الاثنين، 13 فبراير 2012

الدول الهشة


تاريخ التسجيل: 





(بلغات أخرى English)
عراق مزقته الحروب، وهايتي عصفت بها الزلازل، وسييراليون دمرتها الصراعات. بلدان كثيرة تنوء بتركة من المعاناة خلفت وراءها جروحا غائرة وهشاشة كبيرة.
ويتفق الجميع على احتياج البلدان المضارة للعون حتى تتعافى من أوضاعها الراهنة.
 لكن التوصل إلى فهم موحد لما يقتضيه ذلك ليس بالأمر السهل.
وهناك من تشكك في إمكانية أن يكون للصندوق دورا مؤثرا في هذا الخصوص.
 ويرى هؤلاء أن المشاركة في جهود الدول الهشة ـ أي البلدان ذات المؤسسات والبنية التحتية الضعيفة، والصراعات الداخلية، والحكومات التي تواجه مصاعب في تقديم الخدمات الأساسية للسكان ـ ينبغي أن تقتصر في الأساس على المانحين الثنائيين ومؤسسات التنمية.
وقد جانبهم الصواب تماما في هذا الرأي.
فمساعدة البلدان على رفع كفاءة اقتصاداتها ـ وهو المجال الأساسي لخبرة الصندوق ـ يمثل عنصرا جوهريا في الخروج من حالة الهشاشة وتحقيق حياة أفضل للمواطنين.

تحسين الأداء

خلصت مراجعة أجريت مؤخرا* إلى أن الصندوق قام بدور إيجابي مهم في الدول الهشة،وخاصة من خلال البرامج التي ندعمها إلى جانب المساعدة الفنية والتدريب، وهو ما ساعد في تقوية السياسات الاقتصادية الكلية وبناء القدرات المؤسسية.
وليس المقصود بذلك أننا دائما على صواب.
 فأداؤنا يمكن أن يكون أفضل. وهناك مجال واسع لتطويع كيفية المشاركة من جانبنا، انتقالا إلى منهج أكثر اعتمادا على التدرج والمرونة والرؤية بعيدة المدى بما يتلاءم بشكل أفضل مع احتياجات هذه البلدان.
ويسرنا وجود أطراف أخرى تشارك معنا في هذه الجهود. فهناك تحليلات عميقة تناولت الطابع المعقد لمواقف الهشاشة والتأثر بالصراعات أجرتها منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي*(OECD) ، والبنك الدولي، وبنوك التنمية الإقليمية، والمانحون الثنائيون، ومجموعة السبعة الموسعة للبلدان الهشة والمتضررة من الصراعات*.
 ولا يزال هؤلاء الشركاء يقدمون توصيات عن كيفية تحسين الكفاءة في عمل المجتمع الدولي في مثل هذه الحالات.

مرونة أكبر

إذن كيف يمكن للصندوق أن يكون أكثر مرونة؟ وكيف يمكن أن يعمق التعاون مع الشركاء الآخرين؟ لدينا بضع أفكار نطرحها للنقاش.
يمثل تعزيز استقرار الاقتصاد الكلي أولوية قصوى.
لكن هناك قصور حاد في القدرات المتوافرة لهذه البلدان، مما يتطلب منا الواقعية في تحديد الأطر الزمنية لاتخاذ إجراءات على مستوى السياسات.
 ويدعو هذا إلى التزام المرونة في تصميم البرامج الاقتصادية التي يدعمها الصندوق، وكذلك إلى الدقة في ترتيب الأولويات كما أكد كبار الخبراء.
والمجتمع الدولي يدرك تماما مدى الحاجة إلى تحقيق إنجازات سريعة عند التعامل مع البلدان ذات الأوضاع الهشة حتى يتحقق كسب التأييد من السكان المحليين للخروج من مرحلة الهشاشة.
ويمكن أن يسعى الصندوق لإدخال “الإنجازات السريعة” التي يحددها الشركاء ـ مثل استعادة خدمات الكهرباء أو برامج التوظيف للشباب العاطل عن العمل ـ ضمن سياسات اقتصادية كلية قابلة للاستمرار على المدى المتوسط.
ويمكن القيام بالتصحيح على نحو أكثر تدرجا خلال المراحل الانتقالية المبدئية الحرجة في البلدان منخفضة الدخل من خلال الاستخدام الأكمل لإمكانات التسهيل الائتماني السريع* ـ
وهو تسهيل تمويلي يقترن بشروط محدودة ويتيح مستوى منخفضا من الموارد. ويمكن أن يساعد هذا في تخفيف عبء التصحيح بما يتناسب مع القدرات المتاحة.
 ومع التقدم في هذا المسار، يمكن الحصول على دعم الصندوق بعد ذلك من خلال التسهيل الائتماني الممدد*، الذي يتيح تمويلا أكبر ويقترن بمعايير أشد للشروط المصاحبة. ولتيسير اتباع هذا المنهج، يمكن النظر مجددا في تطويع بعض الطرائق المستخدمة في تنفيذ التسهيل الائتماني السريع، كحدود التمويل على سبيل المثال.
وأفضل مصدر يلبي الاحتياجات التمويلية طويلة الأجل للبلدان ذات الأوضاع الهشة هو موارد المانحين التي تقدم بشروط على درجة عالية من التيسير. وحتى في هذه الحالة، يمكن أن يسعى الصندوق لحث المانحين على تقديم مزيد من الدعم لهذه البلدان.
 فيمكن أن يتم ذلك، على سبيل المثال، بأن نشجع إدخال نوافذ لدعم الموازنة ضمن الصناديق الاستئمانية متعددة المانحين (التي تديرها أطراف أخرى)، مع ربطها بالبرامج التي يدعمها الصندوق أو بمراقبة الصندوق.
كذلك تشكل المساعدة الفنية والتدريب في البلدان ذات الأوضاع الهشة عاملا حاسما للنجاح. ويسعى الصندوق بالشراكة مع هيئات التنمية إلى استكشاف سبل لتقديم المزيد من الخبرة الفنية الميدانية لمساعدة مسؤولي البلدان المعنية في تنفيذ السياسات على أساس يومي.
ولا تقتصر الأوضاع الهشة على البلدان منخفضة الدخل. فعلينا النظر أيضا في احتياجات البلدان الهشة ذات الدخل المتوسط.
 ذلك أن هذه البلدان قد يتوافر لها مستوى أعلى من الموارد المالية والقدرات الفنية مقارنة بالنظراء من البلدان منخفضة الدخل، لكن كثيرا منها لا يزال يواجه مسارا معقدا ومثقلا بالمخاطر تحت وطأة الأوضاع الهشة.
 وقد يكون من المفيد إنشاء تسهيل على غرار التسهيل الائتماني السريع ـ يقترن بشروط محدودة وتمويل منخفض ـ للتعجيل ببدء مشاركة الصندوق في مساعدة بعض هذه البلدان، ومن ثم المساعدة في تعجيل استجابة المجتمع الدولي بأسره.

مواصلة الحوار

سوف نعمل في الشهور القادمة على تنقيح الأفكار سابقة الذكر ووضع إرشادات تحقق لعمليات الصندوق مزيدا من المرونة في دعم جهود البلدان الأعضاء.
 وفي سياق هذا العمل، يمكن أن نستفيد كثيرا من إجراء مزيد من المناقشات مع أعضاء الصندوق ككل، وشركاء التنمية، والمجتمع المدني.
 أما الفرصة الكبيرة التالية لمواصلة هذا الحوار فسوف تتيحها ندوة عامة رفيعة المستوى* تعقد في واشنطن في أواخر هذا الشهر على هامش اجتماعات الصندوق السنوية.
من المقرر عقد الندوة العامة التي تحمل عنوان تشجيع المشاركة في جهود الدول الهشة يوم الخميس 22 سبتمبر 2011 من العاشرة إلى الحادية عشرة صباحا في مقر الصندوق الرئيسي في واشنطن العاصمة.
 ويمكن الاطلاع على وقائع الندوة بعد ذلك في موقع الصندوق على شبكة الإنترنت. ولمزيد معلومات عن هذه الفعالية، يرجى الرجوع إلى موقع برنامج الندوات* في إطار الاجتماعات السنوية لعام 2011.
* باللغة الإنجليزية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق