الجمعة، 12 أغسطس 2011

الذهب .. ما الداعي؟



الأربعاء, 24 مارس 2010
د.زياد ملاعب مستشار إحصائيات وعلم المخاطر

#attachments { display: none; }

تناولنا في مقالات سابقة مسألة العجز عن سداد الديون السيادية لما تمثله من خطر حقيقي قائم على النظام النقدي العالمي.
ويعد الذهب نوعاً من الأصول التي تظهر أداءً بشكل جيد في ظل الظروف السائدة في الوقت الراهن، حيث إن التضخم والضبابية في الأسواق تدفعان الأسعار إلى المستويات الصعودية.


وعندما تقوم الحكومات بطباعة النقود وخفض قيمة عملتها، يبرز الذهب ليلعب دور مخزن للقيمة، لاسيما أن الذهب، وعلى العكس تماماً من العملات الورقية القائمة على الدين، لا يعتمد على قدرة أي عامل آخر للدفع حتى يتمتع بالقيمة.

ومن المستبعد تماماً أن يتعرض للإفلاس، ومن المستحيل أن يتعرض للاختفاء أو يتحول إلى ملاذ مالي مثل الكثير من المشتقات المالية الغريبة التي تتنكر حالياً في أحد أشكال المال، وربما تحتفظ بها لدى البنك الذي تتعامل معه في حسابك المصرفي، أو في صندوق التقاعد الخاص بك.


وكما يظهر جلياً من خلال ما تم الكشف عنه مؤخراً في الهند والصين، توجد هناك أعداد متزايدة من الأفراد والحكومات، يتطلعون إلى الحصول على الذهب من أجل حماية أنفسهم.


وتحاول الحكومات والمصارف المركزية تنويع عملاتها مثل الدولار الأمريكي، ويخشون من مواجهة عسر السداد، أو التعرض في نهاية المطاف لمشكلة التضخم، وعند صرفها بالعملات ستكون قيمتها قد انخفضت كثيراً.


وطوال مدة تزيد على تسع سنوات، يظهر الذهب والاستثمارات ذات الصلة به، مثل أسهم شركات تعدين الذهب، أداءً متفوقاً في أسواق الأسهم الرئيسة.
ومقارنة بالدولار الأمريكي، فقد ارتفعت أسعار الذهب منذ الربع الأول من العام 2001 بنسبة تصل إلى 400 بالمئة، في حين أن أسواق الأسهم الرئيسة لم تتزحزح إلى أي اتجاه تقريباً منذ الربع الأول من العام 2000.


وكدلالة على مواصلة الذهب لقوته، فقد تمكن في الآونة الأخيرة من تسجيل مستويات ارتفاع جديدة مقارنة بمعظم العملات الرئيسة في العالم.


وتراوحت معدلات ارتفاع أسعار الكثير من شركات تعدين الذهب بنسبة تتراوح من 600 – 1000 بالمئة، كما سجل البعض منها مستويات أعلى على فترات زمنية متعاقبة.


لقد حدثت كل هذه المجريات من دون أن تتم ملاحظتها نسبياً من قبل التيار الرئيس للمجتمع الاستثماري، إن جاز التعبير.


وكان هناك قدر قليل من الاهتمام تجاه الذهب سوى من جانب وسائل الإعلام المالية على مدى العقد الماضي.


ومع ذلك، فقد لوحظ في الآونة الأخيرة من قبل وسائل الإعلام أن أبرز المتعاملين في عالم صناديق التحوط، مثل جورج سوروس وجون بولسون، قد أقدموا على تخصيص استثمارات كبيرة في الذهب.
ومن جانبنا، نعتقد يقيناً أيضاً بأن الذهب سيتجه صعوداً للوصول إلى مستويات أعلى.
وبالاستناد إلى النماذج المعمول بها لدينا، يمكن التنبؤ بأن الذهب سيواصل الارتفاع مقابل أسعار الصرف للدولار الأمريكي حتى الربع الأول من العام 2014، لاسيما أننا لا نلاحظ أي هوادة في الأزمة المالية الحالية التي تعصف بالعالم، وتزداد هذه التوقعات ترجيحاً عندما نأخذ في الحسبان تفاقم أزمة العجز عن سداد الديون السيادية في شتى أنحاء العالم.


وعلاوة على ذلك، فإن احتمال حدوث المزيد من الانخفاض أو تعرض الدولار للانهيار، سيترك تأثيراً كبيراً في سعر الذهب مقابل الدولار، وكذلك العملات الأخرى المرتبطة بالدولار. وستزداد مساعي الحصول على الذهب كأصل مادي بصورة متواصلة.


أما الاستثمارات المتصلة بالذهب، مثل أسهم شركات تعدين الذهب، فسترتفع أضعاف عدة مقارنة بالذهب في حد ذاته، بيد أن هذا النوع من الاستثمار يحمل مخاطر انهيار النظام المالي، مع أنه سيوفر عائدات أعلى للمستثمر الناجح، كما ذكرنا سابقاً،أما بالنسبة إلى تلك الفئة من المستثمرين الذين تكون لديهم شهية لتحمل المخاطر، فإننا نرى أن الكثير من شركات أسهم التعدين توفر فرصاً استثمارية لا تتكرر.


عند نقطة ما، سيأخذ سعر الذهب طابع حشد من الجماهير أصيب بالهلع في أثناء مشاهدة فيلم داخل السينما، بعد أن صرخ أحدهم محذراً من وجود حريق، فيحاول الجميع الخروج من الصالة عبر باب صغير واحد.


وهناك فئة قليلة في الدول الغربية المتقدمة لاتزال تتذكر أن الذهب كان ذات يوم عملة للتداول. وكان إنتاج السبائك والعملات المعدنية محدوداً، ولم يكن قادراً على التوافق مع الطلب.
وسجلت بالفعل حالة نقص في السبائك إضافة إلى ارتفاع الأسعار في الرسوم المفروضة على السبائك، ولوحظ ذلك على وجه الخصوص في العام 2008.



وإضافة إلى ذلك، تم السماح للمستثمرين الصينيين من قبل الحكومة هناك في الآونة الأخيرة لشراء الذهب.
وفي واقع الأمر، تعني هذه الخطوة أن الحكومة الصينية تعلن لمواطنيها بأن الذهب يعد استثماراً جيداً.
وإذا أخذنا في الحسبان النسبة المتزايدة من الصينيين الذين يصلون إلى مستوى الطبقة الوسطى مجتمعة في هذا البلد، إضافة إلى الحجم الكبير لسكانه، وارتفاع معدلات الادخار في الصين، فإن تلك العوامل مجتمعة تشير إلى زيادة هائلة نحو امتلاك سبائك الذهب.


وبحلول العام 2013 وأوائل العام 2014، نتوقع تسجيل ارتفاع في أسعار الذهب بشكل مكافئ، لاسيما أن جميع العوامل المذكورة أعلاه وصلت إلى المرحلة التي يمكنها معها أن تترك أكبر قدر من التأثير في آن واحد.

للتواصل مع الكاتب: z.malaeb@alrroya.com

شارك في كتابة المقال الدكتور وبروس بوجيسيك
http://www.alrroya.com/node/65085



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق