الجمعة، 12 أغسطس 2011

هكذا تدير مديرك!



كم من مسؤول تبوأ أعلى المناصب الإدارية، ليس بسبب إمكاناته الإدارية والفنية، ولكن لمقدرته الملحوظة على حُسن إدارة علاقاته مع من يعلونه في السلم الوظيفي. 
 فتجده يتحلى بالكياسة والأدب الجم وسرعة البديهة في فهم مراد مديره من خلال نبرة صوته وإيماءاته فيسارع إلى تحقيق المطلوب على أكمل وجه. 
 ولذا يصعب أن يفرط المسؤول في هؤلاء الموظفين لأنه ببساطة سرعان ما يفتقدهم إن هم غابوا عن العمل لسويعات معدودة.
هذه الطريقة في إدارة العلاقات بذكاء تسمى في اللغة الإنجليزية بـ Managing Up أي حسن إدارة مسؤولينا المباشرين من خلال سلوكنا الإيجابي معهم.


وربما يصل البعض إلى هذه العلاقة الوطيدة مع المسؤولين عبر طرق وضيعة مثل التزلف أو التملق الممجوجين ولكننا لا ندعو إلى هذا بل نقصد أن يحاول المرء أن يفهم شخصية مديره جيدا من خلال إمعان النظر في مراقبة كل حركاته وسكناته وطريقة تعامله مع الناس في شتى المواقف، ويبني تعامله معه على أساسها.
ومن الخطأ الفادح أن نعامل كل المسؤولين بطريقة واحدة، وأكاد أجزم أن أكثر من يدخلنا في صراعات نحن في غنى عنها، هو إصرارنا على معاملة كل المديرين بطريقة واحدة، ناسين أنهم بشر وليسوا آلات خرجت من مصنع واحد!
ومن الطرق التي نكسب بها ود المدير بناء الثقة، وهذه الثقة لا تأتي من لسان يقطر شهدا، ولكن عبر الأفعال والإنجازات المتراكمة التي يشار إليها بالبنان، حتى وإن كانت عبر فريق عمل نقوده.
غير أن أخطاء الموظف إن كثرت بسبب تقاعسه أو إهماله فلا ريب أن هذا سوف ينتقص من رصيد الثقة الذي ناله. فيبدأ المدير بالتشمير عن ساعديه والدخول في كل صغيرة وكبيرة لسبب بسيط وهو أنه لم يعد يثق في هذا المرؤوس، وقد يسحب منه بعض الصلاحيات.
والموظف الذكي في علاقته هو الذي لا يدع مديره مضطرا إلى متابعته في كل شاردة وواردة، بل يبادر هو في إنجاز الأعمال وتقديم تقرير دوري شفهي أو مكتوب للمدير ليكون الأخير على بينة.
بعض هؤلاء الأذكياء لديهم بوصلة داخلية ترشدهم إلى التفريق بين الأعمال الروتينية التقليدية وبين الأعمال المهمة أو العاجلة بالنسبة للمدير، فلا يخلطون الأولويات.
على سبيل المثال، العمل الذي يكلف به الموظف ويكون قادما أصلا من الإدارة العليا إلى المدير، يحاول الموظف الذكي أن يمنحه جلّ تركيزه حتى لا يخرج العمل منقوصا فيُحرج المدير أمام الإدارة العليا.
كما تجدر الإشارة إلى أنه من الحصافة تحاشى ما ينغص على المدير مزاجه حتى ولو لم يكن الموظفون مقتنعين بذلك.

فبعض المديرين لسبب أو لآخر تشغله الصغائر على الكبائر 
مثل من يعتبر مسألة الحضور والانصراف المبكر ذات أهمية كبرى، فيحرص على متابعتها.
وربما ينزعج البعض الآخر من المبالغة في الأحاديث الجانبية في أروقة العمل أو الصوت العالي أو كثرة الاستئذان وغيرها.
شئنا أم أبينا تبقى مسألة حُسن إدارة علاقاتنا مع المديرين أمرا مهما يتوقف عليها مستقبلنا الوظيفي في المنظمة التي نعمل بها.
ولذا نجد أن الموظفين المخضرمين تدفعهم خبرتهم إلى تجنب الدخول في جدال عقيم أو ملاسنة كلامية مع المدير، مع مقدرتهم على ذلك، ولكنها الحكمة التي ترشدهم إلى التزام المهنية والذكاء الاجتماعي في التعامل مع مسؤوليهم، ليريحوا ويستريحوا.
m.nughaimish@asharqalawsat.com
http://www.aawsat.com/leader.asp?sec...article=622313

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق