الأربعاء، 18 أبريل 2012

هل المستقبل لأجهزة التابلت ( الكمبيوتر اللوحي) ؟

الثلاثاء, 20 أيلول/سبتمبر 2011 18:35
  محمد كمال - Mohamed Kamal

فرضت أجهزة التابلت نفسها على واقع الحياة التقنية في العالم، وتحولت من مجرد وسيط تقني ترفيهي أو مظهر من مظاهر التطور والبذخ إلى وسيط حيوي ومهم يمكنه أن يؤدي الكثير من المهام اليومية بكفاءة وسلاسة واضحة.
 ومع إختلاف طبيعة استخدامات أجهزة التابلت وتسارع التطوير التقني على المحاور الثلاثة الرئيسية لهذه التقنية وهي الهاردوير وأنظمة التشغيل والبرمجيات
أصبح السؤال المهم والشاغل لنا كمستخدمين هو
هل فعلا تصبح أجهزة التابلت بديلا عمليا وواقعيا لأجهزة اللابتوب؟

قبل أن نجيب على هذا السؤال لابد وأن نستعرض سويا عدد من النقاط الهامة التي تتعلق بتطور أجهزة التابلت في الوقت الحالي والمستقبل القريب، ثم نستعرض أوجه الإختلاف الجوهري بينها وبين أجهزة اللابتوب ثم نلقي الضوء على واقع السوق العربي ومدى ما يمكن أن يحققه من نمو فعلي وحقيقي لانتشار هذه الأجهزة حاليا ومستقبلا.

أجهزة التابلت: نمو وتطور فاق التوقعات

البداية الحقيقية لأجهزة التابلت لم تكن كما هي الآن، بل كانت من خلال ما أسمته شركات التقنية Tablet-PC وكانت أجهزة لابتوب تحمل ميزة طي الشاشة الخاصة بالجهاز والعمل من خلال اللمس بالقلم، وقدمت عديد من الشركات نماذج كثيرة بعضها حقق نجاحا باهرا خصوصا مع شرائح معينة من المستخدمين وأكثرهم إقبالا على تلك الأجهزة كان مصمموا الجرافيك والرسوميات نظرا لما تمتع به القلم من حرية الرسم والإبداع أكثر من الفأرة، وكذلك شريحة قارئي الكتب الإلكترونية ومتابعي الأخبار، إذ مكنتهم تلك الأجهزة رغم كبر حجمها وثقل وزنها من التعامل مع الجهاز وكأنه قاريء إلكتروني.

أطلقت أبل جهازها اللوحي بمفهوم جديد ليكون البذرة الأولى لما نراه حاليا من أجهزة التابلت في الأسواق. ببساطة شديدة وبعيدا عن التعقيد فلقد بدا جهاز IPad وكأنه جهاز آيفون بشاشة كبيرة. 

واستعانت أبل في تسويق الجهاز على الركيزة الأساسية التي من أجلها نستخدم الهواتف الذكية من نوعية آيفون، تصفح الإنترنت، قراءة البريد الإلكتروني، ألعاب ترفيهية بشاشة كبيرة، ولقد لاقى الجهاز نجاحا أكبر من المتوقع في العملية التسويقية، ربما لبراعة ستيف جوبز في التسويق، أو لأن الأفكار القديمة لو تم تطويرها بشكل جذاب يمكنها أن تحدث ردة فعل غير متوقعه.
 على أي حال، فلقد أحدث إطلاق جهاز الآيباد نقطة تحول كبيرة في سوق الأجهزة اللوحية وتبع هذا تطوير متسارع جدا من شركة جوجل لنظام أندرويد للهواتف الذكية والأجهزة اللوحية لتبدأ مرحلة من المنافسة الشرسة بين أبل وجوجل على مستوى أنظمة التشغيل للأجهزة اللوحية.

 الفارق الجوهري في بدء التنافس هو أن جوجل طرحت نظامها (مفتوح المصدر) مجانا لكل شركات صناعة الهواتف بشكل مجاني لاستخدامه في أجهزتها.
 وهذا ما أعطى هذه الشركات هدية على طبق من ذهب لتبدأ عهدا جديدا من المنافسه مع شركة أبل.

- أنظمة التشغيل:


شهدت السوق في الفترة الماضية تطورا متلاحقا في أنظمة التشغيل لأجهزة التابلت فبعد تفوق ملحوظ لأنظمة أبل iOS4 بدأت جوجل في تطوير نظام أندرويد جينجربريد 2.3 ثم نظام قرص العسل 3.0 الذي حمل جملة من المميزات والتحسينات الجوهرية والتي اعتمدت أساسا على سرعة النظام ونظام التنبيهات المتطور ودعم لمكونات هاردويرية متقدمة،
 وهذا بطبيعة الحال وفر بيئة خصبة لجهتين ساعدتا كثيرا في تطوير النظام وسرعة إنتشاره،
 الأولى هي الشركات التي طوعت النظام وأضافت كل شركة لمستها الخاصة على النظام ليأتي بتحسينات في الواجهة وأدوات النظام والتعامل مع الأدوات الملحقة من برامج وإكسسوارات وملحقات،
 والجهة الثانية هي المطورين، الذين قدموا نسخا خاصة بهم توفر سرعة في العمل وتتحكم في تردد المعالجات وتزيد من كفاءة البطاريات وغيرها من التحسينات التي وسعت من قاعدة انتشار النظام وزادت من عدد معجبيه.
 ابل الآن تعمل على تطوير نظام iOS5 باستمرار وتضيف مزيدا من المزايا والإبتكارات لتبقى على خط المنافسة.

- الهاردوير:

شهدت الفترة الماضية إطلاق معالجات ثنائية النواة وشاشات لمس بدقة عالية وأحجام مختلفة، ودعم لشبكات الجيل الرابع وذواكر بحجم كبير ومساحة تخزينية داخلية كبيرة، كما شهدت تطورا في الملحقات ككاميرات بدقة تصوير عالية واتصال بلوتوث الجيل الثالث ودعم التوصيل بلوحات مفاتيح كبيرة وغيرها من الإضافات التي جعلت أجهزة التابلت تحقق نمو تقني أسرع من المتوقع أو حتى المعتاد، وأصبحت بالفعل منافسا حقيقيا لأجهزة اللابتوب الحالية.

- البرمجيات والتطبيقات:

في كل أجهزة الكمبيوتر التي نستخدمها تبقى التطبيقات هي أهم عوامل الجذب للمستخدم العادي، وربما ساهمت التطبيقات في نمو سوق الأجهزة اللوحية من أبل، ثم عادت تطبيقات أندرويد الآن لتقتطع جزءا من حصة أبل في السوق.
 يمكننا أن نلحظ الآن الكم الكبير من التطبيقات المتوفرة لكل أجهزة التابلت، والتي تدعم الكثير من جوانب الإستخدام بدءا من الترفيه والألعاب وتشغيل الموسيقى مرورا بإدارة الأعمال وتنظيم الوقت وإدارة الملفات والشبكات الإجتماعية والتدوين والخرائط والسفر وصولا إلى برامج الشراء عبر إنترنت. 

إن التطور الحاصل الآن على صعيد البرمجيات المقدمة لمنصات أجهزة التابلت هو أحد العوامل الرئيسية في الإجابة على السؤال التقليدي الذي طرحناه في بداية هذا المقال وهو هل تصبح أجهزة التابلت هذه بديلا لأجهزة اللابتوب.

التابلت واللابتوب: فوارق جوهرية لعدد من المستخدمين

عندما نسأل مستخدم اللابتوب العادي عن نوعية استخدامه للجهاز والتطبيقات التي يحتاجها
فإننا سنجد أن الشريحة الكبيرة من المستخدمين تضع تصفح الإنترنت وقراءة البريد الإلكتروني والشبكات الإجتماعية ضمن أهم الأولويات، ولو أضفنا لهذا قائمة من الإستخدامات الفرعية كالدردشة وقراءة الكتب الإلكترونية ولعب ألعاب الإنترنت وأحيانا كتابة بعض الملفات النصية، فإننا بهذا نجد أن (نوعية الإستخدام) لن تحتاج إلى جهاز يتراوح وزنه ما بين 1 إلى 3 كيلو جرام ويعمل ببطارية تكفي من ساعتين إلى ثلاث ساعات فقط ويحتاج إلى حقيبة ضخمة لحمله.
 إن هذه النوعية الكبيرة من المستخدمين هي الشريحة الكبيرة جدا التي لن تشعر بفارق كبير عندما تنتقل إلى استخدام أجهزة التابلت، بل على العكس ربما يبدو الأمر بالنسبة لها مشوقا وأكثر كفاءة من حيث الوزن والحجم وكفاءة البطارية وسهولة التنقل بالجهاز، ولن يكون الإنتقال من منصة تشغيل ويندوز أو لينوكس إلى منصة أندرويد أو آيباد صعبا، بل إن شاشة اللمس ستحمل لهؤلاء تجربة مميزة.

لكن، وبالطبع لابد وأن يكون هناك لكن، ماذا عن المبرمجين ومصممي الجرافيك وهواة الألعاب؟
 هل سيمثل جهاز التابلت بديلا حقيقيا وجذابا لهم؟ الإجابة ببساطة هي لا، فأدوات التطوير (البرمجيات) سواء لمطوري البرمجيات أو مطوري الجرافيك ليست متوفرة حتى الآن، ومواصفات الأجهزة هاردويريا لن تحمل الكثير لهواة الألعاب الثقيلة، ناهيك عن عدم توفرها حاليا لهؤلاء على منصات أندرويد أو آيباد.

إننا إذا عندما نتحدث عن هذه الشريحة من المستخدمين المحترفين، فإننا يجب أن نقول أن الإنتظار هو الحل، وأن يصبح جهاز التابلت الحالي بالنسبة لهم أداة أو وسيلة للإستخدام العادي، بينما ستبقى أعمالهم ومشاريعهم رهينة لأجهزة اللابتوب القوية.

المستخدم العربي والتابلت

وضعية المستخدم العربي تفرض مزيد من الخصوصية على مدى قدرته على استخدام أجهزة التابلت، ولا أقصد بها الوضعية الأيدولوجية أو المجتمعية بقدر ما أعني وضعية التطور على مجال التقنية والإتصالات.
 ولنلخص هذه الوضعية لابد من التحدث وفق نقاط محددة أراها من وجهة نظري الشخصية عوامل مهمة لانتشار أجهزة التابلت وتحولها إلى بديل حقيقي لأجهزة اللابتوب في الوطن العربي.

- الإتصالات:

أجهزة التابلت عموما هي أجهزة شرهة لحزم البيانات، وبدون اتصال بإنترنت تبقى أجهزة محصورة في إدارة الملاحظات وتشغيل الصوتيات وتشغيل الألعاب المتوفرة على الجهاز، وبعض الإستخدامات الأخرى.
 ومع ارتفاع أسعار حزم البيانات بشكل كبير فإن مستخدم أجهزة التابلت سيبقى اسيرا لشبكات الإتصال اللاسلكية WiFi ولن يحصل على حرية تنقل يخلقها ويفرضها الجهاز بحد ذاته.
 في السعودية يمكنك أن تحصل على حزمة بيانات قدرها 10 جيجا بايت شهريا في حدود 200 ريال سعودي،
 وفي مصر يمكنك أن تحصل على هذه الباقة بما قيمته 250 جنيه مصري أي ما يقارب 170 ريال سعودي،
 ومن شركة T-Mobile في أمريكا يمكنك أن تحصل على نفس هذه الباقة بما قيمته 300 ريال سعودي
 وفي الإمارات تقدر قيمة هذه الحزمة بحوالي 360 درهم من شركة دو و395 من شركة اتصالات أو ما يعادل نفس القيمة بالريال السعودي.
 في جميع الأحوال وبالنظر لمتوسط المدخول الشهري للفرد فإن هذه الأسعار مع فقط 10 جيجا بايت تبقى عالية، لأن هذا يعني أن مستخدم جهاز التابلت سيدفع ما قيمته 70 ريال سعودي أو 100 جنيه مصري كحد أدنى للاستمتاع بثلاثة جيجا بايت من البيانات.  والحد الأقصى هو 10 جيجا فقط.

من واقع استخدامي الشخصي
فإن 10 جيجا بايت لم تعد كافيه لجهاز لوحي، فعندما أبدأ في تحميل لعبة للجهاز يتراوح حجمها ما بين 100 إلى 200 ميجا وبعضها أكبر فإنني سأفكر، وعندما أشغل البث المباشر لقناة الجزيرة مثلا، أو أقوم باتصال فيديو باستخدام برنامج تانجو أو أبدأ في تحميل تحديث جديد لنظام التشغيل في حدود 100 ميجا بايت فإنني كمستخدم سأفكر جديا في مدى جدية الإعتماد على خطة بيانات مقدمة من مزود الإتصالات الذي أتعامل معه.

إحدى النقاط الهامة في حديثنا عن شركات الإتصالات ومدى ما يمكن أن تساهم به من دعم لانتشار أجهزة التابلت هو السرعة الحقيقية لنقل البيانات وكفاءة وجودة الشبكات ومدى انتشارها وتغطيتها.

والنقطة الأخرى هي العروض التسويقية، فشركات الإتصالات في أمريكا وكندا تقدم لزبائنها أجهزة لوحية بأسعار 200 دولار فما فوق مقابل الإشتراك في حزم بيانات بعقد مدته سنتان، بينما تقدم شركات الإتصالات عندنا أجهزة التابلت بأسعار أغلى من السوق.

- التطبيقات العربية:

آلاف التطبيقات المتوفرة على أسواق أجهزة التابلت، لكن الوجود العربي في هذه الأسواق ما زال محدودا، وهذا الوجود أقصد به مجالات مهمة هي:

البرامج الإسلامية:
ورغم عددها الكبير إلا أنها ما زالت في طور التجارب ولم تصل بعد الى الإحترافية، ربما لأنها مجهودات فردية بحته، وربما لأن بعضها من إنتاج شركات بعينها ولا تعمل على كل الأجهزة.

البرامج الخدمية:
وأعني بها قوائم المطاعم والسينمات وأدلة المحلات والصيدليات ومراكز التسوق والشركات، هي ايضا حتى الآن غير مكتملة النمو، وتحتاج لمجهود كبير جدا في الفترات القادمة.

برامج الحكومات وشركات الخدمات:
وفي هذه التطبيقات تحتل جهات بعينها في دبي الصدارة، بتطبيقات متميزة وتقدم كما كبيرا من المعلومات والخدمات الإلكترونية، لكن في المجمل يبقى المجال فارغا إلا من مبادرات شخصية من كل مؤسسة وتعتمد على رؤية مدير المؤسسة الحكومية، ولا يوجد هناك أي تخطيط استراتيجي على مستوى الدول وحكوماتها اللأكترونية.
 وفي مجال المؤسسات ايضا تبقى الجهود فردية، فتوكيل إحدى شركات السيارات طرح تطبيقا لتسجيل مواعيد الصيانة ومعرفة أقرب مركز خدمة وغيرها، لكنها مبادرات أيضا تعتمد على خطط شركات بعينها ولا تحمل توجيها من وزارات الإتصالات أو مراكز دعم القرار أو حتى غرف التجارة والصناعة في الوطن العربي الذي يدعم أو يوجه هذه المبادرات ويقدم مزايا خاصة لهذه المبادرات.

- التنافس السعري:

تأتي الأجهزة اللوحية في بلداننا العربية في بعض الأحيان باسعار أغلى من أمريكا وكندا وأوروبا بشكل مبالغ فيه، ويضع معايير غير عادلة للمنافسة بين أجهزة التابلت وبعضها أو بين أجهزة التابلت وأجهزة اللابتوب.

الآن وقد طرحت أغلب الزوايا المختلفة للموضوع، فإن عملية انتشار أجهزة تابلت وتحولها إلى بديل حقيقي لأجهزة اللابتوب سيبقى رهينا لعوامل رئيسية مهمة
وهي سرعة تطور الأجهزة هاردويريا وبرمجيا، ومدى تطور قطاع الإتصالات ودعمه لحزم بيانات ضخمة، وأخيرا توسع قطاع التطبيقات ونموه بشكل أكبر في الفترات القادمة لتقديم بدائل حقيقية على منصات التابلت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق