الجمعة، 21 أكتوبر 2011

هل اشتري المسكن أم أؤجره؟

السبت، أكتوبر 15، 2011

نشر في صحيفة الاقتصادية السعودية بتاريخ الجمعة 14/10/2011
استعرضنا في الأسبوع الماضي قضية فرض ضرائب على الأرض الفضاء في المملكة، باعتبارها أحد المقترحات الساعية إلى الضغط على ملاك الأراضي لتحريرها وعرضها للبيع، وذلك تحت ضغط الضريبة السنوية المفروضة على الأرض الفضاء المعدة لأغراض السكن،
والواقع أن التفكير في اللجوء إلى مثل هذا الإجراء غير التقليدي، في المملكة، إنما يعكس خروج أسعار الأرض عن النطاق المعقول لها بحيث أصبحت تؤثر على تكلفة الحصول على المسكن شراء أو إيجار،
وقد استعرضنا في الجمعة الماضية متوسط أسعار الأراضي في المملكة ومعدلات النمو في سعر المتر في مختلف المناطق، وتوصلنا إلى أن معدلات النمو في أسعار الأراضي تعد مرتفعة بشكل عام،
وتساءلنا عن أثر استمرار هذه الأوضاع على المواطن السعودي وقدرته على تملك المساكن، والقدرة الفعلية للمواطن على تملك المسكن مقارنة بباقي دول العالم؟
من المؤكد انه في ظل هذه الظروف حيث ترتفع أسعار العقارات على نحو كبيريظل يسأل الفرد نفسه دائما،
هل اشتري المسكن أم أؤجره؟، 
وهو سؤال كثيرا ما يشغل بال الكثيرين الذين دائما ما يطلبون النصيحة والمساعدة في اتخاذ هذا القرار الحرج. فمما لا شك فيه أن حلم شراء وتملك المسكن هو حلم يراود الملايين ممن يسعون للحصول على هذا الأصل الحيوي لحياة الإنسان باعتباره أحد أهم الأصول التي تملكها الأسرة، لما لتملك المسكن من منافع عديدة، ولذلك يظل حلم تملك المسكن أهم الأحلام التي تراود الإنسان والتي يصعب أن ينفك الفرد عن أن يتعلق بها، ولتملك المساكن مزايا عديدة على المستوى الشخصي والأسري والمجتمعي.
فقد أكدت الدراسات الاجتماعية في الكثير من دول العالم على فوائد نشر تملك المساكن بين القاطنين في المجتمع، وذلك نظرا للآثار الإيجابية الاجتماعية المتعددة التي تتحقق نتيجة لذلك وأهمها الاستقرار الأسري وما يصحبه من استقرار اجتماعي، وتقوية العلاقات الاجتماعية بين الجيران في المناطق السكنية المستقرة، وتطوير المجتمع المدني، وتقليل معدلات الجريمة، وتعزيز مستويات الرفاه للسكان، فضلا عن تحقيق الأهداف الأساسية للدولة في المساواة والعدالة الاجتماعية.
فمالكي المساكن هم في النهاية أشخاص يملكون ثروة، وهذه الثروة تتزايد قيمتها بمرور الوقت، كما أنهم غالبا ما يتمتعون بظروف معيشية أفضل، وتشير الدراسات إلى أن أبناء مالكي المساكن عادة ما يكون أداءهم في المدارس افضل من أداء أبناء شاغري المساكن المؤجرة، كما تشير الدراسات في الخارج إلى أن معدلات الجريمة بين مالكي المساكن تقل بشكل عام بالنسبة لغيرهم، ومما لا شك فيه أن جميع هذه الجوانب تحدث أثارا إيجابية على المجتمع، بما يوحي بان تملك الفرد لمسكنه هو أحد الضرورات ليس فقط للفرد وإنما للمجتمع أيضا.
في مقال اليوم أستعرض أحد المؤشرات الهامة في تقييم قرار الفرد بالشراء أو الاستئجار استنادا إلى معدل سعر المسكن إلى إيجاره السنوي Price/rent ratio، لكي نحدد درجة ارتفاع أسعار المساكن أو انخفاضها، ومن ثم الحكم على ماذا كان يجب على الفرد في المملكة الشراء أم الاستئجار.
مثلما هو الحال بالنسبة للأسهم، حيث يقاس مضاعف سعر السهم بالنسبة لعائده لحساب القيمة النسبية له، فإن المساكن لها أيضا مؤشر مضاعف السعر إلى الإيجار السنوي لحساب قيمتها النسبية.
حيث ينظر إلى الإيجار على انه الدخل أو العوائد الكامنة التي يمكن أن تترتب على الاستثمار في المسكن، وبما أن مالكي الأسهم يفضلون دائما الحصول على معدل مرتفع للعائد على السهم، فإن مالكي المساكن يفضلون الشيء نفسه أيضا.
من ناحية أخرى فإن معدل سعر المسكن إلى إيجاره السنوي يعد من المؤشرات التي يحكم من خلالها على ما إذا كانت أسعار المساكن ترتفع أم تنخفض، كما يقدم دلائل على ما اذا كانت أسعار المساكن منتفخة أم لا، تماما مثل سعر السهم إلى عائدة الذي يستخدم للحكم على ما اذا كانت الأسهم مقومة بأعلى من قيمته الحقيقية أم لا، وبالنسبة لمضاعف سعر المسكن إلى أيجاره فإنه يمثل أداة تساعد على الاختيار بين ما إذا كان من الأفضل شراء المسكن أم تأجيره.
الجدول رقم (1) 
يلخص أسعار المساكن في مختلف مناطق المملكة العربية السعودية للشقق السكنية التي تتراوح مساحاتها بين 135 مترا إلى 190 مترا، والفلل السكنية التي تتراوح مساحاتها بين 400 مترا إلى 700 مترا وإيجارات هذه المساكن السنوية بالألف ريال سعودي، ووفقا للجدول يتضح أن أسعار الشقق السكنية في المملكة تراوحت خلال الفترة ما بين النصف الثاني من عام 2008 إلى النصف الأول من عام 2011 ما بين 290 ألف ريال في مدينة الدمام إلى 783 ألف ريال في شمال مدينة جدة.
أما إيجارات هذه الشقق السنوية فقد تراوحت بين 21 الف ريال في مدينتي الدمام والظهران إلى 50 ألف ريال شمال مدينة جدة.
أما بالنسبة للفلل السكنية التي تتراوح مساحاتها بين 400-700 مترا فقد تراوحت أسعارها خلال نفس الفترة بين 792 ألف ريال في جنوب مدينة الرياض حتى ثلاث ملايين و600 ألف ريال في شمال مدينة جدة، من ناحية أخرى فقد تراوحت إيجاراتها السنوية خلال الفترة بين 39 ألف ريال في مدينة الدمام إلى 128 ألفا في شمال مدينة جدة.

وباستخدام هذه البيانات يمكن حساب مضاعف سعر المسكن بالنسبة لإيجاره السنوي في المملكة، 
ويوضح الجدول رقم (2) حسابات مضاعف أسعار المساكن إلى إيجاراتها السنوية مختلف مناطق المملكة سواء بالنسبة للشقق أو الفيلات، وحسب أفضل المعلومات المتاحة لي، فإن الحسابات المعروضة في هذا الجدول لم تحسب أو تنشر من قبل في المملكة،
ووفقا للنتائج المعروضة في الجدول رقم (2) فإن مؤشر مضاعف سعر المسكن إلى إيجاره السنوي يتراوح بين 12.2 بالنسبة للشقق السكنية جنوب مدينة الرياض إلى 18 وسط مدينة جدة.
أما بالنسبة للفلل السكنية فقد تراوح هذا المؤشر بين 13.6 جنوب مدينة جدة إلى 38.7 شمال مدينة الرياض أ.  

والآن كيف نستخدم هذه المؤشرات المعروضة في الجدول،
  لقد جرى العرف على اعتبار انه اذا كان مضاعف سعر المسكن إلي إيجاره السنوي يتراوح بين 1 – 15 ضعفا، فإنه يكون من الأرخص للمستأجر أن يشتري هذا المسكن بدلا من أن يؤجره، لأن ذلك سوف يكون أوفر بالنسبة له من الناحية الاقتصادية على المدى الطويل.
أما إذا كان مضاعف سعر المسكن بالنسبة لإيجاره السنوي يتراوح بين 16 – 20 ضعفا فإن ذلك يعني أن شراء المسكن يعتبر أمر مكلفا بالنسبة لتأجير هذا المسكن، ومع ذلك فربما يكون قرار الشراء أفضل من قرار الاستئجار أخذا في الاعتبار العوامل الشخصية المرتبطة بالإقامة في مسكن مملوك، فضلا عن العوائد الأخرى التي تتحقق على المدى الطويل.
أما اذا كان سعر المسكن بالنسبة لإيجاره السنوي أكثر من 20 ضعفا، فإن ذلك يعني أن المساكن مقيمة بأسعار مرتفعة جدا، وأنه من الأفضل بالنسبة للفرد التأجير بدلا من الشراء لثقل التكلفة المالية التي ستقع عليه من جراء عملية شراء مثل هذا المسكن.  في مثل هذا الوضع يكون من الأفضل للفرد التأجير باعتبار أن سعر المسكن يعد عاملا مانعا لاتخاذ القرار بالشراء، بصفة خاصة اذا ما كانت فرص الحصول على التمويل صعبة أو مكلفة،
وبالعودة إلى الجدول رقم (2) مرة أخرى
يتضح لنا أنه يفضل بالنسبة للأفراد الذين يرغبون في شراء مسكن أن يتجهون إلى تملك الشقق، حيث يميل مضاعف سعر الشقة إلى إيجارها السنوي إلى أن يكون أقل من 15 في عدد كبير من مناطق المملكة، وأقل من 20 في معظم هذه المناطق، بينما لم يتجاوز مضاعف سعر الشقق إلى إيجارها السنوي مؤشر 21.
أما بالنسبة لمضاعف سعر الفلل لإيجاراتها السنوية فإن الجدول رقم (2) يشير إلى أنه فيما عدا مناطق غرب وجنوب مدينة الرياض وجنوب مدينة جدة، فإن مضاعف سعر الفلل السكنية يتجاوز حاجز الـ 21 بصورة كبيرة، وهو ما يشير إلى أن أسعار الفلل السكنية في المملكة متضخمة على نحو كبير، وأنه من الناحية الاقتصادية لا يفضل تملك هذه النوعية من المساكن وإنما استئجارها، حيث يصبح استئجار تلك المساكن ارخص تكلفة من امتلاكها وذلك لانتفاخ أسعارها السوقية.  
بقي أن أشير إلى أنه بما إن هذه الحسابات هي متوسطات لمضاعف سعر المسكن بالنسبة لإيجاره السنوي فإنها تخفي فروقا كبيرة بين المناطق المختلفة للمملكة، ومن ثم فإن الأمر يعتمد في النهاية على السعر الحقيقي للمسكن وإيجاره في المنطقة، فقد تختلف الأسعار والإيجارات بصورة كبيرة جدا بين المناطق المختلفة بالمدينة الواحدة استنادا إلى تصنيف المنطقة وطبيعة من يسكنون فيها ومدى قربها أو بعدها عن مركز المدينة.. الخ. 
غير أن الخلاصة التي يمكن التوصل اليها هي أن هناك فقاعة سعرية في أسعار المساكن التي تأخذ صورة الفلل وأن سوق هذا النوع من المساكن ليس سوق مشترين، وإنما سوق بائعين حيث تكثر أعداد المشترين وترتفع الأسعار بصورة واضحة.
في الأسبوع القادم، إن أحيانا الله سبحانه وتعالى، أتناول الموضع من زاوية أخرى، وهي سهولة الحصول على مسكن في المملكة مقارنة بباقي الدول، سواء في المنطقة أو في باقي دول العالم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق