الاثنين، 27 أغسطس 2012

مصداقية خبر :كسينجر وطبول حربه


يبدو أن ما قلته سابقاً عن المواقع الساخرة لم يكن كافياً، لذلك هذه محاولة أخرى.

مع أنني حذفت حسابي في تويتر إلا أنني لم أتوقف كلياً عن متابعة من كنت أتابعهم ولأنني فضولي أصل في أحيان إلى حسابات أخرى لم أتابعها من قبل، المهم وصلت إلى حساب أحدهم يضع خبراً يقول بأن هنري كسينجر يدق طبول الحرب العالمية الثالثة وكيف أن إسرائيل ستأخذ نصف الشرق الأوسط، بإمكانك أن تقرأ الخبر بنفسك: هنا أو من هنا واقرأوا التعليقات وكذلك هنا .

في البداية بحثت عن دايلي سكيب هذه وظننت أنهم يقصدون Daily Skip فلم أجد صحيفة بهذا الاسم، فبحثت عن كلمتي "لقاء كسينجر" فوصلت إلى موقع Daily Squib وبالفعل هناك لقاء منشور للثعلب العجوز ، لكن ...
وهذه لكن مهمة، هل هذا الموقع بالفعل صحيفة؟
وهل هو كما يقال صحيفة محلية في نيويورك؟
في البداية عنوان الموقع يدل على أنه بريطاني وهذا يلغي فكرة أنها صحيفة محلية من نيويورك، مصداقية الخبر انتهت بالنسبة لي لكن بحثت لكي أؤكد أكثر على أنه خبر غير صحيح، في صفحة About للصحيفة يذكرون أنهم صحيفة قديمة متخصصة في الهجاء والسخرية أسسها شخص اسمه Francis Wellesley في عام 1862، بحثت عن فرانسيس هذا فلم أجد له مصدراً بل بحثت عن الصحيفة نفسها ولم أجد ما يؤكد أنها صحيفة، ثم Squib كما ذكرت في الموضوع السابق تعني الكتابة الساخرة.

التأكد من هذه المعلومات لم يأخذ الكثير،
خلال دقائق بإمكان أي شخص تحدث عن الأمر في تويتر أن يبحث بنفسه ويعرف إن كان اللقاء مع كسينجر حقيقي أم لا،
 لكن يبدو أن هذا لم يخطر في بال العديد من المتحدثين في الموضوع ويبدو أن هناك رغبة في تصديق مثل هذا الخبر.

ببساطة:
اللقاء لم يحدث، الصحيفة أو بالأحرى الموقع ساخر، لا داعي لأن يأخذه أحد بجدية، ولا بد من التأكد من المعلومات قبل أن تطرح كحقائق، خبر مثل هذا ليس شيئاً هيناً، التأكد من المعلومات في الإنترنت لا يتطلب الكثير من الوقت.

لم أشعر بأن البعض يريد أن يؤكد لنفسه وللآخرين أنه لا حول لنا ولا قوة وأننا مجرد "أحجار على رقعة الشطرنج" تلعب بها الدول الكبرى كما تشاء وأننا مجرد ألعوبة بين يدي متآمرين ضدنا وأن كل ما كان وما يكون هو مجرد خطة في أروقة الحكومة الأمريكية.

نقد عقلانية السوق، الأزمة المالية أنموذجاً

أيهم أسد 

تشكل الأزمة المالية التي تعصف بالبنوك الأمريكية والأوربية، والتي تعود جذورها إلى فوضى سوق العقارات، تشكل مختبراً لفحص إحدى أهم نظريات الليبرالية الاقتصادية، 

وهي نظرية "عقلانية السوق" المبنية على الفرضية الاقتصادية الأساسية القائلة بأن السوق قادر وفق آلياته الذاتية على التخصيص الفعال للموارد الاقتصادية، وبالتالي، هو قادر على بناء نظام اقتصادي فعال، ورشيد، وكفوء لإدارة تلك الموارد، أي أنه في النهاية نظام عقلاني،

ووفق تلك النظرية، وبناء عليها، اشتقت العديد من الطروحات والنظريات الداعمة والمؤيدة لها، التي لا تبتعد في جوهرها عن تقديس الحرية الاقتصادية الفردية، مستمدة جذورها الفكرية من كلاسيكيات الاقتصاد الليبرالي لفريدرك هاييك، ولودفيغ فون ميزس، وميلتون فريدمان، وهنري سيدغويك، ويوهان نوربيرغ وغيرهم من كبار كتاب التحررية الاقتصادية.

النظرية الأولى:

هي نظرية "السلوك العقلاني" المبنية على أن القرارات والمواقف الاقتصادية التي يتخذها الأفراد والمؤسسات في السوق، أي على المستوى الجزئي، تشكل بمجموعها قرارات حكيمة على مستوى الاقتصاد الكلي، وبالتالي فإن ما هو صالح وعقلاني ورشيد جزئياً هو كذلك كلياً وفق معايير هذه النظرية، أي أن تعظيم المنافع الفردية هو في النهاية تعظيم لمكاسب المجتمع، ويجب عدم إعاقة سلوك وقرارات الأفراد والمنشآت في السوق بأي طريقة كانت.

النظرية الثانية: 
هي النظرية النافية لـ"فشل السوق" المبنية على أن الأسواق لا يمكن لها أن تصاب بالقصور والفشل إذا ما عملت بحرية تامة، الأمر الذي ينفي أي شكل من أشكال تدخل الدولة، لأنها تعرقل حرية الأسواق، وتخل بآليات توازنها الذاتية، فآليات المنافسة، والعرض والطلب، وحرية تبادل المعلومات والسلع، وحرية اتخاذ القرارات، كلها تقود في النهاية إلى تحقيق التوازن الاقتصادي العام دون ضرورة لتدخل الدولة، وأي حالة اختلال ما هي إلا حالة مؤقتة تعمل السوق على تصحيحها لوحدها.

والسؤال الآن: 


إلى أي مدى اتفقت أو نفت الأزمة المالية الراهنة تلك النظريات؟


 وما هي علاقة الأزمة الراهنة مع بنية الرأسمالية كنظام اقتصادي تاريخي؟