الثلاثاء، 24 أبريل 2012

مصرفي عراقي يستعرض التوترات السياسية والاقتصادية


تحقيق-  Thu Mar 29, 2012 1:56pm GMT
المصرفي العراقي سعد البنية المصرفي العراقي سعد البنية
المصرفي العراقي سعد البنية











عمان (رويترز) -

 يقول المصرفي العراقي سعد البنية إن أكبر بنك خاص في البلاد والذي وضعته السلطات تحت الوصاية للاشراف على عمله بسبب الاعسار هذا الشهر هو ضحية نجاحه فقد هدد نموه ما يشبه الاحتكار الذي تمارسه البنوك الحكومية.

وقال البنية الذي تلقى تعليمه في بريطانيا وينحدر من أسرة موسرة من التجار "انهم لا يريدون بنكا قويا يعمل وينافس بنوك الدولة."

 واتهم السلطات بشن حملة لتقويض البنك.

ويؤكد بزوغ وأفول مصرف الوركاء للاستثمار والتمويل -والكفاح من أجل ضمان بزوغ نجمه مرة أخرى- الفرص والعقبات في مناخ الاعمال الذي يتسم بالفوضى مع انتعاش البلاد من سنوات من الحروب والعقوبات الاقتصادية.

كما تظهر قصة البنك كيف تؤثر الانقسامات السياسية على الاعمال في العراق.

 وخلق الجدل بشأن مصرف الوركاء استقطابا بين المسؤولين الحكوميين وأعضاء البرلمان وألقى الضوء على الانقسام الكبير بين الحكومة التي يقودها الشيعة وبين المسلمين السنة الذين فقدوا الهيمنة السياسية بسبب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003 لكنهم لا يزالون يمثلون قوة اقتصادية لا كبيرة.

وفرض البنك المركزي الوصاية على البنك الذي تملك أسرة البنية حصة 56 بالمئة فيه في وقت سابق هذا الشهر ومن المقرر أن يدرس مراجع حسابات من خارج البنك كيفية اعادة هيكلته وما اذا كان يحتاج لبيع أصول أو زيادة رأس المال.

 ورفع مجلس ادارة مصرف الوركاء دعوى قضائية الاسبوع الماضي في محاولة لتغيير قرار البنك المركزي.


وقال مضر قاسم نائب محافظ البنك المركزي العراقي ان قرار فرض الوصاية جاء نتيجة تنامي مشكلات السيولة في مصر الوركاء والصعوبات التي واجهها في الوفاء بطلبات سحب الودائع وفشله في التوصل الى اتفاق مع بنك ستاندرد تشارترد بشأن شرائه حصة الاغلبية في البنك العراقي.

وقال قاسم في اتصال هاتفي مع رويترز من بغداد "البنك نما بمنح القروض- وبدا أن الضمانات لهذه القروض كانت ضعيفة. ما يقلقنا أكثر من اي شيء اخر هو استقرار القطاع المالي وحقوق المودعين وثالثا حقوق حملة الاسهم."

وأضاف قاسم "ليس هذا بنكا سيئا بل كان من أفضل البنوك الخاصة من حيث الاصول والتقنية وعدد الفروع الذي مثل أكثر من ربع فروع البنوك الخاصة" في البلاد.

لكنه نفى تماما أن تكون السلطات تستهدف البنك وقال "قدرات البنك الاستثمارية ضعفت واذا انخفض رأس المال حتى بنسبة خمسة بالمئة فقط يحق للبنك المركزي أن يضع البنك تحت الوصاية.

 أعطينا البنك عدة فرص لاعادة الهيكلة لكن لم ينجح ذلك."

الا أن البنية يقول ان فرض الوصاية كان الضربة الاخيرة في حملة مستمرة منذ ثلاث سنوات لاسقاط بنك الوركاء الذي يبلغ عدد المساهمين فيه ثمانية الاف مساهم وهي أكبر قاعدة مساهمين بين الشركات المدرجة في بورصة بغداد.

وقال في مكتبه بأحد الاحياء الراقية في العاصمة الاردنية عمان ان الحملة بدأت في يونيو حزيران 2009 عندما سحبت الحكومة ودائع بقيمة 800 مليون دولار من البنك ما اثار تدافعا من المودعين على سحب أموالهم حتى وصلت ودائع البنك الى أقل من 300 مليون دولار في نهاية عام 2011 من ذروتها البالغة نحو ملياري دولار في 2009.

وتابع البنية أن البنك المركزي منع بنك الوركاء من المشاركة في المزادات اليومية التي يجريها البنك المركزي على العملة الاجنبية واخذ اجراءات أخرى مثل منع البنك من زيادة رأسماله الى مثليه ليبلغ 200 مليون دولار من خلال اكتتاب خاص للاسهم.

وقال إن مصالح الحكومة كانت تقتضي أن تحمي بنوك الدولة السبعة -التي وصفها قاسم نفسه بانها متخلفة ولا تتمتع بالكفاءة- من منافسة القطاع الخاص.

 واغلب الاعمال المصرفية في البلاد تقوم بهما مؤسستان حكوميتان هما بنك الرافدين وبنك الرشيد اللذان يتلقيان 70 بالمئة على الاقل من ودائع العملاء.

 وتم تأميم البنوك الخاصة في عام 1964 وسمح لها بالعمل مرة أخرى اعتبارا من تسعينات القرن الماضي لكن الودائع والقروض الشخصية تمثل النسبة الاكبر من اعمالها.

وتكمن أهمية مزاعم البنية عن مؤامر رسمية -بصرف النظر عما اذا كانت حقيقية أم لا - في انها يمكن أن تقوض ثقة العملاء في البنوك الخاصة وعددها بضع عشرات في البلاد والحد من استعدادها للاستثمار.

وعلى عكس البنوك الحكومية كانت البنوك الخاصة أول من طرح التكنولوجيا الحديثة في العراق مثل ماكينات الصرف الالي ومعدات التعامل مع بطاقات الائتمان لذلك فان الحد من نشاطها سيبطيء جهود تطوير الاقتصاد.

وقال رئيس رابطة المصارف الخاصة مظهر مصطفى الحلاوي "قرار فرض الوصاية كان له أثر سلبي على القطاع المصرفي العراقي برمته وبدرجة أكبر على المصارف الخاصة."

وأضاف "الموضوع بحاجة الى امعان النظر فيه بما لا يزيد حدة التأثير على المصارف الخاصة الذي بدأ يظهر على التعاملات في هذه المصارف وقد يؤدي الى تراجع مستوى الثقة فيها."

واصبح هذ الجدل قضية سياسية كذلك لان بعض أعضاء البرلمان يزعمون أن دوافع طائفية كانت وراء الاجراءات التي اتخذت ضد مصرف الوركاء بسبب تفضيل الحكومة للبنوك التي يملكها شيعة.

 وعائلة البنية عائلة سنية مرموقة في بغداد.

وقال مصرفيون ان رئيس الوزراء نوري المالكي شكل لجنة لفحص الاتهامات التي وجهها ملاك مصرف الوركاء للسلطات.

وتحدى رافع العيساوي وزير المالية وهو سياسي سني بارز قرار فرض الوصاية علنا. وقال في عمان هذا الشهر ان خطوة فرض الوصاية غير قانونية والبنك المركزي يمارس سلطات غير مخول بممارستها بمقتضى القانون.

وليست هذه هي المرة الاولى التي يجري فيها اتهام الحكومة العراقية بتجاوز سلطاتها في التعامل مع البنوك.

 ففي العام الماضي فر رئيس بنك التجارة العراقي الحكومي هربا من الاعتقال قائلا ان البنك وقع ضحية سيطرة افراد مقربين من المالكي عليه.

 وقالت السلطات ان قيادة البنك يشتبه في انها خالفت القواعد المصرفية ومنحت قروضا بشكل مخالف للوائح.

ويقول البنية ان ميزانية بنك الوركاء تظهر أن اجمالي اصوله بلغ 550 مليون دولار متجاوزا بكثير الخصوم لذلك فان ملاك البنك ليس لديهم أي شك في قدرته على استعادة قوته بحلول نهاية العام اذا تم رفع الوصاية.

 وأضاف أن الاولوية ستكون لتسريع عملية تحصيل الديون لكن سيطرة البنك المركزي على بنك الوركاء تحول دون ذلك."

وأضاف البنية "لدينا ودائع عملاء تبلغ نحو 270 مليون دولار يتعين علينا دفعها مقابل قروض قدرها 500 مليون دولار يدين لنا بها العملاء ناهيك عن الاصول والعقارات والاستثمارات."

وتابع "البنك قوي ماليا لكنهم لا يريدون له أن يقف على قدميه. لا احد يريد التعامل مع بنك تحت الوصاية."

وقال قاسم من البنك المركزي ان مراقب الحسابات الخارجي وهو شركة عراقية من المتوقع أن يقدم تقريرا في غضون اسبوعين قد يشمل توصية باعادة الهيكلة عن طريق تأسيس "بنك مؤقت" يتولى الاصول الجيدة لبنك الوركاء.

وأضاف قاسم "انا محايد لكن بالنظر الى ميزانيته اعتقد شخصيا أن هذا البنك قادر على الانتعاش من جديد وامل أن يكون ذلك في مصلحة القطاع المصرفي العراقي."

 وتابع "نريد أن يستأنف هذا البنك نشاطه وان ينأى بنفسه عن الانشطة عالية المخاطر."

ولكن الان بعد أن أخذت القضية ابعادا سياسية يقول مصرفيون من القطاع الخاص انهم يعتقدون أن المناورات بين الساسة في الاسابيع المقبلة قد تساعد في تحديد ما اذا كان هناك قرار رسمي بضخ الاموال في بنك الوركاء ورفع الوصاية عنه أم باتخاذ المزيد من الخطوات من شأنها أن تقرب البنك من التصفية.

وقد يصبح البنك المركزي ذاته حريصا على التخلص من مهمة ادارة بنك الوركاء.

 ففي مذكرة سرية ارسلت لمحافظ البنك المركزي يوم 18 مارس اذار وأطلعت رويترز عليها كتب فريق من ثلاثة مصرفيين يديرون البنك الان ان الوصاية عبء على السلطات النقدية بسبب الحجم الكبير للبنك وطبيعة تعاملاته وفروعه والطبيعة المعقدة لمشكلاته.

(إعداد لبنى صبري للنشرة العربية - تحرير نادية الجويلي)

من سليمان الخالدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق