وفي الآونة الأخيرة ظهر مصطلح الأسواق الحدودية.
ومع أن هذه الفئات تكون مفيدة لتسويق المنتجات المالية، إلا أنها قد تصبح مضللة بشكل استثنائي من حيث فهم كيفية عمل هذه الأسواق، والمخاطر والمكاسب الكامنة في كل واحدة منها.
لكن ما يتعين على المستثمرين أن يدركوه قبل كل شيء، هو أنهم لا يتعاملون مع سوق «وول ستريت».
ومن بين أهم المسائل التي ينبغي على المستثمرين فهمها، هو أن عددالمستثمرين النشطين في الأسواق الناشئة قد يكون صغيراً جداً، رغم حجم السوق نفسها.
وعلى سبيل المثال، نجد أن سوق الأوراق المالية الهندية تعد من أكبر الأسواق في العالم من حيث القيمة، لكن عدد اللاعبين هناك محدود للغاية.
وفي تقرير صادر عن وزير الدولة الهندي للشؤون المالية، واقتبست منه نشرة سوق مومباي المالية «موني لايف»، متوسط عدد المتعاملين خلال الفترة من شهر أبريل وحتى يونيو من العام 2010، يظهر «أن 50 بالمئة من قيمة التداول تمت من خلال 451 مستثمراً، ما يمثل انخفاضاً مثيراً للصدمة، كما أن 156 متعاملاً من هؤلاء يتعاملون في أسهم خاصة بهم».
إن هذه المشكلة ليست حكراً على الهند، حيث يبلغ عدد سكان تايلند 67 مليون نسمة، لكن هناك 120 ألف حساب نشط فقط في سوق الأوراق المالية هناك. وفي البرازيل، نجد أن نسبة ضئيلة من الناس يمتلكون أسهماً في الأسواق المحلية، كما أن نسبة تعامل صناديق المعاشات التقاعدية البرازيلية في الأسهم تصل إلى 16 بالمئة فقط.
ويعني تدني أعداد المتعاملين ارتفاع احتمالات التلاعب في الأسواق.
وهناك مشكلة أخرى في هذه الأسواق، وتتمثل في التركيز أو السيطرة على السوق من خلال عدد قليل من الشركات، أو من قبل شركات تنتمي إلى قطاع واحد، وفي كثير من الأحيان تكون الهيمنة من جانب القطاع المالي.
ويقوم مؤشر «مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال» بتتبع أداء 175 شركة في 26 بلداً.
لكن نشاط 30 بالمئة من هذا المؤشر يوجد في بلد واحد هو الكويت، كما أن 53 بالمئة من تلك الشركات تعمل في القطاع المالي.
وفي إندونيسيا، تغطي الشركات التابعة لعائلة «بكري» مختلف جوانب الاقتصاد في إندونيسيا، بما في ذلك التعدين والنفط والغاز وزيت النخيل والعقارات والاتصالات والتمويل.
وتستحوذ كافة هذه الشركات المترابطة على ما يقرب من ربع التداول في بورصة جاكرتا.
ويكون هذا الأمر باعثاً على القلق، خصوصاً عندما نعرف أن هذه الشركات وعميد الأسرة المعروف باسم «أبو» رضا البكري، يتمتع بتاريخ حافل بالتقلبات، حيث أوشك تكتل هذه الشركات على الانهيار في أثناء الأزمة الآسيوية التي ظهرت خلال العامين 1997 و1998، وكادت تواجه المصير ذاته مرة أخرى في العام 2008.
واتبعت الشركة طرقاً «حاذقة» للتملص من محاولات تحصيل الديون المستحقة عليها في قاعات المحاكم، في جميع أنحاء العالم.
وتخضع شركات الأسرة التي تعمل في مجال تعدين الفحم، بالوقت الحاضر، للتحقيق في تهم التهرب من دفع الضرائب التي يصل حجمها إلى مئات ملايين الدولارات. ويستحوذ القطاع المالي على نسبة كبيرة من سوق الأوراق المالية النيجيرية أيضاً، وكما هي الحال في العديد من هذه الأسواق، فإن الفساد يعد المشكلة الأبرز هناك.
ففي شهر يونيو من العام 2009، اكتشف محافظ البنك المركزي، بعد عملية تدقيق طارئة، أن تسعة بنوك من بين 24 من بنوك الإقراض النيجيرية التي تستقطب ما لا يقل عن 40 بالمئة من الودائع في البلاد، توشك على الانهيار.
كما أن الشركات المدرجة في هذه البورصات تكون أيضاً مختلفة تماماً في كثير من الأحيان عن الشركات المدرجة في البورصات التي تعمل في البلدان الأكثر تقدماً.
ولا تقتصر القائمة على الشركات العائلية التي تستحوذ على الأعمال التجارية في البلاد كما في إندونيسيا، ولكن توجد أيضاً شركات تسيطر عليها الدولة.
وترجح التقارير أن كل شركة مدرجة في بورصتي شنغهاي وشنزين تكون غالبية أسهمها مملوكة لكيان ما من الحكومة الصينية.
وقد يستحيل معرفة تلك الشركات بالضبط، نظراً لعدم توافر السجلات.
أما في منطقة الخليج، فقد تبين أنه من بين 179 شركة مدرجة في الأسواق الإقليمية، يوجد على الأقل 51 شركة مملوكة جزئياً من قبل كيانات حكومية، حيث تسيطر الحكومات على ما يقرب من 30 بالمئة من إجمالي رأسمال الأسواق في المنطقة.
وتعرب الحكومات عن سعادتها دائماً إزاء زيادة رأس المال من خلال بيع حصص قليلة، لكن يتعين ألا يغيب عن بال المستثمرين أن الحكومات هي التي تضع القوانين وتقوم بتطبيقها.
لذا يخطئ من يظن أن هذه الحكومات يمكن أن تعمل ضد مصالحها السياسية.
وتعد مسألة تقلب رأس المال الأجنبي خطراً آخر، ونجمت أزمة آسيا في جانب منها عن هجرة رؤوس الأموال الأجنبية الضخمة من الاقتصادات التي تسمى النمور الآسيوية. واقتربت سوق الأوراق المالية الهندية من أعلى مستوياتها على الإطلاق.
وفي هذا العام، ضخ المستثمرون الأجانب 15.8 مليار دولار في السوق، بما في ذلك تعاملات تمت في الأسبوع الثاني فقط من شهر سبتمبر الماضي، ووصل حجمها إلى 1.7 مليار دولار.
وكان الطلب على الاكتتاب الأولي في أسهم شركة «بتروبراس» كبيراً جداً، حيث أدى إلى ارتفاع القيمة الحقيقية.
لا أحد ينكر أن العديد من هذه الاقتصادات تتمتع بإمكانات كبيرة، لكن يتعين على المستثمرين فهم المخاطر والتمييز بدقة بين الأسواق.
تماماً مثلما حدث مع دوروثي في الفيلم المشار إليه في مستهل هذا المقال، وسيكتشف المستثمرون عند ذلك أن العديد من الأدوات الاقتصادية والمالية لا تعمل على النحو المرجو منها عند تغيير قواعد «اللعبة» .
للتواصل مع الكاتب:
W.Gamble@alrroya.com
http://alrroya.com/node/98987
الخميس, 7 أكتوبر 2010 الساعة 08:34
رئيس إيميرجينغ ماركينينغ ستراتيجيز
#attachments { display: none; }
في الفيلم الكلاسيكي الذي أنتجته استوديوهات «مترو غولدواين ماير» في العام 1939، وحمل اسم «ذي ويزارد أوف أوز»، تجد شخصية دوروثي نفسها وقد جرفها الإعصار، ليحط بها في عالم مليء بالألوان المتوهجة والأقزام الذين يحملون وصمة عرقية غير لائقة.
وعندما أدركت أنها في بيئة جديدة، توجهت بالحديث إلى كلبها «توتو» وقالت له: «أحس أننا لسنا في كنساس الآن».
ويبدو أنها كانت مدركة على الأقل للظروف التي تمر بها بدقة، على العكس تماماً من حال المستثمرين في الوقت الراهن.
وفي عصر العولمة وعمليات الانتقال السريع لرأس المال أكثر من أي وقت مضى، فقد تم إنشاء أسواق الأوراق المالية الجديدة لتعمل في دول شتى، وبصورة لم تكون سائدة من قبل.
وعلى ضوء وجود العديد من الاستثمارات المحتملة ونموها المذهل، فقد انجذب المستثمرون إلى أسواق جديدة في دول مختلفة.
وغالباً ما يتم تصنيف هذه الأسواق الجديدة بأسماء مختلفة، بما في ذلك اقتصادات النمور والأسواق الناشئة وأسواق منظومة «بريك» أي دول البرازيل وروسيا والهند والصين، وفي الآونة الأخيرة ظهر مصطلح الأسواق الحدودية.
ومع أن هذه الفئات تكون مفيدة لتسويق المنتجات المالية، إلا أنها قد تصبح مضللة بشكل استثنائي من حيث فهم كيفية عمل هذه الأسواق، والمخاطر والمكاسب الكامنة في كل واحدة منها.
لكن ما يتعين على المستثمرين أن يدركوه قبل كل شيء، هو أنهم لا يتعاملون مع سوق «وول ستريت».
ومن بين أهم المسائل التي ينبغي على المستثمرين فهمها، هو أن عددالمستثمرين النشطين في الأسواق الناشئة قد يكون صغيراً جداً، رغم حجم السوق نفسها.
وعلى سبيل المثال، نجد أن سوق الأوراق المالية الهندية تعد من أكبر الأسواق في العالم من حيث القيمة، لكن عدد اللاعبين هناك محدود للغاية.
وفي تقرير صادر عن وزير الدولة الهندي للشؤون المالية، واقتبست منه نشرة سوق مومباي المالية «موني لايف»، متوسط عدد المتعاملين خلال الفترة من شهر أبريل وحتى يونيو من العام 2010، يظهر «أن 50 بالمئة من قيمة التداول تمت من خلال 451 مستثمراً، ما يمثل انخفاضاً مثيراً للصدمة، كما أن 156 متعاملاً من هؤلاء يتعاملون في أسهم خاصة بهم».
إن هذه المشكلة ليست حكراً على الهند، حيث يبلغ عدد سكان تايلند 67 مليون نسمة، لكن هناك 120 ألف حساب نشط فقط في سوق الأوراق المالية هناك. وفي البرازيل، نجد أن نسبة ضئيلة من الناس يمتلكون أسهماً في الأسواق المحلية، كما أن نسبة تعامل صناديق المعاشات التقاعدية البرازيلية في الأسهم تصل إلى 16 بالمئة فقط.
ويعني تدني أعداد المتعاملين ارتفاع احتمالات التلاعب في الأسواق.
وهناك مشكلة أخرى في هذه الأسواق، وتتمثل في التركيز أو السيطرة على السوق من خلال عدد قليل من الشركات، أو من قبل شركات تنتمي إلى قطاع واحد، وفي كثير من الأحيان تكون الهيمنة من جانب القطاع المالي.
ويقوم مؤشر «مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال» بتتبع أداء 175 شركة في 26 بلداً.
لكن نشاط 30 بالمئة من هذا المؤشر يوجد في بلد واحد هو الكويت، كما أن 53 بالمئة من تلك الشركات تعمل في القطاع المالي.
وفي إندونيسيا، تغطي الشركات التابعة لعائلة «بكري» مختلف جوانب الاقتصاد في إندونيسيا، بما في ذلك التعدين والنفط والغاز وزيت النخيل والعقارات والاتصالات والتمويل.
وتستحوذ كافة هذه الشركات المترابطة على ما يقرب من ربع التداول في بورصة جاكرتا.
ويكون هذا الأمر باعثاً على القلق، خصوصاً عندما نعرف أن هذه الشركات وعميد الأسرة المعروف باسم «أبو» رضا البكري، يتمتع بتاريخ حافل بالتقلبات، حيث أوشك تكتل هذه الشركات على الانهيار في أثناء الأزمة الآسيوية التي ظهرت خلال العامين 1997 و1998، وكادت تواجه المصير ذاته مرة أخرى في العام 2008.
واتبعت الشركة طرقاً «حاذقة» للتملص من محاولات تحصيل الديون المستحقة عليها في قاعات المحاكم، في جميع أنحاء العالم.
وتخضع شركات الأسرة التي تعمل في مجال تعدين الفحم، بالوقت الحاضر، للتحقيق في تهم التهرب من دفع الضرائب التي يصل حجمها إلى مئات ملايين الدولارات. ويستحوذ القطاع المالي على نسبة كبيرة من سوق الأوراق المالية النيجيرية أيضاً، وكما هي الحال في العديد من هذه الأسواق، فإن الفساد يعد المشكلة الأبرز هناك.
ففي شهر يونيو من العام 2009، اكتشف محافظ البنك المركزي، بعد عملية تدقيق طارئة، أن تسعة بنوك من بين 24 من بنوك الإقراض النيجيرية التي تستقطب ما لا يقل عن 40 بالمئة من الودائع في البلاد، توشك على الانهيار.
كما أن الشركات المدرجة في هذه البورصات تكون أيضاً مختلفة تماماً في كثير من الأحيان عن الشركات المدرجة في البورصات التي تعمل في البلدان الأكثر تقدماً.
ولا تقتصر القائمة على الشركات العائلية التي تستحوذ على الأعمال التجارية في البلاد كما في إندونيسيا، ولكن توجد أيضاً شركات تسيطر عليها الدولة.
وترجح التقارير أن كل شركة مدرجة في بورصتي شنغهاي وشنزين تكون غالبية أسهمها مملوكة لكيان ما من الحكومة الصينية.
وقد يستحيل معرفة تلك الشركات بالضبط، نظراً لعدم توافر السجلات.
أما في منطقة الخليج، فقد تبين أنه من بين 179 شركة مدرجة في الأسواق الإقليمية، يوجد على الأقل 51 شركة مملوكة جزئياً من قبل كيانات حكومية، حيث تسيطر الحكومات على ما يقرب من 30 بالمئة من إجمالي رأسمال الأسواق في المنطقة.
وتعرب الحكومات عن سعادتها دائماً إزاء زيادة رأس المال من خلال بيع حصص قليلة، لكن يتعين ألا يغيب عن بال المستثمرين أن الحكومات هي التي تضع القوانين وتقوم بتطبيقها.
لذا يخطئ من يظن أن هذه الحكومات يمكن أن تعمل ضد مصالحها السياسية.
وتعد مسألة تقلب رأس المال الأجنبي خطراً آخر، ونجمت أزمة آسيا في جانب منها عن هجرة رؤوس الأموال الأجنبية الضخمة من الاقتصادات التي تسمى النمور الآسيوية. واقتربت سوق الأوراق المالية الهندية من أعلى مستوياتها على الإطلاق.
وفي هذا العام، ضخ المستثمرون الأجانب 15.8 مليار دولار في السوق، بما في ذلك تعاملات تمت في الأسبوع الثاني فقط من شهر سبتمبر الماضي، ووصل حجمها إلى 1.7 مليار دولار.
وكان الطلب على الاكتتاب الأولي في أسهم شركة «بتروبراس» كبيراً جداً، حيث أدى إلى ارتفاع القيمة الحقيقية.
لا أحد ينكر أن العديد من هذه الاقتصادات تتمتع بإمكانات كبيرة، لكن يتعين على المستثمرين فهم المخاطر والتمييز بدقة بين الأسواق.
تماماً مثلما حدث مع دوروثي في الفيلم المشار إليه في مستهل هذا المقال، وسيكتشف المستثمرون عند ذلك أن العديد من الأدوات الاقتصادية والمالية لا تعمل على النحو المرجو منها عند تغيير قواعد «اللعبة» .
للتواصل مع الكاتب:
W.Gamble@alrroya.com
http://alrroya.com/node/98987
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق